وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ استقبل ممثل المرجعية الدينية العليا الطبيب العراقي الاصل "محمـد طاهر" الذي قدم خدمات طبية وجراحية كبيرة واستثنائية الى اهالي مدينة غزة الفلسطينية التي تعرضت الى ابشع عدوان همجي طال المدنيين من الرجال والنساء والاطفال والشيوخ وكبار السن والمرضى من الاحتلال الصهيوني، وساهم في علاج المئات منهم واجرى عمليات جراحية خاصة ونوعية وفوق الكبرى لانقاذ حياتهم.
واثنى المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ "عبد المهدي الكربلائي" على مواقف الطبيب "محمـد طاهر" ووصفها بالانسانية والدينية والوطنية التي قدمت لشعب مظلوم ومحروم ومستضعف فتك به العدو دون رحمة، كما ثمن اصراره على الاستعداد للتضحية في سبيل المستضعفين والبقاء في المستشفيات وسط القصف والمخاطر التي تحيق به من كل جانب".
وقال الطبيب العراقي "محمـد طاهر" في تصريح خص به وكالة نون الخبرية " عندما دخلت الى غزة كنت جراح اعصاب اطراف ولما خرجت اصبحت جراح حرب، وقبل ذهابي الى مدينة غزة الفلسطينية اخذت عهدا بيني وبين رب العالمين بأني راض وموافق على كل ما يحصل لي ومستعد للتضحية بكل شيء، وهذا الامر اعطاني زخما وقوة وشجاعة لاني بنهاية المطاف انا راض بكل ما يحصل لي، وعندما اختلطت بأهل غزة ورأيت منهم تجسد الايمان فعلا، في قبولهم وصبرهم هذا الامر أثر علي كثيرا، وجعلني اقدم اقصى ما لدي من جهود، وكان معي فريق من اهل غزة هم رفاق الحرب الذين شاركوني في كل مأساة، وبعد ان شعرنا بأن العالم قد خذل غزة واهلها وتركهم يذبحون ويقتلون كنا نحفز بعضا البعض عندما نغرق بالدم ونرى القتل للاطفال والنساء وهم مبتوري الاعضاء ومقطعين ومحروقي الاجساد، لكن في الاخير لا حول ولا قوة الا بالله فنحن راضون بالطريق الذي سرنا عليه ومستعدون لتقديم كل شيء".
واضاف طاهر " دائما كان الامام الحسين (عليه السلام) في عيني، ومن اغرب ما حصل لي ان مجموعة من العاملين معي من اهالي غزة يطلبون مني سماع "اغنية" عراقية جميلة ومؤثرة، وبعد ان استمع لها اجدها قصيدة حسينية ولطمية وكنت اخبرهم انكم حسينيون ولكن لا تعرفون"، لان الامام الحسين (عليه السلام) للجميع وليس لمذهب واحد او فئة واحد، وهو درس ومصباح للهدى وسفينة النجاة، لانه قدم وضحى وهو درس لليوم وللابد، وكنا دائما نردد شعارنا "أنا ثائر.. أنا ثائر.. والخط حسيني"، ودائما كانت شخصية السيدة زينب (عليها السلام) والاطفال السبايا تتجسد امام عيني كلما شاهدت نساء واطفالا مقتولين او مجروحين، ومنها ان طفلة رضيعة عمرها لم يتجاوز سنة واحدة، جيء بها الى المستشفى خلال ساعات قصف شديد وكانت اصابتها في رأسها واحترق نصفه وتحول الى اللون الاسود، وذهبت بها الى غرفة العمليات لعلاج اصابتها، وعندما رفعتها من سرير الاستقبال الى سرير غرفة العمليات استحضرت حينما رفع ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) رضيعه امام الاعداء، ولم استطع انقاذها واستشهدت لان اصابتها بليغة، ومثلها الكثير من الاطفال استشهدوا"، مشيرا الى اني في جميع خطواتي كنت افكر ماذا فعل الامام الحسين (عليه السلام)، وكيف قاوم رغم كل الظلم والعدوان الذي وقع عليه، وكنت اردد دائما مهما كان الثمن فالرسالة لا تغلب حتى وان قتلنا او قطعونا".
واوضح "طاهر" ما جرى له قبل عمله في غزة بالقول " تستطيع القول اني كنت اعيش حياة اي شاب في اوروبا وفي وسط ملذات الحياة الدنيا، وعندما بدأ القتل والذبح على اهالي غزة كنت اسأل نفسي كيف لا اذهب الى هناك لنصرة المظلومين، وتردد سؤال في ذهني اذا لم اذهب انا فمن يذهب، فاخذ قراري بالذهاب الى غزة رغم تحذيرات اصدقاء لي وغلق معبر رفح ومخاطر الموت والقتل الكبيرة هناك، وعندها بدأ الشيطان يوسوس لي وينهاني عن الذهاب ويجمل الحياة في عيني ويعظم المخاطر ويذكرني بوالدتي ومن يرعاها اذا قتلت هناك، ويحاول ثنيي عن قراري ويحبط همتي ومعنوياتي، وحينها قررت ان استعين بالاستخارة بعد ان اصبحت في حيرة من امري، وعند فتح القرآن الكريم ظهرت لي الآية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) *)، وشعرت ان هذا سند الهي لي وان هذه الآية تكلمني بشكل مباشر، ومنها قررت مهما كان الثمن فاني اسير على هذا الخط دون رجعة".
..................
انتهى / 232
تعليقك