وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ انعقد الدرس الأسبوعي للأخلاق لآية الله العظمى جوادي الآملي اليوم في مسجد الأعظم بمدينة قم، بحضور مختلف فئات المجتمع. و في هذا الدرس، تناول سماحته شرح الحكم ۱۵۹، ۱۶۰، و۱۶۱ من كتاب نهج البلاغة، مشيراً إلى قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في الحكمة ۱۵۹: "مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوَاضِعَ التُّهَمَةِ، فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ"؛ أي أن من يضع نفسه في مواضع الشبهة، فلا ينبغي له أن يلوم الآخرين إذا ظنوا به سوءًا.
و أشار سماحته إلى أن التواجد في أماكن مشبوهة و مثيرة للشبهات أمر مذموم من الناحية الدينية، و قد يؤدي إلى الإضرار بسمعة الفرد، مؤكداً على أن الإنسان الذي يعرّض نفسه للاتهام لا يحق له أن يشكو من سوء ظن الناس به.
و شدد آية الله جوادي الآملي على أهمية الحفاظ على سمعة المؤمن، قائلاً: سمعة المؤمن أمانة إلهية؛ فكما أن الإنسان مالكٌ لما يكتسبه من مال، فإن سمعته ملكٌ لله تعالى. و سمعة المؤمن تنبع من إيمانه، و لذلك فهي أمانة إلهية لا يجوز التفريط بها، كما أنه لا ينبغي للمجتمع الإسلامي أن يظهر بمظهر الضعف و الذل.
و استشهد سماحته بحديث من أصول الكافي، موضحًا أن الله سبحانه و تعالى فوض إلى المؤمن جميع شؤونه، لكنه لم يترك له مسؤولية الحفاظ على كرامته و عزته، لأن العزة ملكٌ لله، كما قال تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾. و عليه، فإن المؤمن مؤتمنٌ من قبل الله في الحفاظ على سمعته، و لا ينبغي له أن يقوم بأي فعل يمسّ بكرامته الإيمانية.
و في شرحه للحكمة ۱۶۰ من نهج البلاغة، قال سماحته: يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَنْ مَلَك، اسْتَأْثَرَ"، أي أن من يملك شيئًا، يميل إلى احتكاره لنفسه.
و أوضح سماحته أن هذا الميل إلى الاحتكار يمكن أن يظهر في الجوانب المالية و السياسية و الاجتماعية، مشيراً إلى أن من يحصل على ثروة يسعى إلى زيادتها، و من يصل إلى السلطة يحاول فرض سيطرته و استعباد الآخرين، و أن هذا التوجه إلى الاحتكار أدى مرارًا عبر التاريخ إلى نشوء الاستبداد.
و أضاف سماحته أن بعض المفسرين فسروا مصطلح "استئثار" على أنه يشير إلى الاستبداد، بينما فسروا كلمة "ملك" على أنها تعني "الملوك" و ليس "الملكية"، إلا أن المعنى المشترك في كلا التفسيرين هو التحذير من مخاطر احتكار السلطة و الثروة.
ثم أشار آية الله جوادي الآملي إلى الحكمة ۱۶۱ من نهج البلاغة، حيث يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَا"؛
و أكد سماحته أن الاستبداد بالرأي و الانفراد باتخاذ القرار دون مشورة يؤدي إلى هلاك الفرد و المجتمع، مشيراً إلى أهمية العقل في المنظومة المعرفية الإسلامية. و بيّن سماحته، بالاستناد إلى كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، أن العقل هو المعيار الذي يميز بين الحق و الباطل، و هو الأساس في تقييم أعمال الإنسان.
و ختم سماحته حديثه بالتأكيد على العلاقة بين العقل النظري و العقل العملي، قائلاً: "سعادة الإنسان تعتمد على حسن استخدام العقل، و الابتعاد عن هوى النفس، فالعقل هو الذي ينقذ الإنسان من الجهل و الضلال، و يوجهه نحو الطريق الصحيح.
..........
انتهى/ 278
تعليقك