وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء – ابنا ــ انطلقت في العاصمة الماليزية كوالالمبور، القمة الاسلامية بحضور زعماء وممثلين كبار لممثلين عن 20 دولة ونحو 450 شخصاً من علماء ومفكرين وناشطين، لمناقشة القضايا التي تثير قلق المسلمين حول العالم. ودعا الرئيس الايراني حسن روحاني الدول الإسلامية إلى محاربة "الارهاب الاقتصادي" الذي تمارسه الولايات المتحدة.
انطلقت اليوم الخميس في العاصمة الماليزية كوالالمبور، الجلسة الافتتاحية للقمة الإسلامية، بحضور رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة واسعة لممثلين عن 20 دولة، ونحو 450 شخصاً من علماء ومفكرين وناشطين، الا ان السعودية غابت عن المؤتمر.
وبحسب وكالة الأنباء الماليزية "بيرناما"، فقد جاءت فكرة عقد القمة الإسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة لـ"الأمم المتحدة" بنيويورك، أثناء لقاء رئيس الوزراء الماليزي "مهاتير محمد" مع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ورئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان".
وتعتبر قمة كوالالمبور هي الثانية بعد قمة تشرين الثاني/نوفمبر 2014، والتي شارك فيها عدد كبير من المفكرين والعلماء من العالم الإسلامي، ووضعوا أفكارا وحلولا للمشاكل التي تواجه المسلمين، ولهذا تأتي مشاركة القادة هذه المرة للاتفاق على آلية لتنفيذ الأفكار والحلول التي يتم التوصل إليها.
وتستمر أعمال القمة حتى 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتي تتمحور حول "دور التنمية في الوصول إلى السيادة الوطنية".
وفي كلمته الافتتاحية قال الرئيس الايراني حسن روحاني إن "حل مشاكل العالم الإسلامي تكمن في تعاون الدول الإسلامية، وإن القضية الفلسطينية هي الجرح النازف بالنسبة للعالم الإسلامي ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في قمة كوالالمبور".
وأوضح روحاني أنها "القضية الفلسطينية، وتدخل القوى العظمى في الشؤون الداخلية للمسلمين، وضرورة التقدم العلمي والاقتصادي".
واضاف أن التكفيريين والارهابيين لديهم افكارا اشاعوا من خلالها القتل في المجتمع الاسلامي مشددا على ان الافكار التكفيرية جعلت دولنا الاسلامية تدفع ثمنا باهظا.
وتابع الرئيس روحاني قائلا: اذا لم نجهز انفسنا للوحدة مع اخواننا المسلمين فإننا سنواصل الفشل.
وتابع روحاني أن الحظر الاقتصادي تحول اليوم الى حربة للهيمنة الاستكبارية، وان الولايات المتحدة تستخدم الاقتصاد كآلية للارهاب، معتبرا ان على العالم الاسلامي التعامل بالعملات الوطنية كآليات لمواجهة التحديات الحالية.
وفي كلمته الافتتاحية قال رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد أن الدول الإسلامية في "حالة أزمة وعجز، وغير جديرة بهذا الدين العظيم الذي فيه خير للبشر".
وقال مهاتير محمد: "نحن لم نُقصِ أحداً، أردنا فقط أن تكون هذه القمة بداية مصغرة"، لافتاً إلى أن هذه القمة ستشهد نقاشات حول الأوضاع الراهنة للمسلمين، وليس عن الدين كمعتقد.
وأضاف: "نحن جميعاً نعرف أن بلدان العالم الإسلامي تشهد أزمات، ونرى أن شعوب تلك الدول تضطر إلى ترك بلدانها والهجرة إلى بلدان غير مسلمة".
وتابع مهاتير: "من جانب آخر نجد بعض المسلمين يمارسون عنفاً واستبداداً بعضهم حيال بعض"، مضيفاً: "ومن ثم نحن مطالَبون بمعرفة كيف ظهرت هذه المشكلات، علينا أن نواجه أسباب الحروب الداخلية، وغيرها من الكوارث، والعمل على تقليل هذه المشكلات، وإصلاح سمعة ديننا".
وشدد على أن من الضروري فهم المشكلات التي يعاني بسببها العالم الإسلامي، وإدراك أسبابها، مبيناً: "وكما نعلم جميعاً، فإن بعض الدول بعد الحرب العالمية الثانية انهارت ودُمرت، لكنها استطاعت الوقوف ثانية، وتطورت، لكن معظم البلدان الإسلامية، لم تنجح حتى في نظام الإدارة الجيدة، وليس التنمية فحسب".
وتساءل: "هل هذا حقيقةً ديننا؟ وهل الإسلام هو سبب ما نحن فيه؟"، موضحاً أن "كل هذه الأمور سنسلط عليها الضوء ونناقشها خلال القمة، وأفكارنا ومقترحاتنا إذا تمت الموافقة عليها فسنعمل على تحويل النتائج والمخرَجات إلى مبادرات أكبر".
من جانبه، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تأكيده أن العالم أكبر من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، لافتاً إلى أن عمر النظام العالمي الذي يترك مصير شعوب العالم الإسلامي في يد تلك الدول، "قد عفى عليه الزمن".
وقال أردوغان في كلمته: "لقد انتهى عمر ذلك النظام الذي يترك مصير العالم الإسلامي الذي يبلغ تعداد سكانه 1.7 مليار نسمة، لمزاج 5 دول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي".
وأضاف: "كلما حاولوا إسكاتنا، نقول: فلسطين، وأراكان، وليبيا، والصومال، وسوريا، وكلما ضغطوا علينا أكثر نقول بصوتٍ أعلى: العالم أكبر من خمس (في إشارة إلى الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن)".
وأشار الرئيس التركي إلى أن المشاركين في القمة سيتناولون إمكانات التعاون في مجالات التنمية المستدامة والأمن والدفاع والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا والإنترنت.
وأكد أنه لا فرق بين المسلمين ومنافسيهم على صعيد الإمكانات وعدد السكان والموقع الجغرافي، بل إن العالم الإسلامي في وضع أفضل من البلدان الأخرى بالمجالات المذكورة.
وواصل حديثه قائلاً: "علينا أن نبحث عن الخطأ في أنفسنا أولاً، إذ هناك جزء كبير من المسلمين ما يزالون يصارعون الجوع ونقص الموارد والفقر والجهل، على الرغم من كل الإمكانات والنفط والموارد الطبيعية التي وهبنا الله إياها".
بدوره قال أمير قطر، الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، في كلمته في القمة، إن "العالم الإسلامي يواجه تهديدات بخصوص السلام والأمن والحكم الناضج"، مضيفًا أن بعض الأنظمة فيه "ترتكب انتهاكات بحق شعوبها مثل الإقصاء.. وتجاهل حقوق الإنسان".
وأكد أن "نجاح الدول الإسلامية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعاون يسلط الضوء على القواسم المشتركة ونبذ الخلافات".
وأضاف أن "العدالة هي أحد أهم الشروط لإنهاء الصراعات، لكن هذه الحقيقة غير مفهومة من قبل الدول التي تحاول إنهاء الصراع بعقل القوة المهيمنة".
ولفت الأمير القطري إلى أن العالم الإسلامي يواجه تهديدات بخصوص السلام والأمن والحكم الناضج، مضيفًا أن "بعض الأنظمة في العالم الإسلامي تسيء استخدام الثقافة الإسلامية، وترتكب انتهاكات بحق شعوبها مثل الإقصاء، وعدم الاحترام، وتجاهل حقوق الإنسان".
وأشار إلى أن "التوجهات الشعبية الصاعدة في العالم تحاول الربط بين الإسلام والعنف، في حين أن التطرف موجود في جميع أنحاء العالم، مشددًا على أن "الفقر والجهل وانعدام الثقة بالنفس ثقافيا، أمور تشكل أساسًا للتطرف".
وشدد تميم كذلك على أن بلاده ستواصل وقوفها بجانب المظلومين في القضية الفلسطينية، مضيفًا أن "العالم العربي قبل مبادرة السلام لحل القضية الفلسطينية، إلا أن "إسرائيل" هي الطرف الذي لا يقبل الشرعية الدولية ولا السلام".
وبخصوص الإخفاقات التي يشهدها العالم الإسلامي، قال تميم إن "هناك اتهاما شائعا في هذا الصدد يلقى على التدخلات الخارجية"، مضيفًا أنه "في حين أن الإخفاقات في العالم الإسلامي والخيارات الخاطئة ليس سببها التدخلات الخارجية فحسب، بل هناك أسباب أخرى كالكسل، والفشل السياسي".
واعتذرت باكستان واندونيسيا عن عدم حضور القمة، وعزاها مراقبون، إلى ممارسة السعودية ضغوطا هائلة على إسلام أباد وجاكرتا لمقاطعة تلك القمة التي ترى فيها محاولة لتحجيم دورها في المنطقة.
..................
انتهى/185