وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء – ابنا ـ تسع رجال من احباب الحسين تعاونوا فيما بينهم لينصبوا موكبا في العام 2007 اسمه هيئة البقيع لأهالي المدينة المنورة والإحساء والقطيف في منتصف طريق يا حسين بين المدينتين المقدستين النجف وكربلاء يقودهم الشيخ محمد حسن الحبيب، نصبوا خيمة ومعدات بسيطة وباشروا على الفور بتقديم ما امكنهم من طعام وشراب للزائرين، وكانت فرحتهم لا توصف ونقلوا الخبر الى احبتهم وذويهم في السعودية، وتوالت الفيوضات الالهية على العاملين بصدق النية، لتصبح الخيمة هيئة كبيرة بقاعات ومعدات تستقبل مئات الالاف من المشاية وتخدمهم قربة لوجه الله تعالى.
اختيار الله
قصة هذه الهيئة يرويها الحاج ابو علي المطرود لوكالة نون الخبرية، الذي اختاره الله ليلتحق بخدام الحسين بقوله في العام الاول لم يحضر الى الزيارة، ودعاه شخص صديق لضمه الى الهيئة وتردد في الذهاب لعدم استعداده، وفي اليوم الثاني اتصل بالصديق واكد نيته بالذهاب وعند الذهاب الى حجز تذكرة السفر لم يجدوا الا تذكرة واحدة فقط بقيت منذ ايام لم تقطع، ومرت المواسم بضروف صعبة وظهرت الحاجة الى البناء فاسرعوا ببناء الهيئة بتفاصيل وبنى تحتية متنوعة لتقديم افضل خدمة للسائرين في الاربعينية، واتفقوا مع مقاول عراقي وبوشر بالبناء وارتفعت جدران المبنى والمطابخ والمخازن المبردة والعادية واقسام للرجال والنساء خلال شهر واحد، ثم اكملت اللمسات الاخيرة في الايام التي تلت انتهاء الزيارة الاربعينية.
قاعات ومقتربات
المبنى يتضمن قاعات واسعة للنساء للاطعام وللمبيت ومطابخ وحمامات لغسل الملابس واواني الطبخ ومجمعات صحية وقاعات متوسطة المساحة لمبيت الملاك النسوي ومثلها للرجال لكن بمساحة اوسع، ومباني اخرى للادارة والمالية والاعلام، ثم اضيف لها غرفة للطبابة، فازدادت اعداد الزوار بشكل لافت للنظر ويسر الله لهم شراء قطعة ارض خلف الهيئة وملاصقة لها، فصارت المساحة الكلية للمبنى اكثر من اربعة الاف متر مربع، ونصبت فيه خيم جلبت من السعودية تشبه المستخدمة في موسم الحج، فتضاعفت اعداد الزائرين القاصدين للهيئة وموكبها واصبحت عشرات الالاف ما دفعهم الى ادخال المكننة الحديثة والتي تهيئ عبرها وجبات البيتزا والفطائر والدونتس والمعجات، واكلات غير تقليدية يتذوقها الزائر بشهية كبيرة لانها تكسر تشابه انواع الطعام المكرر الذي تطبخه الكثير من المواكب مثل الرز والمرق، وتلك الاكلات يعدها ويطبخها فريق طبخ متخصصين ومتطوعون يقدمون كل عام للخدمة الحسينية مجانا بل الاكثر من ذلك انهم يتبرعون بشراء الكثير من احتياجات موكب الهيئة.
300 خادم وخادمة
اضخم ملاك نسائي يعمل في هذه الهيئة يحدد المطرود عدده بمئة إمرأة من المدينة المنورة والاحساء والقطيف وجدة والدمام مدربات على الخدمة ولديهن خبرات تراكمت من جراء العمل، فيما يعمل في خدمة الرجال بحدود مئتي خادم موزعين على موقعين للهيئة الاول في طريق يا حسين والاخر في داخل مدينة كربلاء المقدسة في المجمع الحسيني الذي تصل مساحته الى 870 متر مربع ويشهد حاليا عمليات بناء وصلت الى ثلاث طبقات سرداب وطبقة اولى وثانية يديرها الخادم نظير الهاني المشرف على الموكبين، ومستمرين بالبناء الى الطبقة الخامسة بخدمات متكاملة، وبإنفاق مالي من اعضاء الهيئة، ولديهم قسم ادارة مالية تخطط وتنفذ عمليات الانفاق بشكل دقيق.
وصار لهيئة البقيع سمعة كبيرة وطيبة بين اوساط الشيعة في السعودية والخليج عموما، فاصبح له شهرة اعلامية واسعة وتوجهت عشرات الالاف من زائري الخليج وتركيا وايران الى الموكب، فضلا عن العراقيين والايرانيين خلال السنين الماضية، ما اوجب عليهم مراعاة الاذواق فاصطحبوا فريق عمل من خبراء التغذية لتقديم اطعمة تتلائم واذواق الزئرين حسب طبيعتها في بلدانهم، ويستمر هذا الحال لمدة عشرة ايام وتقدم عشرة الاف وجبة ترتفع في ايام الذروة الى ثلاثين الف وجبة في اليوم الواحد ما يعني اننا نقدم الخدمة الى نحو 200 الف زائر سنويا.
اطباء اخصائيين واستشاريين
التفت اصحاب الهيئة الى الحاجة لمركز طبي يقدم خدماته للناس لان حاجة ملايين الزائرين لا يمكن ان تسده كل مستشفيات العراق، فافتتحنا مركزا طبيا ورفدناه بمجموعة من الاطباء فوق الاختصاص بطب الاطفال والطب العام والجراحة والطب النفسي وممرضين وعلاج طبيعي وصيدلاني واخصائي تغذية، ووفرنا ادوية عالمية ودعمنا العتبة العلوية بالاطباء وكلهم يعملون بشكل مجاني، ويستقبلون يوميا بحدود خمسة الاف مريض، كما يوجد ملاك طبي نسائي مكون من طبيبات وممرضات وقد حصلت مع احداهن حالة ولادة في الموكب فقامت الممرضة باجراء الاسعافات الاولية ورافقت سيارة الاسعاف الى المستشفى لحين ولادتها.
مقطوع الكفين
يمسك عبوات الطعام بزنديه ويقدم الماء محتضنا الاناء، لم يبالي السيد محمد هاشم الشرفه (47 عاما) بعجزه وقطع كفيه قبل 15 عاما بانفجار لغم مزروع قرب البحر، جاء الى العراق هذا العام للمرة الاولى في حياته، فتفاجئ بما شاهدت في الزيارة وكان قبلها يخدم في المجالس الحسينية في السعودية ويتحسر وهو يشاهد ملايين الزائرين يسيرون الى قبلة الاحرار، فتحقق الحلم ورغم عجزه الا انه ينظف ويوزع الطعام ويهيأ الفراش للمبيت، وهو يعمل مثل شعلة نار وما دفعه لهذا العمل اندفاع الزائرين على استلام الطعام منه لانه عاجز ويخدم الحسين، ويعمل لساعات طوال دون كلل، وعاهد الله ان ياتي كل عام لخدمة الحسين عليه السلام، وأتصل بابنائه الخمسة واصدقائه وأرسل لهم صوره وهو يخدم في الموكب وقرر على اثرها الجميع الحضور في الزيارة القادمة، فقد اصبح مثالا للتضحية والعزيمة.
.................
انتهى / 232