وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالات
الأربعاء

١٣ فبراير ٢٠١٩

٩:٥٠:٥٢ ص
928872

إصدار بيان هام لقائد الثورة بمناسبة الذكرى الاربعين لانتصار الثورة

لمناسبة الذكرى الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية ودخولخها لمرحلة جديدة من الحياة اصدر قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بيانا هاما واستراتيجيا .

ابنا: واستعرض قائد الثورة الاسلامية في بيانه المسيرة الفاخرة التي قطعتها الثورة الاسلامية خلال العقود الاربعة الماضية والتي ادت الى ايصال ايران الى ما هي عليه من المكانة المرموقة اللائقة بالشعب.

واكد آية الله خامئني في بيانه الاستراتيجي على التحلي بالامل المشفوع بالنظرة الواقعية حيال المستقبل والدور منقطع النظير للشباب على صعيد اتخاذ الخطوة العظيمة الثانية باتجاه تحقيق التطلعات، مخاطبا الشباب وجيل المستقبل في ايران منوها الى ان هذا الجهاد العظيم رهن بتحقق سبع نقاط اساسية.

وفي هذا البيان قال قائد الثورة الإسلامية "قلما تلجأ الشعوب المضطهدة الى الثورة ومن بين هذه القلة من الشعوب التي لجأت الثورة قلما تنجح في تحقيق أهدف الثورة ومبادئها، لكن الثورة الاسلامية للشعب الايراني التي هي أكبر وأكثر الثورات الحديثة شعبية كانت الثورة الوحيدة التي استطاعت أن تتجاوز الأربعين عاما دون أن تخون مبادئها".

وأكد قائد الثورة الاسلامية ان الثورة الاسلامية استطاعت أن تنهي مرحلة من الانحطاط والتبعية للآخر ، مشيرا الى ان البلد في حقبة القاجاريين والبهلويين قد شهد تحقيرا وتخلفا كبيرا والآن وبعد الثورة الاسلامية اصبح يسير في مسار التقدم والرقي.

وعدد قائد الثورة الإسلامية أهم انجازات الثورة وما حققتها خلال العقود الأربعة من عمرها المبارك وهي :

أولا : استطاعت الثورة أن تضمن الامن والاستقرار وأن يحافظ على سيادة البلد والحفاظ على حدوده بعد أن كانت معرضة للتحديدات والمخاطر كما استطاعت أن تخلق معجزة انتصار ايران في الحرب المفروضة على نظاك البعث وداعميه من الأمريكيين والغربيين.

ثانيا: استطاعت الثورة أن تكون بمثابة محرك لتقدم البلاد في المجالات العلمية والتكنولوجيا وإحداث البنى التحتية  والاقتصادية والعمرانية في البلاد ونشهد ثمرات هذا التقدم يتسع يوما بعد يوم من خلال انتشار الواسع للشركات المعرفية وآلاف مشاريع البنى التحتية والهامة في البلاد في قطاعات النقل والعمران والصناعة والمعادن والصحة والزراعة والمياه وغيرها".

ثالثا: ساهمت الثورة في نشر المعايير الأخلاقية والمعنوية في المجتمع بشكل واسع، وكان لسلوك الإمام الخميني خلال فترة كفاحه وسلوكه بعد انتصار الثورة الاسلامية دور أساسي لهذه الظاهرة الاجتماعية.

قد تعززت مشاركة الشعب في القضايا السياسة مثل الانتخابات، مواجهة الفتن الداخلية، المشاركة في الميادين الوطنية، ومحاربة الاستكبار، وأيضا ازدادت المساعدات والنشاطات الخيرية التي بدأت إبان الثورة الإسلامية، وإن المواطنين الإيرانيين شاركوا بعد الثورة في منافسات تتمثل في مدّ يد العون والمساعدة إلى المتضررين جراء الكوارث الطبيعية والافتقار الاجتماعي بحرص وإيمان.

رابعا: وتسبب في رقيّ التوجه السياسي لعامة الشعب ونظرتهم إلى القضايا الدولية بشكل مذهل. وأخرج قدرة التحليل السياسي وفهم القضايا الدولية في أمور كجرائم الغرب خاصة أميركا،وقضية فلسطين، والظلم التاريخي عليهم، وقضية إشعال فتيل الحروب وممارساتها الرذیلة وتدخلاتها فی شؤون الشعوب وما إلی ذلک، أخرجتها من حصریة شریحة محدودة ومعزولة اسمها المستنیرون، فانتشرت مثل هذه الاستنارة بین عموم الشعب وفی کل البلاد وعلی کل مستویات الحیاة، وأضحت مثل هذه القضایا واضحة ممکنة الفهم حتی من قبل الأحداث والیافعین.

خامساً: رجحت کفة العدالة فی توزیع خیرات البلاد العامة. ینبغی أن لا یفهم من عدم رضای عن فاعلیة العدالة فی البلاد لأن هذه القیمة السامیة (العدالة) یجب أن تتألق کجوهرة فذة علی جبهة نظام الجمهوریة الإسلامیة، وهو ما لم یحصل بعد، ینبغی أن لا یفهم منه عدم حصول شیء من أجل تکریس العدالة. والواقع أن مکتسبات الکفاح ضد اللاعدالة خلال هذه العقود الأربعة لا یمکن مقارنته بأی حقبة أخری فی الماضی. فی نظام الطاغوت کانت أکثر الخدمات والدخول فی البلاد تختص بفئة صغیرة من سکان العاصمة أو أمثالهم فی مناطق أخری من البلاد.

وکان أهالی معظم المدن وخصوصاً المناطق النائیة والقری والأریاف فی نهایة القائمة وغالباً ما کانوا محرومین من احتیاجاتهم الأولیة والأساسیة والخدمیة. وتعد الجمهوریة الإسلامیة من أنجح الحکومات والدول فی العالم فی نقل الخدمات والثروة من المرکز إلی کل أنحاء البلاد ومن مناطق المرفهین فی المدن إلی مناطق المحرومین. وإن الإحصائیات والأرقام الکبری لمد الطرق وبناء البیوت وتشیید المراکز الصناعیة وإصلاح الشؤون الزراعیة وإیصال الکهرباء والماء والمراکز العلاجیة والوحدات الجامعیة وبناء السدود ومحطات الطاقة وما إلی ذلک فی أقصی مناطق البلاد لهی أرقام تبعث علی الفخر والاعتزاز حقاً. ولا شک أن کل هذا لم ینعکس فی الإعلام الناقص للمسؤولین ولم تعترف به ألسنة الخصوم الخارجیین والداخلیین، إلا أنه واقع قائم وموجود وهو حسنة للمدراء الجهادیین المخلصین عند الله وعند الناس. طبعاً العدالة المتوقعة فی الجمهوریة الإسلامیة التی ترغب أن تعرف باتباعها للحکومة العلویة أکثر من هذا بکثیر، وأعین الأمل فی تحقیقها مسمرة علیکم أیها الشباب، وهو ما سوف أتطرق له فی تتمة الکلام.

سادساً: رفعت من مستوی المعنویة والأخلاق فی أجواء المجتمع العامة بشکل ملحوظ. سلوک حضرة الإمام الخمینی وطباعه طوال فترة الکفاح وبعد انتصار الثورة کان له السهم الأوفر فی إشاعة هذه الظاهرة المبارکة. لقد تولی ذلک الإنسان المعنوی العارف الورع المنزه عن الزخارف الدنیویة رئاسة بلاد أرصدة إیمان شعبها ذات جذور عمیقة للغایة. مع أن ید تطاول الدعایات المروجة للفساد والتحلل طوال العهد البهلوی وجه لهذه الأرصدة ضربات شدیدة وجلب مستنقعاً من الأدران الأخلاقیة الغربیة إلی داخل حیاة الناس المتوسطین وخصوصاً الشباب، إلا أن المنحی الدینی والأخلاقی فی الجمهوریة الإسلامیة اجتذب القلوب الموهوبة والنورانیة ولا سیما الشباب فتغیرت الأجواء لصالح الدین والأخلاق. وقد ترافق جهاد الشباب فی المیادین الصعبة بما فی ذلک ساحة الدفاع المقدس مع ذکر الله والدعاء وروح الأخوة والإیثار، وأحیی أحداث صدر الإسلام ووضعها نصب أعین الجمیع. وقد ضحی الآباء والأمهات والزوجات بفعل شعورهم بالواجب الدینی عن أحبائهم الذین سارعوا لجبهات الجهاد المتنوعة، وبعد ذلک عندما واجهوا جثامینهم الدامیة أو أجسامهم المعاقة أرفقوا المصیبة بالشکر.

واکتسبت المساجد والأجواء الدینیة ازدهاراً غیر مسبوق. وامتلأت طوابیر الاعتکاف من آلاف الشباب والأساتذة والطلبة الجامعیین والنساء والرجال کما امتلأت طوابیر المخیمات الجهادیة وجهاد البناء وتعبئة البناء من آلاف الشباب المتطوعین المضحین. وازدهرت أعمال الصلاة والحج والصیام والمشی للزیارة والمراسم الدینیة المختلفة والإنفاقات والصدقات الواجبة والمستحبة فی کل مکان وخصوصاً بین الشباب، وهی إلی الیوم فی ازدیاد وازدهار مطرد من حیث العدد والنوعیة. وقد حدث هذا کله فی زمن حشر فیه السقوط الأخلاقی المتزاید للغرب وأتباعه ودعایاتهم الهائلة لجر الرجال والنساء إلی مستنقعات الفساد، حشر الأخلاق والمعنویة فی زوایا العزلة فی مناطق کثیرة من العالم، فکانت هذه معجزة أخری للثورة ونظامها الإسلامی الناشط الریادی.

سابعاً: برز أکثر یوماً بعد یوم الرمز العظیم المجید المهیب للصمود بوجه العتاة والمتعسفین والمستکبرین فی العالم وعلی رأسهم أمریکا الناهبة المجرمة. طوال هذه الأعوام الأربعین کان عدم الاستسلام وحمایة الثورة وصیانتها وعظمتها وهیبتها الإلهیة ورأسها الشامخ المرفوع مقابل الحکومات المتکبرة والمستکبرة، کان دوماً سمة معروفة لإیران والإیرانیین وخصوصاً شباب هذا البلد. وقد اعترفت القوی الاحتکاریة فی العالم، والتی وجدت حیاتها دوماً فی التطاول علی استقلال باقی البلدان وسحق مصالحها الحیویة لأجل أهدافها المشؤومة، اعترفت هذه القوی بعجزها مقابل إیران الإسلامیة الثوریة. واستطاع شعب إیران فی أجواء الثورة المنعشة أولاً طرد عمیل أمریکا والعنصر الخائن للشعب من البلاد، وبعد ذلک وإلی الیوم حال بکل اقتدار وشدة دون عودة هیمنة العتاة العالمیین علی البلاد.

أیها الشباب الأعزاء، هذا جزء بسیط من العناوین الأساسیة لماضی الثورة الإسلامیة الممتد علی مدی أربعین عاماً، الثورة العظیمة الراسخة المتألقة التی ینبغی علیکم بتوفیق الله أن تقطعوا الخطوة الواسعة الثانیة للتقدم بها.

وها هی حصیلة جهود أربعین عاماً أمام أنظارکم الآن، بلد وشعب مستقل حر مقتدر ذو عزة ومتدین ومتقدم فی العلوم وصاحب تجارب ثمینة وواثق ومتفائل وله تأثیر الأساسی فی المنطقة وصاحب منطق متین فی القضایا العالمیة وصاحب الرقم القیاسی فی سرعة التقدم العلمی، وصاحب رقم قیاسی فی الوصول إلی المراتب العلیا فی العلوم والتقنیات المهمة من قبیل الطاقة النوویة والخلایا الجذعیة والنانو والفضاء والطیران وغیر ذلک، وممیز فی نشر الخدمات الاجتماعیة، وممتاز فی الدوافع الجهادیة بین شبابه، وبارز فی نسبة شبابه المؤهلین الکفوئین، والکثیر من الخصوصیات الأخری الباعثة علی الفخر، وکلها من ثمار الثورة ونتیجة التوجهات الثوریة والجهادیة. واعلموا أنه لو لا عدم الاهتمام بالشعارات الثوریة والغفلة عن السیاق الثوری فی فترات من تاریخ الأربعین عاماً ـ وهو ما حصل للأسف وتسبب فی بعض الخسائر ـ لکانت مکتسبات الثورة أکثر من هذا بکثیر، ولکان البلد متقدماً أکثر بکثیر فی طریق الوصول إلی المبادئ الکبری، ولما کانت الکثیر من المشکلات الموجودة الیوم.

تواجه إیران المقتدرة الیوم أیضاً کما فی بدایة الثورة تحدیات یخلقها لها المستکبرون، ولکن بفارق ذی مغزی کبیر. إذا کان التحدی مع أمریکا فی ذلک الحین حول تقصیر أیدی عملاء الأجانب أو إغلاق سفارة الکیان الصهیونی فی طهران أو فضح وکر التجسس، فالتحدی الیوم سببه تواجد إیران المقتدرة علی حدود الکیان الصهیونی وإنهاء النفوذ غیر الشرعی لأمریکا فی منطقة غرب آسیا ودعم الجمهوریة الإسلامیة لکفاح المجاهدین الفلسطینیین فی قلب الأراضی المحتلة والدفاع عن الرایة الخفاقة لحزب الله والمقاومة فی کل هذه المنطقة. وإذا کانت مشکلة الغرب فی ذلک الحین الحیلولة دون شراء أسلحة بدائیة لإیران فإن مشکلته الیوم الحؤول دون نقل الأسلحة الإیرانیة المتطورة لقوات المقاومة. وإذا کانت أمریکا فی ذلک الحین تظن أنها ستستطیع بعدد من الإیرانیین البائعین لذممهم وبعدة طائرات ومروحیات التغلب علی النظام الإسلامی وشعب إیران، فإنها الیوم تجد نفسها لمواجهة الجمهوریة الإسلامیة سیاسیاً وأمنیاً بحاجة إلی تحالف کبیر من عشرات الحکومات المعاندة أو المرتعبة، وطبعاً سوف تنهزم فی المواجهة مع ذلک. إن إیران بفضل الثورة تقف الآن فی مکانة سامقة ولائقة بالشعب الإیرانی وفی أنظار العالم، وقد تجاوزت الکثیر من المنعطفات الصعبة فی قضایاها السیاسیة.

بید أن الطریق الذی تم السیر فیه وطیه سابقاً لیس إلا جزءاً من المسار المجید نحو المبادئ السامیة لنظام الجمهوریة الإسلامیة. أما تتمة هذا المسار والذی لن یکون علی أغلب الظن بصعوبة الماضی، فیجب أن یسار ویطو بهممکم ویقظتکم وسرعة مبادرتکم أیها الشباب. المدراء الشباب والمسؤولون الشباب والمفکرون الشباب والناشطون الشباب فی کل الساحات السیاسیة والاقتصادیة والثقافیة والدولیة وکذلک فی مجالات الدین والأخلاق والمعنویة والعدالة یجب أن یتحملوا أعباء المسؤولیات علی عواتقهم وینتفعوا من تجارب الماضی وعبره ودروسه، ویعتمدوا النظرة الثوریة والروح الثوریة والعمل الجهادی، ویجعلوا من إیران العزیزة نموذجاً تاماً للنظام الإسلامی المتقدم.

النقطة المهمة التی ینبغی علی صناع المستقبل أن یأخذوها بنظر الاعتبار هی أنهم یعیشون فی بلد نادر النظیر من حیث الإمکانیات والطاقات الطبیعیة والبشریة، والکثیر من هذه الإمکانیات بقیت غیر مطروقة وغیر مستفاد منها أو قلما استفید منها بسبب غفلة العاملین. وستستطیع الهمم العالیة ودوافع الشباب الثوریة أن تفعل هذه الإمکانیات وتثمرها وتخلق قفزة فی التقدم المادی والمعنوی للبلاد بالمعنی الحقیقی للکلمة.

الطاقة الأهم الباعثة علی الأمل فی البلاد هی الکوادر الإنسانیة الموهوبة والکفوءة التی تتحلی ببنیة تحتیة إیمانیة ودینیة عمیقة وأصیلة. نسبة الشباب دون الأربعین من السن بین سکان إیران وهی نتیجة الموجة السکانیة التی عمت فی عقد الستینیات [الثمانینیات من القرن العشرین للمیلاد] تعد فرصة قیمة للبلاد. 36 ملیون نسمة تتراوح أعمارهم بین 15 و 40 عاماً، وقرابة 14 ملیون نسمة یحملون شهادات دراسات علیا، والمرتبة الثانیة عالمیاً فی خریجی العلوم والهندسة، وحشود الشباب الذین تربوا علی الروح الثوریة وهم مستعدون لبذل المساعی الجهادیة فی سبیل البلاد، والعدد الملحوظ للشباب الباحثین المحققین والمفکری العاملین فی مجال الإبداعات العلمیة والثقافیة والصناعیة وغیر ذلك، هذه کلها ثروات عظیمة للبلاد لا یمکن أن تقارن بها أیة ذخائر أو أرصدة مادیة.

................

انتهى/185