ابنا: اصدر الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية وعضو الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) آية الله الشيخ محسن الاراكي ، بيانا بمناسبة يوم القدس العالمي الذي سيقام في اخر جمعة من شهر رمضان المبارك ، مشيرا الى الاصطفاف القائم في المنطقة بين جبهة المقاومين وجبهة المستكبرين المهزومين .
واشار سماحة الامين العام في بيانه هذا ان القدس المحتلة اليوم تتلخص فيها كل التحديات التي يواجهها العالم الاسلامي اليوم من غطرسة المستكبرين والاستهانة بالشعوب والقتل والتشريد .
واليكم نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم
ويعود يوم القدس هذا العام، لكنه يعود وهو مثقل بمطالبات للشعوب والحكومات.. فالقدس هذا العام تستصرخ المسلمين من عدوان مضاعف نزل بساحتها، ومن انتهاك سافر ارتُكب بحقّها.
في وسط دماء مسفوكة لأهلنا في فلسطين احتفل الامريكان بإقامة سفارتهم في القدس، وفي وسط مذابح يرتكبها الصهاينة تجري عيانًا هرولة إقليمية نحو التطبيع.
لقد كنا نقولها دائمًا إن الاصطفاف القائم في منطقتنا ليس طائفيًا ولا عنصريًا، بل إن الطائفية والعنصرية ستار لاصطفاف حقيقي يجري خلف الستار.. إنه بين جبهة المقاومين وبين جبهة المستكبرين المهزومين. بين جبهة دعاة العزّة والكرامة وبين عوامل إذلال الشعوب والاستهانة بكرامتها. وقد تبين اليوم هذا بكل وضوح.. تبين من يقف إلى جانب الحقّ الفلسطيني وحقوق الشعوب المظلومة، ومن يتآمر على هذه الحقوق ويتعاون مع الغاصبين المحتلين جهارًا وبكل وقاحة.
وكنا نقولها إن الكيان الصهيوني يتغطرس في المنطقة بسبب ما يناله من حمآية أمريكا ودعمها، فهي العدوّ الأول الذي يقف وراء ما في عالمنا الإسلامي بل العالم أجمع من حروب وأزمات وقد تبين اليوم ذلك بوضوح بعد أن قرر الرئيس الأمريكي الحالي أن يكشف النقاب عن الوجه الحقيقي للإدارة الأمريكية.
نحن إذن أمام يوم قدس خاص تفوق أهميته ما في السنوات الماضية.
لقد بين لنا الإمام الخميني الراحل رضوان الله تعالى عليه طبيعة يوم القدس وأهم معالمه حين أعلن في شهر رمضان عام ۱۳۹۹ هـ أن آخر جمعة من الشهر المبارك هي يوم القدس العالمي.. فأكد على عالميته وأكد على قدسيته.. في رمضان.. وفي يوم الجمعة الأخيرة منه.
وأكد أنه «يوم الفصل بين المنافقين والملتزمين.. الملتزمون يتخذون هذا اليوم يومًا للقدس، وينهضون بما يتوجب عليهم تجاهه.. والمنافقون المرتبطون بالقوى الكبرى ممن لهم علاقات ودّية سرية بإسرائيل سيتجاهلون هذا اليوم، بل سيصدون الجماهير عن الاحتفاء به».
وقال: «إن يوم القدس يوم عالمي لا يختص بالقدس، بل هو يوم انتفاض المستضعفين بوجه المستكبرين».
في القدس اليوم تتلخص كل التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي بل أحرار العالم بأجمعهم: الاحتلال.. فرض منطق القوّة.. الاستهانة بحق الشعوب في تقرير مصيرها.. القتل والتشريد والتدمير.. خلق بؤر الأزمات.. افتعال التيارات المشبوهة، كما تتلخص فيها كل مظاهر الرفض والصمود والتصدّي متمثلة بأهلنا في القدس وفي فلسطين عامة وفي حماة الشعب الفلسطيني في جميع أرجاء العالم.
أمريكا تتحدى العالم الإسلامي كل يوم بعناوين مختلفة: «صفقة القرن» و«الشرق الأوسط الجديد» وقد بدأت بتنفيذ هذه التحديات من القدس.. لأنها تعرف مدى عظمة قدسية هذه المدينة في نفوس المسلمين، إنه تحدّ هائل وراءه مشاريع هدّامة خطرة.. ولابدّ أن تكون صرخة يوم القدس على مستوى هذه التحديات. لابد أن تسمع الإرادة الأمريكية من شعوب العالم عامة ومن شعوب العالم الإسلامي بشكل خاص أنها ترفض الذلّ، وترفض الاستسلام، وأن العربدات الأمريكية والإسرائيلية ماهي إلا زبد سيذهب جفاء، وأما أصوات الشعوب وإرادة الشعوب فهي التي ستمكث في الأرض.. وهذه هي سنة الله في هذا الكون على مرّ الدهور.
إن ما تواجهه الجمهورية الإسلامية اليوم من ضغوط أمريكية وتآمر صهيوني إنما هو فقط.. وفقط بسبب مواقفها المناصرة للقضية الفلسطينية وهكذا ما يتعرض له أيضًا حزب الله في لبنان وفصائل المقاومة في فلسطين وأنصار الله في اليمن والشعب المظلوم في البحرين، والشعوب المقاومة في أرجاء العالم.
ما يقرب من أربعين عامًا تتعرض الجمهورية الإسلامية لمختلف المؤامرات والضغوط، ورغم تزايد هذه الضغوط في الأعوام الأخيرة لكن الإمام السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية يعلن باستمرار: «إن قضية فلسطين لن تخرج من لائحة اهتمامات الجمهورية الإسلامية.. بل من أولويات هذه الاهتمامات، قضية فلسطين هي ساحة جهاد إسلامي واجب وضروري. وما من حدث يمكنه فصلنا عن القضية الفلسطينية».
وبعد فلنا كلمة مع حكام العالم الإسلامي. كلمتنا هي إن جبهة الاذلال تستهدف إخضاع العالم الإسلامي لسيطرة الكيان الصهيوني، دون تمييز بين دولة ودولة. والمصلحة كل المصلحة في اتخاذ موقف موحّد لصيانة ما تبقى من عزّة وكرامة للبلدان والشعوب.
وهذا يوم القدس قد أُعلن رسميًا أيضًا في قرار المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء اعلام منظمة التعاون الإسلامي في عاصمة الغابون في ابريل سنة ۲۰۱۲م، ودعوا إلى توفير التغطية الإعلامية الكاملة لهذا اليوم.
نأمل منكم أن تشاركوا الشعوب في إعلاء صوت العزّة والكرامة.. فإنه صوت الحيوية والحياة.. وصوت الاستجابة لنداء الله حيث قاله سبحانه:
اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ .
كل القرائن والشواهد تدلّ على أن العدوّ الصهيوني إلى زوال، وسوف يخيب من يرى العزّة في اللجوء إليه: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا .
المقدسيون والفلسطينيون والمضطهدون في العالم ينتظرون صوت الدعم والمساندة في يوم القدس، فلترتفع الأصوات ولتشتبك الأيدي معلنة انتهاء عصر الهزيمة والاستسلام، وبدء مسيرة العودة الظافرة، وتحويل صفقة القرن إلى صفعة بوجه معلنيها Pوَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ .
محسن الأراكي
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
.........
انتهى / 278