ابنا: في العام السابع للهجرة، قرر النبي محمد صلى الله عليه وآله سلم، نشر دعوة الإسلام إلى شتى بقاع الأرض، وأرسل رسله إلى ملوك العالم يدعوهم إلى الإسلام، وكان من بين هؤلاء الرسل الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة، الذي حمل رسالة النبي إلى المقوقس ملك مصر.
بعد أن تسلم المقوقس رسالة النبي رد عليه بإرسال بعض الهدايا والتي كان من بينها جاريتان هما مارية القبطية التي تزوجها النبي فيما بعد وأختها سيرين، وبعث إليه برسالة قال له فيها: "إلى محمد بن عبدالله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك”.
ولدت السيدة مارية بنت شمعون والتي عرفت باسم مارية القبطية في قرية كانت تسمى قديماً باسم حفن، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومها مع رسوله حاطب بن أبي بلتعة، فيما وهب أختها للشاعر حسان بن ثابت، وأنجبت السيدة مارية ثالث أبناء الرسول الذكور وهو إبراهيم الذي توفي وهو صغير.
سميت قرية حفن مسقط رأي أم المؤمنين مارية القبطية بعدة أسماء على مر العصور التي مرت على حكم مصر، حسب ما ذكر مدير مكتب لتنشيط السياحة بمصر يدعى فرج عبدالعزيز، ويوجد بها آثار فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية، ولا تزال آثار المنزل التي ولدت به السيدة مارية باقية فيها إلى الآن.
تسمى القرية التي تبعد عن العاصمة القاهرة 200 كيلومتر بصعيد مصر ويسكنها نحو 30 ألف نسمة الآن بقرية الشيخ عبادة نسبة إلى الصحابي الجليل عبادة بن الصامت، والذي كان ضمن الجيش الإسلامي الفاتح لمصر بقيادة عمرو بن العاص، وأوكلت إليه مهمة مطاردة فلول الرومان في الصعيد.
وصل الصحابي الجليل عبادة بن الصامت إلى قرية حفن ولما علم أنها القرية التي ولدت بها زوجة الرسول، اهتم بها وبنى فيها مسجداً في المكان الذي كان يوجد به أسرة أم المؤمنين وحمل المسجد اسمها، وكان أول مسجد يبنى في القرية، التي حملت اسم فاتحها بعد أن عاش واستقر بها حتى وفاته.
...................
انتهى/185