وکالة أهل البیت(ع) للأنباء ـ ابنا / قسم الصفحات الثقافیة:
إن الاعتقاد بظهور مصلح في آخر الزمان من معتقدات الديانات الرئیسیة في العالم ـ من البوذية والزرداشتية واليهودية والمسيحية والإسلام ـ فكلها تتفق على ظهور رجل قبل الساعة يملأ الأرض عدلاً ويخلص الإنسانية من آلامها.
والمسلمون من السنة والشيعة یعتقدون بـ"المهدویة" عبر أحاديث كثيرة جداً في كتب السنن والصحاح تبشّر بالمهدي، وبلغ عدد الأحاديث عند الإمامية أكثر من ستة آلاف رواية، کما بلغ عدد رواة أحاديث المهدي من الصحابة خمسة وثلاثون صحابياً، وقال بتواتر هذه الأحاديث ثلاثة وثلاثون عالماً من علماء أهل السنة.
منهم «الحافظ الآبري» صاحب كتاب (مناقب الشافعي) المتوفى سنة 363هـ.ق. يقول: "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته عليهم السلام ويملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً وأنّ عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنّه يؤّم هذه الأمّة ويصلي عيسى خلفه".
و«البرزنجي» المتوفي سنة 1003هـ.ق. في كتابه (الإشاعة في أشراط الساعة) يقول: "إعلم أن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر..." إلى أن يقول: "قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه في آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ولد فاطمة بلغت حد التواتر فلا معنى لإنكارها".
نظراً لأصالة هذا الاعتقاد وحبّ المسلمین تجاه آل بیت النبي(ص) وکذلك اضطهاد الأمة من قِبل الحکّام الظلمة وانتظارهم للخلاص والراحة، استغل الكثير من الکذابین عبر التاریخ القضیة المهدویة وادّعوا بأنهم "المهدي المنتظَر"؛ فهناك قائمة طویلة من "المتمهدین" أو "من یدعي أن یکون مِن ممهّدی ظهور المهدي" من القرن الثاني إلی الیوم.
و«أحمد الحسن البصري» یعتبر أحد منهم، یدّعي بأنه «اليماني الموعود» الذي يعتقد الشيعة أنه يخرج قبیل ظهور الإمام المهدي علیه السلام.
وادعى أحمد الحسن أنه من أحفاد الإمام المهدي الحجة بن الحسن العسکري (عليهما السلام)، والممهّد لظهوره وخلافته، وأعلن هذا على الساحة العراقية عام 2002م. وقد اجتمع حوله بعض الناس في مدينتي "البصرة" و "الناصرية" في العراق وأخیراً في إیران.
سعى أحمد الحسن اثبات مزاعمه من خلال التمسك ببعض روايات المعصومين؛ لكن المحققین في "حوزة قم العلمیة" وجدوا بعد دراسة للأدلة المدعاة أن الرجل قد استند إلى روايات غير معتبرة، وتمسك بمصادر غير علمية، وانتهج التقطيع وتحريف المعنى ودلالاته، وعمل على خداع مخاطبيه.
وفیما یلي ترجمة هذه الدراسة النقدیة إلی اللغة العربیة حول بعض الأدلة الروائية التي يطرحها الرجل، فضلاً عن التعريف بشخصيته ومناهجه في التبليغ:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دراسة تحليلية نقدية للأدلة والروايات التي استند إليها اليماني المزعوم (أحمد الحسن)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحقيق: مهدي يوسفيان ــ محمد شهبازيان
ترجمة: علاء محمد النجفي
* ملخص المقال
الغرض من تدوين هذا المقال هو دراسة بعض الأدلة الروائية لأحد أدعياء النيابة، وهو «أحمد بن إسماعيل البصري»، والذي يدّعي أنه من أحفاد الإمام المهدي الحجة بن الحسن العسکري (عليهما السلام) والممهّد لظهوره، کما یدّعي خلافة الإمام بعد رحيله!
سعى احمد بن اسماعيل اثبات مزاعمه من خلال التمسك ببعض روايات المعصومين. ويرى اتباعه ان ما يطلقه من أدلة وبيانات إنما هي امتداد للعلم الإلهي ولا يمكن نقد أيّ منها. لكننا نجد بعد دراسة للأدلة المدعاة أن الرجل قد استند الى روايات غير معتبرة، وتمسك بمصادر غير علمية، وانتهج التقطيع وتحريف المعنى ودلالاته، وعمل على خداع مخاطبيه. وقد ساهمت حداثة مثل هذا التيار في إيران والحاجة الى تحليل علمي مستند الى ما تطرحه هذه المجموعة، أن نعمد الى نقد بعض الأدلة الروائية التي يطرحها الرجل فضلا عن التعريف بشخصيته ومناهجه في التبليغ.
وينتهج المقال طريقة تحليلية- توصيفية، وما حصل من نتائج، تثبت أن الرجل قد نسب الكذب الى الأئمة والتدليس على الاتباع لعدم اطلاعهم بعلم الحديث. كما بحث المقال بعض الادلة المدعاة لإبطال مدعاه خصوصا وأن وصي المهدي وخليفته ينبغي أن يمتاز بالعلم والعصمة.
* المقدمة
تعتبر قضية المهدوية من أهم القضايا الفكرية والروحية التي تحتاج الى بذل عناية خاصة، وأن الخوض في موضوعاتها يحتاج الى دراسة تحليلية دقيقة وإمعان نظر وخبرة تخصصية واعية في مستندات وأدلة ما يطرح على هذا الصعيد.
ومن الواضح أن فكرة المهدوية تركت انعكاسها الجلي على شتى مناحي حياة المجتمع الاسلامي عامة والشيعي خاصة، وكان لها اشراقتها الخاصة على أكثر من صعيد، وتمكنت من استقطاب الكثير من الاتباع والمؤمنين الراسخين بها. وقد ادرك- مبكرا- كل من المنحرفين والامويين والعباسيين مدى انعكاس نظرية المهدوية على إحياء الفكر الاسلامي وتعزيز الثقافة الشيعية ودعم مبدأ التصدي لمنطق الظلم وهيمنة المستبكرين مما يتعارض مع أهداف الحكّام ورغباتهم الدنيوية التي شيّدوا أساس حكمهم فوقها. من هنا- وبعد أن عجزوا عن القضاء على نظرية المهدوية مباشرة او بوسطة وكلائهم من العملاء- بذلوا وما زالوا قصارى جهدهم لتدمير هذه الثقافة وتشويه صورتها ومنع استمراريتها ودينامياتها.
وللأسف، فإن جهل بعض الاصدقاء والمقربين من أبناء الدين إسلامي ساعد في سكب الوقود في ماكنة الاعداء والخصوم وسهل لهم أمر مهتمهم التشويهية هذه.
ومن هنا يفرض الواقع الموضوعي على الباحثين والمهتمين بالشأن الاسلامي والإيماني دراسة أبعاد المهدوية دراسة حصيفة تستند الى الدليل المحكم والبرهان الناصع لايصاد الباب أمام تعكير صفوها، والوقوف بوجه عملية التشويه التي تطالها، والأضرار الناجمة عن الجهل وسوء معاملة المشعوذين والانتهازيين والإبقاء عل نقائها ناصعا في ضمير المؤمنين وجذوتها متقدة في نفوس الأحرار الطامحين بتحقيق غدٍ إنساني رغيد والإرساء بسفينة الإنسانية الى ساحل الأمن والخروج بها من ظلمات بحر الخرافة المتلاطم الى دائرة النور الإلهي.
بالتأكيد أن تطور المنهج العلمي والمعرفي للمجتمع الاسلامي وعرض القضايا الدينية بموضوعية ومنطق سليم يستند الى قواعد واسس محكمة ومعايير علمية رصينة، وانتشار ثقافة الحوار والسؤال في الوسط الاجتماعي، كل ذلك سيؤدي في نهاية المطاف الى سحب البساط من تحت أقدام المخادعين والمشعوذين ومدعي المهدوية زورا، والحدّ من ظهورهم على الساحة بنحوٍ ما. هذا من جهة. ومن جهة اخرى إن المسؤولية ملقاة على عاتق العلماء والمفكرين والمختصين بالشأن المهدي من أبناء المدرسة الشيعية بان يبذوا قصارى جهودهم لنشر الثقافة المهدوية الناصعة والبعيدة عن الخرافة والتجهيل وإزاحة غبار الفتنة عن عقول الجماهير الاسلامية (انظر: الكافي، ج 8، ص 55)، وأن على الجماهير اتباعهم والاخذ منهم معالم دينهم والانتهال من نمير علمهم الصافي في المعارف الالهية والدينية.(انظر: الطبرسي، ج 2، ص458).
نحاول في هذه المقالة وبعون الله تسليط الأضواء على زاوية من الأدلة التي ساقها أحد مدعي النيابة عن الإمام المهدي، المدعو أحمد البصري، علما أننا شهدنا أن بعض الدراسات النقدية لهذه الحركة وبسبب حداثة القضية وندرة المصادر التي تساعد في معرفة جميع أبعادها أدى في نهاية المطاف الى إعطاء نتائج عكسية وتوفير مادة جيدة لأتباع اليماني المذكور في تعزيز موقفهم وتوجيه سهام نقدهم الى تلك النقود الضعيفة، من هنا نرى من الضروري تسليط الاضواء- وباختصار- على هذه الشخصية وحركتها وطبيعة الداعمين والمؤدين لها.
* إطلالة على السيرة الذاتية لأحمد البصري (أحمد الحسن)
ولد أحمد بن إسماعيل في إحدى المناطق التابعة لمحافظة البصرة العراقية، وأنهى العقود الثلاثة الاولى من حياته في مسقط رأسه مواصلا دراسته الاكاديمة حيث نال شهادة البكلوريوس في الهندسة المدنية.
التحق أواخر عام 1999 م وهو في التاسعة والعشرين من عمره بالحوزة العلمية لدراسة العلوم الدينية بالنجف الاشرف بأمر من الإمام المهدي حسب زعمه. بعد الفراغ من الدراسة الأكاديمية، ولكنه صرّح أن التدريس في الحوزة في النجف يعيش خللا علميا ومنهجيا وأنّ التدريس متدنٍ، فهم يدرسون اللغة العربية والمنطق والفلسفة وأصول الفقه وعلم الكلام والفقه، ولكنّهم لا يدرسون القرآن الكريم أو السنة الشريفة أبداً ، وكذا فإنّهم لا يدرسون الأخلاق الإلهية التي يجب أن يتحلّى بها المؤمن، فقرر الاعتزال.
وعن ذهابه الى النجف يقول: إنّي رأيت رؤيا بالإمام المهدي، وأمرني فيها أن أذهب إلى الحوزة العلمية في النجف، وأخبرني في الرؤيا بما سيحصل لي، وحدث بالفعل كل ما أخبرني به في الرؤيا. في عام 1424 هـ ادعى بان الإمام المهدي أمره بالإعلان عن دعوته، وفي الثالث من شوال زعم أنه مأمور من قبل الإمام المهدي بإعلان الثورة على الظالمين، والإسراع بترتيب الامور وتنظيمها. (انظر لمزيد الاطلاع: قسم التحقيقات والبحوث... ، بدون تاريخ- (أ): 36؛ الزيادي، 1432: 131؛ البصري، 1431: ج 1- 3، 173)
أطلق عليه أتباعه ومريدوه اسم أحمد الحسن، مستندين في ذلك الى رواية جاء فيها: وَيُسَمِّيهِ بِاسْمِ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ وَيُكَنِّيهِ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى أَبِيهِ الْحَسَنِ الْحَادِيَ عَشَرَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. (الخصيبي، 1419: 397)، بادعاء ان ينتمي بنسبه الى الإمام الحسن العسكري ومنه الى الإمام الحسين (عليه السلام) (البصري، بدون تاريخ، ص 60) وهذا ما نتعرض لنقده لاحقا. وقد قام المدعو (أحمد الحسن) وأنصاره بإعداد شجرة نسب يؤكدون فيها ذلك، حيث ورد في شجرة النسب المزيفة له، أنه: «أحمد بن إسماعيل، بن صالح بن حسين بن سلمان، بن محمد (الإمام المهدي)، بن الحسن العسكري، بن علي بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي السجاد ابن الحسين بن علي بن أبي طالب».
فيما يذهب شيروان الوائلي الوزير السابق للأمن الوطني العراقي وجماعة من كبار طوائف البصرة أن الرجل ينتهي نسبه الى بيت الهمبوشي أحد بيوت "البوسويلم" والتي لا تنتهي بحال من الاحوال الى السادة الاشراف. (انظر: الموقع الإلكتروني لصحيفة الشرق الاوسط، تقرير جاسم داخل: «التيار المهدوي، يقسم العراقيين بين رافض لطروحاته ومتفهم لها»).
* موقف العلماء من أحمد البصرى وردة فعله
بعد أن كشف البصري عن دعوته يساعده في ذلك طائفه من اتباعه بنشر ما يروج لهذه الدعوة من الكتب والكراريس مطالبين مراجع التقليد وعلماء العراق ومفكريه بمبايعته والسير تحت لوائه، عمد الاعلام الى رصد أدلة الرجل ومعرفة طبيعة مستنده الذي لا يقوم على أسس موضوعية فاعلنوا رفضهم وتفنيدهم لهذه الفرية من خلال الكتب والمقالات التي سلطت الاضواء على مكامن الخلل وبيّنت مراكز الانحراف لتلك الحركة المزيفة.
والجدير بالذكر أن انصار البصري لصقوا تهمة العمالة لأمريكا بسماحة آية الله العظمى السيد السيستاني الذي يقود سفينة التشيع في العراق في هذا البحر المتلاطم من المشاكل والامواج العاتية التي تحيط بهذه السفينة!!!
كذلك اعتمد اليماني المزعوم المنهج الوهابي في تخريب وتفكيك عُرى البيت الشيعي والحوزات العلمية التابعة لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام). ومما يثير العجب أن الرجل واتباعه اعتبروا تجاهل كبار الطائفة لهم وعدم اعتنائهم بهذه الحركة المشبوهة دليل حقانيتها في مغالطة يعرفها أدنى من سبر البحث العلمي وخاض في قواعد وأصول المعرفة.
* نشاط أتباعه ومريدية
قام أتباعه الذين يسمون أنفسهم "بأنصار الإمام المهدي" بنشاطات واسعة لنشر دعوته والتبليغ لافكاره مستخدمين الفضاء الإلكتروني وشبكات الإنترنت، ومن خلال إنتاج برامج ترويجية كالافلام الوثائقية "الظهور"، ونشر الكتب والمقالات التي تدعو للحركة والتي تكفلت بنشرها دور نشر تابعة لأحمد بن الحسن المعروفة "باصدارات الإمام المهدي"، فضلا عن التبليغ المباشر في المحافل الخاصة والعامة، بما في ذلك المدارس والشوارع والساحات العامة والجامعات، والمشاركة في معارض الكتاب في فرانكفورت وبغداد في عام 2012م، وإنشاء مؤسسة إذاعية (راديو)، ونشر مجلة شهرية (الصراط المستقيم) تعنى بالترويج للحركة فضلا عن اسبوعية المنجي الالكترونية.
* نماذج من مزاعم البصري
1. ادعاء انتهاء نسبه وبأربع وسائط الى الإمام المهدي الحجّة بن الحسن العسكري عليهما السلام.
2. ادعاء انه اليماني وأنه الممهد لظهور الإمام عليه السلام.
3. أنه أول الممهديين الاثني عشر الذين يستلمون الحكم بعد الإمام المهدي الحجّة بن الحسن العسكري (عليهما السلام).
4. ادعى لنفسه العصمة والعلم ووراثة أهل البيت عليهم السلام (انظر: قسم التحقيقات...، (أ): 30).
5. أنه شبيه عيسى (عليه السلام) الذي فداه من الصلب فقتل دونه. وانه كان مع جميع الانبياء الماضيين. (البصري، 2010 (أ): ج 1- 4، 299).
6. أنه دابة الأرض التي تكلم الناس في آخر الزمان، مدعيا بأنه المصداق الثاني لـ"دابة الارض" المذكورة في الآية المباركة، وان مصداقها الاول الإمام علي (عليه السلام) كما صرحت بذلك الاحاديث المروية، والتي تظهر عند الرجعة، فيما يخرج هو في آخر الزمان وقبل رجوع الإمام علي (عليه السلام). (نفس المصدر: 235)
7. ادعى أنّه من الثلاثمئة والثلاثة عشر من أنصار الإمام المهدي (عليه السلام).
8. أنه صاحب راية رسول الله مستدلا على ذلك بانه مكتوب على رايته "البيعة لله". قسم التحقيقات- (أ): 25).
9. يرى بان دراسة كل من اصول الفقه، الفلسفة، المنطق، الرجال ودراية الحديث بدعة. (نفس المصدر: ص 37)
10. حرّم تقليد المراجع وانه هو المرجع الذي يجب تقليده حصرا. (البصري، 2010 (أ): ج 1، 101).
11. يحترم من المراجع الإمام الخميني والشهيد محمد محمد صادق الصدر صاحب موسوعة الإمام المهدي، الأمر الذي لم يهضمه مريدوه ولم يذكروا سببه.( (البصري، 1431: ج 1- 3، 48،76، 315).
12. يدّعي في حق نفسه مقامات ومراتب يبرهن عليها بالرؤى والأحلام، ويطلب من الآخرين الاستخارة من أجل الايمان به وتصديقه.(المصدر نفسه: ص 9)
13. وقوع الرجعة بعد حكومة المهديين الإثني عشر وأنه أول هؤلاء المهديين.
14. أعلن تاييده لما جاء في اصدارات انصار الإمام المهدي والموقع الرسمي المعروف بالأنصار، وان كل ذلك يمثل ملاك دعوته. البصري، 2010 (باء): 29؛ نفس المصدر، 2010 ج: 25؛ نفس المصدر، 1431: ج 4- 6، 527 و 583).
* نقد وتحليل ما يسوقه أحمد الحسن واتباعه من أدلة
شهدت الساحة العلمية العديد من الكتب والكلمات الناقدة لهذه الحركة يقع في مقدمتها كتاب "دعوة أحمد الحسن بين الحق والباطل"، والجدير بالذكر أن نقد ما يستند اليه هذا الرجل في تعزيز مدعاه يتمّ إما من خلال استعراض جميع الأدلة التي ساقها هو أو أتباعه ووضعها على طاولة النقد والتحليل، وإما أن يصار الى اختيار نماذج من تلك الادلة لتحليلها ونقدها، وهذا ما نختاره في هذه المقالة لعدة اسباب موضوعية؛ بما فيها أن الهذر من القول طريقة اعتادها مدّعو الانتماءات الكاذبة والأفكار المنحرفة، وخلط الغث بالسمين والتحليق مع الخيال وبناء هيكل من الأفكار الموهومة لإثبات مدعاهم. ومن هنا على الناقد الحيطة والإمساك بأدوات النقد العلمي واعتماد سبل الحوار الصحيحة لكي لا يقع في شراك هؤلاء الدجّالين، ولا ينفق سنيّ حياته في رصد أدلة هؤلاء المشتتة، ومن جهة أخرى هناك الكثير من الأعلام ممن تابع أدلتهم وناقش مستندهم الامر الذي أغنانا عن متابعة جميع ما طروحه من أدلة والخوض في غمار أبحاث لا نرى جدوى من التعرض لها من قبيل شرعيّة إعطاء الخمس الى الفقهاء في زمن الغيبة، وحقّانية البحث السنديّ للروايات واعتماد قول علماء الرجال، والخوض في شرعية بعض العلوم كالمنطق والفسلفة، ومباحث الرجعة و... .
والجدير بالملاحظة هنا أنه من السهل اثارة الشبهة في القضايا الدينية وغيرها، الا ان ازالتها والاجابة عن الاسئلة المثارة ومحو آثارها العالقة في ذهن المخاطب تحتاج الى رصيد علمي وممارسة حوارية وفكرية جيدة واعتماد خطوات منهجية قائمة على أسس علمية رصينة، الامر الذي يحتاج الى متسع كبير من الكبير لا يمكن استيعابه في هكذا مقالة محدودة. من هنا نحيل القارئ الكريم الى الكتب والمصنفات التي دونت حول هذا الموضوع (انظر على سبيل المثال: ترابي، 1387: 35؛ الحسيني القزويني، 1430: ج 1، 371 و ج 2، 580).
المبرر الآخر لاعتماد المنهج الثاني، هو أن أحمد الحسن لما زعم بأنه معصوم من الخطأ وأنه يملك علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المصون من أي زيف أو زلل، فما هنا يكفي تفنيد بعض ما يسوقه من أدلة وبيان الكذب فيها، لاثبات زيف هذه المزعمة وقلع جذورها بلا حاجة الى استعراض كافة الادلة التي استند اليها.
ويمكن للمتابع لطبيعة الادلة التي يستند اليها هو واتباعه يجد أنهم يعتمدون مجموعة من الادوات في خداع الآخرين يمكن توزيعها على ثلاثة محاور: إعتماد الروايات الضعيفة والموضوعة، تقطع النصوص، وتحريف المعنى، وسنشير الى نماذج من ذلك من خلال مطاوي البحث.
1. إعتماد الروايات الضعيفة والموضوعة
واحدة من المشاكل في مجال الموضوعات وجود كم من الروايات التي دستها يد الجعل والوضع لتحقيق مصالح مذهبية، ووجود روايات ظهرت في المصنفات المتأخرة، حيث يجد الباحث الكثير من تلك الروايات التي لا تفتقد الى المستند الشرعي والعلمي لاثبات حقانيتها وحسب بل الشواهد قائمة على كذبها وأنها من نتاج يد الوضع والتزوير. الّا أن هذه الروايات والاحاديث المبثوثة في التراث الاسلامي أصبحت مادة خصبة ومنهلا ثريا للكذابين والمحرفين وأصحاب البدع ومدعي المهدوية زيفا، فعلى سبيل المثال نجد الدعاة الاسماعيليين ولتعزيز ونشر بدعة مهدوية عبيد اللة المهدي في أفريقيا قاموا واستنادا الى بعض الروايات المنسوبة الى أهل البيت (عليهم السلام) المبشرة بظهور المهدي في المغرب العربي، بوضع العديد من الروايات والاحاديث التي تؤيد هذا المدعى، مبشرين بظهوره في الفترة التي هيمن فيها الفاطميون على شمال أفريقيا، من قبيل ما نسبوه الى الإمام الهادي (عليه السلام) أنه بشر بأنه مفرّجٌ عنهم بعد أربعين سنة وسيصرف الله عنهم البلاء.
وقد عمد المبشرون الاسماعيلون لجذب البربر والبدو الى المهدوية، لوضع العديد من الأحاديث المبشرة بظهور المهدي في الوسط الشيعي، والتي يؤكد أكثرها على ظهوره في المناطق النائية وفي أطراف العالم الاسلامية كالزاب في أفريقيا والسوس في المغرب. (انظر: عرفان، 1388: 145؛ وانظر: جعفريان، 1391: 30 و 39).
ولم يتخلف أحمد البصري عن هذه القافلة حيث وجد في هذا الصنف من الموضعات ضالته المنشودة لتعزيز دعوته، رغم وهن تلك الاحاديث وهشاشة قيمتها العلمية، منها:
ألف) الحديث النبوي المؤشر للملك فهد بن عبد العزيز
نقلوا عن مسند أحمد عن النبي: يحكم الحجاز رجل اسمـه علی اسم حيوان إذا رأيته حسبت في عينه الحول من البعيد وإذا اقتربت منه لا تری في عينه شيئاً، يخلفه له أخ اسمـه عبد الله، ويل لشيعتنا منه -أعادها ثلاثاً- بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة. (الطباطبائي الحسني، 1429: 137)
وفي معرض استدلالهم بالحديث قالوا: فهد اسم يطلق على أحد انواع السباع المعروفة، وقد توفي الملك فهد عام 2005 م فتسنم الحكم من بعد أخوه عبد الله وفقا للعرف السائد في الوسط السعودي من انتقال الحكم من الاخ الى أخيه خلافا للمتعارف في الحكومات الوراثية حيث تنتقل السلطة من الأب الى الابن، وفي الحديث إشارة- حسب المزعمة- الى مصداق واضح وبارز في الخليفة السابق بأن اسمـه علی اسم حيوان وإذا رأيته حسبت في عينه الحول من البعيد وإذا اقتربت منه لا تری في عينه شيئاً، يخلفه له أخ اسمـه عبد الله. (انظر قسم التحقيق...، بلا تاريخ، (أ): 11)
وقد اعتمد أحمد البصري على هذه الرواية للتيرويج لفكرة كوننا في مشارف عصر الظهور وأننا نعيش إرهاصات ظهور المنجي، فلا بد من أن يكون ظهور المهدي أو وصيّه أو رسوله قد شارف على الاقتراب، أو ظهر أمره. (الزيادي، 1432: 18؛ قسم التحقيقات... – (باء): 16)، وقد صرح الشيخ حيدر الزيادي بان الرواية المذكورة تشير الى تحقق علامات ظهور أحمد البصري وبدوّ ارهاصات تحقق ظهور الإمام المهدي. (الزيادي: ص 17).
مصدر الرواية:
الملاحظ من خلال استعراض مؤلفات مريدي واتباع أحمد البصري أن أول مصدر ظهرت فيه الرواية هو كتاب "مائتان وخمسون علامة حتى ظهور الإمام المهدي" لـ محمد علي الطباطبائي الحسني، وأنك لا تجد أثرا للرواية في مسند أحمد بن حنبل وسائر المتون الحديثية الشيعية والسنية، ولم يشر اليها أحد من الباحثين والمحققين من قبل، حتى أن الطباطبائي الحسني نفسه الذي دونها في كتابه اعترف هو الآخر بانه لم يعثر على مصدر ذكرت فيه الرواية، ومصرحا بانه لم يتثبت من نسبتها الى مسند أحمد بن حنبل، حيث قال: هذا الخبر نقله إليّ احد الفضلاء المطلعين!!!.(الطباطبائي الحسني، ص 137)
والعجيب أن الخديعة انطلت على أحمد البصري صاحب العلم الالهي المزعوم والمتبحر بعلوم أهل البيت، وانه لم يدرك أنها من المجعولات التي الصقت بالنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن لا أثر لها في مسند أحمد وغيرها من المصادر الروائية.
وأما وجودها في كتاب "مائتان وخمسون علامة حتى ظهور الإمام المهدي" فلا يضفي عليها شيئا من الاعتبار، وذلك ان الكتاب نفسه لم يعد من المصادر الروائية المعتبرة فحسب، بل هناك قرائن ومؤشرات تشي بهزالته وان صاحبه لم يعتمد فيه أسس ومقومات البحث الموضوعي والعلمي الرصين، من قبيل نزعته التطبيقية المفرطة، وان كانت على نحو الاحتمال من قبيل تطبيق حديث " الجهجاه" على محمد رضا البهلوي، مبررا ذلك بان الكلمة جهجاه هي في الحقيقة اشارة الى شاهنشاه قائلا بان الجيم بالنقاط الثلاث تعني شاهنشاه التي تعني ملك الملوك. ومن مؤشرات الضعف العلمي للكتاب تحديده الاحتمالي لزمن ظهور الإمام (نفس المصدر: 205) وطرح بعض الكلمات والخطب وتسويقها على انها احاديث والتي لا يوجد ما يناظرها في المصادر الحديثية ولم ترد في اي مصدر قبل عصر المشروطة الساخن بالتطبيقات على عصر الظهور حسب تعبير الشيخ رسول جعفريان (خبرآنلاين، رسول جعفريان: «بازار گرم تطبيق علايم ظهور در مشروطه [السوق الحار لتطبيق علائم الظهور في زمن المشروطة]»)، ومنها اعتماد مفردة " طهران" والاشارة الى خصائص قصور طهران والنساء الطهرانيات الواردة في رواية منسوبة الى الإمام الصادق عليه السلام (المصدر: ص 146)، فضلا عن استناده الى مصادر غير معتبرة في الشأن المهدوي من قبيل كتاب نوائب الدهور، بيان الائمة للسيد مهدي النجفي، وقائد الإمامية للسيد إبراهيم الزنجاني و....(انظر: العاملي، ص 1424)
علماً أن الطباطبائي الحسني يشير في مقدمة كتابه هذا الى أن الاحاديث الحاكية لأمور الغيبة الكبرى لا يشترط فيها الثبوت ولا الأسانيد الصحيحة لانها ليست بتكاليف وجوب ولاحرمة (انظر: مائتان علامة: ص 4)، ومن هنا تراه يذكر الاعاجيب المنسوبة الى اهل البيت عليهم السلام، ويختم كتابه بانه من انصار الإمام عليه السلام لرؤيا رأتها أمّه، وأنه سيدرك ظهور الإمام عليه السلام. (نفس المصدر: ص 202).
مضمون الحديث:
لن يجد المتأمل في متن الرواية أيّة اشارة الى ما يدعيه أحمد البصري، وليس فيها إلا عمومات تبشر- حسب الرواية- بظهور حجّة ما، ولكن ليس فيها ما يشير بحال من الاحوال إلى انطباقها على البصري وأتباعه.( انظر: خطاب، ص 34)، فما هو المبرر الموضوعي لتطبيق عنوان "الحجة" عليه!!، ومن جهة أخرى أن الرواية تقول (يخلفه له أخ اسمـه عبد الله، ويل لشيعتنا منه أعادها ثلاثاً بشروني بموته)، وهي صريحة الدلالة وفقا لقواعد اللغة العربية وعود الضمير الى اقرب الاسماء، بان الضمير يعود الى عبد الله ، وان البشارة تاتي بعد موته لا موت أخيه فهد. وهذا ما اشارت اليه رواية الشيخ الطوسي التي حصرت البشارة بموت عبد الله من دون اشارة الى شخص فهد.
وعليه لابد من الاشارة الى أن أحمد البصري يكون قد أعلن عن دعوته قبل تحقق موعدها وتوفر شرطها، وكان عليه – على فرض التسليم بالرواية- أن يصبر حتى ينقضي حكم الملك عبد الله.
ب) رواية خلع حاكم مصر
روي عن علي عليه السلام أنه قال: ... صاحب مصر علامة العلامات و آيته عجب لها إمارات، قلبه حسن و رأسه محمد و يغير أسم الجد، إن خرج من الحكم فاعلم ان المهدي سيطرق أبوابكم، فقبل أن يقرعها طيروا اليه في قباب السحاب (الطائرات) أو أئتوه زحفاً و حبواً على الثلج؛ (داود، بدون تاريخ - الف: 412)
تدعي هذه الجماعة أن المعني بهذه الرواية هو الرئيس المصري "محمد حسني سيد المبارك)، الذي اسمه محمد ووسطه حسن ومع حذف اسم جده "سيد" يسمى محمد حسني مبارك، ومع خلعه من الحكم تكون العلامة قد تحققت وان الإمام المهدي على اعتاب الظهور وقد طرق ابوابكم وهو أحمد البصري. (قسم التحقيقات....، بدون تاريخ، (أ): 11)
مصدر الرواية:
ينسب اتباع البصري على صفحات مواقعهم الالكترونية ومصادرهم التبليغة الرواية الى كتاب "ماذا قال علي عن آخر الزمان" تأليف السيد علي عاشور، والحال أن أقدم مصدر تعرض للرواية هو كتاب " المفاجأة، بشراك ياقدس" لمحمد عيسى داود. ويشترك المصدران في نقطة واحدة وهي انهما لم يشيرا الى المصدر الأم والمعتبر الذي استقيا منه الرواية، ومع الاخذ بنظر الاعتبار كون المؤلفين من المعاصرين وان الفاصلة الزمنية بينهما وبين أمير المؤمنين (عليه السلام) بعيدة جدا، وأنهما ينقلان عنه بالواسطة ومن خلال المصادر الاخرى، فان الموضوعية تقتضي الإشارة الى تلك المصادر لتكتسب الرواية قيمتها العلمية وحجيتها في الوسط المعرفي.
مؤلف كتاب المفاجآة:
صحفي مصري واستاذ في الجامعة المصرية يدعي أنه تلمذ في العلوم الغريبة على يد أحد الاولياء، وكان من أتباع احد المذاهب السنية، وان نسبه ينتهي الى الإمام الحسن المجتبى. كما يدعي بأن لديه هو وأبوه وعمّه قبسا من علوم أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة الموجود منها في علم الجفر لامير المؤمنين. (المصدر نفسه، ص 57)، ويصنف علم الجفر ضمن علم الأعداد وقد صدر له في هذا المجال عدد من الكتب ينسب فيها لأمير المؤمنين قضايا لم يتعرض لها أعلام المسلمين سنة وشيعة، وأن أمير المؤمنين صرح- كما جاء هذه الكتب- باسم امريكا وإسرائيل والنيبال والتبت والكوريتين الشمالية والجنوبية والقارة الاوروبية وسنغافورة و... بل حتى صرح باسم الحاكم المصري أنور السادات والاختلاف في الساحة المصرية واتفاقية كامديفيد.(انظر: نفس المصدر، 412، 438، 439، 472)، بل لا تجد شيئا مما يدور حولنا الا وقد أورد المؤلف فيه رواية!! ثم إن الرجل رغم ادعائه بأستقائه العلم من عين زكية ومنبع ثر الا أنه ينكر ولادة الإمام المهدي في سامراء، وانه كما يردد ما يقوله أهل السنة من أنه من ذرية الإمام الحسن المجتبى. والجدير بالتامل هنا أنه بالرغم من اشارته الى الرواية التي تبشر بظهور الإمام بعد موت الملك عبد الله، لا يخفي حبّه للرجل ويظهره بمظهر الحاكم المؤمن الشجاع المناهض للولايات المتحدة الامريكية.(نفس المصدر، ص 393)
والغريب أيضا أن الرجل رغم المقام العلمي الذي يدعيه لنفسه تراه يضفي القداسة والنزاهة على الخليفتين الأول والثاني ومعاوية بن أبي سفيان ويعتبرهم من الأولياء والخواص الربانيين.(المصدر، 78 و 84) وقد صرح في كتاب آخر له بأن القذافي من الممهدين لظهور الإمام (عليه السلام). (داود، بدون تاريخ، ب، 136 و 138)
على الرغم من أن المؤلف يزعم بأنه يمتلك حظا من علم الجفر المروي عن الأئمة أدرجه في كتاب صنفه تحت عنون "أسرار الهاء في علم الجفر"، الا أن دعواه تتعارض مع عدد من الروايات التي اعتبرت علم الجفر من خصائص الأئمة التي لا يطلع عليها غيرهم. (انظر: الصفار، ج 1، 151؛ والكليني، ج 1، ص 238)، وأن ما يتداول اليوم تحت عنوان علم الجفر يختلف اختلافا جوهريا مع الجفر الموجود لدى الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فمن الخطأ الخلط بينه وبين ما هو موجود لدى بعض العرفاء بل بعض المشعوذين وإدراجه على أنه من أحاديث المعصومين (عليهم السلام)؛ لانه من أبرز مصاديق الكذب على أهل البيت (عليهم السلام) المنهي عنه شرعا.
ومن الامور الواضحة في منهجية الرجل في الكتابة أنه يشير الى نسخ خطية ينفرد بامتلاكها ويبالغ في الثناء عليها بما لا يخفى على الحصيف فساده وتزويره، وهي منهجية قديمة اعتمدها الوضاعون والمشعوذون منذ قديم الايام، حيث يدعون الاستناد الى مصادر قديمة ونسخ خطية غير متعارفة لا يمكن الوصول اليها في اثبات مدعياتهم ووصف النسخ بأوصاف مبهمة من قبيل: قرأته في نسخه موجود في مكتبة فلان ولم اعرف اين هي الآن، أو شاهده في نسخة للشيخ الفلاني القاطن في قرية نائية جدا لا يمكن الوصول اليها والتحقق من أمرها. وتوجد هنا مجموعة من الآثار تحت عنوان الجفر والجامعة تعزى الى الإمام علي تارة والى الصادق تارة أخرى، واغلب هذه المتون غير معروف، فضلا عن وجود نسخ كثيرة ومختلفة أكثرها لها علاقة بعلم الاعداد والحروف وتشتمل على جداول فلكية وغير فلكية عجيبة وغريبة، لم تثبت جزما نسبتها الى القرون الاسلامية الاولى فضلا عن نسبتها الى المعصومين.(جعفريان، ص 40)
مضمون الرواية:
ليس الامر كما توهّم أتباع أحمد البصري، إذ المقصود من عبارة "إن خرج" الواردة في كتاب "المفاجأة" لا تعني سقوط نظامه وخلعه من مسند السلطة، كي يصار الى تطبيقها على سقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك المؤشرة الى ارهاصات عصر ظهور الإمام المهدي حسب مدعى اليمانية المزعومة، بل يرى المؤلف أن صاحب مصر ومحمد حسني مبارك يوطئون بحكمهم لظهور الإمام، والمراد من "إن خرج" حركة حسني مبارك على اعتاب الظهور. حيث يدعي أن الموطئ للظهور شخص يقوم بتغيير اسم جده وانه صاحب مصر وحاكمها، ويؤكد هذا المعنى أن المؤلف نفسه وصف في مؤلف آخر له الرئيس حسني مبارك "بأسد مصر" ورمز له بالشكل التالي" محمد ح".
ولو سلمنا أن الرواية تربط بين سقوط نظام الرئيس المصري وبين ظهور الإمام المهدي، ما هو الدليل على أنها تؤشر الى ظهور حركة أحمد البصري والتبشير بحقانية مدعاه!!! اذ المتأمل فيها لا يجد ادنى مبرر موضوعي لهذا الادعاء المجانب للحقيقة قطعا.
2. تقطيع الروايات
كثيرا ما يعمد المدّعون الى اقتطاع جزء من الرواية واخراجه عن سياقه العام لإضفاء الشريعة على ما يدعونه. علما منهم أن بقاء المقطع ضمن سياقه العام ونقل تمام الرواية لأنه لا يسند مدعاهم فحسب، بل يعطي دلالة واضحة على بطلانه، وان الرواية بصدد الحديث عن شيء آخر لا علاقة له بالمدعى، ومن هنا صار اقتطاع النصوص منهجا يعتمده المشعوذون وأصحاب النحل المبتدعة والأفكار المنحرفة يجدون فيه ضالتهم المنشودة ليخدعوا به عوام الناس والبعيدين عن البحث العلمي.
والملاحظ أن البصري هذا واتباعه لم يتخلفوا عن قافلة التزوير هذه وقاموا باعتماد هذه الطريقة الملتوية لاثبات حقانية ما يدعونه.
ألف) أحمد من البصرة
فقد استندوا الى رواية تشير الى أن صاحبهم من البصرة، وأن الصادق سمّـى أصحاب القائم لأبي بصير فيما بعد فقال: ... ومن البصرة أحمد. (آل سيد حيدر الكاظمي، ص 219)
هذه احدى الروايات التي استندوا اليها لإثبات الإشارة الى اسم أحمد، وأن أهل البيت عليهم السلام بشروا باسمه كأحد مصاديق اشارة الإمام السابق للامام اللاحقة. (البصري، ج 1، ص 65)
مصدر الرواية:
الملاحظ أن المصدر الاول الذي سجل هذه الرواية هو كتاب دلائل الإمامة للطبري، وبالرغم من الجدل القائم بين الاعلام والتشكيك والريبة في الوسط العلمي من صحة نسبة الكتاب الى مؤلفه محمد بن جرير الطبري المعاصر للشيخ الطوسي (انظر: صفري فروشاني، ص 223؛ والأنصاري، ص 138)، لكن يبقى الكتاب في عداد الكتب والمصادر المتقدمة وأنه من مصنفات القرن الخامس الهجري ( انظر: الطهراني، ج 8، 242)، وأما المصادر المتأخرة التي سجلت الرواية ومنها كتاب بشارة الاسلام- الذي أستقى منه أحمد البصري الرواية- فتنتهي الى كتاب دلائل الإمامة هذا. وعليه فان أقدم مصدر نقل الرواية يعود إلى القرن الخامس الهجري.
وبالعودة الى المتن الأصلي للحديث نجد عملية التقطيع بادية للعيان حيث جاء فيها " ومن البصرة: عبد الرحمن بن الأعطف بن سعد، وأحمد بن مليح، وحماد بن جابر. ". (الطبري، ص 575)
فالرواية صريحة بان الشخص المذكور من البصرة هو "أحمد بن مليح" لا أحمد بن إسماعيل، فالرواية لا تصرح باسم اليماني المدعى بل وتشير بوضوح الى العكس تماما باشارتها الى شخص آخر لاعلاقة له بصاحب الدعوة المذكورة.
ومن الملاحظ ان الرواية اشارت الى ثلاثة دون ترجيح بينهما واعتبرتهما من علامات وانصار الامام، فلماذا انفرد أحمد البصري بهذه الفضيلة ولم ينتظر ظهور صاحبيه؟!!
ب) أول انصار الإمام من البصرة، (ولمزيد الاطلاع انظر آيتي، 5- 49)
من المقاطع التي اعتمد عليها اتباع البصري، ما روي عن علي (ع) أنه قال في الاشارة الى انصار الإمام المهدي (ع):... ألا وإن أوّلهم من البصرة. (آل سيد حيدر الكاظمي، ص 221) فالرواية صريحة بأن أول الانصار من البصرة، ولما كان أحمد بن اسماعيل من البصرة فالرواية تنطبق عليه.(البصري، ج 1، ص 65)
مصدر الرواية:
أول مصدر ذكر الرواية قبل كتاب بشارة الاسلام هو كتاب الزام الناصب (الحائري اليزدي، ج 2، ص 166)، نقلها تحت عنوان "خطبة البيان" عن علي (عليه السلام) (لمزيد الاطلاع على هذه الخطبة وقيمتها السندية وأقوال العلماء فيها، أنظر، شهبازيان، ص 38)، ولاريب أن المصدرين ذكرا ثلاثة اسماء من أنصار الإمام البصريين صراحة حيث جاء فيها " الا وإن أولهم من البصرة، و آخرهم من الابدال، فأما الذين من البصرة فعلي ومحارب" وهي واضحة الدلالة على كذب الرجل وتزييف بيّن لما يدعيه؛ إذ المفروض خلو الرواية من الاشارة الى اسمه الصريح المعروف حتى بعد التلاعب بسلسلة النسب التي قام بها.
ج) نبوءة سطيح الكاهن
من الروايات التي استند اليها جماعة البصري نبؤة سطيح الكاهي والتي جاء فيها: " فقال سطيح : ... فعندها يظهر ابن المهدي. (آل سيد حيدر الكاظمي، 187) ولمّا كان أحمد البصري هو ابن الإمام المهدي حسب زعمهم فالرواية مبشرة بحتمية ظهوره وإنه المعني بابن الإمام.
والجدير بالذكر هنا أن المعتبر عندنا وفقا لثقافة الاسلامية عامة والشيعية خاصة أن الحجة والمعتبر هو الكلام الصادر من المعصوم خاصة واما ما يصدر عن غيره من الكهنة والعلماء فلا قيمة له ما لم ينتهي الى قول المعصوم، وعلى فرض التسليم بذلك الا ان الجماعة مارسوا في هذه الرواية نفس المنهج التقطيعي مما يكشف عن مدى السطو العلمي الذي يمارسه هؤلاء الناس، والتلاعب بالنصوص التي تمارسها تلك الجماعة.
مصدر الرواية:
اقدم مصدر تعرض لذكر مقاطع من الحديث المذكور هو كتاب الملاحم لابن منادى (336هـ) من محدثي العامّة. (انظر: ابن منادي، ص 51، علما أنه لم يتعرض لذكر خصوص العبارة المذكورة)، وأما المصادر الشيعية فإن أقدم مصدر شيعي ذكرها هو كتاب "مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي (813 هـ ق)، واما المصادر الأخرى المتاخرة كبحار الأنوار وغيره فقد اعتمدت في نقلها للخبر على كتاب مشارق أنوار اليقين هذا.(أنظر: البرسي، ص 200)
وبعد مراجعة كتاب مشارق انوار اليقين وكتاب بحار الأنوار الذي اعتمده صاحب بشار الاسلام نجد أنه حدث تصحيف في العبارة الموجودة في "بشارة الاسلام" وحدوث سقط فيها، وان الصحيح هو (فعندها يظهر ابن النبي المهدي (المجلسي، بحار الانوار، ج 51، ص 163) ولا شك أن المراد منها الإمام المهدي نفسه، وهو المنسجم مع عقائد المسلمين التي تؤكد ظهور مهدي من أبناء النبي المصطفى (ص).
نعم، احتمل بعض دعاة البصري أنه من المحتمل وجود عبارة "ابن المهدي" في بعض النسخ القديمة وصلت لصاحب كتاب بشارة الاسلام ولم تصل الى غيره. الا انه مجرد احتمال لم يقم عليه أدنى دليل، ولا توجد مخطوطة تحمل العبارة بالنحو المذكور، خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار أن بشارة الاسلام استقى المعلومة من كتاب البحار، وان جميع نسخ البحار ومشارق انوار اليقين خالية من تلك النقيصة والسقط وان الموجود فيها "ابن النبي المهدي"، ومعه لامجال للشك في حدوث الخلل في كتاب بشارة الاسلام وان الاستناد اليه يجانب الحقيقة ويخالف الواقع. وبالرغم من التفاوت اليسير في بعض الالفاظ الواردة في البحار والواردة في كتاب مشارق انوار اليقين، ولكن من حسن الحظ انهما يجمعان على نقل العبارة المذكورة "ابن النبي المهدي" فلا تعارض بين النسخ في خصوص هذه العبارة جزما.
3. التلاعب بمراد الروايات ودلالتها
من الاساليب التي يعتمده أحمد البصري وأتباعه، التلاعب بمفاد الروايات والاخبار وسوقها بالاتجاه نحو مدعياتهم رغم بعدها البين عن مدعاهم واختصاصها بشأن الإمام المهدي الموعود (عج)، نشير هنا الى نماذج من تلك الاستنتاجات الملتوية لهذه المجموعة.
(أ) له اسمان معلن وخفي
من الروايات التي استندت اليها هذه الجماعة، ما روي عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح البطن عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي (صلى الله عليه وآله)، له إسمان: إسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد. (الصدوق، ج 2، ص 653) مدعين بأن المراد من الرواية من كلمة "اسم" خصوص "الشخصية" لا الوجود اللفظي للكلمة، ومن هنا قالوا إن الرواية تشير الى الشخصية الخفية (أحمد) مقابل شخصية الإمام المهدي المعروفة والبينة بين المسلمين.(انظر: البصري، ج 1- 4، ص 229)
ومما يثير العجب كثيراً، انهم يعترفون عند التعرض لمصداق تلك الصفات المذكورة ان المراد منها هو الإمام المهدي (عليه السلام)، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) بصدد بيان الخصال الجسدية للامام المهدي (عليه السلام)، ولكنهم مع ذلك وبلا ادنى دليل يرون أن ذيل الرواية يشير الى شخصيتين (انظر: الزيادي، ص 58). ولا يخفى مدى سذاجة هذا النوع من الاستدلال والتعاطي مع النصوص الحديثية والروائية، وان ما استنبطوه منها يكشف عن هشاشة وضعف في الاستدلال وهزالة تفكير لا تخفى على أدنى مطلع فضلا عن الباحثين المختصين.
فمطلع الرواية واضح جدا بان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان بصدد الحديث عن خصائص واسماء شخصية محددة لها اسم خفي وآخر معلن، لا الحديث عن شخصيتين، يتضح ذلك من الضمير المفرد في كل من "يخرج رجل"، "له"، و"يده"، فلاريب أن الاسمين يعودان الى شخصية واحدة ويتحدثان عن انسان واحد، وان حمل الكلام على شخصيتين مجازفة في القول وتعسف لا يصار اليه الا اذا اعتمد الكاتب طريقة لي عنق النصوص وسحق قواعد اللغة والتفاهم العرفي.
ومن الواضح أيضا أن المراد من الاسم المخفي ان المتعارف بين الناس اسم محمد واما الاسم الخفي أحمد فهو غير متعارف وخفي عادة عن الكثير.
وبالرغم من وضوح مدلول الرواية نجدهم يحاولون الهروب من المعنى الظاهر الواضح وتوجيه الرواية باتجاه المعنى المجازي "الشخصية"، حيث قال أحد كتابهم: بطبيعة الحال المتبادر من الاسم هو الاول، أي اللفظ الذي يوضع علامة علی الشخص، لا الشخص نفسه. ... ولكن لو كان المراد اللفظ فهو قد ذكره في نفس الرواية وفي نفس الموضع بقوله «فأحمد»، إذن لابد أن يكون المراد خفاء شخص القائم علی الناس.(الديراوي، ص 147)
وقد مرّ آنفاً أن سياق الكلام لا يساعد على التعدد خاصة مع وجود الضمائر المفردة في الحديث، وفي مقدمتها (يخرج رجل من ولدي)، فمن غير الممكن أن يكون الإمام علي بصدد الحديث عن شخصيتين مختلفتين، فالمتحصل ان الرواية تتحدث عن شخص واحد وبيان خصوصياتها، ولا يمكن التلاعب بها ولا مبرر لحمل الضمير المفرد على المثنى أو الجمع.
كذلك يمكن الرد عليهم أيضا، باننا لا ننكر وجود روايات ناهية عن التصريح بالاسم الحقيقي للامام المهدي، ولكن في الاخبار صرحت به، إذا لا يمكن الادعاء بان ما يدل على خفاء اسم الإمام الآخر للامام، إشارة الإمام علي عليه السلام الى الاسم المخفي للامام المهدي (ع)، وذلك لان استعمال هذا الاسم بحد من الندرة صيره بمثابة الاسم الخفي والنادر الاستعمال واذا كان المراد خفاء الاسم لماذا صرح به في الروايات وقد ذكر العلماء الاعلام في بحث وتوجيه مثلية اسم الإمام المهدي مع اسم النبي جملة بحوث (لمزيد الاطلاع انظر، الطبسي، ص 203، وسليميان، ج 1، ص 201)
وأخيراً نقول يوجد في ذيل الرواية مقطع مهم جدا يشير الى الحوادث التي تقع على يد هذه الشخصية المبشر بها لا نرى مبررا لهروب البصريين منه وتجاهلهم له، الا لكونهم يدركون جيدا انهم لو ذكروه لوقعوا في احراج كبير ولطالب الناس صاحبهم بالقيام ببعضها على اقل تقدير، خاصة انهم يرجعون ضمير "يخرج" الى صاحبهم أحمد البصري، وهي (إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة وهو في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه).
ب) الإمام المهدي يكنّى باسم عمّه
يعتمد أتباع أحمد الحسن رواية عيسى الخشاب قال: قلت للحسين بن علي (عليه السلام): أنت صاحب هذا الامر؟ قال: لا، ولكن صاحب الامر الطريد الشريد، الموتور بأبيه، المكنى بعمّه، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر.(ابن بابويه، 115، الصدوق، ج 1، ص 318)
وجاء في وجه استدلالهم بالحديث بانه من الواضح أن الإمام المهدي (ع) يكنى بأبي القاسم فلا تتطابق كنيته مع اسم عمّه العباس بن علي بن ابي طالب، فلابد أن تكون الرواية ناظرة الى شخص آخر يكنى بأبي العباس، وهو أحمد البصري. هكذا يستدل الرجل واتباعه المنظّرون لدعوته. يقول أحمد البصري في شرحه لعبارة "المكنى بعمّه": والمراد من الكنية هنا، أي: أبو فلان. و عمّه المقصود في الرواية العباس بن علي؛ (البصري: ج 1- 3، 192)
والملاحظ أن البصري لم يبين لنا التبرير المنطقي والدليل الموضوعي على كون المراد من "عمّه" المذكور في الرواية هو خصوص "العباس بن علي بن أبي طالب"، مع احتمال أن يكون المراد من عمّه الإمام الحسن المجتبى أو سائر أخوة الإمام الحسن العسكري كجعفر بن علي.
ثم أن المنهجية العلمية الصحيحة والتعاطي الموضوعي مع الحديث المذكور يقتضي عرضه على الكلمات النورانية والاحاديث الربانية الاخرى الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام لرفع الابهام والاجمال في هذا الحديث ببركة الاحاديث الاخرى من باب تفسير الحديث بالحديث كتفسير القرآن بالقرآن (انظر: الكليني، ج 1، ص 63)، وعليه عندما نعرض الحديث المذكور على سائر الاحاديث تتجلى لنا وبوضوح رسالة الحديث، وأنه من المحتمل أن يكون المراد من "عمّه" عمّ الإمام المهدي جعفر بن الحسن العسكري، فقد روى الشيخ الصدوق عن الإمام الحسن العسكري أن الإمام المهدي يكنى تارة بأبي القاسم وأخرى بأبي جعفر.(انظر: المجلسي، ج 51، ص 38)، قال الشيخ الصدوق، حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا الحسين بن علي النيسابوري قال: حدثنا الحسن بن المنذر، عن حمزة بن أبي الفتح قال: جاءني يوماً فقال لي: البشارة، ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمد (عليه السلام)، وأمر بكتمانه، قلت: وما اسمه؟ قال: سمي بمحمد وكني بجعفر.(الصدوق، ج 2، ص 432)
وفي حديث آخر يصرح بنفس المضمون، قال أبو الحسن علي بن محمد بن حباب، عن أبي الاديان قال: قال عقيد الخادم قال أبو محمد ابن خيرويه التستري، وقال حاجز الوشاء كلهم حكوا عن عقيد الخادم، وقال أبوسهل ابن نوبخت قال عقيد الخادم: ولد ولي الله الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين ليلة الجمعة غرة شهر رمضان من سنة أربع وخمسين ومأتين للهجرة ويكنى أبا القاسم ويقال أبو جعفر ولقبه المهدي. (المصدر، ج 2، ص 475)
ج) الانتساب الى الإمام الحسن العسكري وابدال اسمه باسم "الحسن"
من الامور التي لوى فيها اتباع أحمد البصري عنق النص وحرفوه بالاتجاه الذي يخدمهم تطبيقهم اسم الحسن على صاحبهم وادعاء أن صاحبهم اسمه "أحمد الحسن"، وان نسبه ينتهي الى سلسلة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) (انظر: البصري، ص 60) استنادا الى حديث روي عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام): (.. صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين ، يسمع من في السماوات والأرضين: يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد ، ويسمّيه باسم جده رسول الله ويكنيه بكنيته وينسبه الى أبيه الحسين الحادي عشر الى الحسين بن علي صلوات الله عليهم اجمعين بايعوه تهتدوا ولا تخالفوا أمره فتضلوا.(الخصيني، 397)
وهذا الاستدلال يكشف عن مدى جهل الجماعة وتخبطها في التعاطي مع الاحاديث، إذ من الطبيعي أن استدلالهم بحديث "يكنى باسم عمّه" وانه ينطبق على البصري الذي يكنى بأبي العباس (انظر: البصري، ج 1- 3، ص 192)، لا يسمح لهم مرة أخرى بالاستدلال بحديث آخر يصرح بأن كنيته "أبو القاسم". فهذه الرواية صريح بان المراد منها الإمام المهدي وان اسمه اسم رسول الله وكنيته كنية جده. (الصدوق، ج 1، ص 287)
يضاف الى ذلك، إن سياق الكلام والعبارات السابقة واللاحقة لتلك العبارة تتحدث كلها عن الإمام المهدي وتنطبق عليه، خاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار أنها تصرّح بانه ولد عام 254 هـ ق (الحلي، 440)، وأنه يبايع بين الركن والمقام وان عدد أنصاره 313 وأن الإمام الحسين يناصر دعوته.(المصدر، ص 442). وجاء في مقطع آخر من الرواية جاء الحديث عن النداء باسمه وكنيته اللذين ينطبقان على اسم وكنية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ينسجم مع هذا المقطع من الرواية. (المصدر، 435)
* المتحصّل
تحصّل مما مرّ بأنه لا مجال للشك والريبة في اندراج أحمد البصري واتباعة تحت مظلة المدعين الكذابين، وانهم يستندون في دعم أكاذيبهم وتعزيز مقولتهم المزيفة الى الاحاديث غير المعتبرة تارة، ويعمدون الى تقطيع النصوص واختيار ما يوافق مزاجهم تارة أخرى، فضلا عن التلاعب والتحريف لمضامين الاحاديث وحملها على معان بعيدة جدا عنها. وقد أشرنا الى عيّنات قليلة تكشف إلى حدّ ما مدى انحرافهم الفكري وزيف منهجهم وبطلان ادعائهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- ابن بابويه، علي بن الحسين، الإمامة و التبصرة من الحيرة، قم، مدرسة الإمام المهدي، الطبعة الأولى، 1404 هـ ق.
- ابن طاوس، علي بن موسى، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، قم، موسسة صاحب الأمر، الطبعة الأولى، 1416 هـ ق.
- ابن منادي، أحمد بن جعفر، الملاحم، قم، دار السيرة، الطبعة الأولى، 1418هـ ق.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، الطبعة الثالثة، 1414 هـ ق.
- أنصاري، محمد رضا، «طبري سوم [الطبري الثالث] ودلائل الامامة»، المجلة الشهرية كيهان انديشه، قم، مؤسسة كيهان، العدد 58، 1373 هـ ش.
- آل سيد حيدر الكاظمي، السيد مصطفى، بشارة الاسلام في ظهور صاحب الزمان، بلا مكان، آلالبيت، بلا تاريخ.
- آيتي، نصرت الله، «نقد و بررسي آراء مدعيان مهدويت: با تكيه بر آراء احمد الحسن [نقد ودراسة مدعي المهدوية: استناداً لآراء احمد بن الحسن»، الفصلية العلمية البحثية "مشرق موعود"، قم، مؤسسة "آينده روشن"، العدد 25، صيف 1392 هـ ش.
- البحراني، السيد هاشم، المحجة فيما نزل في القائم الحجة، تحقيق: محمد منير الميلاني، بلا مكان، بلا اسم، بلا تاريخ.
- البرسي، رجب بن محمد، مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين، بيروت، موسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الأولى، 1422هـ ق.
- البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن، قم، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثانية، 1371هـ ق.
- البصري، احمد بن اسماعيل، الجواب المنير عبر الاثير، بلا مكان، اصدار أنصار الامام المهدي، الطبعة الثانية، 1431هـ ق.
- -------------، الرجعة ثالث ايام الله الكبرى، إعداد: علاء سالم، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، الطبعة الأولى، 1433هـ ق.
- -------------، المتشابهات، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، 2010 م.
- -------------، نصيحة الی طلبة الحوزات العلمية، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، الطبعة الثانية، 2010 باء.
- -------------، وصي و رسول الامام المهدي في التوراة و الانجيل و القرآن، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، الطبعة الثالثة، 2010 (ج).
- -------------، الوصية المقدسة، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، بلا تاريخ.
- البكري، احمد بن عبد الله، الأنوار في مولد النبي، اصفهان، مؤسسه تحقيقات ونشر معارف اهل البيت، بلا تاريخ.
- ترابي شهرضايي، اكبر، پژوهشي در علم رجال [بحوث في علم الرجال]، قم، نشر اسوه، الطبعة الأولى، 1387 هـ ش.
- الطهراني، محمد بن حسن (آقا بزرك)، الذريعة الى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الثالثة، 1403 هـ ق.
- جعفريان، رسول، مهديان دروغين [مهديون كذباً]، طهران، نشر علم، الطبعة الأولى، 1391 هـ ش.
- الحائري اليزدي، علي، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب، بيروت، موسسة الاعلمي للمطبوعات، الطبعة الأولى، 1422هـ ق.
- الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، الطبعة الأولى، 1409 هـ ق.
- الحسيني الجلالي، محمد حسين، فهرس التراث، قم، دليل ما، الطبعة الأولى، 1380هـ ش.
- الحسيني القزويني، محمد، نقد كتاب أصول مذهب الشيعة، قم، مؤسسه تحقيقاتي ولي عصر، الطبعة الأولى، 1430 هـ ق.
- حطاب، احمد، دابة الارض و طالع المشرق، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، 2009 م.
- الحلي، الحسن بن سليمان، مختصر البصائر، قم، اصدار "الاسلامي"، الطبعة الأولى، 1421ق.
- الحلي، رضي الدين على بن يوسف بن مطهر، العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، الطبعة الأولى، 1408 هـ ق.
- الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبری، بيروت، مؤسسة البلاغ، الطبعة الأولى، 1419 هـ ق.
- داود، محمد عيسی، المفاجأة بشراك يا قدس، بلا مكان، المدبولي الصغير، بلا تاريخ - الف.
- ------------، المهدي المنتظر على الابواب، بيروت، دار المهدي، بلا تاريخ – (باء).
- الديراوي، عبد الرزاق، دعوة السيد احمد الحسن هي الحق المبين، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، 2012 م.
- الزيادي، حيدر، اليماني الموعود؛ حجة الله، إصدار أنصار الإمام المهدي، 1432 هـ ق.
- سليميان، خدا مراد، درسنامۀ مهدويت [دروس في المهدوية]، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، الطبعة الأولى، 1385 هـ ش.
- شهبازيان، محمد، تأملي نو در نشانههاي ظهور [تأملات حديثة في علائم الظهور] (1)، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، الطبعة الأولى، 1389 هـ ش.
- الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، عيون أخبار الرضا، تحقيق: مهدي لاجوردي، طهران، اصدار "جوان"، الطبعة الأولى، 1378 هـ ش.
- -----------، كمال الدين و تمام النعمة، تحقيق: علي أكبر غفاري، طهران، إصدار اسلاميه، الطبعة الثانية، 1395 هـ ق.
- الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات في فضائل آل محمّد صلّى الله عليهم، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، الطبعة الثانية، 1404 هـ ق.
- صفري فروشاني، نعمة الله، «محمد بن جرير [ال]طبري [ال]آملي و دلائل الامامة»، فصلنامه علمي - پژوهشي علوم حديث، السنة العاشرة، قم، مؤسسه علمي - فرهنگي دارالحديث، العدد 37 - 38، صيف وشتاء 1384هـ ش.
- الطباطبائي الحسني، محمد علي، مائتان و خمسون علامة حتى ظهور الامام المهدي، بيروت، موسسة البلاغ، الطبعة الثانية، 1429 هـ ق.
- الطبرسي، احمد بن علي، الاحتجاج علي اهل اللجاج، مشهد، نشر مرتضى، الطبعة الأولى، 1403هـ ق.
- الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة، قم، إصدار بعثت، الطبعة الأولى، 1413 هـ ق.
- الطبسي، نجم الدين، «حكم تسميه و ذكر نام شريف حضرت ولى عصر [حكم تسمية وذكر الاسم الشريف لولي العصر]»، فصلنامه علمي - ترويجي انتظار موعود، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، العدد 3، ربيع 1381 هـ ش.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة للحجة، المحقق: عباد الله تهراني وعلي احمد ناصح، قم، المعارف الاسلامية، الطبعة الأولى، 1411 هـ ق.
- العاملي، السيد جعفر مرتضى، بيان الائمة وخطبة البيان في الميزان، بيروت، المركز الاسلامي للدراسات، 1424 هـ ق.
- عرفان، اميرمحسن، «بازخواني عوامل پيدايش مدعيان دروغين مهدويت و گرايش مردم به آنان [اعادة دراسة لعوامل ظهور مدعي المهدوية الكاذبين واقبال الناس نحوهم]»، فصلنامه علمي - ترويجي انتظار موعود، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، العدد 30، خريف 1388 هـ ش.
- العقيلي، ناظم، الرد الحاسم على منكري ذرية القائم، بلا مكان، إصدار أنصار الامام المهدي، 1425 هـ ق.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر غفاري و محمد آخوندي، تهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1407 هـ ق.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1403 هـ ق.
- المرندي، أبو الحسن، مجمع النورين وملتقى البحرين، اصفهان، مؤسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت، بلا تاريخ.
- النعماني، محمد بن ابراهيم، الغيبة، تحقيق: علي أكبر غفاري، طهران، نشر صدوق، الطبعة الأولى، 1397 هـ ق.
- قسم التحقيق إصدار أنصار الامام المهدي، ادلۀ جامع دعوت يماني آل محمّد [الادلة الجامعة لدعوة اليماني؛ السيد احمد الحسن، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، بلا تاريخ – (أ).
- واحد تحقيقات إصدار انصار امام المهدي، برخي علايم ظهور مهم محقق شده (كراس تعليمي)، بلا مكان، إصدار أنصار الامام المهدي، بلا تاريخ – (باء).
- الموقع الإلكتروني لـ "خبر آنلاين"، العنوان الالكتروني: khabaronline.ir
- الموقع الإلكتروني لـ صحيفة الشرق الاوسط، العنوان الالكتروني: www.aawsat.com
............................
انتهی/ 101