ابنا: يوافق 25 من شهر شوال الذكرى الأليمة لاستشهاد رئيس مذهب التشيع الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) المعروف بمدرسته العلمية عند مختلف المذاهب الإسلامية، كما أنه (ع) أوصى بعدم الاستخفاف بالصلاة في اللحظات الأخيرة من عمره الشريف:
كانت وفاته عليه السلام في الخامس والعشرين من شوّال ، وقيل في النصف من رجب ، والأوّل هو المشهور ، واتّفق المؤرّخون من الفريقين على أن وفاته كانت عام ١٤٨ للهجرة.
كما اتّفق مؤلفو الشيعة على أن المنصور اغتاله بالسمّ على يد عامله بالمدينة ، وقيل أن السّم كان في عنب كما ذكر ذلك الكفعمي في المصباح.
وذكر بعض أهل السنّة أيضا موته بالسمّ ، كما في « إسعاف الراغبين » و « نور الأبصار » و « تذكرة الخواص » و « الصواعق المحرقة » وغيرها.
في اللحظات الأخيرة من عمره الشريف:
ولمّا كاد أن يلفظ النفس الأخير من حياته أمر أن يجمعوا له كلّ من بينه وبينهم قرابة ، وبعد أن اجتمعوا عنده فتح عينيه في وجوههم فقال مخاطبا لهم :
إن شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة (١).
وهذا يدلّنا على عظم اهتمام الشارع الأقدس بالصلاة ، فلم تشغل إمامنا عليه السلام ساعة الموت عن هذه الوصيّة ، وما ذاك إلاّ لأنه الإمام الذي يهمّه أمر الامّة وإرشادها الى الصلاح حتّى آخر نفس من حياته ، وكانت الصلاة أهم ما يوصي به ويلفت إليه.
وأحسب إنما خصّ أقرباءه بهذه الوصيّة ، لأن الناس ترتقب منهم الإصلاح والإرشاد فيكون تبليغ هذه الوصيّة على ألسنتهم أنفذ ، ولأنهم عترة الرسول فعسى أن يتوهّموا أن قربهم من النبي وسيلة للشفاعة بهم وإن تسامحوا في بعض أحكام الشريعة ، فأراد الصادق أن يلفتهم الى أن القرب لا ينفعهم ما لم يكونوا قائمين بفرائض الله.
وكانت زوجته أمّ حميدة (2) تعجب من تلك الحال وأن الموت كيف لم يشغله عن الاهتمام بشأن هذه الوصيّة ، فكانت تبكي اذا تذكّرت حالته تلك (3).
وأمر أيضا وهو بتلك الحال لكلّ واحد من ذوي رحمه بصلة ، وللحسن الأفطس (4) بسبعين دينارا ، فقالت له مولاته سالمة : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين ألا أكون من الذين قال الله عزّ وجل فيهم : « والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب » (5) نعم يا سالمة إن الله خلق الجنّة فطيّب ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحها عاقّ ولا قاطع رحم (6).
وهذا أيضا يرشدنا الى أهميّة صلة الأرحام بعد الصلاة وقد كشف في بيانه عن أثر القطيعة.
وما اكتفى عليه السلام بصلة رحمه فقط بل وصل من قطعه منهم بل من همّ بقتله ، تلك الأخلاق النبويّة العالية.
بعد الموت :
ولمّا قبض عليه السلام كفّنه ولده الكاظم عليه السلام في ثوبين شطويين (7) كان يحرم فيهما ، وفي قميص من قمصه ، وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام ، وفي برد اشتراه بأربعين دينارا (8).
وأمر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه أبو عبد الله عليه السلام الى أن اخرج الى العراق كما فعل أبو عبد الله عليه السلام من قبل في البيت الذي كان يسكنه أبوه الباقر عليه السلام (9).
وقال أبو هريرة (10) لمّا حمل الصادق عليه السلام على سريره واخرج الى البقيع ليدفن :
أقول وقد راحــوا بـــــه يحملونـــــــــــه * علـى كاهل مــن حامليـــــه وعاتــــــــــق
أتدرون ما ذا تحملون الى الثـــــــــرى * ثبيـر ثوى (11) من رأس علياء شاهـــــــق
غداة حثا الحاثون فـــوق ضريحـــــــــه * ترابا وأولى كــــــــــان فـــوق المفــــــــارق
أيا صــادق ابن الصادقيـــن إليـــــــــــه * بآبائـك الأطهـــــــار حلفــــــــة صـــــــــادق
لحقّا بكم ذو العرش أقسم في الورى * فقال تعالـــــــــــــــــــــى الله رب المشارق
نجوم هي اثنى عشرة كن سبقـــــا * الى الله في علـــــــــم من الله ســــــابق
ودفن عليه السلام في البقيع مع جدّه لامّه الحسن وجده لأبيه زين العابدين ، وأبيه الباقر عليهم جميعا صلوات الله ، وهو آخر من دفن من الأئمة في البقيع ، فإن أولاده دفنوا بالعراق إلاّ الرضا في خراسان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1. بحار الأنوار : ٤٧ / ٢ / ٥ ، محاسن البرقي : ١ / ٨٠.
2. هي أمّ الكاظم عليه السلام.
3. محاسن البرقي : ١ / ٨٠ / ٦.
4. أشرنا الى شيء من حاله في تعليقة ج ١ ٢٢٩.
5. الرعد : ٢١.
6. المناقب : ٤ / ٢٧٣ ، والغيبة للشيخ الطوسي : ١٢٨.
7. شطا : اسم قرية في مصر تنسب إليها الثياب الشطويّة.
8. الكافي ، باب مولد الصادق عليه السلام : ١ / ٤٧٥ / ٨.
9. نفس المصدر.
10. الظاهر أنه العجلي وقد عدّه ابن شهرآشوب في شعراء أهل البيت المجاهدين ، وروي أن الصادق عليه السلام ترحّم عليه ، وهذا يقتضي أن يكون موته قبل الصادق ، إلاّ أن يكون الترحّم عليه وهو حي ، أو أن الكاظم هو المترحّم ونسب الى الصادق خطأ.
11. الأنسب أن يكون ـ هوى ـ ولعلّ الخطأ من النسّاخ.
.......
انتهى / 278
المصدر : مواقع شيعية
الجمعة
٢٩ يوليو ٢٠١٦
٦:٤٦:٣١ ص
768687
25 شهر شوال ذكرى استشهاد الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)؛
الإمام الصادق (ع)في اللحظات الأخيرة من عمره: إن شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة
يوافق 25 من شهر شوال الذكرى الأليمة لاستشهاد رئيس مذهب التشيع الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) المعروف بمدرسته العلمية عند مختلف المذاهب الإسلامية، كما أنه (ع) أوصى بعدم الاستخفاف بالصلاة في اللحظات الأخيرة من عمره الشريف.