ابنا: لا زال ألم البقيع حاضراً في وجدان وقلوب المحبّين والموالين لأهل البيت (عليهم السلام)، ففي كلّ عام تتجدّد أحزانهم وهم يستذكرون الجريمة النكراء التي اقترفتها أيدي الطغمة الظالمة من الوهابيّين والتكفيريّين بهدمهم قبور أئمة الهدى وأهل بيت النبوّة الأطهار(عليهم السلام أجمعين)، وانتهاك حرمتها وقدسيتها من خلال قيامهم بهجومين، فقد كان الهجوم الأوّل عام (1220هـ) حيث كانت الجريمة التي لا تُنسى، فعند قيام الدولة السعودية الأولى قام آل سعود بأوّل هدمٍ للبقيع، ومع أنّهم هدموا جزءً لا يُستهان به من الأضرحة الطاهرة لأئمّة البقيع(عليهم السلام) لكنّهم بقوا عاجزين عن هدمها بشكلٍ كلّي لعدم امتلاكهم القوّة الكافية، وعندما سقطت الدولة على يد العثمانيّين أعاد المسلمون بناءها على أحسن هيأة من تبرعاتهم، فبُنيت القبب والمساجد بشكلٍ فنّي رائع، حيث عادت هذه القبور المقدّسة محطّ رحال المؤمنين بعد أن ولّى خطّ الوهابيّين لحين من الوقت.
أمّا الهجوم الثاني فكان في يوم (8 شوّال) من عام (1344هـ) الذي هدموا فيه أوّل ما هدموا قبّةً وُضعت لشهداء أحد كانت واقعةً في خارج المدينة، ولمّا دخلوها فكّروا أنّهم لو أرادوا هدم الأماكن المقدّسة في البقيع عليهم تهيئة الأرضية المناسبة لذلك من خلال إقناع الرأي العام في الحجاز الذي كان في ذلك الوقت يُخالفهم تماماً والحصول على فتوى العلماء في ذلك، فأرسلوا قاضي قضاة نجد سليمان بن جليهد إلى المدينة ليحصل لهم على تلك الفتاوى التي تتناسب والعمل الذي ينوون القيام به.
وبالفعل ذهب إليهم وطرح عليهم الأسئلة ووضع لهم الإجابة وطلب الإمضاء عليها وإن لم يفعلوا حكم عليهم بالردّة والكفر والشرك وبذلك يستحقّون الموت، وبعد صدور الفتاوى من قبل خمسة عشر من وعّاظ السلاطين أو من يسمّون أنفسهم بالعلماء، وزّعت بين الناس في الحجاز وفي نفس العام وبعد أن أصبح عندهم غطاء شرعيّ لأفعالهم المشينة قاموا بتخريب وهدم قبور الأئمّة الأربعة الأطهار(عليهم السلام) ومحو كلّ الآثار والمعالم المتعلّقة بأهل البيت(عليهم السلام) وسلبوا كلّ الأشياء الثمينة منها ولم يسلم منها إلّا قبر النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، بعد أن سرقوا كلّ الأموال والمجوهرات في الخزانة.
بالإضافة إلى ذلك قاموا بتهديم قبورٍ أخرى وهي عبارة عن القبر المنسوب لفاطمة الزهراء(عليها السلام) وقبر أمّ البنين(عليها السلام)، وقبر إبراهيم بن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبر إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق(عليهما السلام)، وقبر حليمة السعدية مرضعة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وقبر حمزة بن عبد المطلب(عليه السلام) مع الشهداء في أحد.
..................
انتهى / 232