ابنا: تناول ممثل المرجعية العليا في كربلاء، والمتولي الشرعي لحرم الإمام الحسين عليه السلام، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة صلاة الجمعة لهذا الاسبوع أهم محطات حياة السيدة زينب عليها السلام.
يأتي ذلك بالتزامن مع ذكرى وفاتها في الرابع عشر من رجب الأصب، الموافق 22 أبريل/ نيسان الجاري.
وعن سبب تسميتها عليها السلام بأم المصائب، ذكر الكربلائي رواية وردت في بعض المصادر مفادها انه هبط جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا رسول الله ان ربك يقرؤك السلام ويقول: يا حبيبي اجعل اسمها زينب.. ثم بكى جبرئيل، فسأله النبي عن سبب بكائه ؟ فقال : ان حياة هذه البنت سوف تكون مقرونة بالمصائب والمتاعب، من بداية عمرها الى وفاتها.
وفي ما يلي النص الكامل للخطبة الاولى من صلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 14/رجب الاصب/1437هـ الموافق 22 /4 /2016 م :
بمناسبة ذكرى وفاة السيدة زينب عليها السلام ..
خصائص زينب عليها السلام :
ذكر بعض العلماء اكثر من عشرين من خصائص زينب عليها السلام منها : الصديقة ، عصمتها الصغرى، من اولياء الله تعالى، الراضين بقضاء الله، امينة الله تعالى، عالمة غير معلمة، محبوبة المصطفى وقرة عين المرتضى، نائبة الزهراء، شريكة الحسين (عليه السلام)، الزاهدة، كعبة الرزايا، النصيحة البليغة، الشجاعة، العابدة، الكاملة الرشيدة..
للتعرف ولتحديد ملامح شخصية هذه المرأة العظيمة يمكن لنا ذلك بطريقتين:
1- ما ورد عن المعصومين عليهم السلام في شأنها وبيان منزلتها ومقامها وكيفية تعاملهم معها..
2- دراسة السيرة الذاتية لها وكلامها وخطبها ومواقفها عليها السلام ..
اولا ً : تسميتها نزلت من السماء.
اطلّت السيدة زينب عليها السلام على الدنيا في الخامس من شهر جمادي الاولى في السنة الخامسة للهجرة في بيت اذن الله ان يُرفع ويذكر فيها اسمه، وحملت سيدة نساء العالمين عليها السلام وليدتها الى خير الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) تسأله ان يختار لها اسماً فأبى ان يسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)..
وفي بعض الروايات (لما وُلدَت السيدة زينب عليها السلام اخبر النبيب الكريم بذلك فأتى منزل ابنته فاطمة عليها السلام وقال :
(يا بُنية ايتيني ببنتك المولودة.. فلما احضرتها اخذها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وضمّها الى صدره الشريف.. ووضع خدّه على خدها فبكى بكاءً شديداً عالياً وسالت دموعه على خديه.. فقالت فاطمة : مم بكاؤك لا ابكى الله عينك يا ابتاه؟
فقال: يا بنتاه يا فاطمة ان هذه البنت ستُبتلى ببلايا وتَرِد عليها مصائب شتى ورزايا أدهى..
يا بضعتي وقرة عيني انّ مَنْ بكى عليها، وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على اخويها.. ثم سمّاها زينب..
وهذا يكشف لنا عن عظيم منزلتها وعلو مقامها..
وفي بعض المصادر انه هبط جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا رسول الله ان ربك يقرؤك السلام ويقول: يا حبيبي اجعل اسمها زينب.. ثم بكى جبرئيل، فسأله النبي عن سبب بكائه ؟ فقال : ان حياة هذه البنت سوف تكون مقرونة بالمصائب والمتاعب، من بداية عمرها الى وفاتها..
ولذلك سميت العقيلة زينب عليها بـ ام المصائب وحقَّ لها ان تسمى بذلك فقد شاهدت مصيبة جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومحنة امها فاطمة الزهراء عليها السلام ثم وفاتها وشاهدت مقتل ابيها علي بين ابي طالب (عليه السلام) ثم شاهدت محنة اخيها الحسن (عليه السلام) ثم قتله بالسم، وشاهدت المصيبة العظمى بقتل اخيها الحسين (عليه السلام) ثم حملت اسيرة الى الكوفة وادخالها على ابن زياد في مجلس الرجال وحُملت اسيرة من الكوفة الى الشام ورأس اخيها ورؤوس ولديها واهل بيتها امامها على رؤوس الرماح..
ونتوقف عند البكاء على زينب عليها السلام..
فان فعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ببكاءه على زينب عليها السلام ومن قبل على الحسين (عليه السلام) عند ولادتهما قد اسس لسنة البكاء على مصائبهم وبكاؤنا على اهل البيت عليهم السلام والتلهّف والتوجع لما اصابهم يراد منه المواساة لهم والوفاء لهم واداء بعض حقوقهم التي افترضها الله تعالى لهم في اية المودة وغيرها.. كما يتضمن البكاء انتماء من المؤمن الباكي واعلاناً منه للتبرئ والنفور من اعدائهم وفي نفس الوقت اظهاراً واعلاناً من الباكي عن استعداده للسير على نهجهم واقتفاء آثارهم والتضحية من اجلهم..
مقامها العلمي : ذكر اهلُ السير ان العقيلة زينب عليها السلام كان لها مجلس خاص لتفسير القران الكريم تحضره النساء فحينما كانت مع ابيها ايام خلافته في الكوفة كان لها مجالس في بيتها تفسِّر فيه القرآن للنساء..
وقد لها الامام زين العابدين (عليه السلام) لعمته زينب عليها السلام حينما القت خطبتها الغرّاء في الكوفة فتركت اهل الكوفة يحوجُ بعضهم في بعض، حيارى يبكون وقد تمثل لهم هول الجناية التي اقترفوها آنذاك.. (انت بحمد الله عالمة غير معلّمة، فهِمَةٌ غيرُ مفهّمة).
وهذا يدل على المنزلة العلمية الرفيعة التي ارتقت اليها عقيلة الهاشميين فهي عالمة بالعلم اللدُني المفاض من قبل رب العالمين على جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ثم ابيها وامها .. وليس بالعلم المتعارف الذي يكتسب بالدرس والتلقي والبحث..
وهي في الحجاب والعفاف فريدة، لم يَرَ شخصها احدٌ من الرجال في زمان ابيها واخوتها الى يوم الطف..
وهي في الصبر والثبات وقوة الايمان والتقوى وحيدة..
وهي في الفصاحة والبلاغة كأنها تفرغ عن لسان امير المؤمنين (عليه السلام)..
وهي التي نقلت عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الامام زينب العابدين (عليه السلام) واخبرت عن امر غيبي تحقق بعد سنين من استشهاد اخيها الحسين (عليه السلام)..
شدة حبها للحسين (عليه السلام) وولده ..
قدّمت زينب عليها السلام ابنيها (عون ومحمد) شهيدين في طف كربلاء ولم يُنقَل عنها انها ندبت ابنيها بكلمة ولا ذرفت لفقدهما دمعة فقد كان همها الشاغل مواساة اخيها الحسين (عليه السلام) بكل وجودها..
ولما استشهد علي الاكبر (عليه السلام) وجاء اليه الحسين (عليه السلام) وهو يقول: قتل الله قوماً قتلوك، ما اجرأهم على الرحمن وعلى رسوله وعلى انتهاك حرمة الرسول..
لا عجب ان تصاغ شخصية السيدة زينب عليها السلام جامعة لصفات الكمال من التقوى والزهد والصبر والعلم ومكارم الاخلاق ما يعجز عن بلوغه الكثير من الرجال..
..................
انتهى / 232
المصدر : العتبة الحسينية
الاثنين
٢٥ أبريل ٢٠١٦
١٢:٢٥:١٠ م
749829
وردت وفي بعض الروايات (لما وُلدَت السيدة زينب عليها السلام اخبر النبيب الكريم بذلك فأتى منزل ابنته فاطمة عليها السلام وقال : (يا بُنية ايتيني ببنتك المولودة.. فلما احضرتها اخذها النبي (ص) وضمّها الى صدره الشريف.. ووضع خدّه على خدها فبكى بكاءً شديداً عالياً وسالت دموعه على خديه.. فقالت فاطمة : مم بكاؤك لا ابكى الله عينك يا ابتاه؟ فقال: يا بنتاه يا فاطمة ان هذه البنت ستُبتلى ببلايا وتَرِد عليها مصائب شتى ورزايا أدهى..