ابنا: ستة اسباب وراء انخراط السعودية في مفاوضات مباشرة مع حركة "أنصارالله" الاسلامية بعد رفض مطلق.. فهل بدأ فعلا الجناح العقلاني في الاسرة الحاكمة بالسعودية يجد آذانا صاغية ؟ وهل ستنتهي الحرب اليمنية قريبا؟
مع اقتراب ما يسمى بـ “عاصفة الحزم” السعودية من دخولها عامها الثاني (بقي 16 يوما على اكمالها عامها الاول) دون تحقيق اي من النتائج التي انطلقت من اجلها، وبات قصف طيرانها لاهداف مدنية يعطي نتائج عكسية تماما محليا ودوليا.
التنازل الاكبر جاء حتما من قبل السعودية، التي كانت ترفض رفضا قاطعا اي تفاوض مباشر مع حركة “انصار الله” الاسلامية، او الرئيس علي عبد الله صالح، وتصر على ان تكون اي مفاوضات مباشرة، او غير مباشرة، مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وممثليه الذي انطلقت “عاصفة الحزم” من اجل اعادته الى عرشه، ولكن الامور تغيرت، ولا نعرف ما اذا كان الرئيس هادي على علم بهذه المفاوضات ام لا.
جولات من الحوار تحت مظلة الامم المتحدة في جنيف ومسقط، وبترتيب من قبل المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ، فشلت في تحقيق اي نجاح، ولذلك صعد التحالف “الحوثي الصالحي” من مواقفه، وقرر رفض اي حل سياسي، وتصعيد العمل العسكري، وان اي مفاوضات مقبلة يجب ان تكون مع الاصل، اي الحكومة السعودية، وليس مع اتباعها.
ستة اسباب رئيسية تقف خلف هذا الانقلاب في الموقف السعودي بالجنوح الى التفاوض وجها لوجه مع “انصار الله” الاسلامية:
الاول: فشل “عاصفة الحزم” وغاراتها المكثفة على مدى اكثر من 12 شهرا في فرض الاستسلام على التحالف “الحوثي الصالحي”، وتصاعد اعداد الخسائر في صفوف القوات السعودية، سواء على الحدود اليمنية، او في ميادين القتال داخل اليمن، وذكر لي استاذ جامعي مصري يشرف على رسالة دكتوراه لطالب سعودي ان عدد القتلى السعوديين في هذه الحرب وصل الى حوالي ثلاثة آلاف جندي وضابط، حسب ما ذكره له هذا الطالب الذي رفض ذكر اسمه لاسباب معروفة، وعندما جادلته، اي الاستاذ، بأن الرقم مبالغ فيه، اكد انه اثار الشكوك نفسها لتلميذه بسبب الفارق الهائل مع العدد الرسمي فجاء الجواب بتأكيد صحة العدد، وانه، اي التلميذ، ضابط عسكري سعودي متقاعد ويعني ما يقول.
الثاني: تصاعد الانتقادات للغارات السعودية في اليمن، والحصار الموازي لها في اوساط الدول الغربية، واتهام البرلمان الاوروبي للمملكة بارتكاب جرائم حرب، ومطالبته حكومات بلاده بفرض حظر على بيع اسلحة للسعودية.
ثالثا: تصاعد حالة “التململ” في الداخل السعودي من جراء اطالة امد الحرب في اليمن، وتحولها الى حرب استنزاف عسكري ومالي وبشري، وتصاعد مشاعر الكراهية للسعودية في اوساط الرأي العام العربي والعالمي، وانهيار التحالفات التي تم انشاؤها لتوفير الغطاء الاسلامي والعربي لهذه الحرب، قبل ان تنشأ.
رابعا: النفقات المالية الهائلة على هذه الحرب، والتي تقدرها بعض الاوساط بمليارات الدولارات شهريا، تشمل تغطية نفقات القوات العربية المشاركة فيها، وتعويض المعدات والذخائر والغارات الجوية لاكثر من مئتي طائرة، وبلغ عددها ثمانية آلاف طلعة جوية، وتقديم مساعدات مالية لحكوماتها، ودول اخرى مثل مصر وباكستان والصومال وجيبوتي وجزر القمر، لكسب ودها، او حيادها على الاقل.
خامسا: ظهور تنظيمي “داعش” و”القاعدة” كقوتين رئيسيتين في الساحة اليمنية، خاصة في المناطق الواقعة خارج سيطرة قوات حركة الانصار الله في جنوب اليمن، فمدينة عدن باتت تعيش حالة من الفوضى الدموية بعد انسحاب قوات حركة أنصار الله منها، والرئيس عبد ربه منصور هادي بات “معتقلا” في قصر المعيشيق الذي يقع على قمة “تلة” في عدن، ووصلت التفجيرات الى مدخله، وبات اطول عمر لمحافظ عدن لا يزيد عن بضعة اسابيع، بسبب الاغتيالات والعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، والشيء نفسه يقال عن قادة الامن والشرطة، مضافا الى ذلك خوف امريكا من قيام دولة او امارة لداعش أو للقاعدة عند مدخل باب المندب تهدد خطوط الملاحة الدولية التجارية والعسكرية.
سادسا: تصريحات الجنرال مسعود جزايري نائب رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الايرانية ( امس الثلاثاء) مع وكالة “تنسيم” للانباء التي قال فيها ان ايران قد تدعم الحوثيين بنفس اسلوب دعمها للرئيس بشار الاسد في سوريا، اي ارسال مستشارين عسكريين، وهذا يعني تحول اليمن الى سورية ثانية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو عن التبعات التي يمكن ان تترتب على المفاوضات هذه على خريطة التحالفات داخل اليمن، او على صعيد التحالف العربي الذي يشارك في الحرب بقيادة السعودية.
نشرح اكثر ونسأل عما اذا كانت السلطات السعودية اطلعت من جانبها حلفاءها الخليجيين الذين يشاركونها عاصفة حزمها، وحربها البرية في اليمن على توجهها الجديد وتراجعها بالتالي الجديد عنادها في رفض التفاوض مع حركة أنصار الله الاسلامية ونحن هنا نتحدث عن دولة الامارات العربية المتحدة على وجه الخصوص التي تكبدت قواتها خسائر بشرية تحتل المرتبة الثانية بعد حجم الخسائر السعودية؟
من الصعب علينا اصدار احكام مسبقة او متسرعة لكن ما يمكن قوله في هذه العجالة ان مجرد دعوة السعودية لوفد حركة أنصار الله الاسلامية للتفاوض للوصول الى اتفاق، كلي او جزئي، للتهدئة يعني اقتناعها بان الحل العسكري في اليمن غير ممكن ان لم يكن مستحيلا، وان الجناح الذي يطالب بالعقلانية والمراجعة فيها، واسرتها الحاكمة، بدأ يجد آذانا صاغية، وما علينا الا الانتظار لمعرفة الخيط الابيض من الاسود، وسط هذه الحرب المغلفة بسحب سوداء كثيفة من التشاؤم والغموض.
راي اليوم - عبد الباري عطوان
...................
انتهى / 232
المصدر : رأي اليوم
الأربعاء
٩ مارس ٢٠١٦
١:٣٢:١٨ م
739934
ستة اسباب وراء انخراط السعودية في مفاوضات مباشرة مع حركة "أنصارالله" الاسلامية بعد رفض مطلق.