وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : السبطين
الأحد

١٩ يوليو ٢٠١٥

٦:٢٤:٥٤ ص
701373

عيد الفطر المبارك

العِيدُ هو كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه من عاد يَعُودُ، كأنّ الناس يعودون إليه.

بقلم : السید جعفر الحسيني


ابنا: العِيدُ هو كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه من عاد يَعُودُ، كأنّ الناس يعودون إليه.
وقيل: اشتقاقه من العادة لأنّهم اعتادوه، والجمع أَعياد، وقال الأزهري: والعِيدُ عند العرب الوقت الذي يَعُودُ فيه الفرح والحزن، كما قال ابن الأعرابي: سميّ العِيدُ عيداً لأنّه يعود كلّ سنة بفرح مُجدَّد.
وبهذا يكون العيد عيداً لعود الخلق من حالات التّرحِ إلى حالات السرور والفرح، فكل يوم فيه جمعٌ أو تذكارٌ لذي فضل أو حادثة مهمة ويعود الناس إليه مراراً وتكراراً فهو عيدٌ.
وقد ورد في سورة طه في قصّة موسى (عليه السلام): (قال موعدكم يوم الزينة) يعني: يوم عيدهم، لأنّ الناس وكانوا يجتمعون فيه من الآفاق، وهو يوم مخصوص يتكرّر في كلّ عام.

الأعياد في القرآن
وهي أربعة أعياد:
الأول: قوله تعالى في سورة المائدة: (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك) فكان عيداً لعيسى (عليه السلام) وقومه.
الثاني: أعياد الكفار، قال الله تعالى في سورة الفرقان: (والذين لا يشهدون الزور) قيل: الزور أعيادهم.
الثالث: عيد الفطر، قال الله (تعالى) في سورة الغاشية: (قد أفلح من تزكّى) أي: تصدّق بصدقة الفطر (وذكر اسم ربه) يعني التكبير (فصلّى) يعني: صلاة العيد.
الرابع: عيد الأضحى (يوم النحر) قال الله تعالى في سورة الكوثر: (فصلّ لربك) يعني: صلاة العيد (وانحر) يعني: القربان.

الأعياد في الإسلام
والعيد عند المسلمين هو كلّ يوم يعود فيه الإنسان إلى الله بالتوبة والدعاء، والربّ يعود عليه بالمغفرة والعطاء.
وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله لملائكته يوم العيد: ما جزاء الأجير إذا عملَ عملَه؟ فيقولون: يا ربّنا جزاؤه أن يوفىّ أجرَه. فيقول: اشهدوا ملائكتي أني غفرت لهم. [أمالي المفيد: ج 3 ص 232].
فكل يوم يَعوُد الله تعالى على عباده المؤمنين بالفوائد الجميلة، والعوائد الجزيلة فهو عيدٌ، وهذا الأمر يتكرّر مراراً من طرف العبد ومن طرف المعبود.
إلاّ أنّ الأعياد في الإسلام أربعة على ما هو المستفاد من الروايات:

(منها): ما رواه محمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم أعظمها حرمة. قلت: وأي عيد هو جعلت فداك؟ قال: اليوم الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: ومن كنت مولاه فعلي مولاه. قلت: وأي يوم هو؟ قال: ما تصنع باليوم إن السنة تدور ولكنّه يوم ثماني عشر من ذي الحجة. فقلت: وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم؟ قال: تذكرون فيه الصيام والعبادة والذّكر لمحمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله)، وأوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يتخذ ذلك اليوم عيداً، وكذلك كانت الأنبياء تفعل، كانوا يوصون أوصيائهم بذلك فيتخذونه عيداً.

و(منها): ما رواه محمد بن علي بن محمد الطرازي في كتابه بإسناده المتصل إلى المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيام إلى الله (عز وجل) كما تزّف العروس إلى خدرها، يوم الفطر ويوم الأضحى، ويوم الجمعة ويوم غدير خم. - الحديث -.
أمّا ما ورد في خصوص يوم الجمعة، فقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنه قال: يوم الجمعة يوم عيد جعله الله للمسلمين - الحديث -، وما ورد في الكافي بسنده عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ما طلعت شمس بيوم أفضل من يوم الجمعة، وما روي عن الكاظم (عليه السلام) قال - في حديث طويل - : وأمّا اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال وهو اليوم الذي هبط فيه الرّوح الأمين، وليس للمسلمين عيد كان أولى منه عظّمه الله وعظّمه محمد (صلى الله عليه وآله) فأمره أن يجعله عيداً فهو يوم الجمعة. والروايات كثيرة قد اقتصرت على ذكر بعضها رعاية للاختصار.
وأمّا ما ورد في خصوص اليوم الأول من شهر شوال وهو أحد الأعياد الأربعة العظيمة في السنة، ويقال له يوم الرحمة لأن الله (سبحانه) يرحم فيه عباده، وقد ورد في الفقيه، عن جابر، عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) أنّه قال: إذا كان أوّل يوم من شوّال نادى مناد أيّها المؤمنون أغدوا إلى جوائزكم. ثمّ قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك. ثم قال: هو يوم الجوائز.

الآداب التي ينبغي على المؤمنين التأدب بها في أيام العيد
ينبغي للمؤمن أن يحضر العيد مقبلاً لا متفرجاً، حتى لا يكون حاله كحال الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً، قال تعالى في سورة الأعراف (الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً)، أي: عيدهم، وقيل: إنّهم كان يقرطون أصناهم في يوم عيدهم ويُحَلّونها بأنواع الحلي، فعيّرهم الله بذلك.
كما ينبغي أن يكون المؤمن خاشعاً خاضعاً راجياً لقبول عمله، سواء كان صوماً، أوحجاً، أو دعاءً، أو اعتقاداً بولاية سيد الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، خائفاً وجلاً من أن يسلبه الله التوفيق للعود إلى صالح الأعمال وإدراك الصوم أو الحجّ أو أن يعدل عن الإيمان بولاية أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم)، وقد ورد في الفقيه أنّ الحسين (الحسن) بن علي (عليه السلام) نظر إلى الناس يوم عيد الفطر يضحكون ويلعبون، فالتفت إلى أصحابه وقال: إن الله (عز وجل) جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه، فسبق فيه قوم ففازوا، وتخلّف آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب (ويخسر) فيه المقصرون، وأيمّ الله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومُسيءٌ بإساءَتهِ.
وقد ورد في آمالي الصدوق: قال الصادق (عليه السلام): خَطَبَ أميرُ المؤمنين بالناس يوم الفطر فقال: أيّها الناس، إنّ يومكم هذا يومٌ يُثاب فيه المحسنون، ويَخْسَرُ فيه المسيؤون، وهو أشبهُ يومٍ بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاّكم خروجكم من الأجداث إلى ربّكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاّكم وقوفكم بين يدي ربكم، واذكروا رجوعكم إلى منازلكم في الجنّة أو النار.
وأعلموا عباد الله، أنّ أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم مَلَكٌ في آخر يوم من شهر رمضان أبشروا عبادَ الله فقد غُفِر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون.
فالحكمة في عيد الفطر والأضحى تذكيرُ الخلق بالقيامة وأهوالها، وذلك أنّ أحوالها موافقة لأهوالها.
فإذا كانت ليلة العيد فينبغي على المؤمن أن يذكر الليلة التي تكون صبيحتها يوم القيامة.
وإذا سمع الموسيقى وأصوات الأبواق والطبول فليتذكر نفخَ الصور، قال الله تعالى في سورة الكهف: (ونفخ في الصور فجمعناكم جمعاً).
وإذا خرج من بيته صبيحة يوم العيد إلى المصلّى فليتذكر يوم خروجه من الدنيا، ويوم خروجه من القبر إلى المحشر، قال الله تعالى في سورة يس: (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا...).
وإذا رأى الناس متوجهين إلى المصلى مختلفين في أحوالهم، من جهة لبس بعضهم الثياب الفاخرة، وبعضهم الثياب الخلقة، فليتذكر اختلاف أحوال الخلق في الآخرة، إذ بعضهم يلبس الحلل التي هي من استبرق وسندس، وبعضهم يلبس القَطِران، قال الله (تعالى) في سورة الإنسان: (عاليهم ثيابُ سندس خضرٌ واستبرق وحُلُّو أساور من فضّة وسقاهم ربّهم شراباً طهوراً)، وقال (تعالى) في سورة إبراهيم: (سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار).
وإذا رأى اختلافهم في المشي فليتذكر مشَيه على الصراط، وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): يردُ الناس الصراط، ثمَّ يصدرون عنها بأعمالهم، فأوّلها كلمح البرق، ثمّ كالريح، ثمّ كحصر الفرس، ثمّ كالكواكب في رحاه، ثمَّ كشدّ الرجل، ثمَّ كمشيه.
وينبغي له أن يتذكر قوله تعالى: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً، ونسوق المجرمين إلى جهنّم ورداً) أي: عطاشى.
وإذا جلس في مصلاه ورأى الناس مجتمعين بعضهم في الشمس، وبعضهم في الظلّ، وبعضهم قيام، فليتذكّر وقوفه في عرصات القيامة منتظراً الحساب وفصل القضاء، قال الله تعالى في سورة إبراهيم: (إنّما يؤخِّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتدُّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواءٌ)، قومٌ في الشمس قد ألجمهم العرقُ، وقومٌ في ظلّ العرش.
وإذا قام إلى الصلاة واصطفّ الناس فليتذكر يوم العرض، قال الله تعالى في سورة الكهف: (وعرضوا على ربكّ صفّاً).
وإذا صعد الإمامُ المنبر وخطب، والناسُ سكوتٌ منصتون فليتذكّر يوم يتقدّم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) للشفاعة والخلق حيارى سكوت.
وإذا أخذ الإمام في الخطبة بالوعد والوعيد والترهيب فلتيذكّر يوم ينادي المنادي سَعَدَ فلانٌ، وشقي فلانٌ، وليعتبر بقوله تعالى في سورة الروم: (ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون)، وقوله تعالى في سورة الشورى: (فريقٌ في الجنة وفريق في السعير)، وقوله تعالى في سورة الزلزلة: (يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم). فهذه مقابلة أحوال العيد بأحوال القيامة: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) [سورة الحشر: الآية 2].

 أعمال عيدي الفطر والأضحى
(1) الغسل ليلة العيد، ووقته من أول ليلة الفطر إلى الفجر والأولى الإتيان به أولها.
(2) الدعاء ليلة العيد.
(3) الغسل والأفضل أن يغتسل من نهر إن أمكن ووقته من طلوع الفجر إلى الزوال والأولى الإتيان به قبل صلاة العيد، والدعاء عند الغسل وبعده.
(4) لبس أنظف الثياب واستعمال شيء من العطر.
(5) الصلاة (صلاة العيد).
(6) الدعاء يوم العيد.

وتفصيل ذلك يطلب من كتب الأعمال والأدعية.
 
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
الهداة الميامين

...................

انتهى / 232