ابنا: الشهداء الغواصون الذين لم يثنهم شيء عن الجهاد في سبيل الله بل خرجوا ضد العدو امتثالا لأمر الولي والقائد الحق ووقفوا وقفة بطولية خالدة أمام الشيطان الأكبر وأذنابه متحدّين القوى الضالة.
قد يذهب الفكر المادي في تحليل هذه الظاهرة مذهب الإستنكار والتنديد ويقول ما الخير في رفات أبلاه الدهر ولم يبقي منها شيئا إلا عظاما نخرة.
لكن الفكر الديني يفتح آفاقا رحبة أمام الإنسان المسلم ويكشف عنه ما الغطاء المظلم الذي يحجب الإنسان عن رؤية الحقائق.
"ولا تقولوا لم يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون"
إن الغواضين الذين أسروا واستشهدوا والذين فتح الله عليهم أبواب ليلتحقوا به وهم مكبلون في العالم المادي قد لا يمثلوا شيئا لأهل الدنيا إلا أنهم أحياء متنعون عند ربهم ومنار تهتدي به الأمم.
هذا والشهداء المفقودون يمثلون ظاهرة رائعة في الثورة الإسلامية وتتبلور حيوية الشهداء فيها إذ إنهم يعودون إلى الوطن بين حين وآخر ويجددوا معنويات الشعب ويعطون الدروس لكل مرحلة من مراحل الثورة الإسلامية وفي هذه المرحلة التاريخية والمصيرية التي يعيشها الثورة الإسلامية وهي بأمس حاجة إلى اتخاذ القرار الحاسم الذي يضمن سيادة البلد وعزته مستلهما من حياة الشهداء الجهادية وتضحياتهم.
وكأن الله حدد لهم توقيتا معينا حتى يضخ دما حيا في وريد الشعب وتترسخ في كيانهم القيم الإسلامية والجهادية وتستمر الثورة الإسلامية لدى أجيال لم تر الشهداء وتضحياتهم من أجل إسقاء الثورة الإسلامية المباركة.
الكشف عن رفات الشهداء
عثرت لجنة البحث عن رفات الشهداء الأبرار على رفات 270 شهيدا فقدت أجسادهم لـ 29 سنة في الحرب المفروضة من قبل نظام صدام حسين على إيران في الأراضي العراقية.
وقد قال العميد السيد محمد باقر زاده قائد لجنة البحث عن الشهداء المفقودين التابعة للقوات المسلحة إن هذه اللجنة عثرت على رفات 270 شهيدا من شهداء الحرب مع نظام صدام حسين وقد كان 175 شهيدا منهم غواصين من قوات الضفادع البشرية وقد أعدمهم البعثيون بعد الأسر في عمليات الكربلاء الرابعة أو دفنهم أحياء وهم مكبلي الأيدي.
وأضاف العميد باقر زاده أن هناك أجسادا لم نر عليها أثر الجرح مما يدلّ على أن العدو البعثي الخبيث دفن بعض الشهداء أحياء.
وأكد هذا القائد في القوات المسلحلة الإيرانية أننا عثرنا على رفات 5 من الشهداء في منطقة فاو، و175 شهيدا غواصا في منطقة أبوفلوس و8 في شلمجه و21 في مجنون و40 في شرق دجلة وطريق خندق و21 في منطقة الزبيدات.
هذا ودخلت رفات الشهداء الأبرار من الأراضي العراقية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية من حدود شلمجة.
وتمثل رفات هؤلاء الشهداء الذين سقطوا خلال "عمليات كربلاء 4" التي جرت عام 1986 وثائق دامغة للجرائم التي ارتكبها البعثيون في العراق.
التشييع المهيب
استقبل الشعب الإيراني المسلم أجساد الشهداء الأبرار بكل رحابة وشيّعوا هذه الأجساد الطاهرة في مراسم مهيب في العاصمة الإيرانية طهران في 16 يونيو 2015م وخلقوا ملحمة أخرى في تاريخ الثورة الإسلامية وقد عبروا عن استيائهم وغضبهم من جرائم قوى الإستكبار وعملائهم ودعوا الشعب والمسئولين إلى مواصلة مسيرة الشهداء الطاهرين والوقوف بوجه الأعداء.
رسالة شكر قائد الثورة الإسلامية
وجّه سماحة آية الله العظمى الخامنئي مساء الثلاثاء رسالة شكر إلى الشعب لمشاركته الحافلة في تشييع رفات الشهداء الأبرار الذين عثر عليهم بعد 29 عاما وقد أشاد سماحته بتضحيات الشهداء الأبرار ومنهم الغواصين الذين استشهدوا في سبيل الإسلام.
وتابع قائد الثورة الاسلامیة قائلا " سلام الله وتحیاته للشهداء الغواصین المظلومین الذین حملوا رایة العزة والکرامة وجعلوها خفاقة عالیة فی سماء البلاد ".
واستطرد الامام الخامنئی یقول " سلام الله علی الأیدی المقیدة والاجساد المضطهدة وعلی الأرواح الطیبة التی انطلقت نحو الرضوان الالهی. وسلام علیکم یامن عطرتم فضاء الحیاة وبعثتم الروح فی نفوس الاحیاء. والحمد لله الذی لانهایة له ویسعف الشعب الایرانی المؤمن الموحد ببشاراته التی لایمکن انکارها وینزل برکاته علی هذا الشعب فیزیل ماعلیه من غبار. وسلام علیک أیها الشعب العظیم الوفی الواعی الذی یعمل بمسؤولیته حیث أنک تعلم جیدا الخطاب الالهی اللطیف بشکل صحیح وتستلمه ویعیش فی أعماقک".
وقال سماحته أیضا " ان حضورک الملیء بالمحتوی الذی سجلته الیوم فی تشییع هذه الکواکب المتلئلئة التی عادت الی الوطن سیبقی خالدا ویتم تسجیله ضمن الحوادث الخالدة فی تاریخ الثورة الاسلامیة ". واستطرد قائلا " فسلام الله علیکم والثناء الذی لا انقطاع له لله مالک القلوب والسلام الدائم المتواتر علی بقیة الله روحی فداه الذی یعتبر صاحب هذه الثروة العظیمة ".
عمليات الكربلاء الرابعة
"كربلاء 4" كان عنوانا لهجوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد النظام الصدامي في الحرب المفروضة وقد وقع في تاريخ 26 دسمبر 1986 في محور "أبو الخصيب" بقيادة الحرس الثوري الإيراني وانطلقت العمليات برمز "محمد رسول الله" وقد استشهد أعداد كبيرة من المجاهدين فيها بسبب مد أمريكا النظام البعثي بالمعلومات الإستخباراتية ضد الثورة الإسلامية في هذا الهجوم وهو الذي سبّب خسائر كبيرة لإيران فاضطرت على الإنسحاب.
كان الهدف من هذه الهجمة محاصرة مدينة البصرة وبالتالي الضعط على مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي بدأ عمله في الكويت.
--------
انتهى/125