وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : جواهر البحار بالتصرف
الخميس

١٨ يونيو ٢٠١٥

٨:٠٨:١٤ ص
695929

1 رمضان ذكرى قبول الإمام الرضا(ع) لولاية العهد

ما هي أسباب قبول الإمام الرضا (ع) لولاية العهد؟

يوافق اليوم الاول من شهر رمضان ذكرى قبول الإمام الرضا (ع) ولاية العهد التي عرضت عليه من قبل المأمون العباسي فهناك دوافع وأسباب لعرض ولاية العهد من قبل المأمون وقبول الإمام(ع) لهذا الأمر، تحدثنا عنها بعض الكتب والمصادر:

ابنا: قال المأمون للرضا علي بن موسى (ع) : يا بن رسول الله !.. قد عرفتُ فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك ، وأراك أحق بالخلافة مني ، فقال الرضا (ع) : بالعبودية لله عزّ وجلّ أفتخر ، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا ، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّ وجلّ .. فقال له المأمون : فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة ، وأجعلها لك وأبايعك ..

فقال له الرضا (ع) : إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك ، فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسكه الله وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك ، فقال له المأمون : يا بن رسول الله !.. لا بدّ لك من قبول هذا الأمر .

فقال : لست أفعل ذلك طائعاً أبداً .. فما زال يجهد به أياماً حتى يئس من قبوله ، فقال له : فإن لم تقبل الخلافة ، ولم تحبّ مبايعتي لك ، فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.. فقال الرضا (ع) : والله لقد حدّثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله (ص) : أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسمّ مظلوماً ، تبكي عليّ ملائكة السماء وملائكة الأرض ، وأُدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد ..

فبكى المأمون ثم قال له : يا بن رسول الله !.. ومَن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حيّ ؟.. فقال الرضا (ع) : أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلتُ ، فقال المأمون : يا بن رسول الله !.. إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ، ودفع هذا الأمر عنك ، ليقول الناس : إنك زاهدٌ في الدنيا.

فقال الرضا (ع) : والله ما كذبت منذ خلقني ربي عزّ وجلّ ، وما زهدت في الدنيا للدنيا ، وإني لأعلم ما تريد ، فقال المأمون : وما أريد ؟.. قال : الأمان على الصدق ؟..
قال : لك الأمان !.. قال : تريد بذلك أن يقول الناس :
إنّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا ، بل زهدت الدنيا فيه ، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة .. فغضب المأمون ثم قال : إنك تتلقاني أبداً بما أكرهه ، وقد آمنت سطوتي ، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك ، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك .
فقال الرضا (ع) : قد نهاني الله عزّ وجلّ أن أُلقي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الأمر على هذا ، فافعل ما بدا لك ، وأنا أقبل ذلك على أني لا أولّي أحداً ولا أعزل أحداً ، ولا أنقض رسماً ولا سنّةً ، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً ، فرضي منه بذلك ، وجعله ولي عهده كراهةً منه (ع) لذلك . (1)

قيل للإمام (ع) : يا بن رسول الله !.. إنّ الناس يقولون : إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا !.. فقال (ع) : قد علم الله كراهتي لذلك .. فلما خُيّرتُ بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ، ويحهم !.. أما علموا أنّ يوسف (ع) كان نبياً رسولاً ، فلما دفعته الضرورة إلى تولّي خزائن العزيز قال له :
{ اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم } ، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار ، بعد الإشراف على الهلاك ، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه ، فإلى الله المشتكى وهو المستعان .(2)

لما ولي الرضا (ع) العهد ، سمعته وقد رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم!.. إنك تعلم أني مُكرهٌ مضطرٌّ ، فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك ونبيك يوسف حين وقع إلى ولاية مصر . (3)

قيل للرضا (ع) : يا بن رسول الله !.. ما حملك على الدخول في ولاية العهد ؟.. فقال :
ما حمل جدي أمير المؤمنين (ع) على الدخول في الشورى.(4)

قال لي الرضا (ع) : قال لي المأمون : يا أبا الحسن !.. انظر بعض مَن تثق به تولّيه هذه البلدان التي قد فسدت علينا .. فقلت له : تفي لي وأفي لك ، فإني إنما دخلت فيما دخلت على أن لا آمر فيه ولا أنهى ، ولا أعزل ولا أولّي ولا أُسيّر حتى يقدمني الله قبلك ، فو الله إنّ الخلافة لشيءٌ ما حدّثت به نفسي ، ولقد كنت بالمدينة أتردّد في طرقها على دابتي ، وإنّ أهلها وغيرهم يسألوني الحوائج فأقضيها لهم ، فيصيرون كالأعمام لي ، وإنّ كتبي لنافذةٌ في الأمصار ، وما زدتني في نعمة هي عليّ من ربي ، فقال : أفي لك .(5)

وبهذه المناسبة أنشد أبو نواس :
مطهّرون نقيّات جيُوبهم***تُتلى الصلاة عليهم أينما ذُكروا
من لم يكن علويّاً حين تنسبه***فما له في قديم الدهر مفتخر
والله لما برا خلقا فأتقنه***صفّاكم واصطفاكم أيها البشر
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم***علم الكتاب وما جاءت به السور
فقال الرضا (ع) : قد جئتنا بأبيات ما سبقك أحدٌ إليها ، يا غلام !..هل معك من نفقتنا شيءٌ ؟.. فقال : ثلاثمائة دينار ، فقال : أعطها إياه ، ثم قال : يا غلام !.. سق إليه البغلة . (7)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)العلل 1/226 ، العيون 2/139 ، أمالي الصدوق ص68.
(2)العيون 2/139 ، أمالي الصدوق ص72.
(3)أمالي الصدوق.
(4)العيون 2/140.
(5)العيون 2/166.
(6)المناقب 4/362.
..........
انتهى / 278