وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : كتب ومواقع شيعية بالتصرف
الثلاثاء

١٢ مايو ٢٠١٥

٥:٢٨:١٣ م
689660

السلام على المعذب في مطامير السجون

25رجب ذكرى استشهاد الإمام باب الحوائج موسى بن جعفر(ع)

يوافق 25 من شهر رجب ذكرى استشهاد الإمام السابع الإمام موسى بن جعفر(ع)، هذا الإمام الهمام عانى ما عانى من حكام زمانه حتى ألقي في السجن، ودس إليه السم ومات شهيداً فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً، وهذه نبذة عن حياته...

ابنا:نسبه وكنيته وألقابه:

هو الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب والده الإمام جعفر الصادق(ع). أمّه أمّ ولد يقال لها حميدة البربرية.
كنيته: أبو إبراهيم وأبو الحسن وأبو علي، ويعرف بالعبد الصالح، وينعت أيضاً بالكاظم. ومن أشهر كناه أبو الحسن الأوّل وأبو الحسن الماضي. ولقّب بالكاظم لكظمه عمّا فعل به الظالمون من التنكيل والإرهاق... ويعرف في بين الشيعة بـباب الحوائج.
ولادته:
ولد في منطقة تسمى بالأبواء وهي تقع بين مكة والمدينة في السابع من صفر 128 أو 129 للهجرة النبوية.
أوصافه :
وصف رواة الأثر ملامح صورة الإمام موسى بن جعفر فقالوا: كان أسمر اللون، وقالوا: كان ربع القامة، كثّ اللحية، حسن الوجه، نحيف الجسم .
أما عن صفاته الخلقية: فهو ابن الأوصياء، حاكي في هيبته ووقاره هيبة الأنبياء، فما رآه أحد إلا هابه وأكبره لجلالة قدره، وسموّ مكانته، وحسن سيرته، وكريم أخلاقه.
ومرّة التقى به شاعر البلاط العباسي أبو نواس فانبهر بأنواره فانطلق يصوّر هيبته ووقاره بأبيات قال فيها:
إذا أبصرتك العين من غير ريبة وعارض فيك الشـك أثبتك القلب
ولو أن ركـباً أممـوك لقادهم نسيـمك حــتى يستدل بك الركب
جعلتك حـسبي فـي أموري كلها وما خاب من أضـحى وأنت له حسب
أولاده:
كان الإمام كشجرة مباركة ميمونة فهو أكثر أئمة أولاداً وذرية، وقد اختلفت كلمة المؤرخين في عدد أولاده، فمنهم كـالشيخ المفيد أوصلهم إلى سبعة وثلاثين موزعين على ثمانية عشر ولداً ذكراً وتسع عشرة أنثى، وهم:
1. علي بن موسى الرضا 2. إبراهيم 3. عباس 4. قاسم. 5. إسماعيل 6. جعفر7. هارون 8. حسين 9. أحمد10. محمد 11.حمزة. 12. عبد الله 13. إسحاق 14.عبيد الله 15. زيد 16. الحسن 17. الفضل 18.سليمان 19. فاطمة الكبرى20. فاطمة الصغرى 21. رقية 22. حكيمة 23. أم أبيها 24. رقية الصغرى 25. كلثم 26.أمّ جعفر 27. لبابة 28. زينب 29.خديجة 30. علية 31. آمنة 32. حسن 33. بريهة 34. عائشة 35. أمّ سلمة 36.ميمونة 37.أم كلثوم.

وكان أفضل وأنبه وأعظم أولاد الإمام باب الحوائج (ع) قدراً وأعلمهم وأجمعهم فضلاً هو الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا (ع) المدفون بطوس مدينة مشهد المقدسة في إيران، كما كان ولده أحمد بن موسى المدفون بـشيراز كريماً جليلاً ورعاً، وعلاوة عليه السيد محمد بن موسى المدفون بشيراز أيضاً كان من أهل الفضل والصلاح، وكذلك السيد إبراهيم بن موسى سخياً شجاعاً كريماً، وإضافة على ما تقدم فمن أبرز أولاد هم:

حسين بن موسى المدفون في شيراز.
حمزة بن موسى دفن في الري.
فضل بن موسى المدفون في مدينة آوة.
سليمان بن موسى المدفون في آوه.
هارون بن موسى دفن في مدينة ساوة وسط ايران.
إسحاق بن موسى المدفون في ساوة.
عبدالله بن موسى دفن في مدينة اوجان.
قاسم بن موسى مرقده في مدينة الحلة وسط العراق.
ومن أشهر بناته السيدة فاطمة المعصومة التي لها مرقد معروف في مدينة قم وسط ايران.
وينتشر اليوم في شتّى بقاع العالم الإسلامي شبكة عريضة من أحفاد الإمام وذراريه من السادة الموسوية.
نقش خاتمه: الملك لله وحده.

عبادته:
اتفق الناس على أن الإمام الكاظم عليه‌السلام كان أعبد أهل زمانه ، ولقب بالعبد الصالح لكثرة عبادته وشدة انقطاعه إلى ربه ، وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين ، إذ لم يرَوا نظيراً له في الطاعة لله والاجتهاد في العبادة والتقوى ، فقد عبد ربه حتى بدت عليه سيماء المخلصين ، على ما وصف المأمون ، فاصفر وجهه ، وضعف بدنه ، وكلم السجود جبهته وأنفه.
روي أنه عليه‌السلام كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ، ثم يعقب حتى تطلع الشمس ، ويخرّ لله ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتمجيد حتى يقرب زوال الشمس ، وكان يدعو كثيراً فيقول : « اللهمّ إني أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب ».
وكان عليه‌السلام يعرف بحليف السجدة الطويلة والدمعة الغزيرة ، كما ورد في زيارته ، روي أنه دخل مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسجد ليلة من العشاء إلى الفجر سجدة واحدة ، سمع يقول فيها عليه‌السلام : « عظم الذنب من عبدك ، فليحسن العفو من عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة » ، وجعل يرددها حتى أصبح .
وروي عنه أنه كان يستغفر الله في كل يوم خمسة آلاف مرة.
وقد روى الناس عنه فأكثروا، وكان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب اللّه وأحسنهم صوتاً بالقرآن، وكان اذا قرأه يحزن ويبكي السامعون بتلاوته وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين.
احتجاجه مع هارون الرشيد:
قيل أن الرشيد سأله يوماً فقال: كيف قلتم نحن ذرية رسول الله(صلى الله عليه وآله)وأنتم بنو علي، وإنما ينسب الرجل إلى جده لأبيه دون جده لأمه؟
فقال الكاظم(ع):

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

(ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك يجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى) ، وليس لعيسى أب، وإنما ألحق بذرية الأنبياء من قبل أمه، وكذلك أُلحقنا بذرية النبي(صلى الله عليه وآله) من قبل أمنا فاطمة.
من كراماته:
عن محمد بن الحسين بن علي عن حسان الواسطي ، عن موسى بن بكر قال : دفع إليّ أبو الحسن الأول (ع) رقعة فيها حوائج وقال لي : إعمل بما فيها ، فوضعتها تحت المصلّى ، وتوانيت عنها ، فمررت فإذا الرقعة في يده ، فسألني عن الرقعة فقلت : في البيت ، فقال : يا موسى إذا أمرتك بالشيء فاعمله.
من معاجزه في عهد الصغر:
وفي ثاقب المناقب، قال اشتهر عند الخاص والعام من حديث ابي حنيفة حين دخل دار الصادق (عليه السلام) فرأى موسى (عليه السلام) في دهليز داره وهو صبيّ، فقال في نفسه : ان هؤلاء يزعمون انهم يعطون العلم صبية وانا اسبر ذلك، فقال له يا غلام اذا دخل الغريب بلدة، اين يحدث، فنظر اليه نظر مغضب وقال : يا شيخ اسأت الأدب، فاين السلام، قال : فخجلت ورجعت حتى خرجت من الدار وقد نَبُلَ في عيني، ثم رجعت اليه وسلمت عليه وقلت : يا ابن رسول اللّه، الغريب اذا دخل بلدة اين يحدث، فقال: يتوقى شطوط البلد (الأنهار) ومشارع الماء، وفيء النُزَّال، ومسقط الثمار، وافنية الدور، وجاد الطرق، ومجاري المياه ورواكدها، ثم يحدث اين شاء، قال، قلت : يا ابن رسول اللّه ممن المعصية، فنظر الي وقال : اما أن تكون من اللّه او من العبد او منهما معاً، فان كانت من اللّه فهو اكرم ان يؤاخذه بما لم يجنه، وان كانت منهما فهو اعدل من ان يأخذ العبد بما هو شريك فيه، فلم يبق الا أن يكون من العبد، فان عفا فبفضله، وان عاقب فبعدله، قال ابو حنيفة فاغرورقت عيناي وقرأت : ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم.
منزلته:
جسّد الإمام الكاظم عليه السلام دور الإمامة بأجمل صورها ومعانيها، فكان أعبد أهل زمانه وأزهدهم في الدنيا وأفقههم وأعلمهم. وكان دائم التوجّه لله سبحانه حتى في أحرج الأوقات التي قضاها في سجون العباسيين حيث كان دعاؤه "اللهمَّ إنكَ تعلمُ أَني كنتُ أسألُكَ أنْ تفرِّغَنِي لعبادتِكَ وقدْ فعلْتَ فلكَ الحمدُ".
كما كان للإمام عليه السلام مكانة مرموقة على صعيد معالجة قضايا العقيدة والشريعة في عصره. حيث برز في مواجهة الاتجاهات العقائدية المنحرفة والمذاهب الدينية المتطرفة والأحاديث المدسوسة من خلال عقد الحلقات والمناظرات الفكرية.
وكتب الإمام الكاظم عليه السلام رسالة لهارون العباسي تفوح منها رائحة الصمود والصبر والعزيمة جاء فيها: "... لا يمرُّ عليَّ يومٌ بالصعوبةِ والعسرِ إلا ويمرُّ عليكَ بالسهولةِ والرفاهِ، فانتظرْ حتّى ننتقلَ نحنُ الاثنينِ إلى يومِ لا نهايةَ لهُ، وفي ذلكَ اليومِ يخسرُ المجرمون..."
من أقواله عليه السلام:
- "إنَّ أهلَ الأرضِ لمرحومونَ ما تحابُّوا، وأدَّوا الأمانةَ، وعملوا بالحق".
- "التودُّدُ إلى الناسِ نصفُ العقل".
- "كُلَّما أحدثَ الناسُ مِنَ الذنوبِ ما لَمْ يكونوا يعملونَ، أَحْدَثَ اللهُ لهُمْ مِنَ البلاءِ ما لَمْ يكونوا يعدّون".
- "وجدْتُ علمَ الناسِ في أربعٍ: أولُها: أن تعرفَ ربَّكَ، والثانيةُ: أنْ تعرفَ ما صنعَ بكَ، والثالثةُ أن تعرفَ ما أرادَ منكَ، والرابعةُ أن تعرف ما يخرجُكَ من دينِك".
- وقال لعلي بن يقطين : كفارة عمل السلطان الاحسان الى الاخوان.
- وقال: واللّه ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن اقتصد وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بذر واسرف زالت عنه النعمة، واداء الامانة والصدق يجلبان الرزق، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق، وإذا أراد اللّه بالنملة شراً أنبت لها جناحين، فطارت فأكلها الطير.
إسهاماته (ع) في علم الطب :
للإمام الكاظم عليه‌السلام إرشادات كثيرة تنضوي تحت علم الطب ، منها مواصفات لبعض الأدوية والأغذية وعلاجات لبعض الأمراض ، وقد جمع زميلنا الأستاذ شاكر شبع في كتابه الموسوم ( طب الإمام الكاظم عليه‌السلام ) كل ما ورد عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه‌السلام من حديث يتعلق بعلم الطب ، وجعل في هامش كتابه دراسة وافية ومقارنة بين طبه عليه‌السلام والطب الإسلامي والعربي واليوناني.
وفيما يلي بعض ما ورد عنه (ع) من إرشادات طبية عامة :
قال أبو الحسن الأول عليه‌السلام : « ادفعوا معالجة الأطباء ما اندفع الداء عنكم ، فإنه بمنزلة البناء قليله يجر إلى كثيره » .
وعن عثمان الأحول ، قال : « سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : ليس من دواء إلاّ وهو يهيج داء ، وليس شيء في البدن أنفع من إمساك اليد إلاّ عما يحتاج إليه » .
عن عمرو بن إبراهيم ، قال : « سمعت أبا الحسن يقول : لو أن الناس قصدوا في المطعم ، لاستقامت أبدانهم »
وقال أبو الحسن عليه‌السلام : « الحمية رأس كل دواء ، والمعدة بيت الأدواء ، وعوِّد بدنك ما تعوَّد »
وعن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، قال : « ليس الحمية أن تدع الشيء أصلاً لا تأكله ، ولكن الحمية أن تأكل من الشيء وتخفف »
قال العالم عليه‌السلام : « الحجامة بعد الأكل؛ لأنه إذا شبع الرجل ثم احتجم اجتمع الدم وخرج الداء ، وإذا احتجم قبل الأكل خرج الدم وبقي الداء » .
وعن حمزة بن الطيار ، قال : « كنت عند أبي الحسن الأول عليه‌السلام ، فرآني أتأوّه ، فقال : ما لك ؟ قلت : ضرسي. فقال : احتجم. فاحتجمت فسكن ، فأعلمته ، فقال لي : ما تداوى الناس بشيء خير من مصة دم أو مزعة عسل. قلت : جعلت فداك ، ما المزعة عسل ؟ قال : لعقة عسل ».
شهادته عليه السلام:
أمضى الإمام الكاظم عليه السلام في سجون هارون العباسي ما يقارب 14 سنة متقطعة، حتى أعيت هارون فيه الحيلة ويئس منه فقرر قتله، وذلك بأن أمر بدس السم له في الرطب فاستشهد سلام الله عليه في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183هـ، ودُفن في مقابر قريش حيث مرقده الآن في مدينة الكاظمية.
مما قيل فيه من شعر:
الحاج محمد جواد البغدادي الذي سعى إلى ضريح الإمام في حاجة يطلب قضاءها، فقال:

يا سميّ الكليم جئتك أسعى ====نحو مغناك قاصداً من بلادي
ليس تُقضى لنا الحـوائج إلا=== عند باب الرجاء جد الجواد

فخمّسها عباس البغداد وقال:

لم تزل للأنام تحسن صنعا ====وتجير الذي أتاك وترعى
وإذا ضاقت الفضا بي ذرعاً=== يا سميّ الكليم جئتك أسعى
والهوى مركبي وحبّك زادي
أنت غيث للمجدبين ولولا===فيض جدواكم الوجود اضمحلا
قسماً بالذي تعالى وجلا ====== ليس تُقضى لنا الحوائج إلا
عند باب الرجاء جد الجواد

وممن نظم في ذلك الشاعر عبد الباقي العمري فقال:

لُذْ، واستجر متوسلاً ===إنْ ضاق أمرك أو تعَسَّرْ
بأبي الرضا جَدِّ الجوادِ ===محمدٍ موسى بن جعفرِ


.........
انتهى/278