ابنا: عندما وقف أبو مصعب السوري ذات يوم يحدث أنصاره عن اليمن، كانت هذه البقعة الجغرافية من "أرض الجزيرة العربية" كما يصفها، مجهولة لدى العديد من الجهات الإقليمية والدولية، غير أن هذا الرجل الذي يعد من أهم وأبرز منظري القاعدة الأحياء، ألف كتاباً حولها، حفظه قادة تنظيم القاعدة عن ظهر قلب، كيف لا، وهي قلعة العالم العربي، وفق ما يقول.
استهل ابو مصعب السوري حديثه في كتابه "مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم"، بتحديد الرقعة الجغرافية للبلاد، على أنها جزء لا يتجزأ من الجزيرة العربية، مع ما يعنيه هذا الأمر من حق الشعب اليمني بثروات الجزيرة العربية، خصوصاً وأنهم يعدون الغالبية العظمى من حيث العدد السكاني في "جزيرة العرب" ككل، وأفقرهم.
واعتبر السوري ويدعى أيضاً "عمر عبد الحكيم"، أن الطبيعة الجبلية الحصينة في اليمن "تجعل منها القلعة الطبيعية المنيعة لكافة أهل الجزيرة بل لكافة الشرق الأوسط فهي المعقل الذي يمكن أن يأوي إليه أهلها ومجاهدوها، وهذا ثابت في تاريخ اليمن العسكري".
وشدد السوري على أن من واجب أهل اليمن "تطهير المقدسات واسترجاع الثروات المنهوبة من أهل الجزيرة"، وعلى أن "الجهاد المنطلق من أرض اليمن، جهاد إسلامي عام"، واستدل بحكم الواقع الجغرافي للبلاد، على أن "اليمن قاعدة والجزيرة كلها ساحة العمليات الأساسية، التي يجب أن تمتد من حين لآخر في كل مكان لصالح هذه الحرب المقدسة الإسلامية العامة".
وبعد أن حدد السوري في كتابه، مصادر التمويل لمعركته المنطلقة من اليمن بـ "أموال المرتدين من الأمراء والملوك والسلاطين والحكومات العميلة"، و"أموال الصليبيين والنصارى من الشركات الاستعمارية"، وإشارته إلى أن البلاد تشرف على واحد من "أهم مضائق العالم، وسفن وناقلات نفط الكفار تعبر كل يوم بالمئات بالرزق والمال"، حدد الأهداف العسكرية التي يجب استهدافها، وهي "كافة أشكال تواجد اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب"، على الشكل التالي.
1- مراكز التبشير والتنصير والتأثير الثقافي.
2- التواجد الاقتصادي: شركات وخيراء نهب الثروات، ثم مندوبي وموظفي شركات بيع منتوجات الغرب الأجانب.
3- التواجد الديبلوماسي: سفارات وقنصليات وبعثات أجنبية ديبلوماسية مختلفة.
4- المستشارين الأمنيين وفروع استخبارات صليبية معاونة للحكومات المرتدة.
5- القواعد العسكرية الأجنبية ولا سيما التابعة لحلف الناتو وأفرادها وعوائلهم المقيمين معهم في الجزيرة.
6- السياح والمسافرون والعابرون لشؤون شتى.
ومن خلال ما ورد في هذا الكتاب "الدستور" لدى مسلحي القاعدة، يتضح المشروع، بتحويل أرض اليمن إلى منطلق لمجمل العمليات العسكرية، في العالم الإسلامي، بهدف السيطرة على مقدسات المسلمين، التي قد يلحق بها الهدم والتفجير، بحجة أنها "تعبد من غير الله"، وتتحول ثرواتهم إلى مغانم بيد أمراء حرب، وبلادنا الى ساحة مواجهة بين الأمراء أنفسهم، إذا ما تم "التمكين" لهم، كما يجري في العديد من البلدان، وأبرزها سوريا وليبيا.
الولاء للقاعدة الأم
ويعتبر فرع تنظيم القاعدة في اليمن، أشد ولاءً للقاعدة الأم من باقي الفروع، وأشد تمسكاً بمبادئ التنظيم العالمي، وأهدافه، ويقال إنه "إن لم تكن قاعدة في اليمن فلا قاعدة في كل العالم"، كما أن عائلة أسامة بن لادن تتحدر من مدينة حضرموت اليمنية، قبل أن تهاجر إلى السعودية في العالم 1930، ودلالة أخرى على أهمية يمنيي القاعدة أيضاً، هو أنهم كانوا من أبرز مرافقي بن لادن، ومن دائرته الضيقة.
أحد عناصر هذه الدائرة هو أمير قاعدة اليمن ناصر الوحيشي" أبو بصير، الوزير الخاص لبن لادن، صاحب العقلية "الزرقاوية" كما يقولون، والذي نفذ هجوماً على منشأة نفطية عام 2006، بتوجيه من أمير قاعدة العراق انذاك، أبو مصعب الزرقاوي.
خطر قاعدة اليمن تدركه جيداً السلطات الحاكمة في الرياض، التي لطالما أعلنت على المنابر أن "الإرهاب ينبع من اليمن وينتقل إلى المملكة"، في إشارة إلى مسلحي القاعدة، ومع معرفتها بأخطار هذا التنظيم على المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فإنها تشن حروباً عبثية على مسالمي اليمن، وفقرائه، وتتغاظى عن خطر القاعدة الكبير في هذه البقعة الجغرافية على جميع المسلمين، وتقدم لها الدعم، في معركة، قد تنذر تداعياتها بما هو أسوء على الجزيرة العربية، والعالم الإسلامي ككل.
اليمن وفق منظري القاعدة قلعة العالم العربي، والعراق بوابته الخلفية، وهذا ما يفسر التعاون الوثيق بين الزرقاوي والوحيشي، وذلك في إطار مشروع القاعدة العالمي، بالسيطرة على البلاد العربية بالرعب والقتل وفق مبدأ "قتال العدو القريب"، أي الرافضين والمخالفين لمشروعهم من المسلمين أولاً ... مشروع واحد وإن تغيرت التسميات والقادة، "داعش، جبهة النصرة، أحرار الشام، أنصار الشريعة" ...
-------
انتهى/125