ابنا: اربعينية الامام الحسين ع وشهداء فاجعة كربلاء ..
مر على استشهاد الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام وأهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه (عليهم السلام) مايقارب الأربعون يوماً، وقَدْ قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال، أحياءً وأمواتاً، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم، وإظهار الحُزن عليهم، لا سِيَّما من بذل نفسه وجاهَد، حتى قُتِل لمقصدٍ سَامٍ، وغَايَةٍ نَبيلة، وقد جرت على ذلك الأمم في كلِّ عصرٍ وزمان، فحقيق على المسلمين بل جميع الأمم أن يقيموا الذكرى في كل عام للإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، وإحياء هذا اليوم المشهود قد أصبح من شعائر الله تعالى ومن أجزاء التاريخ .
فإن الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام قد جمع أكرم الصفات،،
وأحسن الأخلاق ،،
وأعظم الأفعال ،،
وأجلَّ الفضائل والمناقب ،،
علما وفضلا ، وزهادة وعبادة ،
وشجاعة ، وسخاء وسماحة،
ومقاومة للظلم ،
وقد جمع إلى كرم الحسب شرف النسب وهو نسب حبيب إله العالمين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ..
وقد جاهد الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام لنيل أسمى المقاصد ، وأنْبل الغايات ،
وقام بما لم يَقُم بمثله أحد ..
فبذل عليه أفضل الصلاة والسلام نفسه ،
ومالَه وآلَه (عليهم السلام) وأصحابه (عليهم السلام) ،، في سبيل إحياء الدين ،، وإظهار فضائح المنافقين ،، واختار المنيَّة على الدنيَّة ، وميتة العز على حياة الذل ، ومصارع الكرام على اللئام ..
فأمن الحق أن تقام له عليه أفضل الصلاة والسلام الذكرى على ما جرى عليه في كل عام ،
بل وفي كل يوم ،
وتبكي له العيون بدل الدموع دمـــا ..
ونحن وفي هذه الذكرى الأليمة نرى في جميع انحاء العالم كم من الزائرين الموالين والمواليات سواء عن قرب او عن بعد ،، جاؤوا يحملون اللوعة والحرارة في زيارتهم للإمام للحسين عليه أفضل الصلاة والسلام
في هذه الذكرى الأربعينية لأبي عبد الله الإمام الحسين (عليه السلام) ..
فكيف لاتكون اللوعة والتآسي بهذه المصيبة الألمية منا نحن المحبين للإمام الحسين (عليه السلام) بهذه الذكرى ،،
فقد حث أهل بيت النبوة عليهم أفضل الصلاة والسلام شيعتهم وأتباعهم ومحبيهم
على إقامة الذكرى لهذه الفــاجعة الألمية في كل عام ،
فهم نعم القدوة وخير من اتبع صلوات الله عليهم أجمعين ..
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فقد قال الإمام الحسين (عليه السلام): (انا قتيل العبرة ما ذكرت عند مؤمن الا ودمعت عيناه)..
وفقد بكى الإمام زين العابدين (عليه السلام) على مصيبة أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) ثلاثين سنة ..
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يبكي لتذكُّر المصيبة ، ويستنشد الشعر في رثائه ويبكي ..
وكان الإمام الكاظم(عليه السلام) إذا دخل شهر محرم لا يُرَى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلُبُ عليه ..
وقال الإمام الرضا (عليه السلام) ( إنَّ يَومَ الحسين أقرحَ به جُفونَنا ، وأسال دموعنا ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ) ..
ونحن نقول كلنا بصوت واحد ..
سيدي يا أبا عبد الله
سيدي إن فاتنا السعي إليك ،،
لترانا صرعا بين يديك ،،
لم يفتنا الوجد والنوح عليك ،، أبد الدهر وجذب الحسرات ..
:: فضل يوم الأربعين ::
إن لأربعينية الأمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام
أصول وجذور ، فقد ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله:
إنّ الأرض لَتبكي على المؤمن أربعين صباحاً ..
وجاء عن الإمام الباقر عليه السلام:
إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً..
تطلع حمراء، وتغرب حمراء ..
وكما ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قولُه: إنّ السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة...
وإنّ الملائكة بكت عليه أربعين صباحاً..
ولمّا كانت مزايا الإمام الحسين عليه السلام وفجائعه لاتُحدّ.. لم تتوقّف هذه السُّنّة الشريفة، وهي إحياء مناسبة زيارته من قِبل أسرته. قال الشيخ المجلسيّ: عن المناقب: ذكر الشريف المرتضى في بعض مسائله أنّ رأس الحسين عليه السلام رُدّ إلى بدنه بكربلاء من الشام، وضُمّ إليه. وقال الشيخ الطوسيّ: ومنه
«زيارة الأربعين».
ويمضي الموالون لأهل البيت عليهم السلام على تجديد العهد في يوم الأربعين من كلّ سنة ، يتذكّرونه ويُذكّرون به ، ويتثبّتون على أصله في حديث الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام: علامات المؤمن خمس:
صلاة الإحدى والخمسين (وهي الفرائض اليوميّة مع النوافل) ، وزيارة الأربعين (وهي زيارة الحسين سلام الله عليه في أربعينيّة شهادته، والألف واللام في كلمة الأربعين تُسمّى للعهد، فهي زيارة معهودة مشهورة)،
والتختّم باليمين (التزاماً بسُنّة النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم)،
وتعفير الجبين (بالسجود على الأرض؛ خضوعاً لله تعالى وتذلّلاً في محضره القدسيّ)،
والجهر بـ «بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم» (وذلك وجوباً في الصلاة الجهريّة)..
فهذه هي علامات المؤمن المسلّم لأوامر الله تعالى، ومنها موالاةُ أوليائه ومودّتُهم
وقد قال الله تعالى : "قُلْ لا أسألُكم عليهِ أجراً إلاّ المودّةَ في القُربى"،،
والإمام الحسين (عليه السلام) من أقرب قُربى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ومن مصاديق المودّة: إحياءُ الذكرى، والمواساة مع التأسيّ ، والتفاعل الروحيّ والقلبيّ بسيرته وماجرى عليه صلوات الله عليه.
وهذا من خصوصيّات المؤمن الموالي والمحبّ المخلص، يكون فيه علامةً تُميّزه عن عامّة الناس، إذْ زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم أربعينه ممّا يدعو إليها الإيمانُ الخالص والولاء الخالص لأهل البيت عليهم السلام، ويؤكّدها الشوق الحسينيّ ، ولايوفَّق إلى ذلك إلاّ خصوص المشايعين له والسائرين على منهاجه وأثره.
ونذكر هنا قصة الصحابي الجليل جابر الأنصاري في الأربعين ..
قال عَطا : كنت مع جابر بن عبد الله الأنصاري يوم العشرين
من صفر ،
فلمَّا وصَلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها ،
ولبس قميصاً كان معه طاهراً ،
ثم قال لي : أمَعَكَ من الطيب يا عَطا ؟
قلت : معي سُعد .
فجعل منه على رأسه وسائر جسده ،
ثم مشى حافياً حتى وقف عند رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وكَبَّر ثلاثاً ، ثم خرَّ مغشياً عليه ،
فلما أفاق سَمِعتُه يقول :
السلام عليكم يا آلَ الله ( بحار الأنوار 101 / 329 ) .
وكان يزيد قد أمر بِرَدِّ سبايا الحسين ( عليه السلام ) إلى المدينة ،
وأرسل معهم النعمان بن بشير الأنصاري في جماعة .
فلمَّا بلغوا العراق ،
قالوا للدليل : مُر بنا على طريق كربلاء ،
وكان جابر بن عبد الله الأنصاري ، وجماعة من بني هاشم قد وردوا لزيارة قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
فبينا هُم كذلك إذ بِسَوادٍ قد طلع عليهم من ناحية الشام .
فقال جابر لعبده : اِنطلق إلى هذا السواد وآتِنَا بخبره ، فإن كانوا من أصحاب عُمَر بن سعد فارجع إلينا ، لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ ، وإن كان زين العابدين ( عليه السلام ) فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى .
فمضى العبد ، فما أسرع أن رجع وهو يقول : يا جابر ، قمْ واستقبل حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، هذا زين العابدين قد جاء بِعَمَّاته وأخواته .
فقام جابر يَمشي حافي الأقدام ،
مكشوف الرأس ،
إلى أن دنا من الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ،
فقال ( عليه السلام ) : ( أنْتَ جَابِر ؟ ) .
فقال : نعم يا بن رسول الله .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا جَابر هَا هُنا واللهِ قُتلت رجالُنا ، وذُبحِت أطفالُنا ، وسُبيَتْ نساؤنا ، وحُرقَت خِيامُنا ) .
وفي كتاب الملهوف : إنهم توافوا لزيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن ، وأقاموا المأتم ، واجتمع عليهم أهل ذلك السواد ، وأقاموا على ذلك أياماً ( أعيان الشيعة 1 / 617 ) .
وقد روي الزيارة في هذا اليوم على نحوين ، أحدهما ما رواه الشّيخ في التّهذيب والمصباح عن صفوان الجمّال قال : قال لي مولاي الصّادق صلوات الله عليه في زيارة الاربعين: تزُور عند ارتفاع النّهار وتقول
وبعدها تصلّي ركعتين وتدعو بما أحببت وترجع ..
كربلا عاد نداها . فارفعوا اليوم لواها .
واهتفوا لبيك مولانا حسين .
مأجورين وجعلنا الله من الملبين لهذا النداء .
وأخيرا لنجدد ذكرى الأربعين والتي تأتينا لتجدد فينا دماء الحسين الشهيد ..
تجدد فينا دماء الحق ..تجدد فينا دماء الطهارة ورفض الظلم ..تجدد فينا دماء لإحياء الدين .. تجدد فينا خطبة العقيلة زينب (عليها السلام) .. تجدد فينا حركة العقيلة زينب الإعلامية ..
فعظم الله لك الأجر سيدي يارسول الله
عظم الله لك الأجر سيدي يا أميرالمؤمنين
عظم الله لك الأجر سيدتي يافاطمة الزهراء
عظم الله لكم الأجر يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة
عظم الله لك الأجر يا بقية الله في أرضه
وخليفته المهدي المنتظر أرواح العالمين لك الفداء
وعجل الله تعالى لك الفرج وجعلنا من انصارك وأعوانك والمجاهدين تحت لوائك
والمستشهدين يديك في جملة أوليائك
برحمتك ياالله ياالله ياالله ويا أرحم الراحمين ..
فلتسجد الارض خشوعا ولتذرف السماء
دموعا ولتنحني الجبال ركوعا ولتهتف الناس
جميعا " لبيك يا حسين " عظم الله لكم الاجر
بذكرى اربعينيةالامام "الحسين" (عليه السلام )
...................
انتهى / 232
المصدر : ابنا
الثلاثاء
٩ ديسمبر ٢٠١٤
٧:٣٨:٢٧ ص
656973
مر على استشهاد الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام وأهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه (عليهم السلام) مايقارب الأربعون يوماً، وقَدْ قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال، أحياءً وأمواتاً، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم، وإظهار الحُزن عليهم، لا سِيَّما من بذل نفسه وجاهَد، حتى قُتِل لمقصدٍ سَامٍ، وغَايَةٍ نَبيلة، وقد جرت على ذلك الأمم في كلِّ عصرٍ وزمان، فحقيق على المسلمين بل جميع الأمم أن يقيموا الذكرى في كل عام للإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، وإحياء هذا اليوم المشهود قد أصبح من شعائر الله تعالى ومن أجزاء التاريخ .