الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أبو عبد الله ولد في المدينة في السنة الرابعة للهجرة واستشهد في كربلاء سنة 61 هـ ق، هو الإمام الثالث للمسلمين الشيعة.
من أشهر القابه: سيد الشهداء، وشهيد كربلاء وخامس أصحاب الكساء وسبط الرسول الاعظم (ص) والشهيد السعيد، والسبط الثاني، والإمام الثالث. وهو المولود الثاني لفاطمة (ع). وصفه جدّه المصطفى (ص) مع أخيه الحسن (ع) بسيدي شباب أهل الجنة. شارك في معارك الجمل وصفين والنهروان التي خاضها مع أبيه (ع) في مواجهة الناكثين والقاسطين والمارقين.
خضع لإمامة أخيه الحسن (ع) ملتزما ببنود الصلح ما دام معاوية حيّاً، إلا أنه رفض إضفاء الشرعية على حكم يزيد بن معاوية، وتوجّه على إثرها الى الكوفة استجابة لدعوة الكوفيين الا أنه جوبه بخيانتهم وتنصلهم عن المواثيق والعهود التي أبرموها معه (ع) واستشهد ومعه اثنين وسبعين من أنصاره وسيقت نساؤه وذراريه أسارى من الكوفة الى الشام.
وكان لحركته (ع) دور فاعل في تغيير مسار التاريخ الاسلامي عامة والشيعي خاصة، حيث استطاع (ع) كسر حاجز الخوف والرهبة من بطش الأمويين وأعاد للأمّة الاسلامية إرادتها وبعث فيها روح الفداء والتضحية حتى توالت الثورات بعد شهادته فضلا عن الانعكاسات التي خلقتها الثورة في شتى مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية في المجتمع الإمامي وعلى مستويات الفكر والفن والسياسة و...
نسبه، كنيته وألقابه
الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، الهاشمي القرشي. أبوه أمير المؤمنين (ع) وأمّه فاطمة بنت رسول الله (ص).
تسميته
ورد في المصادر الشيعية أنّ النبي الأكرم(ص) هو الذي سماه- وبأمر من الله تعالى- حسيناً.حيث قال (ص): «إنّي اُمرتُ أن اسمَي ابنَيَّ هذين حسناً وحسيناً». وفي رواية أخرى أن النبي (ص) قال: «يا فاطمة اسم الحسن والحسين في اسم ابني هارون شبر وشبير لكرامتهما على الله عزوجل». وفي رواية أخرى: إنّ اسم الحسين في التوراة شبير، وفي الانجيل طاب.
وقد أكّدت الروايات أن الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة. لم يكونا في الجاهلية.
روى ابن سعد في الطبقات عن سماك بن حرب أن أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب قالت: «يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم كأن عضوا من أعضائك في بيتي». قال: خيرا رأيت. تلد فاطمة غلاما و ترضعينه بلبان ابنك قثم بالعباس.
كناه
يكنى بأبي عبد الله وهي الكنية التي كناه بها رسول الله (ص) كما هو المشهور بين المؤرخين والرجاليين. بالقول: بأنّه (ع) يكنى لدى الخاص بأبي علي وأبي الشهداء وأبي الاحرار وأبي المجاهدين.
ألقابه
اشترك الإمام الحسين (ع) مع أخيه في مجموعة من الألقاب وانفرد بالقاب أخرى منها: الزكي، الطيّب، الوفي، السيد والمبارك. النافع، الدليل على ذات الله، الرشيد والتابع لمرضاة الله.
وذكر ابن طلحة الشافعي إنّ من أشهر ألقابه الزكي ومن أهمها سيد شباب أهل الجنة.
ولقب (ع) في بعض الروايات الشيعية بالشهيد تارة وسيد الشهداء تارة أخرى.
ولادته وشهادته
ولد (ع) في المدينة المنورة في السنة الثالثة وفي رواية أخرى في السنة الرابعةوهو المشهور بين المؤرخين والمحدثين، وذلك في اليوم الثالث من شعبان.
شهادته
استشهد الإمام الحسين (ع) لعشر خلون من المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة على أرض كربلاء (نينوى) من بلاد العراق. يوم الجمعة وقيل: إن مقتله كان يوم السبت وفي رواية الأحد وهناك من حددها بيوم الأثنين. والمشهور الرأي الأول. وقال أبو الفرج الأصفهاني بعد أن استعرض الأقوال في شهادته: فأما ما تقوله العامة إنه قتل يوم الاثنين فباطل وهو شيء قالوه بلا رواية وكان أوّل المحرم الذي قتل فيه يوم الأربعاء، أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات وإذا كان ذلك كذلك فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر يوم الاثنين. وكانت سنّه يوم قتل ستاً وخمسين سنة وخمسة شهور وقيل سبعا وخمسين وخمسة شهور وفي رواية ثمان وخمسون سنة.
زوجاته وأبناؤه
كان للحسين (ع) ستة أولاد علي بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمد وأمّه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد. وعلي بن الحسين الأصغر وأمّه ليلى بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود الثقفية.. وعبد الله بن الحسين (ع). وسكينة بنت الحسين وأمها الرباب بنت إمرئ القيس بن عدي. وفاطمة بنت الحسين وأمّها أمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية، وجعفر بن الحسين وأمّه قضاعية. واثبتها البيهقي مَلومة، ولم يصلنا شيء من حياتها.
وذكر الشيخ عباس القمي له (ع) زوجة أخرى لم يسمها هي التي أسقطت جنينها على مشارف مدينة حلب.
فله (ع) – حسب هذه الرواية- أربعة من الذكور وبنتان فيما ذهب جماعة منهم العلامة محسن الأمين وابن الخشاب الى القول بأن له (ع) ستة من الذكور وثلاث بنات، فيما ذهب ابن شهر آشوب في المناقب والإربلي في كشف الغمة الى القول بانه (ع) أعقب عشرة، ستة من الذكور وأربع بنات. وهناك من أثبت أكثر من ذلك.
والملاحظ أن المصادر المتقدمة تبنّت الرأي القائل بأن مجموع أبنائه ستة أربعة من الذكور وبنتان، فيما تبنّت المصادر المتأخرة القول بأنّه (ع) ترك ستة من الذكور وثلاث بنات. ومن هنا تعرضت المصادر المتاخرة لكل من علي الأصغر ومحمد وزينب. يضاف الى ذلك أن ابن طلحة الشافعي وإن ذهب الى القول بأنّ أبناءه (ع) عشرة الا أنّه لم يذكر منهم الا تسعة.
يضاف الى ذلك أنّ بعض مصادر الرثاء المتأخرة نسبت له (ع) بنتا اسمها رقيّة توفيت ولها من العمر أربع سنين.
ومن ها يمكن الاشارة الى ابنائه وفقا لاختلاف الروايات، بالنحو التالي:
1. أبو محمد، علي بن الحسين (الأکبر)(ع)، أو علي الأوسط، الإمام الرابع للشيعة، والملقب بالسجاد والمعروف بزين العابدين، أمّه شهربانو بنت يزدجرد ملك ایران.
2. علي بن الحسين (الاصغر)، المعروف بعلي الأكبر استشهد مع أبيه في كربلاء وأمّه لیلی بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفية.
3. جعفر بن الحسين، أمّه من قضاعة توفي في حياة أبيه ولم يعقب.
4. عبد الله بن الحسين، المعروف بعبد الله الرضيع والاصغر استشهد يوم عاشوراء، أمّه الرباب.
5. سُکينه بنت الحسین، أمّها الرباب.
6. فاطمة البنت الكبرى للإمام أمّها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية.
7.محمد، استشهد في كربلاء، أمّه الرباب.
8. زینب، لم يتعرض المؤرخون لذكر أمّها.
9. رقية (س)، نسبها المرحوم الحائري الى شهربانو بنت يزدجرد الثالث وقيل هي بنت أمّ إسحاق.
10.محسن بن الحسین (ع)، لم يسجّل المؤرخون اسم أمّه واكتفوا بالقول بسقوط جنينها على مشارف مدينة حلب عندما كانت تسير ضمن قافلة الأسارى المتوجة من كربلاء نحو الشام وله مزار معروف هناك.
مرحلة ما قبل الإمامة
إبّان حياة النبي الأكرم (ص)
عاصر الإمام الحسين (ع) الرسولَ الأكرم (ص) في السنين الاولى من عمره الشريف وأدرك بعض الحوادث كالمباهلة مع نصارى نجران وحديث الكساء كما أدرك مبايعة المهاجرين والانصار للنبي (ص) بالاضافة الى حادثة الغدير المعروفة.
من هنا أدرج ابن سعد ضمن الطبقة الخامسة من الصحابة وهم الصحابة الذين ادركوا رسول الله (ص) صغارا.
وكان مجموع الفترة التي عاشها الإمام (ع) مع جدّه المصطفى (ص) ست سنين وثمانية أشهر حظي خلالها برعاية جدّه وحنانه والتي توجت بقوله (ص): «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».وما رواه يعلى العامري عنه (ص): «حسين منّي وأنا منه، أحبّ اللهُ من أحبّه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط».
وروي عن سلمان الفارسي أنّه قال:
«دخلت إلى النّبي (ص)، فإذا الحُسين (ع) على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت سيّد ابن السّيّد، أنت الإمام ابن الإمام، أنت حجّة ابن الحجّة أبو الحجج التسعة من صلبك تاسعهم قائمهم».
وعنه (رض) أيضا:
«دخلتُ على رسولِ اللَّه (ص) وعندهُ الحسنُ والحسينُ يَتَغَذَّيَانِ والنَّبِيُّ (ص) يضعُ اللُّقْمَةَ تارَةً في فم الحسن وتارةً في فم الحسين (ع) فلمَّا فرغا من الطَّعَامِ أَخذَ رسولُ اللَّه (ص) الحسن على عاتقه والحسينَ على فخذهِ ثُمَّ قال لي: يا سلمانُ أَ تحِبُّهُمْ؟ قلت: يا رسولَ اللَّهِ كيف لا أُحِبُّهُمْ ومكانُهُمْ منكَ مكَانُهُمْ! قال: يا سلمانُ منْ أَحَبَّهُمْ فقدْ أَحبَّنِي ومنْ أَحبَّنِي فَقَدْ أَحبَّ اللَّهَ. ثُمَّ وضعَ يدهُ على كتف الحسين فقال: إِنَّهُ الإمام ابنُ الإمام تسعةٌ من صُلْبِهِ أَئِمَّةٌ أَبرارٌ أُمناءُ معصومُونَ والتَّاسعُ قَائِمُهُم».
وطالما كرر (ص) القول:
«الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبه أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار».
وعن أبي هريرة قال:
«خرج علينا رسول الله (ص) ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم- أي يقبل- هذا مرةً وهذا مرة حتى انتهى إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله، إنك تحبهما؟ فقال (ص): نعم، من أحبّهما فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني».
ومما يشير الى حبّه الكبير لهما (ع) ما روي عن أبي بُريدة أنّه قال:
«كان رسول الله (ص) يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين (ع) يمشيان ويعثران فنزل رسول الله (ص) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال: (ص) صدق الله "إنّما أموالكم وأولادكم فتنة" فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما». وعن أنس بن مالك قال: «سُئل رسول الله (ص) أي أهل بيتك أحبّ إليك؟ قال (ص): الحسن والحسين(ع)».
مرحلة الخلفاء الثلاثة
عاصر الإمام الحسين (ع) الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان طيلة خمس وعشرين سنة، وكان له من العمر سبع سنين حينما تربّع الخليفة الأولى على مسند الخلافة وتسع سنين عندما تصدّى الخليفة الثاني لها وله من العمر تسع عشرة سنة في بدايات خلافة الثالث.
خلافة أبي بكر
تقارنت خلافة أبي بكر مع الحزن الذي كان يعيشه أهل البيت (ع) لفقد النبي الأكرم (ص) من جهة ومع الاختلاف مع السلطة حول الحق المغتصب وما قامت به الخلافة من تضييق عليهم من جهة ثانية، فقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: «لمَّا توفِيَ رسولُ اللَّه (ص) اشتغلْتُ بدفنه والفراغ منْ شأْنه ثُمَّ آلَيْتُ يميناً أَنِّي لاَ أَرْتَدِي إِلَّا للصَّلاةِ وجَمْعِ الْقُرْآنِ ففعلتُ ثُمَّ أَخذتُ بيد فاطمةَ وابنَيَّ الحسن والحسينِ ثُمَّ دُرْتُ على أَهل بدرٍ وأَهل السَّابقَة فناشدْتُهُمْ حقِّي ودعوتُهُمْ إِلى نُصرتي».
خلافة عمر بن الخطاب
لم ترصد المصادر المتوفرة لدينا طبيعة حياة الإمام الحسين (ع) ونشاطه في حياة الخليفة الثاني ولعل ذلك يعود الى حالة الاقصاء التي مورست بحق أمير المؤمنين (ع) وأبنائه وانزوائهم عن دائرة السلطة في تلك المرحلة.
نعم، ورد في بعض المصادر أنّه (ع) أتى عمر بن الخطاب وهو يخطب على المنبر فصعد، وقال له: «انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك». فقال عمر: «لم يكن لأبي منبر، منبر أبيك والله لا منبر أبي». ثم استصحبه معه ليعرف من علمه ذلك قائلا: «من علمك هذا؟ فرد عليه الإمام: ما علمني أحد».
خلافة عثمان بن عفان
بلغ الإمام الحسين (ع) التاسعة عشرة من عمره عندما تصدى عثمان لمنصب الخلافة، وجاء في بعض مصادر العامة اشتراكه مع أخيه الحسن (ع) وعبد الله بن العباس وابن عمر وابن الزبير في فتح طبرستان بقيادة سعيد بن العاص.
وعندما اصدر عثمان أمراً بابعاد أبي ذر الغفاري وسَيَّرَه إِلَى الرَّبَذَةِ شَيَّعَهُ أَميرُ المؤمنينَ وعقيلٌ والحسنُ والحسينُ (ع) وعمَّارُ بنُ ياسر فلَمَّا كان عند الوداع تكلَّمَ الحسينُ (ع) فقال: «يا عمَّاهْ إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قادرٌ أَنْ يُغَيِّرَ ما ترى وهو كلَّ يوم في شأْن إِنَّ القوم منعوك دنياهمْ ومنعتهمْ دينكَ فما أَغناك عمَّا منعُوكَ وما أَحوجهُمْ إِلى ما منعْتَهُمْ».
امتاز أهل البيت (ع) برؤية ثاقبة ونظرة موضوعية للأمور وسياسة تعتمد المصلحة العامة في تقييم الأمور واتخاذ المواقف، ومن هنا ذكر المؤرخون: أنه حينما حاصر الثائرون عثمان بن عفان، بعث الإمام أمير المؤمنين (ع) بولديه: «الحسن والحسين (ع)، للدفاع عنه.
وهنا ثمة وجهة نظر جديرة بالتقدير بإمكانها أن تقدم تفسيراً صحيحاً، ومنطلقاً موضوعياً ومنطقياً لموقف أمير المؤمنين (ع) في هذه القضية، خلاصتها: أن أمير المؤمنين (ع) ورغم موقفه السلبي من طريقة اختيار الخليفة الثالث في الشورى السداسية، وعلمه بما يصدر من الجماعة الاموية التي تسللت الى دائرة الحكم وخطر ذلك، إلا أنه لم يكن يرى: أن علاج الأمر بهذا الأسلوب الانفعالي العنيف هو الطريقة المثلى والفضلى، وأن هذا الأسلوب بالذات، وقتل عثمان في تلك الظروف، وعلى النحو الذي كان، لم يكن يخدم القضية، قضية الإسلام، بل كان من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً، وجسيماً، إذ أنه سوف يعطي الفرصة لأولئك المترصدين من أصحاب المطامع والأهواء لركوب الموجة، واستغلال جهل الناس، وضعفهم، وظروف حياتهم، بملاحظة ما تركت عليهم السياسية من آثار في مفاهيمهم، وفي عقليتهم، ونظرتهم، وفي عقائدهم، وغير ذلك ـ لسوف يعطي هؤلاء الفرصة، لاستغلال كهذا. ورفع شعار الأخذ بثارات عثمان، واتخاذ ذلك ذريعة للوقوف في وجه الشرعية، وإلقاء الشبهات والتشكيكات حول علي (ع) وأصحابه، الأمر الذي نشأ عنه حروب الجمل، وصفين، والنهروان، على النحو الذي سجله التاريخ.
إبّان حكومة أمير المؤمنين(ع)
شارك في الحروب التي خاضها أبوه أمير المؤمنين (ع) في الجمل وصفين والنهروان. وقد جعله أمير المؤمنين (ع) ولياً على الموقوفات بعد أخيه الإمام الحسن (ع)، وذلك في الكتاب الذي جاء فيه: «هذا ما أَمر به عبدُ اللَّه عليُّ بن أَبي طالب في ماله ابتغاءَ وجه اللَّه ... يقومُ بذلكَ الحسنُ بنُ عليٍّ فَإِنْ حدثَ بحسن حدثٌ وحسينٌ حيٌّ قام بِالأَمرِ بعدهُ وأَصْدَرَهُ مَصْدَرَه». وقيل كان (ع) في المدائن– بأمر من أبيه- لما بلغه كتاب أخيه الحسن (ع) ينعى اليه أمير المؤمنين(ع). فقفل راجعا ليدرك دفن أبيه (ع).
إبّان إمامة أخيه الحسن(ع)
إن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام دخل يوما إلى الحسن عليه السلام فلما نظر إليه بكى فقال له ما يبكيك يا أبا عبد الله قال أبكي لما يصنع بك فقال له الحسن عليه السلام: إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فأقتل به و لكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله.
—الصدوق،الأمالي، ص 116
عاصر الإمام الحسين (ع) السنوات العشر لإمامة أخيه الحسن(ع) والأشهر الستة التي تصدى (ع) فيها للخلافة كان خلالها مؤازراً له ومدافعا عنه ومبايعا له على السمع والطاعة وكان له الدور الكبير في اعداد المقاتلين وارسالهم الى معسكر الإمام الحسن (ع) في النخيلة ومسكن، ولم يكتف بذلك بل سار في ركاب أخيه نحو المدائن وساباط لاعداد الجيوش. وكان من المدافعين عن الصلح الذي أبرمه الإمام الحسن (ع) ولم يستجب للدعوات التي طالبته باتخاذ موقف مضاد للصلح، بل صرح بمؤازرته لأخيه في ردّه على قيس بن سعد. وبعد أن تم الصلح وآلت الامور الى معاوية عاد برفقة أخيه الحسن (ع) الى المدينة.
وذكر ابن اعثم في كتابه الفتوح أن الإمام الحسين (ع) لم يبايع معاوية أبدا: ... أرسل معاوية إلى الحسين بن علي (ع) فدعاه إلى البيعة، فأبى الحسين (ع) أن يبايع، فقال الحسن (ع): «يا معاوية! لا تكرهه فإنه لن يبايع أبدا أو يقتل، ولن يقتل حتى يقتل أهل بيته، ولن يقتل أهل بيته حتى تقتل شيعته، ولن تقتل شيعته حتى يبيد أهل الشام». قال: «فسكت معاوية عن الحسين و لم يكرهه».
دليل إمامته
أقام متكلموا الشيعة الكثير من البراهين والادلة على إمامته (ع) منها الحديث النبوي المعروف: «ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا». بالاضافة الى الاحاديث النبوية التي يشير فيها النبي (ص) الى سلسلة الأئمة إبتداء من أمير المؤمنين (ع) ثم الحسن (ع) والحسين (ع) والتسعة من أبنائه (ع).
ومنها وصية الإمام الحسن (ع) لأخيه محمد بن الحنفية يأمره بالطاعة له والانصياع لأمره.
قال الشيخ المفيد فكانت إمامة الحسين (ع) بعد وفاة أخيه بما قدمناه ثابتة وطاعته لجميع الخلق لازمة وإن لم يدع إلى نفسه (ع) للتقية التي كان عليها والهدنة الحاصلة بينه وبين معاوية بن أبي سفيان فالتزم الوفاء بها... فلما مات معاوية وانقضت مدة الهدنة التي كانت تمنعه (ع) من الدعوة إلى نفسه أظهر أمره بحسب الإمكان وأبان عن حقّه للجاهلين به حالا بحال.
وكان (ع) محيطا بجميع العلوم والمعارف الالهية بشكل تام مما يعد من لوازم الإمامة الاساسية، ومن هنا طلب منه أمير المؤمنين (ع) كما طلب من أخيه الحسن(ع) التحدث الى الناس ليعرف القرشيون مدى احاطتهما بالمعارف الالهية ولوصد الباب أمام المشككين والطامعين في الخلافة والامامة. ويشهد على ذلك ما روي عن الكثير من الصحابة في الثناء على علمهما والشهادة بتقدمهما في العلم والمعرفة وطلب الفتوى منه.
ومما يدل على أمامته ما روي عنه (ع) في التأكيد على إمامته والمعاجز والكرامات التي صدرت على يديه (ع).
الإمام (ع) إبّان حكومة معاوية
سياسة الإمام مقابل معاوية
مع انّه الأجدر والاحق بالحكم بعد شهادة أخيه الحسن(ع) الا أنّه كان ملتزما ببنود الصلح الذي عقد مع معاوية ووفياً له. وهذا ما بينه بوضوح لما مات الحسن بن علي (ع) وتحركت الشيعة بالعراق وكتبوا إليه (ع) في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدة فإن مات معاوية نظر في ذلك. ومع ذلك كان معاوية يتوجس خيفة من تحرك الإمام (ع) بعد شهادة الإمام الحسن(ع) فكتب اليه (ع) يذكره ببنود الصلح ويحذره من التحرك ضده. ولما كتب اليه جعدة بن هبيرة بن أبي وهب: «إنّ من قبلنا من شيعتك متطلعه انفسهم إليك، لا يعدلون بك أحداً فان كنت تحب أن تطلب هذا الأمر فاقدم علينا، فقد وطنا أنفسنا على الموت معك فكتب اليهم: وأما أنا فليس رأيي اليوم ذلك، فالصقوا رحمكم الله بالأرض، واكمنوا في البيوت، واحترسوا من الظنه ما دام معاويه حيّاً، فلئن يحدث الله به حدثا وأنا حي، كتبت إليكم برأيي والسلام».
وقد اعتمد الإمام (ع) سياسة التعريف بالإمام (ع) وخصائص الائمة ومميزات الحكومة التي يديرها الإمام المعصوم بالتصريح تارة وبالكناية تارة أخرى وذلك لتعريف الأمّة وتذكيرها بهذه القضية المهمة التي لها انعكاسات كبيرة على حياتهم الدينية والاجتماعية وقد تجلّى ذلك في خطابه الذي ألقاه على جموع الحجيج في منى يضاف الى ذلك اللقاءات السرية التي كان (ع) يعقدها في مكة المكرمة.
وقد تبادل خلال فترة إمامته (ع) مجموعة من الرسائل مع معاوية بن أبي سفيان تكشف عن موقفه(ع) الصارم من معاوية، حيث كان (ع) يرصد تحركات معاوية ويوبخه على كل جريمة يقترفها بحق المسلمين كقتله حجر بن عدي وعمرو بن الحق الخزاعي والحضرمي وأصحابه، حيث كتب إليه الإمام (ع) موبخا له ومستنكرا فعلته بقوله: «ألستَ قاتل حجر بن عدي وأصحابه المصلّين العابدين - الّذين ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائمٍ- ظلماً وعدواناً، بعد إعطائهم الأمان بالمواثيق والأيمان المغلَظة؟. أوَ لستَ قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله (ص) الذي أبلته العبادةُ فصفّرتْ لونه، وأنحلتْ جسمه بعد أن آمنته وأعطيته من عهود الله عزّ وجلّ وميثاقه ما لو أعطيته العصم ففهمتْه لنزلتْ إليك من شعف الجبال ، ثمّ قتلتَه جرأةً على الله عزّ وجلّ، واستخفافاً بذلك العهد».
وحينما تحرك معاوية لأخذ البيعة ليزيد توجه الى مكة– وكان الإمام الحسين(ع) فيها- فأرسل إلى الإمام (ع) فدعاه، فلما جاءه ودخل إليه قرب مجلسه ثم قال: «أبا عبد الله! إعلم أني ما تركت بلدا إلا وقد بعثت إلى أهله فأخذت عليهم البيعة ليزيد، وإنما أخرت المدينة لأني قلت هم أصله وقومه وعشيرته ومن لا أخافهم عليه، ولو علمت أنّ لأمّة محمد (ص) خير من ولدي يزيد لما بعثت له». فقال له الحسين (ع): «مهلا يا معاوية! لا تقل هكذا، فإنك قد تركت من هو خير منه أما وأبا ونفسا»، فقال معاوية: «كأنك تريد بذلك نفسك أبا عبد الله»! فقال الحسين (ع): «فإن أردت نفسي فكان ما ذا»؟ فقال معاوية: «إذاً أخبرك أبا عبد الله»! «أما أمك فخير من أم يزيد، وأما أبوك فله سابقة وفضل، وقرابته من الرسول الله (ص) ليست لغيره من الناس، غير أنه قد حاكم أبوه أباك، فقضى الله لأبيه على أبيك، وأما أنت وهو فهو والله خير لأمّة محمد (ص) منك». فقال الحسين (ع): «من خير لأمّة محمد! يزيد الخمور الفجور!» فقال معاوية: «مهلا أبا عبد الله! فإنك لو ذكرت عنده لما ذكر منك إلا حسنا»، فقال الحسين (ع): «إن علم مني ما أعلمه منه أنا فليقل فيما أقول فيه». فكان (ع) ضمن مجموعة قليلة رفضت مبايعة يزيد وتصدى لمعاوية بكل حزم في اكثر من موضع.
سياسة معاوية تجاه الإمام الحسين (ع)
اعتمد معاوية نفس السياسة الظاهرية التي اعتمدها الخلفاء الثلاثة من تبجيل الإمام (ع) واحترامه وإجلاله فكان معاوية يرعى له حرمته ظاهرا، ويحترمه، ويجله لما له من منزلة في قلوب المسلمين، الا انه كان يتوجس منه خيفة حيث يراه خطرا على حكمه ويخشى ثورته، وأنّه العقبة الكبرى التي تصطدم بها البيعة ليزيد. ومن هنا كان يحذر ولاته من التعرض للإمام الحسين (ع) وأثارته بما يخدش كرامته أو يثير حميته (ع). وفي الوقت نفسه يطلب منه مراقبة تحركات الإمام (ع) ورصد ما يقوم به، يظهر ذلك من وصيته لابنه يزيد التي جاء فيها: «وأما الحسين بن علي فأوّه أوّه يا يزيد! ما ذا أقول لك فيه! فاحذر أن لا يتعرض لك ومدّ له حبلا طويلا وذره يضرب في الأرض حيث شاء ولا تؤذه، ولكن أرعد له وأبرق، وإياك والمكاشفة له في محاربة سل سيف أو محاربة طعن رمح، ثم أعطه ووقره وبجّله...فانظر لنفسك ثم انظر أن لا يتعرض له بأذية، فحقه والله يا بني عظيم، ولقد رأيتني كيف كنت أحتمله في حياتي وأضع له رقبتي وهو يواجهني بالكلام الذي يمضني ويؤلم قلبي، فلا أجيبه ولا أقدر له على حيلة».
حكومة يزيد بن معاوية
من كلام الإمام الحسين (ع): «فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذلك لله».
عرف يزيد قبل تصديه للخلافة بادمانه على شرب الخمور والعزف على الملاهي والغناء وكان كما يقول الذهبي: «وأكثر من شرب الخمر وارتكب أشياء منكرة أبغضه الناس وخرج عليه غير واحد ولم يبارك الله تعالى في عمره». وقيل إن معاوية في بعض الليالي أنهي إليه أن يزيد ولده يشرب، فأتى إليه ليوقع به. فكان هذه هي نقطة الضعف الكبيرة- بالاضافة الى سائر خصاله الذميمة- التي منعت الكثير من الشخصيات الكبيرة من الاستجابة لطلب معاوية بمبايعة يزيد للخلافة، ومن هنا حاول معاوية ترميم ما افسده يزيد واظهاره بمظهر الناس المؤمن السوي فبعثه سنة 51 هجرية أميراً على الحاج من الشاميين. ومع ذلك لم يتمكن من الاقلاع عن عادة مارسها طيلة حياته ولمّا بلغ المدينة جلس على شراب له.
زوار حرم الإمام الحسين عليه السلام
وبعث معاوية سنة اثنين وخمسين جيشاً كثيفاً إلى بلاد الروم مع سفيان بن عوف وندب يزيد ابنه معهم فتثاقل وبقي مع امراته أم كلثوم في منطقة دير مُرّان. فنزلوا منزلا يقال له الفرقدونة (الغذقذونة) فأصابهم الجيش بها الموت والجوع والمرض و بلغ معاوية أنّ يزيد أنشد في ذلك:
أهون عليك بما تلقى جموعهم *** بالفرقدونة من وعك ومن مومِ
اذا اتكأت على الأنماط مرتفعاً *** بدير مُرّان عندي أم كلثومِ
فحلف معاوية ليلحقن بهم فسار يزيد في جمع كثير جمعهم إليه معاوية فيهم ابن عبّاس وابن عامر وابن الزبير وأبو أيوب الأنصاري حتى وصلوا القسطنطينة.
ومع ذلك بقي معاوية مصرّا على ترشيح ابنه هذا للخلافة رغم معارضة كبار رجال مكة والمدينة لهذا الترشيح، مستعملا شتّى انواع الترغيب والترهيب في أخذ البيعة لابنه يزيد سنة 56 هـ.
الوضع السياسي في زمن يزيد
رغم أن تصدي يزيد للحكم لم يدم أكثر من ثلاث سنين الا أنه كان مليئا بالاحداث الساخنة والثورات الداخلية التي صرف يزيد كل وقته في قمعها والقضاء على الثائرين، ولقد كان يزيد من البطش والطغيان بحد وصفه المسعودي في تاريخه: «فقد شمل الناس جوْرُ يزيد وعماله، وعمَّهم ظلمه، وما ظهر من فسقه وسيره سيرة فرعون، بل كان فرعون أعدل منه في رعيته، وأنصف منه لخاصته وعامته». ولم يحكم إلا ثلاث سنين، في الأولى منها قتل الإمام الحسين (ع) وأهل بيته، وفي الثانية هجم على المدينة المنورة وقتل أكثر من سبعين صحابياً وسبعمائة تابعي في وقعة الحرة وأباح المدينة لأصحابه ثلاثة أيّام، وفي الثالثة حاصر الكعبة ورماها بالمنجنيق فهدمها.
موقف الإمام (ع) من حكومة يزيد
الخروج من المدينة
لما هلك معاوية سنة 60 للهجرة وكان يزيد في حوارين، فلما عاد وبايعه الشاميون كتب إلى الوليد بن عتبة في صحيفة صغيرة: «أما بعد، فخذ الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب أخذاً عنيفاً ليست فيه رخصة، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه، وابعث إليَّ برأسه».
فلما ورد الكتاب على الوليد قطع به وخاف الفتنة، فبعث الى مروان، فأتاه، فاقرأه الوليد الكتاب واستشاره.
فقال له مروان: «اما عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر فلا تخافن ناحيتهما، فليسا بطالبين شيئا من هذا الأمر، ولكن عليك بالحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فابعث إليهما الساعة، فإن بايعا والا فاضرب أعناقهما قبل أن يعلن الخبر، فيثب كل واحد منهما ناحيه، و يظهر الخلاف».
فقال الوليد لعبد الله بن عمرو بن عثمان: «انطلق الى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فادعهما».
فانطلق الغلام حتى أتى المسجد، فوجدهما يتعبدان في مسجد رسول الله (ص) فأبلغهما طلب أمير المدينة واستدعائهما، فارتاب ابن الزبير من هذه الدعوة التي لم تكن في الوقت الذي يجلس فيه للناس، وظن أن هناك أمراً هاماً وخطيراً، فاستشار الإمام الحسين (ع) فقال الحسين (ع): «احسب معاويه قد مات، فبعث إلينا للبيعه». قال ابن الزبير: «ما أظن غيره».
وجمع الحسين (ع) نفرا من مواليه وغلمانه، ثم مشى نحو دار الإمارة، وأمر فتيانه أن يجلسوا بالباب، فان سمعوا صوته اقتحموا الدار. ودخل الحسين على الوليد، وعنده مروان، فجلس الى جانب الوليد، فاقرأه الوليد الكتاب، فقال الحسين (ع): «إنّ مثلي لا يعطي بيعته سراً، وانا طوع يديك، فإذا جمعت الناس لذلك حضرت، وكنت واحدا منهم».
وكان الوليد رجلا يحب العافيه، فقال للحسين (ع): «فانصرف إذن حتى تأتينا مع الناس، فانصرف».
فقال مروان: «والله لئن فارقك الساعة ولم يُبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يُبايع أو تضرب عنقه».
وفي عصر اليوم التالي بعث الوليد الرجال إلى الإمام حسين (ع) عند المساء، فقال (ع): «أصبحوا ثم ترون ونرى. فكفوا عنه تلك الليلة ولم يلحوا عليه فخرج (ع) من تحت ليلته وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين متوجها صوب مكة».
رسائل الكوفيين الى الإمام (ع)
في الوقت الذي كانت فيه دمشق تعيش حالة القلق جراء امتناع رجال الحجاز عن مبايعة يزيد، كانت الكوفة هي الاخرى تموج بالحركة وكان الرجال الذي أدركوا ظلم الامويين وتعسفهم في الحكم وعرفوا مدى الخطأ الذي ارتكبوه في تخاذلهم عن مساندة الإمام الحسن (ع) في حربه مع معاوية يتحركون لتصحيح الموقف، ومن هنا قرروا التصدي لحكومة يزيد بن معاوية.
فقد ذكر المؤرخون أنّه لما بلغ أهل الكوفة وفاه معاويه و خروج الحسين بن على (ع) الى مكة اجتمع جماعه من الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي، واتفقوا على ان يكتبوا الى الحسين (ع) يسالونه القدوم عليهم، ليسلموا الأمر اليه، فكتبوا اليه:
«بسم الله الرّحمن الرّحيم، للحسين بن عليّ، من سليمان بن صرد، والمسيب [بن نجبة]، ورفاعة بن شدّاد، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. أما بعد، فالحمد للَّه الّذي قصم عدوّك الجبار العنيد، الّذي اعتدى على هذه الأمة، فانتزعها حقوقها، واغتصبها أمورها، وغلبها على فيئها، وتأمّر عليها على غير رضا منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها، فبعدا له كما بعدت ثمود، إنه ليس علينا إمام، فاقدم علينا، لعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن النعمان بن بشير في قصر الإمارة، ولسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا مخرجك أخرجناه من الكوفة، وألحقناه بالشام والسلام».
ثم توالت الكتب والرسائل على الإمام (ع) والتي بلغت المئات بل الآلاف.
ولما رأى الإمام (ع) كثرة ما كتب اليه كتب اليهم (ع):
«بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى الملا من المؤمنين والمسلمين، أما بعد فإن هانئا وسعيدا (قد) قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم، أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى، وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إلي بأنه قد اجتمع رأي ملاكم، وذوي الحجى والفضل منكم، على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأت في كتبكم، فإني أقدم إليكم وشيكا إن شاء الله تعالى».
وفي المقابل كتب عبد الله بن مسلم إلى يزيد بن معاوية: «أما بعد فإن مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن علي فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك فإن النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعف» ثم كتب إليه عُمارة بن عُقبة بنحو من كتابه ثم كتب إليه عمر بن سعد بن أبي وقاص مثل ذلك. فلما وصلت الكتب إلى يزيد دعا سرجون مولى معاوية فقال ما رأيك؟ فقال له سرجون: «ضم المصرين الكوفة والبصرة إلى عبيد الله بن زياد».
زوار مرقد الإمام الحسين عليه السلام
ثم أقبل مسلم بن عقيل حتى دخل الكوفة، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وأقبلت الشيعة تختلف إليه فكلما اجتمع إليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين (ع) وهم يبكون، وبايعه الناس حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفا، فكتب مسلم إلى الحسين (ع) يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفا ويأمره بالقدوم الى الكوفة.
التوجه نحو العراق
ما إن استلم الإمام الحسين (ع) رسالة مسلم بن عقيل اليه حتى توجه بمعية أهله ونسائه نحو العراق، وكان ذلك مقارنا لتوجه عبيد الله بن زياد– وبأمر من يزيد- نحو الكوفة، وكان على دراية تامة بالحالة الاجتماعية والسياسية في الكوفة لمعايشته لها إبّان حكم أبيه للكوفة. فكان يجيد طريقة التعامل مع الكوفيين حيث اعتمد وبعد وصوله الى الكوفة مباشرة لغة التهديد والترغيب ومقربا اليه شيوخها ووجهائها، يضاف الى نشر جواسيسه في المدينة الذين تمكنوا من التعرف على المركز الذي ينطلق منه مسلم بن عقيل في تحركاته المتمثل ببيت هاني بن عروة، فقام عبيد الله بن زياد باعتقال هانئ بن عروة كخطوة أولى لتحجيم حركة مسلم الذي قام بردة فعل مع انصاره – البالغ عددهم مئة الف للدفاع عن هاني الا أن هذه الجموع قد تفرقت عنه تحت تأثير الدعاية المضادة والتهويل الاعلامي والتخويف بقدوم الجيش الشامي من دون أن تضرب بسيف أو تواجه عدواً، وما أن حل الليل حتى بقي مسلم بن عقيل وحيداً في أزقة الكوفة حيث تم اعتقاله في اليوم التالي وقتله وسحبه بالحبال في أزقة الكوفة مع هاني بن عروة أمام صمت وتقاعس مشايخ الكوفة الذين قبعوا في بيوتهم وكأن شيئا لم يحدث.
من كلام الإمام الحسين (ع): «الناس عبيد الدنيا والدّين لعق علی ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديانون».
فأتى ذلك الخبر حسينا (ع) وهو بزبالة، فأخرج للناس كتابا فقرأ عليهم:
«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة، وعبد الله بن يقطر، وقد خذلتنا شعيتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام».
ثم واصل طريقه نحو الكوفة وكان عبيدالله بن زياد قد بعث الحُصين بن نُمير صاحب شرطته ومعه أربعة آلاف فنظّم الخَيْلَ من القادسيّة إلى خَفّان وما بين القَطْقُطانة إلى جبل لَعْلَع لمراقبة خطوط الحركة؛ ووجّه الحصين بن تميم الحر بن يزيد اليربوعي من بني رياح – وكان ضمن الأربعة آلاف- في ألف إلى الحسين، وقال: سايره ولا تدعه يرجع حتى يدخل الكوفة، وجعجع به، ففعل الحر بن يزيد ذلك. في تلك الاثناء ارسل عبيد الله بن زياد اليه عمر بن سعد بن أبي وقاص طالبا منه التراجع عن موقفه ومبايعة يزيد كخليفة للمسلم والنزول على حكمه.
فاجعة كربلاء
بعد أن اصر الإمام (ع) على موقفه الرافض لحكم يزيد ورفض مبايعته وقعت المواجهة بينه وبين الثلة المؤمنة معه من جهة وبين جيش يزيد المترامي الاطراف من جهة ثانية في يوم العاشر من المحرم وبعد أن بذل الإمام (ع) قصارى جهده في ارشاد الناس وتحذريهم من مكامن الخطر في موقفهم الداعم ليزيد، والتي جاء في بعضها:
مكان استشهاد الامام الحسين عليه السلام
«أيّها النّاس! إسمعوا قَولي ولا تُعجّلوا حتّى أعِظُكُم بما يَحِقُّ لكم عَلَيّ وحتّى أعْذرُ إليكم من مَقْدَمي عليكم فإنْ قَبِلْتُم عُذْري وصدَّقْتُم قَولي وأَعْطيتموني النَصْفَ ، كنتم بذلك أسْعد ولم يكُنْ لكم عَلَيّ سبيلٌ، وإن لم تَقبلوا منّي العُذْرَ ولم تُعطوني النَّصْفَ من أنفسكم (فَأَجْمِعُوآ أمْرَكُم وشُركآءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إليَّ ولا تُنْظِرُون) إنّ وَليّيَّ اللهُ الّذي نَزَّلَ الكِتابَ وَهَوَ يَتَولّى الصّالحين».
ثمّ قال: أمّا بعد: «فانسبوني وانظروا مَن أنا؟! ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتِبوها، فانظروا هل يصلح لكم قَتلي وانتهاك حرمتي؟! ألستُ ابن بنت نبيّكم وابنَ وصيّه وابن عمّهِ وأوّل المؤمنين باللهِ المُصدّق لرسول الله (ص) بما جاء به من عند ربّه؟! أوَ ليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي؟! أوَ ليس جعفر الطيّار في الجنّة بجَناحين عمّي؟! أوَ لَم يبْلغكم ما قال رسول الله (ص) لي ولأخي: هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟! فإنْ صدّقتموني بما أقولُ ـ وهو الحقُّ ، فوالله ما تعمّدْتُ كِذْباً مُنذ عَلمتُ أنّ الله يمقتُ عليه أهله، وإن كذّبتموني فاسألوا مَن إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبا سعيد الخِدري....».
الا أن هذه اللغة الرحيمة والقلب الحنون واجهه الكوفيون بالرماح والسنان، كما وصف ذلك بعض الشعراء:
لَــم أنـسَـهُ إذ قـامَ فـيهم خـاطباً فــإذا هُــمُ لا يَـمـلِكُونَ خِـطـابا يَـدعو ألَـستُ أنـا ابـنُ بـنتِ نبيِّكم ومَـلاذَكُـم إن صَـرفُ دَهـرٍ نـابا هَـل جِـئتُ فـي ديـنِ الـنبيِّ بِبدعةِ أم كُـنـتُ فــي أحـكـامهِ مُـرتابا أم لَــم يــوصِّ بِـنا الـنبيُّ وأودَعَ الـثّـقلينِ فِـيـكُم عِـتـرةً وكِـتـابا إن لَــم تـديـنوا بـالمَعادِ فَـراجِعوا أحـسـابَـكم إن كـنـتـمُ أعـرابـا فَـغَدوا حَـيارى لا يَـرَونَ لِـوَعضهِ إلا الأســنَّـةَ والـسّـهـامَ جَـوابـا.
ولا يشك منصف طالع وقائع ثورة الحسين (ع) بحيادية أنّه (ع) لم يلق خطابه هذا طلبا للعافية وهروبا من الموت، بل انطلق في ذلك بدافع الشعور بالمسؤولية اتجاه هؤلاء القوم المضللين ويؤيد ذلك أنه (ع) كان بإمكانه التراجع قبل أيام حيث كانت الفرصة مؤاتيه لذلك قبل أن تتأزم الامور وتصل الى ما وصلت اليه.
نعم، انطلق الإمام (ع) من موقع المحب المشفق على الأمة وفي حالة يصعب السيطرة فيه على احاسيس ومشاعر الغضب ضد العدو الذي اجتمع لارتكاب ابشع جريمة على مر التاريخ، شأنه (ع) شأن سائر الرجال الربانيين الذين لا يهمهم الا الفوز برضا الرب وتخليص الناس من نار وقودها الناس والحجارة.
واخيرا وقعت المعركة واقترف المنكر وما هي الا ساعات حتى سقط (ع) شهيدا مضمخا بدماء الشهادة والى جنبه أخوته وابناؤه وانصاره وسيق من بقي حيّاً من النساء والاطفال والإمام المريض علي بن الحسين (ع) أسارى يطاف بهم في البلدان من الكوفة الى الشام.
خصائصه وسماته (ع)
كان (ع) سيد بني هاشم بعد أخيه الحسن (ع) مع وجود من هو أكبر منه سناً في ذلك البيت الكريم فكانوا يرجعون اليه ويصدرون عن رأيه في الكثير من المواطن.
وكان (ع) أبيض اللون يعتم بعمامة خز تارة وبسوداء تارة أخرى وكان يخضب رأسه ولحيته الشريفة وكان شبيها برسول الله (ص) في منطقه بل كان اشبه الناس به (ص) وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال: «إنّ ولدي الحسين اشبه الناس بي خلقا وخلقا ومنطقاً».
وكان للحسين (ع) خاتمان، نقش أحدهما لا إله إلا الله عدة للقاء الله، و نقش الآخر: إن الله بالغ أمره.
وقد حجّ مع أهله خمس وعشرين مرّة ماشيا على قدميه.
وقد اعترف اعداؤه بفضله كما جاء على لسان معاوية بن أبي سفيان: «إن الحسين بن علي لا يخدع و هو ابن أبيه».
وبينما عمرو بن العاص - وفي رواية الاصابة عبد الله بن عمرو بن العاص- جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن علي (ع) مقبلا. فقال: «هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم».
وكان (ع) يجالس المساكين ويقبل دعوتهم ويأكل الطعام معهم ويدعوهم الى داره ولم يبخل عليهم بما في الدار من طعام. واذا سأله محتاج وهو في صلاته خفف صلاته وقضى له حاجته.
وكان يعامل العبيد والغلمان معاملة انسانية ويضاعف العطاء لهم والعفو عنه، فقد جنى عليه غلام جناية توجب العقاب، فأمر به أن يُضرب، فقال: «يا مولاي! وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ» قال: «(خَلُّوا عنه)» فقال: «يا مولاي! وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ». قال: «قد عفوت عنك» قال: «يا مولاي وَالله يُحِبُّ الْمحْسِنِينَ».قال: «أنت حر لوجه الله، ولك ضعف ما كنت أعطيك؟».
ووصف بالرقة الشديدة على أهل الهموم والغموم: حتى أنّه دخل على أسامة بن زيد وهو محتضر ليعوده، فتأوه أمامه، فقال: واغماه، فقال (ع) «ما غمك يا أخي؟» فقال: «ديّن علي ستون ألفا»، فقال (ع): «علي قضاؤها»، قال: «أحبّ أن لا أموت مديونا»، فأمر (ع) بإحضار المال ودفعه إلى غرمائه قبل خروج روحه.
وفي رواية أنه (ع) تصدق بما ورثه قبل أن يصل اليه.
وجاء إلى الإمام الحسين (ع) أعرابي فقال: «يا بن رسول الله (ص) قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها»، فقلت في نفسي: «أسأل أكرم الناس. وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله (ص)».
فقال له الحسين (ع): «يا أخا العرب، أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن اثنين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكل أعطيتك الكل»، ولما أجاب عنها ضحك الإمام الحسين (ع) وأعطاه صرّة فيها ألف دينار، وأعطاه خاتمه.
وروي عن الحسين(ع) أنّه قال: «رأيت غلاما يؤاكل كلبا فقلت له في ذلك فقال يا ابن رسول الله (ص) إني مغموم أطلب سرورا بسروره لأن صاحبي يهودي أريد أفارقه» فأتى الحسين (ع) إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له فقال اليهودي: «الغلام فدى لخطاك وهذا البستان له ورددت عليك المال» فقال (ع): «وأنا قد وهبت لك المال». فقال: «قبلت المال ووهبته للغلام» فقال الحسين (ع): «أعتقت الغلام ووهبته له جميعا». فقالت امرأة اليهودي: «قد أسلمت ووهبت زوجي مهري». فقال اليهودي: «وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار».[١٤٨] وقد علّم عبدالرحمن السلمي ولد الحسين (ع) سورة الحمد، فلما قراءها على أبيه أعطاه ألف دينار وألف حلة وحشا فاه درا. وقال: «أين يقع هذا من حقه».
وقد سجل التاريخ الاسلامي الكثير من المواقف التي تكشف عن مدى حلمه وتعامل بكل رحابة صدر مع مخالفيه ومنهم ذلك الشامي الذي أساء له ولأبيه أمير المؤمنين (ع) فرد عليه الإمام (ع) بلطف جعله يغير موقفه من الإمام (ع).
روى شعيب بن عبد الرّحمن الخزاعي، أنّه قال: «لمّا قُتل الحُسين (ع) في طفّ كربلاء، وجد في ظهره أثر، فسئل زين العابدين (ع): ما هذا الأثر الذي نراه في ظهر أبيك؟ فبكى طويلاً وقال: هذا ممّا كان يحمل قوتاً على ظهره إلى منازل الفقراء والأرامل واليتامى والمساكين، وأنّه كان ينقل لهم طعاماً في جراب...».
وعن محمد بن السائب أنه، قال مروان بن الحكم: «يوما للحسين بن علي (ع) لو لا فخركم بفاطمة (ع) بم كنتم تفتخرون علينا!» فوثب الحسين (ع) وكان شديد القبضة فقبض على حلقه فعصره ولوى عمامته على عنقه حتى غشي عليه ثم تركه وأقبل الحسين (ع) على جماعة من قريش فقال: «أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحب إلى رسول الله (ص) مني ومن أخي أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟ قالوا: اللهم لا. قال وإني لا أعلم أن في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا وأبيه طريدي رسول الله (ص)....».
ولما أمر معاوية أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما بسب علي (ع) والبراءة منه تصدى له (ع) بكل صرامه وشجاعة.
مختارات من كلامه
أَنَا قَتِيلُ الْعَبْرَةِ قُتِلْتُ مَكْرُوباً وَ حَقِيقٌ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَأْتِيَنِي مَكْرُوبٌ إِلَّا رَدَّهُ وَ قَلَبَهُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً.
إلهي أنا الفَقيرُ في غِنايَ فَكَيفَ لاأكونُ فَقيرا في فَقري.
مَنْ عَبَدَ اللَّهَ حَقَّ عِبَادَتِهِ آتَاهُ اللَّهُ فَوْقَ أَمَانِيِّهِ وَ كِفَايَتِه .
إِنَّ شِيعَتَنَا مَنْ سَلِمَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ كُلِّ غِشٍّ وَ غِلٍّ وَ دَغَل.
إن الناس عبيد الدنيا و الدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.
إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.
رُوِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام جَاءَهُ رَجُلٌ وَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ عَاصٍ وَ لَا أَصْبِرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ فَعِظْنِي بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ عليه السلام:
افْعَلْ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ: فَأَوَّلُ ذَلِكَ لَا تَأْكُلْ رِزْقَ اللَّهِ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الثَّانِي اخْرُجْ مِنْ وَلَايَةِ اللَّهِ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الثَّالِثُ اطْلُبْ مَوْضِعاً لَا يَرَاكَ اللَّهُ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الرَّابِعُ إِذَا جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَكَ فَادْفَعْهُ عَنْ نَفْسِكَ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ وَ الْخَامِسُ إِذَا أَدْخَلَكَ مَالِكٌ فِي النَّارِ فَلَا تَدْخُلْ فِي النَّارِ وَ أَذْنِبْ مَا شِئْتَ.
................
انتهى/212
المصدر : ويكي شيعة
السبت
٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
١٠:٢١:٠٩ م
646840
الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أبو عبد الله ولد في المدينة في السنة الرابعة للهجرة واستشهد في كربلاء سنة 61 هـ ق، هو الإمام الثالث للمسلمين الشيعة. خضع لإمامة أخيه الحسن (ع) ملتزما ببنود الصلح ما دام معاوية حيّاً، إلا أنه رفض إضفاء الشرعية على حكم يزيد بن معاوية، وتوجّه على إثرها الى الكوفة استجابة لدعوة الكوفيين الا أنه جوبه بخيانتهم وتنصلهم عن المواثيق والعهود التي أبرموها معه (ع) واستشهد ومعه اثنين وسبعين من أنصاره وسيقت نساؤه وذراريه أسارى من الكوفة الى الشام.