عيد الغدير؛ في الثامن عشر من ذي الحجة للسنة العاشرة للهجرة قام النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبأمر من الله بالأعلان عن تنصيب علي (عليه السلام) خليفة وإماماً للمسلمين وذلك في مكان يسمى غدير خم، ومن هنا اقترنت الواقعة باسم هذا المكان وعدت إحدى الأعياد الإسلامية.
وقد عبّر عن تلك الواقعة في المصادر الشيعية بعدة تعابير فسمّي تارة بعيد الله الأكبر[١] وعيد أهل بيت محمد(ص) تارة أخرى.[٢] وأشرف الأعياد.[٣]
وقد اعتاد الشيعة في شتّى بقاع الارض على إحياء تلك المناسبة والاحتفاء بها وإقامة مجالس الفرح والبهجة تعظيما لتلك المناسبة الكبرى.
حينما همّ رسول الله (ص) بالتوجه للحج وأداء فريضة الحج، أذّن في الناس وبلغت دعوته (ص) أقاصي بلاد الإسلام فتجهّز الناس وتأهبوا للخروج معه وحضر أهل المدينة وضواحيها وما يقرب منها خلق كثير - بلغ 120 الفاً- وتهيئوا للخروج معه فخرج النبي (ص) بهم لخمس بقين من ذي القعدة.[٤] فلما أتمّ (ص) مناسك الحج قفل راجعا الى المدينة ومعه المسلمون وفي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة وصل الموكب المهيب الى منطقة تدعى غدير خم وتقع في مفترق طرق، وقبل تفرّق الحاج الى بلدانهم نزل عليه الوحي يأمره بإكمال الدين يعني تبليغ تلك المسألة المصيريّة المتمثّلة بتعيين الإمام والخليفة من بعده، فأمر الناس بتجهيز مقدّمات ذلك الأمر مثل الاعلان بتريّث المسلمين الحجّاج وتوقّفهم في ذلك المكان، وأمر(ص) بإرجاع الّذين سبقوا الآخرين بالذهاب وإيقاف القادمين، حتى تجمّع ذلك العدد الغفير من الحاج.
فأمر النبيّ (ص) الحجيج أن يصنعوا له منبراً من أحداج الإبل حتى يراه الحاضرون جميعاً ويسمعون كلامه، فارتقى النبيّ (ص) ذاك المنبر وخطب الناس خطبة غرّاء وقال فيما قاله (ص):
أيّها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ - ثلاثا- وهم يجيبونه بالتصديق والاعتراف، ثم رفع يد علي (ع) وقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله... ثم قال: فليبلغ الحاضر الغائب.
وغير ذلك من العبارات الباهرة ثم أمر الناس الّذين اجتمعوا في هذا الملتقى أن يقوموا فرداً فرداً ويبايعوا عليّاً ويسلّموا عليه بالإمرة والخلافة طوعاً.
عيد الغدير في الاحاديث
ورد في مصادر العامة: من صام يوم ثمانية عشرة خلت من ذي الحجة كتب له «صيام ستين شهرا» وهو يوم غدير خم.[٥]
وعن رسول الله (ص) أنه قال: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب (ع) عَلماً لأمتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام ديناً.[٦]
وعن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: أَعظم الاعياد وأَشرفها يومُ الثامن عشر من شهر ذي الحجَّة وهو اليوم الَّذي أَقام فيه رسول اللَّه (ص) أَميرَ المؤمنين (ع) ونصبهُ للنَّاس علماً.[٧]
قال الراوي قلْت: ما يجبُ علينا في ذلك اليوم؟ قال: يجبُ عليكم صيامُهُ شُكراً للَّه وحمداً له «مع أَنَّهُ أَهلٌ أَنْ يُشكر كلَّ ساعة»، ومنْ صامهُ كان أَفضل منْ عملِ ستِّينَ سنة.[٨]
وعن الامام الرضا (ع) في بيان قيمة ذلك اليوم: إِنَّ يومَ الغدير في السَّماءِ أَشهرُ منهُ في الأَرضِ... واللَّه لو عرف النَّاسُ فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهمُ الملائكةُ في كلِّ يوم عشر مرَّات.[٩]
تاريخ الاحتفال بعيد الغدير
ما زال المسلمون وخاصة الشيعة يعظمون يوم الغدير ويعتبرونه من الاعياد الكبيرة عندهم وقد عرف في اوساطهم بعيد الغدير.[١٠]
وقد سجل لنا المسعود المتوفى 346هجرية في كتابه التنبيه والاشراف[١١] ذلك التعظيم بقوله:«وولد علي رضي الله عنه وشيعته يعظمون هذا اليوم».[١٢] وهذا يكشف لنا بان الاحتفاء بعيد الغدير يضرب بجذوره الى أعماق التاريخ الاسلامي وأنه كان رائجا في القرنين الثالث والرابع الهجريين.
وقبل ذلك كله روى الفياض بن محمد بن عمر الطوسي عن الإمام الرضا (ع) المتوفى سنة 203 هـ ق، أنه كان يحتفل بذلك اليوم، حيث قال: حضرتُ مجلسَ مولانَا عليِّ بن موسى الرِّضا (ع) في يوم الغدير وبِحضرته جماعةٌ من خواصِّه قد احتبسهُمْ عندهُ للإِفطار معهُ قد قدَّم إِلى منازلهمْ الطَّعام والْبُرَّ وأَلبسهمُ الصِّلاةَ والكسْوَةَ حتَّى الخواتيمَ والنِّعال.[١٣] وهذا يكشف عن سابقة تاريخة أطول مما مر للاحتفال بالغدير.
ولم تنقطع عملية الاحتفاء تلك بل واصل المسلمون تعظيمهم لذلك اليوم حتى أن الخليفة الفاطمي المستعلي بن المستنصر بويع في يوم عيد غدير خم، وهو الثامن عشر من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة.[١٤]
بل وصلت الحالة في القرون المتأخرة الى حدّ اصبح الاحتفال بعيد الغدير شعاراً للشيعة.
وكان الفاطميون في مصر قد اضفوا على عيد الغدير صفة الرسمية، وهكذا الامر في ايران حيث يتحفل بذلك اليوم منذ تسنم الشاه اسماعيل الصفوي السلطة عام 907هجرية وحتى يومنا هذا بصورة رسمية.
أمّا النجف الاشرف فقد اعتاد أهلها إقامة حفل بهيج في الصحن العلوي يوم الثامن عشر من ذي الحجة يحضروه علماء الشيعة ووجهاؤهم بالاضافة الى سفراء الدول الاسلامية في العراق، وتلقى في ذلك الحفل الكثير من القصائد العصماء والخطب الرائعة.
وهكذا الامر بالنسبة الى الشيعة الزيدية في اليمن حيث تحيي هي الاخرى ذلك اليوم بكل اجلال وبهاء.
وقد وصف الثعالبي مكانة الغدير عند الشيعة بقوله: وللشيعة به تعلق كبير.[١٥]
أعمال عيد الغدير
من الاعمال التي يقوم بها المحتفون بعيد الغدير والتي أرشدت الروايات اليها:
الصيام
الغسل
قراءة زيارة أمين الله
قراءة دعاء الندبة
يهنئ المسلمون بعضهم بعضا بالقول: «الحمد الله الذي جعلنا من المتمسّکین بولایة أمیر المومنین والأئمة المعصومین علیهم السلام».
ارتداء الملابس الجديدة والجميلة
التزين ووضع العطور
صلة الارحام
اطعام المؤمنين.[١٦]
--------------------
1. الحر العاملي، وسائل الشيعة،ج 8، ص 82.
2. السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ص 464.
3. الكليني، الكافي، ج 1، ص 203.
4. الطبرسي، ج 1، ص 56؛ المفيد، ص 91؛ الحلبي، ج 3، ص 308.
5. الخطيب البغدادي، ج 8، ص 290.
6. الصدوق، الأمالي، ص 125.
7. الحر العاملي، ج 5، ص 224.
8. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 10، ص 443.
9. الطوسي، ج 6، ص 24.
10. ابو ريحان البيروني، ص 95.
11. ص 221.
12. الكافي، ج4، ص 149.
13. بحار الأنوار، ج 95، ص 322.
14. ابن خلكان، ج 1، ص 60.
15. الثعالبي، ص 511.
16. القمي، ذيل أعمال يوم 18 ذي الحجة.
.......................
انتهى/212
المصدر : ويكي شيعة
الأحد
١٢ أكتوبر ٢٠١٤
١:٤٢:٢٠ م
643907
عيد الغدير؛ في الثامن عشر من ذي الحجة للسنة العاشرة للهجرة قام النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبأمر من الله بالأعلان عن تنصيب علي (عليه السلام) خليفة وإماماً للمسلمين وذلك في مكان يسمى غدير خم، ومن هنا اقترنت الواقعة باسم هذا المكان وعدت إحدى الأعياد الإسلامية.