ابنا : تثبت الحرب الاسرائيلية على غزة ان الدول العربية فقدت حتى القدرة على الاعتراض ولو شكلاً على الاعمال العدوانية لإسرائيل. هكذا تبين من الاجتماع الهزيل لمجلس الجامعة العربية في القاهرة الاحد.
واذا كان من غير المستحسن الذهاب بعيداً في القول بأن ثمة تواطؤاً في المسألة من اجل الخلاص من شيء اسمه القضية الفلسطينية، فإن الارجح ان العرب يعانون اليوم حال اندثار تفوق حال العجز التي كانوا يتهمون بها عندما كانوا لا يحركون ساكنا اذا تمادت اسرائيل في ممارساتها ضد الفلسطينيين من الاحتلال الى الاستيطان الى القتل اليومي والاعتقالات.
لكن الفضيحة التي يعيشها العرب اليوم تتمثل في ان من هلّل لما سمي "الربيع العربي" وقال إن المنطقة بدأت عصرا جديدا معه، كان يرى هذا اليوم امامه.
فجردة بسيطة لـ"منجزات" هذا "الربيع" تظهر بوضوح لماذا العرب هم اليوم بهذه الحال المزرية والمعيبة امام امم الارض. ذلك ان"الربيع" انتج حروبا داخلية وجعل الجيوش المصرية والسورية والعراقية تقاتل اليوم ما يطلق عليه الجهاديين الآتين من كل اصقاع الارض ليقيموا "الخلافة" فيما مهمتهم الحقيقية هي تدمير سوريا ومصر والعراق كبرى الدول العربية التي كان يعول عليها في مساندة الفلسطينيين في مواجهة اسرائيل.
اليوم سوريا ومصر والعراق تخوض حروبا داخلية. والجهاديون لا يستنزفون الدول فحسب، بل يستنزفون المقاومة اللبنانية التي قاتلت اسرائيل.
فهل كل ذلك محض مصادفة ام ان مخترعي "الربيع" كانوا اكثر ادراكا للحقيقة التي يلمسها العرب اليوم؟
يوم نشبت احداث سوريا كانت الجامعة العربية في حال انعقاد دائم من اجل فرض العقوبات على دمشق ومن اجل طلب حماية دولية للشعب السوري في اشارة ضمنية الى وجوب التدخل العسكري الخارجي على غرار ما جرى في ليبيا.
وكان العرب يضغطون في مجلس الامن كي يتحرك المجلس من اجل فرض عقوبات على دمشق واقرار التدخل الخارجي. كل هذا لا وجود له في حال الحرب الاسرائيلية على غزة اليوم.
والسبب الرئيسي الذي أوصل الى الوضع المأسوي الذي يعيشه العرب، هو ان "الربيع" انهكهم أكثر مما كانوا منهكين وشرذمهم أكثر مما كانوا مشرذمين وأوجد بيئة مثالية لاسرائيل كي تصفي القضية الفلسطينية بالطريقة الاسهل وأمام أعين العالم كله.
لا يعفي ذلك من ان بعض الفصائل الفلسطينية مثل "حماس" قد دخلت طرفا في صراعات "الربيع".
لكن "حماس" ليست كل الفلسطينيين. وما يجري من فظاعات في غزة اليوم يعني فلسطين كلها ولذلك كان مطلوباً، ولا سيما من مصر، موقف أكثر حزماً في مواجهته.
.........................
انتهى / 214