وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال عالم الدين البحريني «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (2014/07/18) بجامع "الإمام الصادق (ع)" في "الدراز" إن "في البحرين أزمة سياسية قائمة بين الشعب والسلطة لا يملك أحدٌ في الداخل أو الخارج أمام وضوحها وحدّتها أن يتنّكر لها، فالقضية ليست قضية وجود هذه الأزمة أو عدمها، إذ أن وجودها وضرر استمرارها مفروغٌ منه، وإنما القضية قضية الحل لهذه الأزمة والتخلص من ذيولها وآثارها وما تسببه من مظالم كثيرة وتدهور عام وإضرار. والسؤال هنا: هل يمكن أن يوجد حلٌ إنفرادي للأزمة تتولاه السلطة من غير توافق بينها وبين الشعب، والطريق للشعب هو التفاوض والطريق إلى التفاوض مع الشعب طريقه التفاوض أو الحوار مع قوى المعارضة التي لابد أن ترجع إليه -أي إلى الشعب- في نهاية الأمر ليحصل الحل على موافقته".
وأضاف آية الله قاسم "يدخل في صورة الحل الانفرادي من قبل السلطة الخيار الأمني، وخيار الحل السياسي الذي تتبناه بمفردها، أو مع الموافقة من جمعياتٍ غير معارضة أو شخصيات اجتماعية من أي وزنٍ مع الاستبعاد لرأي الشعب والجمعيات المعارضة التي تمثله وتصر على كون المرجعية النهائية في أي حلٍّ للأزمة وفي المسألة السياسية دائماً إنما هي مرجعيته، لا أنّ المرجعية فيما ينبغي من واقعٍ سياسيٍ هي مرجعية السلطة أو الجمعيات الموالية أو حتى المعارضة في نفسها بصورة تستقل بها عن إرادة الشعب وموافقته، كل هذه المرجعيات لا مرجعيات إنما المرجعية النهائية في المسألة السياسية هي الشعب كما هو متفقٌ عليه في الرأي الشعبي وفي دساتير العالم اليوم وفي العرف العالمي".
وفيما يلي نص الخطبة الثانية لسماحته:
بين الحل الانفرادي والحل المشترك:
في البحرين أزمة سياسية قائمة بين الشعب والسلطة لا يملك أحدٌ في الداخل أو الخارج أمام وضوحها وحدّتها أن يتنّكر لها، فالقضية ليست قضية وجود هذه الأزمة أو عدمها، إذ أن وجودها وضرر استمرارها مفروغٌ منه، وإنما القضية قضية الحل لهذه الأزمة والتخلص من ذيولها وآثارها وما تسببه من مظالم كثيرة وتدهور عام وإضرار.
والسؤال هنا: هل يمكن أن يوجد حلٌ إنفرادي للأزمة تتولاه السلطة من غير توافق بينها وبين الشعب، والطريق للشعب هو التفاوض والطريق إلى التفاوض مع الشعب طريقه التفاوض أو الحوار مع قوى المعارضة التي لابد أن ترجع إليه -أي إلى الشعب- في نهاية الأمر ليحصل الحل على موافقته.
ويدخل في صورة الحل الانفرادي من قبل السلطة الخيار الأمني، وخيار الحل السياسي الذي تتبناه بمفردها، أو مع الموافقة من جمعياتٍ غير معارضة أو شخصيات اجتماعية من أي وزنٍ مع الاستبعاد لرأي الشعب والجمعيات المعارضة التي تمثله وتصر على كون المرجعية النهائية في أي حلٍّ للأزمة وفي المسألة السياسية دائماً إنما هي مرجعيته، لا أنّ المرجعية فيما ينبغي من واقعٍ سياسيٍ هي مرجعية السلطة أو الجمعيات الموالية أو حتى المعارضة في نفسها بصورة تستقل بها عن إرادة الشعب وموافقته، كل هذه المرجعيات لا مرجعيات إنما المرجعية النهائية في المسألة السياسية هي الشعب كما هو متفقٌ عليه في الرأي الشعبي وفي دساتير العالم اليوم وفي العرف العالمي.
إن الدين الكريم وهو يُرجع الحكم لله وحده تبارك وتعالى ولا يكون حكم إلا بإذنه لا يعطي لواحد من الناس أن يبايع عن شعب، وإن كان يلزم كل شعب وكل أمة وكل الإنسانية أن لا تختار إلا ما يختاره الله ومن يختاره.
والجواب أن كل هذه الصور من الحل الانفرادي لا يمكن أن تمثل حلاًّ وقادراً على إنهاء الأزمة وإحداث واقع تسوده أجواء من الثقة والرضا الشعبي العام الذي لا سبيل لإنهاء الأزمة بدونه، لماذا؟ ذلك لأن أي حل تستقل الحكومة به لن يكون إلا بما يحافظ على امتيازاتها التي تسلب الشعب حقّه وتحرمه.
وكل حل آخر يُحضّر له ويصاغ بعيداً عن نظر الشعب لا يمكن أن يثق به ولا يمكن أن يطمأن أنه يستجيب لحقّه وإرادته، ولا يرى نفسه ملزماً به، وهو لا يرضى أن يستبدل عن مرجعيته السياسية بأي مرجعية أخرى تفرض نفسها عليه وتدّعي تمثيله رغماً على أنفه.
لو جاءت كل جمعيات المعارضة فضلاً عن الجمعيات الموالية وأجمعت على أن تغتصب الشعب حقّه في تمثيل نفسه وتفرض نفسها ممثلة عنه لما كان لها ذلك، إلا بأن يفوضها الشعب في ذلك.
إنّه بلحاظ ما تقدّم جدوى لأي حل انفرادي ، ثم لا أفق للحل في ظل التهرب من الحل المشترك بين طرفي النزاع الأصليين الشعب والسلطة.
والحوار الجاد النابع من إرادة سياسية صادقة بين من يمثل السلطة ممن هو قادر على اتخاذ القرار ومن يمثل الشعب من الجمعيات والحركات والرموز المعارضة التي لابد أن ترجع إليه في حلٍّ يكون ناجزاً بيدها.
ولا يلوح في الأفق لحدّ الآن ما يُبرز رغبة سياسية عند السلطة في الحل المشترك بل على العكس فإن كل ما يجري على يدها على الأرض وفي اللقاءات الشكلية بينها وبين قسمٍ من المعارضة فيه استبعاد شديدٌ لأي نوعٍ من هذا الحل المشترك، ويدل بقوة على تمسكها بالحل الانفرادي بأي صورة وأخرى وبما يحقق رؤيتها ومصالحها ومكاسبها ويلغي وزن الشعب وحقوقه ومصالحه.
لحدّ الآن نحن أمام اقتراحاتٍ أوليّة كلّها تصبّ في صالح هذه النتيجة، أن يكون كل شيء بيد الحكومة، وأن يخرج الشعب كما يعبّرون من الباب الشرقي.
وهذا يستلزم رغبة في غير محلّها، وفي غير صالح الوطن، وعلى خلاف الدين والعقل والاستقرار المطلوب في استمرار الأزمة وتفاقمها وتعمّقها.
أمران خطيران:
ما عزّ على مؤمنٍ أن يُتهم بشيءٍ كما يعزّ عليه أن يُتهم بالكفر، وهو أعزّ ما يعتزّ بالدين وإنتمائه إليه، ولا يهوّل من واقع هذا الاتهام بل يجعله بلا واقع ومفرّغاً من كل معناه إلا أن يأتي ممن لا عبرة ولا وزن لكلمته في مثل هذا المجال.
ثمّ لا تهديد على مستوى أمر الدنيا أخطر ولا أجرأ على هتك حرمة الإسلام والمسلم من التهديد بقتل النفس البريئة المسلمة، أي نفسٍ بريئة مسلمة.
أما الموت قتلاً أو غير قتل، فأمره بيد الواحد الأحد وحده لا شريك له، والذي جعل لكل شيءٍ قدراً، ولكل نفسٍ أجلاً، لا يملك أي مخلوقٍ من أمر تقديمه أو تأخيره شيئاً، وحتى ما قدّر الله من أجلٍ مشروطاً لا يخرج شرطه من أمر الله ولا يحدث خارج إرادته، فمن جهل المخلوق حقاً أن يتوّهم أنّ أجل قوي أو ضعيف ولو من مثل نملة بيده، ذلك وهم.
والمؤمن لا يوقف دعوته للإصلاح، ولا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ولا مطالبته بالحق والعدل، ولا سعيه في وحدة المسلمين وتقوية بناء الأمة ودرء الفتن عنها كلمة من هنا أو كلمة من هناك، تهديدٌ من هناك أو تهديد من هناك.
هتاف جموع المصلين: بالروح بالدم نفديك يا فقيه.
..ولا ما يُرضي فلاناً من الناس أو يغضب فلان من الآخر، ولا مرجع له في كلّ أمره إلا دينه ولا ميزان عنده في فعلٍ أو تركٍ إلا رضا الله وغضبه.
والاتهام بالكفر لأي تابعٍ لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهو يتبع في عقيدته عقيدة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الميامين من أهل بيته (عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) بما يتأتى له أن يدرك من عمقها وما لا يدرك منه مسلّماً تمام التسليم متّبعاً تمام الإتّباع لهم صلوات الله عليهم أجمعين إنما يعود لإتهام قمة أهل الإيمان والعقيدة الإلهية الصادقة، وهل يعلم هذا المُتّهِم بالكفر أننا لا نكتفي في عقيدتها بالتوحيد بما يصل إليه علمنا المحدود، بل نعتقد بحقيقة التوحيد الحق التي يعلمها الله عزّ وجل من توحيده، أنّا لي لي أن أعلم بالتوحيد الحقّ، أنّا لي؟ أنّا لأي مخلوق؟ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع علمه الغزير ومع إدراكه الذي لا يساويه إدراك هو في اعتقاده التوحيدي يسلّم لأمر الله في توحيده الحقّ الذي لا يدركه مخلوق.
أقول، بما يتأتى له، يتأتى للمُعتقِد بعقيدة النبي وآل النبي العقيدة التوحيدية، بما يتأتى له أن يدرك من عمقها وما لا يدرك مها مسلماً تمام التسليم، متّبعاً تمام الإتّباع إنما يعود إلى اتهام قمة أهل الإيمان والعقيدة الإلهية الصادقة المتمثلين في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته.. أنت عندما تتهم تابعاً من أتباع النبي وأهل بيته في عقيدته وهم لا يتعدّون في عقيدتهم ما عليه عقيدة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أدركوا منها ما أدركوا وحتى ما لا يدركونه، هم تابعون فيه إلى عقيدته صلى الله عليه وآله.
حين تتهم شخصاً بالكفر وهو يأخذ بهذا المأخذ فأنت تتهم من؟ تتهم رسول الله.. تتهم علي بن أبي طالب، الحسن، الحسين، اتقِّ الله، اتقِّ الله، اتقِّ الله..
تعلّم وناقش..
وهل يعلم هذا المتهم بالكفر أننا لا نكتفي بعقيدتها بالتوحيد بما يصل إليه علمنا المحدود بل نعتقد بعقيدة التوحيد الحقّ التي يعلمها الله من توحيده والتي تعجز العقول عن إدراكها موقنين أن لا مخلوق أن يدرك ما عليه حقيقة وكمال الخالق، والنبي (صلى الله عليه وآله) يرجع في اعتقاده بكمال الله المطلق إلى ما عليه علمه بكماله، لأن أي تقديرٍ لكمال الله ووحدانيته من أي مخلوقٍ دون وحدانيته وكماله.
وإذا كان للكلمات التكفيرية من غرض سياسي وكان صدورها بدفعٍ سياسي لإثارة فتنة مُحرقة للمسلمين، فإننا لنؤكد دائماً أننا غير مستعدين نهائياً بالتضحية بالأخوة الإسلامية العامة وحقوقها، وبوحدة الأمة استجابةً لمن يكيد بها، وليس لأحد أن يتوقع منّا التفريط بوحدة هذا الشعب.
وليعُلم بأن هذا الشعب ليس غبياً لا يعلم من هم الأبواق وما هو دورهم ومن ينفخ في الأبواق وما هدفه.
..................
انتهى/212
المصدر : خاص ابنا
الجمعة
١٨ يوليو ٢٠١٤
٥:٢١:٥٨ م
624926
«آية الله عيسى قاسم»: في البحرين أزمة سياسية قائمة بين الشعب والسلطة
قال عالم الدين البحريني «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» إن "في البحرين أزمة سياسية قائمة بين الشعب والسلطة لا يملك أحدٌ في الداخل أو الخارج أمام وضوحها وحدّتها أن يتنّكر لها، فالقضية ليست قضية وجود هذه الأزمة أو عدمها، إذ أن وجودها وضرر استمرارها مفروغٌ منه، وإنما القضية قضية الحل لهذه الأزمة والتخلص من ذيولها وآثارها وما تسببه من مظالم كثيرة وتدهور عام وإضرار".