ابنا : يسعى رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، الى تأكيد عالم افتراضي رسمته نواياه الانفصالية عن العراق، عبر التصريح المتكرر بان العراق لن يعود الى ما كان عليه قبل احداث الموصل، فيما يسعى الى وضع افتراضاته في التقسيم على ارض الواقع عبر استثمار الازمة في السيطرة على المناطق المتنازع عليها ومحاولة فرض سياسة امر واقع في كركوك، واحتكار تصدير النفط في كردستان على طريق اعلان الاستقلال عن العراق حالما تتيح الظروف الاقليمية والمحلية ذلك.
ففي لقاءه السبت الماضي، في منتجع صلاح الدين مع سفير الولايات المتحدة لدى العراق روبرت ستيفن بيكروفت، كرّر بارزاني تأكيده على ان "أي حل سياسي يجب أن يكون خاضعا للواقع الجديد في البلاد"، ما يعني بحسب محللين سياسيين، سعي البارزاني الى الاحتفاظ بالمكاسب التي حققها اثناء ازمة الموصل.
وفي وقت تنشر فيه داعش خريطة دولتها الافتراضية التي تضم مناطق شاسعة من العراق وسوريا، وتحاذي حدود الاقليم، يرسم بارزاني ايضا حدود دولته المفترضة في تزامن،يثير علامات الاستفهام، في اشتراك اطراف إقليمية ومحلية في مؤامرة تقسيم العراق.
وفي ظل تصاعد الانتقادات لبارزاني، لتقاعسه عن الحرب على الارهاب، برّر بارزاني عدم تدخله في الحرب الى انه "لا يرغب في الانزلاق الى حرب ضد طائفة تحت ستار الحرب على الارهاب"، في نفاق سياسي واضح يسعى من خلاله الى عدم الاصطدام مع القوى والعشائر السنية التي ترفض هيمنته على كركوك والمناطق المتنازع عليها.
و يتفق محلّلون سياسيون على ان احتلال تنظيم "داعش" الارهابي لمدينة الموصل، هو تحصيل حاصل لمؤامرة رسمها محافظ نينوى اثيل النجيفي مع مسعود البارزاني بالتواطأ مع جهات سياسية محلية، ودعم اقليمي، على امل رسم خارطة جغرافية جديدة تعزز انفصال اقليم كردستان وترسم ملامح اقليم سني مستقل في العراق.
وتشير اتجاهات الأوضاع السياسية في الموصل وشمالي العراق الى "تطابق" في الاهداف بين امراء الحرب من داعش، ومحافظ نينوى وحكومة البارزاني على تشجيع الجماعات المسلحة على احتلال المناطق ذات الأغلبية السنية حيث تتواجد الحواضن الارهابية، على طريق تفكيك العراق، واستمرار الاقتتال العربي - العربي طالما ظلت ساحة الصراع بعيدة عن مدن اقليم كردستان.
وكان زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي قد شن هجوما على كل من بارزاني وبعثيين ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، واتهمهم الخزعلي جميعا بالوقوف وراء ما سماها المؤامرة التي حدثت في الموصل.
كما حمّل الخزعلي الأطراف الكردية مسؤولية سلامة سكان مناطق خارج إقليم كردستان التي تسيطر عليها القوات الكردية.
الى ذلك اعاد بارزاني في بيان له، الخميس الماضي ما صرّح به في اجتماعه مع السفير الامريكي، بالقول ان "الأحداث الأخيرة حوّلت العراق إلى مرحلة أخرى، كما انها وضعت علاقات إقليم كردستان مع بغداد في مرحلة جديدة".
ويعتقد بارزاني ان احداث الموصل جعلته في موقع قوة يمكن من خلاله فرض شروطه على حكومة المركز، مع استمرار انشغالها في الحرب على داعش والارهاب في الموصل والفلوجة ومناطق اخرى من العراق.
الى ذلك قال محلل سياسي ان "بارزاني اعتاد اطلاق تصريحاته المخجلة في زمن الفوضى والاضطراب السياسي.. حاك ومن معه مؤامرة احتلال الموصل واعطى لنفسه تطبيق المادة 140بشأن المناطق المتنازع عليها وهذا يشكل تهديدا غير مسبوق لروح الدستور فضلا عن السيطرة على اسلحة لجيش العراقي بعد سيطرة داعش ".
وزاد في القول "اما تصريحه الخائب هذا فارغ من فحواه لانه يستبعد الاتفاقية الاميركية مع العراق وعلاقة طهران مع حكومة المركز، و من المؤكد ان خطاب اوباما جاء مخيبا لبعض المراقبين او الجمهور ولكنه اكد على نقطة جوهرية تتمثل بالحفاظ على وحدة العراق ونقاط اخرى يعتقد البعض انها مبهمة".
واعتبر المحلل السياسي ان "تاريخ العائلة البارزانية ممتلأ لحد التخمة بالبراغماتية السيئة، لو ركزنا على الاعمال الارهابية طيلة 11 سنة لم نسمع من مسعود ادانه لها".
وكان اتهامات وُجهت الى بارزاني وحزبه بتهريب النفط في كردستان منذ العام 2010، وفق ما نشرته صحيفة "روزنامة" الكردية، ليطالبها الحزب، بتعويض مليار دولار لتناولها القضية.
وتجددّت قصص تهريب النفط حتى العام 2012، حين نفى بارزاني ذلك.
وفي اكتوبر العام 2006، اثار تقرير صحافي نشرته اسبوعية "هولاتي" المستقلة التي تصدر في السليمانية، ضجة واسعة بعد كشفها النقاب عن اسماء 153 وزيراً ونائـباً وقيادياً حزبياً، ووكيلا للوزارة، ومديراً عاماً، وضباط امن وشرطة تعاملوا مع اجهزة نظام صدام البائد، حتى تأريخ سقوطه في نيسان (ابريل) 2003.
ومن بين الأسماء، اثنين من اعضاء المكتب السياسي لحزب بارزاني، وخمسة من اعضاء لجنته المركزية، وثلاثة من وزرائه، ومسؤولين رسميين وحزبيين آخرين.
وكجزء من التوتر حول المناطق المتنازع عليها، سعي بارزاني الى بسط نفوذه على المناطق المحاذية لكردستان، وارسل السلاح الى ابناء العشائر في الحويجة، لتصعيد العنف تمهيداً لدخول قوات من البشمركة لاحتواء الازمة وتهدئة الاوضاع، كخطوة اولى لتنفيذ المادة 140، وهو ما يفعله اليوم في كركوك والمناطق المتنازع عليها فقد اشاع عبر وسائل اعلامه ان الجيش العراقي ترك مواقعه ما اضطر قوات البيشمركة الى ملأ الفراغ.
..................................
انتهى / 214