وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر :
الأربعاء

١١ يونيو ٢٠١٤

٨:٢٣:٤٦ م
615325

تداعيات المعارك الاقليمية على المنطقة والعالم

صحيفة "البيان" العراقية تتحدث عن معارك اقليمية – دولية طاحنة بدرجات متفاوتة في الدول العربية المحورية مصر وسوريا والعراق، والتي ستكون لها تداعيات خطيرة على مجمل الوضع العام في المنطقة والعالم.

ابنا : تدور معارك اقليمية – دولية طاحنة بدرجات متفاوتة في ثلاث دول محورية في المنطقة العربية هي مصر وسوريا والعراق التي تشهد تطورات سياسية وامنية في غاية الأهمية والخطورة ، وتعد المعارك الإقليمية التي تدور رحاها في مصر وسوريا والعراق من أخطر المعارك التي لم تشهد لها المنطقة مثيلا في تاريخها الحديث ، وهي بدون أدنى شك ، أشرس وأخطر من جميع الحروب التي اندلعت بين الدول العربية واسرائيل وكذلك الحرب العراقية – الإيرانية ، باعتبار ان المعارك الاستراتيجية في الجبهات الثلاث ستكون لها تداعيات خطيرة على مجمل الوضع العام في المنطقة والعالم ، فضلاً عن كونها ستساهم في صناعة نظام عالمي جديد ورسم خارطة جديدة للمنطقة تكون بديلا عن اتفاقية سايكس بيكو التي لم تعد تتناسب مع التحولات السياسية والاجتماعية والامنية الكبيرة التي تحدث في المنطقة منذ تسعينيات القرن الماضي .

واذا كانت القوى الإقليمية والدولية المتصارعة تبدو حاضرة وبقوة في الأزمة السورية منذ تفجرها في عام 2011 وحتى الآن ، فان هذه القوى المتصارعة تظهر وتختفي تارة وتختار التزام الظل تارة أخرى في التعاطي مع الأزمتين المصرية والعراقية ، فالولايات المتحدة على سبيل المثال التي تحاول الإختفاء وراء السعودية وحلفائها في الصراع المحتدم مع المحور التركي – القطري في الجبهة المصرية ، فانها تمارس ذات الخيار في الأزمة العراقية ، في اطار سياسة البقاء على (مسافة متقاربة) من المتخاصمين داخليا دون اخفاء انحيازها الى احد اطراف الصراع الاقليمي .

في المعركة السورية ، استطاع النظام الذي كاد ان ينهار في عام 2012 ان يحقق منذ اواخر عام 2013 انجازات عسكرية كبيرة ومتلاحقة على الأرض ، ساعدته في اجراء الإنتخابات الرئاسية التي تمثل بحد ذاتها وبعيداعن النتائج نجاحاً سياسيا بامتياز يعزز تفوقة العسكري على الأرض ، أي ان فوز الأسد في الانتخابات الحالية هو بكل تاكيد اقوى من فوزه في الانتخابات السابقة التي جرت عام 2007 في ظل اجواء هادئة سياسيا وامنيا ، وبعبارة اخرى ، فان الأسد الذي كانت تلاحقة على مدى اكثر من عامين المقولة الدولية – الإقليمية (إرحل) أصبح بامكانه اليوم أن يفرض الشروط على اصحاب هذه المقولة ، ذلك أنه لايمكن بأي حال اخفاء الرائحة الاقليمية – الدولية التي تفوح بقوة ووضوح من نجاحاته العسكرية والسياسية.

أما المعركة الإقليمية على الجبهة المصرية ، فقد دارت رحاها وماتزال بين أطراف ذات المحور الذي يقود المعركة في الجبهة السورية ، فانشق المحور الإقليمي التركي – السعودي – القطري إلى محورين الأول بزعامة السعودية وحلفائها الكويتيين والإماراتيين والبحرينين في مقابل المحور التركي – القطري ، ومع عزل الرئيس السابق محمد مرسي في العام الماضي ، طويت صفحة مهمة في (المعركة الاقليمية) على الجبهة المصرية لصالح المحور الذي تقوده السعودية الذي تعززت قوته بفوزعبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية .

وفي حسابات الربح والخسارة ، فان المحور التركي – القطري هو الخاسرالاكبر في المعركتين السورية والمصرية والتي تبدو متشابهة على الأقل من الناحية الظاهرية ، فاذا كان فوز السيسي في الإنتخابات المصرية يمثل خسارة كبيرة للمحور التركي – القطري ، فان فوزالأسد في الانتخابات السورية يعد هزيمة سياسية شخصية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ولإمارة قطر، على ان السعودية التي ينظر إليها على انها كسبت الجولة في مصر ، فانها تتقاسم الهزيمة بالتساوي مع تركيا وقطر في المعركة السورية .

اما المعركة الاقليمية الثالثة ، فهي تلك التي تدور رحاها في العراق والتي تعد من اخطر المعارك على الاطلاق وذلك لاعتبارات عديدة منها :

أولا – كونها أطول الحروب الإقليمية من الناحية الزمنية حيث بدأت بعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 .

ثانيا – تورط جميع الأطراف الإقليمية (المتصارعة والمتحالفة) على حد سواء في المعركة على ارض العراق

ثالثا – تحوّل العراق إلى اكبر معسكر في العالم (للجهاديين) الذين دخلوا العراق من شتى بقاع العالم وكانوا يحصلون على جميع أنواع الدعم والمساندة من غالبية الدول الاقليمية بشكل فاق ما حصل عليه المجاهدون الافغان في حربهم ضد الجيش السوفيتي على مدى عشر سنوات انتهت بانسحابه في عام 1989.

رابعا – الموقع الإستراتيجي للعراق والثروات الهائلة التي يمتلكها وهي ليست متوفرة في مصر وسوريا ، كما أن النظام السياسي الجديد لم يكن مرغوباً به في المنطقة لاعتبارات سياسية وطائفية .

مايزيد في خطورة المعركة الإقليمية في الجبهة العراقية كون المحور السعودي – التركي – القطري الذي خسر في المعركة السورية ، كان قد تعرض لهزائم قاسية على مدى السنوات الماضية في العراق ، كما ان تركيا التي خسرت في سوريا ومصر ، سيكون من الصعب جداً عليها ان تلقي السلاح في المعركة العراقية ، وبعبارة أدق ، فان رجب طيب اردوغان ينظر إلى معركة العراق أنها معركة (موت اوحياة) له شخصيا ولتركيا ، فتركيا التي نجحت في تمددها السياسي والإقتصادي والتجاري والثقافي وكذلك الأمني في عدد من دول الجوار الإقليمي في مرحلة ما قبل الربيع العربي، بدأت تخسر (بالمفرد والجملة) بعد أن كان أردوغان يحلم وهو يعد الأيام لعودة ان يتوّج سلطانا على المنطقة العربية ، إن اردوغان الذي تحول إلى (عبء ثقيل) على تركيا وحلفائها الأطلسيين بعد هزائمه في مصر وسوريا واستعدائه لعدد من الدول الإقليمية ، ينظر إلى معركة العراق باعتبارها (المفتاح الذهبي) لحل مشاكله وأزماته المتعددة .

لقد تزامن هجوم تركيا على خط (المعركة العراقية) بشكلٍ حاد ومباشر مع ثلاثة تحولات اقليمية استراتيجية ، الأول أن اردوغان قد تيقن بان (رحيل الأسد) قد أصبح حلما من الماضي والثاني أن (عودة مرسي والاخوان) للحكم في مصر تبدو خيالا كما هو رحيل الأسد ، والثالث وهو الحلم الاخير لأردوغان المتمثل بتشكيل الحكومة العراقية ، فمن خلفية طائفية وحسابات سياسية وقناعة راسخة بان لتركيا مصالح حيوية في العراق ، جاء اعلان وزير الطاقة التركي يلدز في شهر أيار/مايو الماضي بتصدير النفط من اقليم كردستان إلى العالم ، وهي خطوة تعد انتهاك صارخا لسيادة العراق ونهباً لثرواته لم تجرؤ حتى قوات الإحتلال الأميركي القيام بها بعد غزو العراق عام 2003 .

كان الوزير التركي يتحدث عن تصدير النفط وكأنه نفط تركي وليس نفطا عراقيا مع ان الوزير نفسه كان قد وقع في عام 2010 على اتفاق يلزم حكومته بالإمتناع عن تصدير النفط دون موافقة الحكومة الاتحادية ، وزاد الوزير التركي على ذلك حين نصّب نفسه متوليا على العائدات النفطية واعلانه بانه سيتم وضع العائدات في (بنك خلق) التركي الذي سيقوم بدوره في توزيعها بين المركز والإقليم .

ان توقيت تصدير النفط وآلية توزيع العائدات واللهجة الاستعلائية للوزير التركي لم تكن محظ صدفة على الإطلاق ، بل أن حكومة اردوغان كانت حريصة على توجيه رسائل إلى كل من يهمه الأمر في العراق والمنطقة ، ومن بين هذه الرسائل:

اولا : ان الحكومة التركية وليس اقليم كردستان هي من اتخذ قرار تصدير النفط

ثانيا : اضعاف الحكومة المركزية في بغداد ، وهو هدف استراتيجي طالما حاولت حكومة اردوغان التركيز عليه من خلال التعاون مع الاقليم في مناسبات عديدة ومن بينها زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو العام الماضي إلى مدينة كركوك بعد زيارته إلى اربيل.

ثالثا : توجيه رسالة إلى اكراد تركيا بان مسعود بارزاني وليس عبد الله اوجلان هو من يمثل الزعامة السياسية للكرد وان التفاهم مع انقرة هو الخيار الوحيد لمشاكل الكرد.

رابعا : تخريب العلاقة بين المركز والإقليم ، وبما يجعل تركيا هي البديل للاقليم عن العراق سياسيا واقتصاديا وتجاريا وامنيا.

خامسا : دفع رئاسة الاقليم الى رفع سقف المطالب اثناء التفاوض حول تشكيل الحكومة وانضمام اطراف سياسة اخرى الى لعبة رفع سقف المطالب وبما يؤدي الى اعاقة تشكيل الحكومة ومنع المالكي من تشكيل الحكومة المقبلة.

أما الخيار الثاني في الاستراتيجية التركية فهو ارباك الوضع الامني في العراق على الطريقة السورية تسقط فيها عدة مدن ومحافظات يحشر فيها رئيس الوزراء في الزاوية الحرجة ، والهدف هو اضافة تداعيات تصدير النفط الى التدهور الامني لتؤدي الى نتيجة واحدة هي منع انتخاب المالكي لولاية ثالثة .

لكن تجارب السنوات الماضية علمتنا دروسا بليغة وكبيرة مفادها ان الأجندة الخارجية تسقط كما سقطت اخواتها السابقات وان اصحاب المشروع الوطني الحقيقي هم الذين ينتصرون في النهاية للعراق وشعبه.

.............................

انتهى / 214