فضائل الإمام الحسين عليه السلام
قوة الإرادة
من النزعات الذاتية لأبي الشهداء عليه السلام قوة الإرادة، وصلابة العزم والتصميم، وقد ورث هذه الظاهرة الكريمة من جده الرسول صلّى الله عليه وآله الذي غيّر مجرى التاريخ، وقلب مفاهيم الحياة، ووقف صامداً وحده أمام القوى الهائلة التي هبت لتمنعه من أن يقول كلمة الله، فلم يعن بها وراح يقول لعمه أبي طالب مؤمن قريش: (والله لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بيساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى أموت أو يظهره الله..). بهذه الإرادة الجبارة قابل قوى الشرك، واستطاع أن يتغلب على مجريات الأحداث، وكذلك وقف سبطه العظيم في وجه الحكم الأموي فأعلن بلا تردد رفضه لبيعة يزيد، وانطلق مع قلة الناصر إلى ساحات الجهاد ليرفع كلمة الحق، ويدحض كلمة الباطل، وقد حشدت عليه الدولة الأموية جيوشها الهائلة، فلم يحفل بها، وأعلن عن عزمه وتصميمه بكلمته الخالدة قائلاً: (لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما..). وانطلق مع الأسرة الكريمة من أهل بيته وأصحابه إلى ميدان الشرف والمجد ليرفع راية الإسلام، ويحقق للامة الإسلامية أعظم الانتصارات والفتح حتى استشهد سلام الله عليه، وهو من أقوى الناس إرادة، وأمضاهم عزيمة وتصميماً. غير حافل بما عاناه من الكوارث التي تذهل العقول وتحير الألباب.
الشجاعة
أما شجاعته فقد أنست شجاعة الشجعان وبطولة الأبطال وفروسية الفرسان من مضى ومن سيأتي إلى يوم القيامة، فهو الذي دعا الناس إلى المبارزة فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل مقتلة عظيمة، وهو الذي قال فيه بعض الرواة: والله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله وإن كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وعن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب، ولقد كان يحمل فيهم فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، وهو الذي حين سقط عن فرسه إلى الأرض وقد أثخن بالجراح، قاتل راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية ويفترص العورة. ويشد على الشجعان وهو يقول: أعليّ تجتمعون؟ وهو الذي جبن الشجعان وأخافهم وهو بين الموت والحياة حين بدر خولي ليحتز رأسه فضعف وأرعد. وفي ذلك يقول السيد حيدر الحلي: عفيرا متى عاينته الكمأة يختطف الرعب ألوانها فما أجلت الحرب عن مثله قتيلا يجبن شجعانها وهو الذي صبر على طعن الرماح وضرب السيوف ورمي السهام حتى صارت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ وحتى وجد في ثيابه مائة وعشرون رمية بسهم وفي جسده ثلاث وثلاثون طعنة برمح وأربع وثلاثون ضربة بسيف.
الصراحة
من صفات أبي الأحرار الصراحة في القول، والصراحة في السلوك ففي جميع فترات حياته لم يوارب ولم يخادع، ولم يسلك طريقاً فيه أي التواء، وإنما سلك الطريق الواضح الذي يتجاوب مع ضميره الحي، وابتعد عن المنعطفات التي لا يقرها دينه وخلقه، وكان من ألوان ذلك السلوك النير أن الوليد حاكم يثرب دعاه في غلس الليل، وأحاطه علماً بهلاك معاوية، وطلب منه البيعة ليزيد مكتفياً بها في جنح الظلام، فامتنع عليه السلام وصارحه بالواقع قائلاً: (يا أمير إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد فاسق فاجر، شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله..). وكشفت هذه الكلمات عن مدى صراحته، وسمو ذاته، وقوة العارضة عنده في سبيل الحق. ومن ألوان تلك الصراحة التي اعتادها وصارت من ذاتياته أنه لما خرج إلى العراق وافاه النبأ المؤلم وهو في أثناء الطريق بمقتل سفيره مسلم بن عقيل، وخذلان أهل الكوفة له، فقال للذين اتبعوه طلباً للعافية لا للحق: (قد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف، ليس عليه ذمام...) فتفرق عنه ذوو الأطماع، وبقى مع الصفوة من أهل بيته.
لقد تجنب عليه السلام في تلك الساعات الحرجة التي يتطلب فيها إلى الناصر الإغراء والخداع مؤمناً أن ذلك لا يمكن أن تتصف به النفوس العظيمة المؤمنة بربها والمؤمنة بعدالة قضيتها. ومن ألوان تلك الصراحة أنه جمع أهل بيته وأصحابه في ليلة العاشر من المحرم، فأحاطهم علماً بأنه يقتل في غد، ويقتل جميع من كان معه صارحهم بذلك ليكونوا على بصيرة وبينة من أمرهم، وأمرهم بالتفرق في سواد ذلك الليل، فأبت تلك الأسرة العظيمة مفارقته،وأصرت على الشهادة بين يديه. تدول الدول، وتزول الممالك، وهذه الأخلاق الرفيعة أحق بالبقاء وأجدر بالخلود من كل كائن حي لأنها تمثل القيم العليا التي لا كرامة للإنسان بدونها.
الصلابة في الحق
أما الصلابة في الحق فهي من مقومات أبي الشهداء ومن أبرز ذاتياته فقد شق الطريق في صعوبة مذهلة لإقامة الحق، ودرك حصول الباطل، وتدمير خلايا الجور. لقد تبنى الإمام عليه السلام الحق بجميع رِحابه ومفاهيمه، واندفع إلى ساحات النضال ليقيم الحق في ربوع الوطن الإسلامي، وينقذ الأمة من التيارات العنيفة التي خلقت في أجوائها قواعد للباطل، وخلايا للظلم، وأوكاراً للطغيان تركتها تتردى في مجاهل سحيقة من هذه الحياة. رأى الإمام عليه السلام الأمة قد غمرتها الأباطيل والأضاليل، ولم يعد ماثلاً في حياتها أي مفهوم من مفاهيم الحق، فانبرى عليه السلام إلى ميادين التضحية والفداء ليرفع راية الحق. وقد أعلن عليه السلام هذا الهدف المشرق في خطابه الذي ألقاه أمام أصحابه قائلاً: (ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله..). لقد كان الحق من العناصر الوضائة في شخصية أبي الأحرار، وقد استشف النبي صلّى الله عليه وآله في هذه الظاهرة الكريمة فكان ـ فيما يقول المؤرخون ـ يرشف دوماً ثغره الكريم ذلك الثغر الذي قال كلمة الله وفجّر ينابيع العدل والحق في الأرض.
الصبر
من النزعات الفذة التي تفرد بها سيد الشهداء الصبر على نوائب الدنيا ومحن الأيام، فقد تجرع مرارة الصبر منذ أن كان طفلاً، فرزئ بجده وأمه، وشاهد الأحداث الرهيبة التي جرت على أبيه، وما عاناه من المحن والخطوب، وتجرع مرارة الصبر في عهد أخيه، وهو ينظر إلى خذلان جيشه له، وغدرهم به، حتى أرغم على الصلح، وبقي معه يشاركه في محنه وآلامه، حتى اغتاله معاوية بالسم، ورام أن يوارى جثمانه بجوار جده فمنعته بنو أمية فكان ذلك من أشق المحن عليه.
ومن أعظم الرزايا التي صبر عليها أنه كان يرى انتقاض مبادئ الإسلام، وما يوضع على لسان جده من الأحاديث المنكرة التي تغير وتبدل شريعة الله، ومن الدواهي التي عاناها أنه كان يسمع سب أبيه وانتقاصه على المنابر، وقيام الطاغية زياد بإبادة شيعتهم واستئصال محبيهم، فصبر على كل هذه الرزايا والمصائب. وتواكبت عليه المحن الشاقة التي تميد بالصبر في يوم العاشر من المحرم فلم يكد ينتهي من محنة حتى تطوف به مجموعة من الرزايا والآلام، فكان يقف على الكواكب المشرقة من أبنائه وأهل بيته، وقد تناهبت السيوف والرماح أشلاءهم فيخاطبهم بكل طمأنينة وثبات: (صبراً يا أهل بيتي، صبراً يا بني عمومتي، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم). وقد بصر شقيقته عقيلة بني هاشم، وقد أذهلها الخطب، ومزق الأسى قلبها، فسارع إليها، وأمرها بالخلود إلى الصبر والرضا بما قسم الله.
ومن أهوال تلك الكوارث التي صبر الإمام عليها أنه كان يرى أطفاله وعياله، وهم يضجون من ألم الظمأ القاتل، ويستغيثون به من أليم العطش فكان يأمرهم بالصبر والاستقامة، ويخبرهم بالعاقبة المشرقة التي يؤول إليها أمرهم بعد هذه المحن الحازبة. وقد صبر على ملاقاة الأعداء الذين ملأت الأرض جموعهم المتدفقة، وهو وحده يتلقى الضرب والطعن من جميع الجهات، قد تفتت كبده من العطش وهو غير حافل بذلك كله. لقد كان صبره وموقفه الصلب يوم الطف من أندر ما عرفته الإنسانية. يقول الإربلي: (شجاعة الحسين يضرب بها المثل، وصبره في الحرب أعجز الأوائل والأواخر).
إن أي واحدة من رزاياه لو ابتلى بها أي إنسان مهما تذرّع بالصبر والعزم وقوة النفس لأوهنت قواه واستسلم للضعف النفسي، ولكنه عليه السلام لم يعن بما ابتلي به في سبيل الغاية الشريفة التي سمت بروحه أن تستسلم للجزع أو تضرع للخطوب. يقول المؤرخون: إنه تفرد بهذه الظاهرة، فلم تُوهِن عزمه الأحداث مهما كانت، وقد توفى له ولد في حياته فلم ير عليه أثر للكآبة فقيل له في ذلك فقال عليه السلام: (إنا أهل بيت نسأل الله فيعطينا، فإن أراد ما نكره فيما نحب رضينا). لقد رضى بقضاء الله واستسلم لأمره، وهذا هو جوهر الإسلام ومنتهى الإيمان.
الحلم
أما الحلم فهو من أسمى صفات أبي الشهداء عليه السلام ومن أبرز خصائصه فقد كان ـ فيما أجمع عليه الرواة ـ لا يقابل مسيئاً بإساءته، ولا مذنباً بذنبه، وإنما كان يغدق عليهم ببره ومعروفه شأنه في ذلك شأن جده الرسول صلّى الله عليه وآله الذي وسع الناس جميعاً بأخلاقه وفضائله، وقد عرف بهذه الظاهرة وشاعت عنه، وقد استغلها بعض مواليه فكان يعمد إلى اقتراف الإساءة إليه لينعم بصلته وإحسانه. ويقول المؤرخون: إن بعض مواليه قد جنى عليه جناية توجب التأديب فأمر عليه السلام بتأديبه، فانبرى العبد قائلاً: يا مولاي، إن الله تعالى يقول: (الكاظمين الغيظ).
فقابله الإمام ببسماته الفياضة وقال له:
خلوا عنه، فقد كظمت غيظي..
وسارع العبد قائلاً: (والعافين عن الناس).
قال: قد عفوت عنك..
وانبرى العبد يطلب المزيد من الإحسان قائلاً: (والله يحب المحسنين).
قال: أنت حر لوجه الله..
ثم أمر له بجائزة سنية تغنيه عن الحاجة ومسألة الناس.
لقد كان هذا الخلق العظيم من مقوماته التي لم تنفك عنه، وظلت ملازمة له طوال حياته.
التواضع
وجُبل الإمام الحسين عليه السلام على التواضع ومجافاة الأنانية والكبرياء، وقد ورث هذه الظاهرة من جده الرسول صلّى الله عليه وآله الذي أقام أصول الفضائل ومعالي الأخلاق في الأرض، وقد نقل الرواة بوادر كثيرة من سمو أخلاقه وتواضعه ومنها: إنه اجتاز على مساكين يأكلون في (الصفة) فدعوه إلى الغذاء فنزل عن راحلته، وتغذى معهم، ثم قال لهم: قد أجبتكم فأجيبوني، فلبوا كلامه وخفوا معه إلى منزله، فقال عليه السلام لزوجه الرباب: أخرجي ما كنت تتدخرين. فأخرجت ما عندها من نقود فناولها لهم. مرّ على فقراء يأكلون كسراً من أموال الصدقة، فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم، فجلس معهم، وقال: لولا أنه صدقة لأكلت معكم ثم دعاهم إلى منزله، فأطعمهم، وكساهم، وأمر لهم بدراهم. لقد اقتدى عليه السلام في ذلك بجده الرسول صلّى الله عليه وآله سار على هديه فقد كان ـ فيما يقول المؤرخون ـ يخالط الفقراء ويجالسهم، ويفيض عليهم ببره وإحسانه، حتى لا يتبيغ بالفقير فقره، ولا يبطر الغني ثراؤه.
وجرت مشادة بين الحسين وأخيه محمد بن الحنفية، فانصرف محمد إلى داره وكتب إليه رسالة جاء فيها: أما بعد: فإن لك شرفاً لا أبلغه، وفضلاً لا أدركه، أبونا علي لا أفضلك فيه ولا تفضلي، وأمي امرأة من بني حنيفة، وأمك فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله ولو كان ملء الأرض مثل أمي ما وفين بأمك، فإذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك ونعليك وسر إليّ، وترضيني، وإياك أن أكون سابقك إلى الفضل الذي أنت أولى به مني... ولما قرأ الحسين رسالة أخيه سارع إليه وارضاه وكان ذلك من معالي أخلاقه وسمو ذاته.
الرأفة والعطف
ومن صفات أبي الأحرار أنه كان شديد الرأفة بالناس يمد يده لكل ذي حاجة، ويسعف كل ذي لهفة، ويجير كل من استجار به، وقد فزع مروان إليه والى أخيه وهو من ألد أعدائهم، بعد فشل واقعة الجمل، وطلب منهما أن يشفعا له عند أبيهما، فخفا إليه وكلماه في شأنه وقال له: (يبايعك يا أمير المؤمنين). فقال عليه السلام: (أو لم يبايعني قبل قتل عثمان لا حاجة لي في بيعته، إنها كف يهودية، لو بايعني بيده لغدر بسبابته، أما أن له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة، وستلقى الأمة من ولده يوماً أحمر).
وما زالا يلطفان به حتى عفا عنه، إلا أن هذا الوغد قد تنكر لهذا المعروف وقابل السبطين بكل ما يملك من وسائل الشر والمكروه، فهو الذي منع جنازة الإمام الحسن أن تدفن بجوار جده، وهو الذي أشار على الوليد بقتل الإمام الحسين إن امتنع من البيعة ليزيد، كما أظهر السرور والفرح بمقتل الإمام عليه السلام وحسب مروان أنه من تلك الشجرة التي لم تثمر إلا الخبيث الدنس وما يضر الناس. ومن ألوان تلك الصور الخالدة لعطف الإمام ورأفته بالناس أنه لما استقبله الحر بجيشه البالغ ألف فارس، وكان قد أرسل لمناجزته وقتاله فرآه الإمام وقد أشرف على الهلاك من شدة العطش فلم تدعه أريحيته ولا سمو ذاته أن لا يقوم بإنقاذهم، فأمر عليه السلام غلمانه وأهل بيته أن يسقوا القوم عن آخرهم، ويسقوا خيولهم فسقوهم عن آخرهم، وكان فيهم علي بن الطعان المحاربي الذي اشتد به العطش فلم يدر كيف يشرب فقام عليه السلام بنفسه فسقاه، وكانت هذه البادرة من أروع ما سجل في قاموس الإنسانية من الشرف والنبل.
عبادته وتقواه
واتجه الإمام الحسين عليه السلام بعواطفه ومشاعره نحو الله فقد تفاعلت جميع ذاتياته بحب الله والخوف منه، ويقول المؤرخون: إنه عمل كل ما يقربه إلى الله فكان كثير الصلاة والصوم والحج والصدقة وأفعال الخير. ونعرض بعض ما أثر عنه من عبادته واتجاهه نحو الله:
خوفه من الله
كان الإمام عليه السلام في طليعة العارفين بالله، وكان عظيم الخوف منه شديد الحذر من مخالفته حتى قال له بعض أصحابه: ما أعظم خوفك من ربك؟! فقال عليه السلام: (لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا..). وكانت هذه سيرة المتقين الذين أضاءوا الطريق، وفتحوا آفاق المعرفة، ودللوا على خالق الكون وواهب الحياة.
كثرة صلاته وصومه
كان عليه السلام أكثر أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم. وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. كما حدث بذلك ولده زين العابدين (ع). وكان يختم القرآن الكريم في شهر رمضان. وتحدث ابن الزبير عن عبادة الإمام فقال: أما والله لقد قتلوه، طويلاً بالليل قيامه، كثيراً في النهار صومه.
حجه
كان الإمام عليه السلام كثير الحج وقد حج خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه. وكانت نجائبه تقاد بين يديه وكان يمسك الركن الأسود ويناجي الله ويدعو قائلاً: (إلهي أنعمتني فلم تجدني شاكراً، وابتليتني فلم تجدني صابراً، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أدمت الشدة بترك الصبر، إلهي ما يكون من الكريم إلا الكرم...). وخرج عليه السلام معتمراً لبيت الله فمرض في الطريق فبلغ ذلك أباه أمير المؤمنين عليه السلام وكان في يثرب فخرج في طلبه فأدركه في (السقيا) وهو مريض فقال له: يا بني ما تشتكي؟ قال: أشتكي رأسي. فدعا أمير المؤمنين ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة، فلما أبل من مرضه قفل راجعاً إلى مكة واعتمر، هذا بعض ما أثر من طاعته وعبادته.
صدقاته
كان عليه السلام كثير البر والصدقة، وقد ورث أرضاً وأشياءً فتصدق بها قبل أن يقبضها وكان يحمل الطعام في غلس الليل إلى مساكين أهل المدينة لم يبتغ بذلك إلا الأجر من الله، والتقرب إليه، وقد ألمعنا ـ فيما سبق ـ إلى كثير من ألوان بره وإحسانه.
.................
انتهی/212