وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر :
السبت

١٠ مايو ٢٠١٤

٥:٥٩:٥٨ ص
607536

العاشر من شهر رجب المرجب..ذكری ميلاد الإمام محمد بن علي الجواد (ع)

لقد ولد الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) يوم 10 من شهر رجب المرجب للعام ( 195 هـ) أي في السنة التي بويع فيها للمأمون العباسي، وعاش في ظلّ أبيه الإمام الرضا (عليه السلام) حوالي سبع سنين، وعاصر أحداث البيعة بولاية العهد لأبيه الرضا (ع) وما صاحبها وتلاها من حوادث ومحن حتى تجلّت آخر محن أبيه (ع) في اغتيال المأمون للرضا (ع).

 

السيرة

الإمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام) هو التاسع من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين أوصى اليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ بأمر من الله سبحانه ـ لتولّي مهام الإمامة والقيادة من بعده، بعد أن نصّ القرآن على عصمتهم وتواترت السنة الشريفة بذلك.

وتجسّدت في شخصية هذا الإمام العظيم ـ كسائر آبائه الكرام ـ جميع المثل العُليا والاخلاق الرفيعة التي تؤهّل صاحبها للإمامة الرسالية والزعامة الربّانية.

وتقلّد الإمامة العامة وهو في السابعة من عمره الشريف وليس في ذلك ما يدعو إلى العجب فقد تقلّد عيسى بن مريم (عليه السلام) النبوّة وهو في المهد.

لقد أثبت التاريخ من خلال هذه الإمامة المبكرة صحة ما تذهب اليه الشيعة الإمامية في الإمامة بأ نّه منصب إلهي يهبه الله لمن يشاء ممّن جمع صفات الكمال في كل عصر، فقد تحدّى الإمام الجواد (عليه السلام) ـ على صغر سنّه ـ أكابر علماء عصره وعلاهم بحجته بما أظهره الله على يديه من معارف وعلوم أذعن لها علماء وحكّام عصره.

وقد احتفى به (عليه السلام) ـ وهو ابن سبع سنين ـ كبار العلماء والفقهاء والرواة وانتهلوا من نمير علمه ورووا عنه الكثير من المسائل العقائدية ـ الفلسفية والكلامية ـ والفقهية والتفسيرية الى جانب عطائه في سائر مجالات المعرفة البشرية.

وقد سار هذا الإمام العظيم على نهج أبيه من القيام برعاية الشيعة وتربيتهم علمياً وروحيّاً وسياسيّاً بما يجعلهم قادرين على الاستمرار في المسيرة التي خططها لهم أئمتهم المعصومون حيث تنتظرهم الأيّام المقبلة الّتي تتميّز بالانقطاع عن أئمتهم فكان لابدّ لهم أن يقتربوا من حالة الاكتفاء الذاتي في إدارة شؤونهم فكريّاً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً.

أجل، لقد استطاع هذا الإمام ـ العظيم بالرغم من قصر عمره الشريف ـ أن يحقق أهدافاً كبرى تصبُّ في الرافد الذي ذكرناه.

لقد ولد الإمام محمّد بن علي الجواد (عليه السلام) يوم 10 من شهر رجب المرجب للعام ( 195 هـ ) أي في السنة التي بويع فيها للمأمون العباسي، وعاش في ظلّ أبيه الرضا (عليه السلام) حوالي سبع سنين، وعاصر أحداث البيعة بولاية العهد لأبيه الرضا (عليه السلام) وما صاحبها وتلاها من حوادث ومحن حتى تجلّت آخر محن أبيه (عليه السلام) في اغتيال المأمون للرضا (عليه السلام).

وبقي الإمام محمد الجواد (عليه السلام) بعد حادث استشهاد أبيه (عليه السلام) في منعة من كيد المأمون الذي قتل الإمام الرضا(عليه السلام) وبقي عند الناس متّهماً بذلك. لكنه لم ينج من محاولات التسقيط لشخصيّته ومكانته المرموقة والسامية في القلوب. وقد تحدّى كل تلك المحاولات إعلاءً لمنهج أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم في عقيدة الإمامة والزعامة وما يترتب عليها من الآثار السياسية والاجتماعية.

وينتهي عهد المأمون العباسي في سنة ( 218 هـ ) ويتربّع أخوه المعتصم على كرسي الخلافة حتى سنة ( 227 هـ ) ولم يسمح للإمام الجواد (عليه السلام) بالتحرّك ويراقب ـ بكل دقّة ـ النشاط الاجتماعي والسياسي للإمام (عليه السلام) ثمّ يغتاله على يد ابنة أخيه المأمون، المعروفة باُم الفضل والتي زوّجها المأمون من الإمام الجواد (عليه السلام) ولم تنجب له من الأولاد شيئاً، وذلك في سنة (220 هـ ).

الولادة المباركة:

1- نسبه:

الإمام محمد الجواد عليه السلام من الاُسرة النبوية وهي أجلّ وأسمى الاُسر التي عرفتها البشرية، فهو ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي السجاد ابن الإمام الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وابن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.

2- اُمه:

هي من أهل بيت مارية القبطية، نوبيّة مريسية، امها: سبيكة أو ريحانة أو درّة، وسمّاها الرضا عليه السلام خيزران.

وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله بأنها خيرة الإماء الطيبة. وقال العسكري عليه السلام:«خُلقت طاهرة مطهّرة وهي اُم ولد تكنّى باُم الجواد، واُم الحسن، وكانت أفضل نساء زمانها» [1].

3- كنيته:

أبو جعفر، وهي كنية جده الباقر عليه السلام وللتمييز بينهما يكنّى بأبي جعفر الثاني، وأضاف في دلائل الإمامة كنية ثانية له هي: أبو علي الخاص، وفسّر المتأخرون هذه العبارة بأنّ له كنية خاصة هي: «أبو علي»، وليست كنيته هي «أبو علي الخاص» كما يبدو للناظر في عبارة دلائل الإمامة.

4- ألقابه:

أمّا ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة وسمو ذاته وهي:

    1- الجواد: لُقب به لكثرة ما أسداه من الخير والبر والاحسان الى الناس.
    2- التقي: لقب به لأنه اتّقى الله وأناب اليه، واعتصم به ولم يستجب لأي داع من دواعي الهوى.
    3- المرتضى
    4- القانع
    5- الرضي
    6- المختار
    7- باب المراد [2].

5- نقش خاتمه:

يدل نقش خاتمه عليه السلام على شدة انقطاعه عليه السلام الى الله سبحانه، فقد كان« العزّة لله» [3].

6- ميلاده:

لقد كان ‏الامام الرضا (‎عليه السلام)‎‏ قد بلغ الخامسة ‏والخمسين ولم يرزق ولدا، فذهبت بعض الاشاعات ‏تنشر من قبل دعاة الواقفية الذين قالوا بغيبة الامام ‏موسى الكاظم (‎عليه السلام)‎‏‎، وانه لم يوص الى اي ‏امام من بعده، قائلين بان الامام الرضا عقيم ليس له ‏ولد وهو عيب واضح في القدوة الدينية، فاذن لايكون ‏هو الامام الحق حسب زعمهم، حتى كتب بعضهم ‏اليه ‏‎(عليه السلام)‎‏‎‏ رسالة قال فيها:‏

كيف تكون اماما وليس لك ولد؟ فأجابه الرضا (عليه السلام)‎‏: وما علمك انه لايكون لي ولد؟ والله لا ‏تمضى الايام والليالي حتى يرزقني الله ولداً ذكراً ‏يفرق بين الحق والباطل.‏

وجاء اليه رجل من اصحابه يقول: من الامام بعدك؟ ‏فقال: ابني، ثم قال: هل يجترئ احد ان يقول ابني ‏وليس له ولد؟ ‏

فيحدث الراوي انه لم تمض الايام حتى ولد ابو‎ ‎‏ ‏جعفر الجواد؟

فكان الشيعة المخلصون يعيشون اشد الانتظار لمقدم ‏ولد الامام الرضا ‏‎(عليه السلام)‎‏‎، الذي زخرت ‏احاديثهم تنبيء عن مقدمه المبارك، وهم الراوون ‏عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: ‏يأبي خيرة الاماء النوبية، وهو يشير الى الامام ‏‏(عليه السلام)، ليدحضوا حجة الواقفية الذين قد ‏اكثروا من الدعايات ضده.‏

فبزغ من افق الحق بدر اضحى شمسا للهدى، ‏وسماءً في جلاله، وهو الامام الجواد عليه السلام.‏

وتناقل رواة الحديث على لسان والده العظيم يقول: ‏هذا هو المولود الذي لم يولد في الاسلام اعظم بركة ‏منه. ‏

اجل، لقد ولد الامام في الوقت الذي اختلفت فيه ‏الشيعة ايما اختلاف، وكانت دعايات بعض المخالفين ‏لهم تشق طريقها الى افئدة بعض السذج منهم، كانت ‏آية صدق الامام الرضا (عليه السلام) وابطال زعم ‏الواقفية تثبت بميلاد ابنه الموعود.‏

فلما ولد الجواد (عليه السلام) ذهبت دعايات الواقفية ‏ادراج الرياح، وذابت كما يذوب الملح في الموج ‏الهادر، واصبح ميلاد الامام سببا لانتصار الحق ‏واتحاد الشيعة، اتباع الحق، بعد الاختلاف والتفرقة، ‏اضف الى ذلك ان الامام الرضا (عليه السلام) كان ‏يقول دائما ان ابني خليفتي عليكم، وهم يرون ان لا ‏ابن له، وحتى اذا بلغ مرحلة الكهولة، ومضت ‏الشكوك تراود افئدة البسطاء من الموالين جاء الامام ‏الجواد (عليه السلام)، فكان ميلاداً مباركاً ميموناً، ‏فهللت الشيعة وسبحت لله لمّا رأت في احاديثها ‏الصدق والحق.‏

7- تكلّمه في المهد:

ذكر المؤرخون أن الإمام الجواد عليه السلام تشهّد الشهادتين لمّا وُلد، وانه حمد الله تعالى وصلّى على الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله والأئمة الراشدين في يومه الثالث.

فعن حكيمة ابنة موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام قالت: «لمّا حملت اُم أبي جعفر الجواد عليه السلام به كتبتُ اليه (يعني الى الإمام الرضا عليه السلام): «جاريتك سبيكة قد علقت. فكتب اليّ: انّها علقت ساعة كذا، من يوم كذا، من شهر كذا، فإذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام.

قالت: فلمّا ولدته، وسقط الى الأرض، قال: اشهد ان لا إله إلاّ الله، وان محمداً رسول الله.

فلمّا كان اليوم الثالث، عطس، فقال: الحمد لله، وصلّى الله على محمد وعلى الأئمة الراشدين» [4].

وأيضاً قالت: «لمّا حضرت ولادة الخيزران اُم أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام، فقال: يا حكيمة احضري ولادتها، وادخلي وإياها والقابلة بيتاً.

ووضع لنا مصباحاً، وأغلق الباب علينا، فلمّا أخذها الطلق طفئ المصباح، وبين يديها طست، فاغتممت بطفئ المصباح.

فبينا نحن كذلك، إذ بدر أبو جعفر عليه السلام في الطست، واذا عليه شيء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتى أضاء البيت، فأبصرناه، فأخذته فوضعته في حجري، نزعت عنه ذلك الغشاء، فجاء الرضا عليه السلام وفتح الباب، وقد فرغنا من أمره، فأخذه ووضعه في المهد، وقال لي: يا حكيمة الزمي مهده.

قالت: فلمّا كان في اليوم الثالث رفع بصره الى السماء ثم نظر يمينه ويساره، ثم قال: أشهد ان لا إله إلاّ الله، واشهد ان محمداً رسول الله، فقمت ذعرة فزعة، فأتيت أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لقد سمعت من هذا الصبي عجباً. فقال: وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، فقال: يا حكيمة، ما ترون من عجائبه اكثر»[5].

-----------------------

[1] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 20
[2] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 27 ـ 29
[3] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 31
[4] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 151 ـ 152
[5] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 151 ـ 152

..................

انتهى/212