وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الجمعة

١٤ فبراير ٢٠١٤

٨:٣٠:٠٠ م
506088

ثلاثة عقود ونيف على إنتصار الثورة الإسلامية في إيران

..ثلاثة عقود ونيف مرت عاصرنا معها أكبر حدث وأضخم انتصار في تاريخنا المعاصر، الحدث الذي اهتزت لهوله فرائض قوى الإستكبار والصهيونية.. إذ يومها تناقلت وسائل الإعلام خبر صراخ رابين في الكنيست معبراً عن رعبهم (لئن انتصر إسلام الخميني فإنها الكارثة)..

 قال تعالى في سورة الصف: {هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}.

مباركة هذه الأيام، أيام قيام الثورة الإسلامية الحسينية الخمينية على أرض ايران..

ثلاثة عقود ونيف مرت عاصرنا معها أكبر حدث وأضخم انتصار في تاريخنا المعاصر، الحدث الذي اهتزت لهوله فرائض قوى الإستكبار والصهيونية.. إذ يومها تناقلت وسائل الإعلام خبر صراخ رابين في الكنيست معبراً عن رعبهم (لئن انتصر إسلام الخميني فإنها الكارثة).

• وبعده وصف - بيغن - وقع الثورة بقوله : إنها أشبه بزلزال نخشى ارتداداته في المنطقه.

• إنه الإنتصار الذي تفجر مع إنبلاج فجره ألف ينبوع نور في حياة المظلومين والأحرار على امتداد العالم.

• ففي العام 1978، كتبت صحيفة الصنداي تايمز تصف وقع شخص الإمام الخميني (رض) وحضوره على الساحة الدولية قائلة: إنه يبدو كرصاصة إنطلقت من القرن السابع واستقرت في القرن العشرين.

وكتب صحافي شهير، بعد أول لقاء له مع الإمام في باريس قائلاً : بدأ وقتها في باريس وكأنه فعلاً شخص من شخصيات صدر الإسلام عادت إلى الحياة بمعجزة بعد ثلاثة عشر قرناً من الزمان.

- هكذا كان وقع وحضور الثورة الأستثنائية عالميا.. وهكذا كان وقع وحضور الشخصية الإستثنائية والقيادة الربانية للإمام الخميني (رض).. فالثورة الإسلامية المباركة التي شكلت اهم حركة لإحياء الدين في هذا العصر, استمرت ولا تزال رغم مرور ثلاث وثلاثين عاماً على انتصارها شوكه في أعين الطغاة والمستكبرين, بعد ان احبطت كل الدسائس والمكائد والمؤامرات التي حيكت ضدها.

- في الذكرى الرابعة والثلاثين للثورة، نتوقف مع الذكريات وما أكثرها..

فمن منزل الإمام في – نوفل ليشاتو – في فرنسا والذي سعيت لزيارته قبل سنوات.. فأُخبرنا انه هدم كي لا يتحول محجة لكثرة زائريه..

إلى السكن الدائم المتواضع بجانب حسينية جمران في طهران والذي أذن لنا مع آخرين بالدخول إليه, حيث رأيت جمع من الصحفيات الأجنبيات يسألن زوج الإمام وهن في حال ذهول : أين تنامون ؟ أين تتناولون الطعام؟... إذ لا اثاث من حولهم ولا مقتنيات ولا أي شيء من حطام هذه الدنيا..

- أما ما لا ينسى فهو اللقاء الغامر في الحسينية التي إكتظت عن آخرها بأعداد كبيرة من النساء والفتيات وطالبات الجامعات والحوزات إضافة إلى الوفود القادمة من الخارج للمشاركة في مؤتمر المرأة يومها.

- هذا عدا الأعداد الكبيرة التي كانت لا تزال تقف على الثلج خارجاً تنتظر دورها.. فاليوم كان يوم المرأة، مولد الزهراء (ع) والذي اختاره الامام يوماً عالمياً للمرأة المسلمة.

ففي الحسينية كان الهتاف يتدفق من الحناجر متوهجاً حاراً فياضاً، والأنظار كل الأنظار مشدودة إلى الشرفة الداخلية البسيطة..

وما ان فتح الباب، وأطلّ الامام، حتى هبّت الجموع وأختلط الهتاف بالدموع والدعاء والتكبير.. لقد أحسست حينها وكأن الزمن توقف، وإن الحسينية انتقلت بنا إلى عصر صدر الإسلام،إلى رحاب الأئمة. إلى ذاك الزمن العذب بكل تفاصيله.

فقد ذكرتني القبضات والحناجر بحضور المرأة واستبسالها بين يديّ رسول الله (ص) في احد..

• وبين يديّ أمير المؤمنين (ع) في صفين..

• وبين يديّ الامام الحسين (ع) في كربلاء..

فشعرت بعظمة الإسلام وقوة المسلمة المرتبطة بكامل تعاليمه..

• واستذكرت قول الامام (رض) حينذاك: {لولا المرأة لما انتصرنا}

فقد كانت القبضات والدموع والهتاف الخارج من الاعماق عبر الجنسيات المختلفة من حولي والألبسة المختلفة ترسم صورة المستقبل وروعة دور المرأة فيه.

كانت يديّ الإمام كلما ارتفعت لتحيّ الوافدات صعدت معها القلوب, وكلما نزلت هوت معها القلوب.

• كان وهج العزة والقوة والتصميم ينبىّ العالم بأن زمن الأحرار قد أقبل.

• فقد أثبتت ثورة الإمام للعالم كله بأن الإسلام الحبيب هو أقوى محرك للمسلمين، وأقوى جامع ودافع لهم، وأن هذا الإسلام قوة لا تقهر متى إستيقظ في قلوب أبنائه.

• الإمام بثورته حقق أكبر أمل هفت إليه قلوب الملايين في العالم الإسلامي بعد أن كسر طوق التبعية والخوف واليأس وفجر ثورته المباركه على مسمع ومشهد من قوى العالم كله وبقيت نفسه سابحة في ذلك المصاف المفعم بالثقة التامّة بالله تعالى ونصره.

ومن هنا بات الإمام واحداً من بين قلّه في التاريخ طبع العصر بإسمه فكان عصر الخميني، وثورة الخميني وأتباع الخميني...

ذكره ملأ الدنيا وشغل الناس وسكن وجدان الآمة ولامس أفئدة المستضعفين فانتعشت قلوبهم واتجهت نظراتهم لتلتقي بنظراته المثقلة بعمق الرسالة وأريج النبوة.

• تلك النظرات التي أحتضنت هموم الرسل وعذابات الأنبياء وجراحات الثائرين والمجاهدين والشهداء فكان وميض نورها الذي جاء من هذه الخلاصة بمثابة الهادي والسراج والدليل.

• إمامنا الخميني (رض) أعاد الدين إلى الساحة العملية بكافة ميادينها مظهراً أنه العامل الأساس لإنقاذ المجتمعات الإسلامية من استكبار المستكبرين، ذلك لأن الدين على مدى أكثر من مئة عام مضت، كان قد أخلى مواقعه الواحد بعد الآخر بعد وطأة المكائد الخبيثة وحملات الغزو الثقافي والهجوم السياسي لهؤلاء.

ومع أن ثورة الإمام (رض) شملت مختلف الجوانب والمجالات على كافة الصعد إلا انّي هنا أخترت أن اتوقف مع مسألتين بارزتين أعطاهن الإمام الكثير من الإهتمام.

1. وضع المرأة

2. قضية فلسطين

فعلى صعيد المرأة نجد:

إن الإمام (رض) مع إنه لم يختلف مع غيره من المراجع في تحديد صلاحيات وحدود وحقوق وواجبات المرأة.

إلا إنه اختلف في إنتهاج التطبيق العملي بحيث كسر جمود الواقع المألوف وسعى إلى ان يطبق عملياً ما أقرّته التعاليم السماوية، وصولاً إلى تمثل النموذج القرآني الذي ينطلق من كون المرأة شريك أساس في صناعة مستقبل الأمة وتقرير مصيرها.

• فنراه (رض) من جهة يحرّضها على أخذ مكانتها الحقيقية والتمسك بها.

ومن جهة ثانية كان يعمل على ابراز حقها، ويسعى كأب عطوف لأن يوضح للجميع معالم دور المرأة وأبعاد نهوضها على مختلف الصعد، مؤكداً إلى هذا على دورها في الشأن السياسي معتبراً أنه واجب عليها النهوض به.

وفي وصيته للأمة سعى لأن يؤكد على معالم المجتمع الإسلامي الذي تشكل فيه المرأة ركن أساس {نحن فخورون - يقول الإمام - بأن السيدات والنساء الهرمة والشابة الصغيرة والكبيرة. الحاضرات في الميادين الثقافية والإقتصادية والعسكرية جنباً إلى جنب مع الرجال أو أفضل منهم يبذلن الجهد من أجل أعلاء كلمة الإسلام وأهداف القرآن}.

• أما موقف الإمام من القضية الفلسطينية فنجد:

أن الإمام (رض) منذ بداية نهضته المباركة طرح رؤية واضحة حول الصهيونية ودولتها الغاصبة "إسرائيل"، مبيناً حجم الأخطار التي تشكلها، ولهذا وضع منهجاً عملياً حاسماً في التعاطي مع هذا التهديد التاريخي للأمة.

• فمن جهة اعتبر الإمام ان اسرائيل غدة سرطانية ومن طبيعة الغدة السرطانية ان تفسد الجسد وان لا تقف عند حدود.. وإنما تمتد وتمتد حيث يمكنها ذلك.

ولذلك فإن الإمام كان يرى في اسرائيل خطراً عظيماً ليس على الأرض والموارد الطبيعية وحسب، بل أيضاً على القيم الإنسانية والدينية والحضارية بأكملها، وأنه بناء على هذه الرؤية حددّ الإمام المنهج والمسار بقوله {يجب ان تزول اسرائيل من الوجود}، ويجب اجتثاث هذه الغدة السرطانية لأنه لا يمكن التخلص من السرطان أو التعايش معه إلا باجتثاثه من الجذور مهما بلغت الآلام والتكاليف..

ومن جهة ثانية، نجده يؤكد بأن استعادة المقدسات واجتثاث هذه الغدة.. لا يكون بالوسائل السياسية وإنما بالمواجهة والقتال المرتكز على الإيمان، ومن هنا كان طرحه لخيار الجهاد خياراً وحيداً لحسم هذه المسألة.

وقد رأينا أن ما دعا إليه الإمام وما فعلته الثورة في إيران وجسدته الحركات الجهادية على الأرض في لبنان وفلسطين هو الذي أعاد زمام الأمور وجعل العدو الإسرائيلي أمام المواجهة الفريدة والمتميزة للمقاومين البواسل..

فبعد التحرير عام 2000 تحدث – إسحاق شامير – قائلاً: (ان بضع فئات من مقاتلي حزب الله يجبرون الدولة الأقوى في الشرق الأوسط على الخروج الانهزامي، لقد أثبت حزب الله أن هناك عرباً من نوع آخر).

• فالمقاومة الإسلامية المجاهدة والمضحّية في لبنان والتي تنتمي إلى فكر هذا الإمام وتلتزم بنهجه وطريقه, هي بفعل هذا الإلتزام اختلفت في قتالها عن أي قتال آخر باعتبار أن قتالها هو قتال في سبيل الله وطلباً لمرضاة الله..

• هو قتال من لا يبالون بالموت قتال المجاهدين الحسينيين أصحاب القلوب المطمئنة..

ولأنهم هكذا فإن الإمام (رض) قال فيهم قبل رحيله {إن جهاد أبناء حزب الله في لبنان حجّة إلهية على العلماء في العالم الإسلامي}.

فهؤلاء المجاهدون الذين جسدوا نهج الإمام في هذا المجال وأثبتوا بالتجربة أن الفئة القليلة المؤمنة والمتوكلة على الله تعالى قادرة على إلحاق الهزيمة بأقوى جيش في الشرق الأوسط, وقادرة على إذلاله وقهره واسقاط أسطورته.

• وها هي فلسطين اليوم, ها هي الفئة القليلة المؤمنة الصابرة في غزة تثبت من جديد تؤكد نفس المقولة، وتصنع بصمودها انتصارا اعجازيا رغم الحصار الكبير الذي فاق كل تصور.. والذي ما كان ليتم لولا الدعم الكبير والتوجيه الحكيم للجمهورية الإسلامية..

• ثورة الإمام (رض) التي طردت منذ اليوم الأول لإنتصارها كل الصهاينة وأعدائهم وأقامت سفارة فلسطين, ومن ثم وقفت بقوة إلى جانب الشعوب والحكومات العربية في مواجهة إسرائيل هي اليوم كما كانت لا تزال تتابع نهج الإمام ودربه بقيادة ولي أمر المسلمين السيد القائد الخامنئي دام ظله الشريف وتتحمل في سبيل موقفها العقائدي الصارم من مسألة فلسطين والقدس الكثير من الآلام والمعاناة وأشكال التآمر والضغوط المختلفة.