يمتاز عهد الامام المهدي (عج) بكثرة المال وتوفره، وهذا مادلت عليه الروايات الشريفة.
قال رسول الله (ص): "يكون في امتي المهدي (عج)...فتنعم فيه امتي نعمة لم ينعموا مثلها قط... والمال يومئذ كدوس".
والكدوس: المجموع الكثير.
وقال (ص): "...وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهم رب المال من قبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرض عليه لا ارب لي فيه".
وعن الامام جعفر الصادق (ع) انه قال "ان قائمنا اذا قام اشرقت الارض بنور ربها...وتظهر الارض من كنوزهاغ حتى يراها الناس على وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ منه زكاته، فلا يجد احداً يقبل منه ذلك، واستغنتى الناس بما رزقهم الله من فضله".
وكثرة المال ظاهرة طبيعية في حكم عادل وحكومة عادلة على راسها امخام معصوم يديرها اشخاص ممحصون مخلصون متفانون في خدمة الدين والانسانية.
ولكثرة المال اسباب وعوامل عديدة تدور مدار العدالة والارادة الكفوءة واخلاص المسؤولين والناس معا، ومن هذه الاسباب والعوامل:
1. الاستيلاء على خزائن الدول الكافرة والجائرة.
2. الاستيلاء على المؤسسات الانتاجية للدول الكافرة والجائرة.
3. الاستيلاء على الثروة الناشئة عن: الرباء والغضب والرشوة والاختلاس والسرقة والقمار ومراكز الفساد.
4. استيلاء الحكومة المهدوية على: الاراضي الموات، والاراضي المهجورة، والمناجم، والبحار، والانهار، والمياه العامة، والجبال، والواديان والغابات، والاحراش الطبيعية.
5. استيلاء الحكومة المهدوية على الاموال المجهولة المالك.
6. اشراف الحكومة المهدوية على جميع المرافق الاقتصادية.
7. التنظيم المركزي للشؤون الاقتصادية والعمرانية.
8. انتزاع الارض من صاحبها اذا عطلها واهملها حتي خربت.
9. نشر العلوم والفنون والمهارات بين الجميع.
10.التشجيع على الابداع والابتكار.
11. توفير فرض العمل للجميع والحت على العمل.
12.وضع وسائل العمل تحت تصرف جميع الاشخاص القادرين على العمل الفاقدين لوسائله.
13.مراعاة حرية اختيار نوع العمل.
14. الغاء دور الوسطاء في الجارة والبيع والشراء.
15.الغاء الروتين والتقليل من الاعمال الادارية غير الضرورية وتحويل العاملين فيها الي عمال منتجين.
16. القضاء الكي على الربا.
17.منع الاعمال العقيمة كالمقارة والسحر والشعوذة.
18.منع اللهو والمجون.
19.استثمار الوقت.20.منع اكتناز الذهب والفضة.
21.منع تركيز الثروة بيد طبقة دون اخرى.
22.احلال التوازن بين الطبقات.
23.المنع من التسول.
24.المنع من الاسراف والتبذير.
25.اخذ الخمس والزكاة والخراج.
26.وضع الهدايا التي تعطي للامام المهدي (عج) او ولاته ووزرائه في بيت المال.
27. التدخل في تحديد الاسعار.
28.حماية الثروة من اللصوص والمستغلين.
29.تقييم اصحاب الكفاءات وتكريمهم.
30.قيام الحكومة بالخدمات المجانية في اغلب الميادين مما يوفر المال لدي الناس.
تداول الثروة وعلاقات التوزيع
في اجواء التربية المهدوية تتوجه العقول والقلوب نحو المفاهيم والقيم المعنوية، ويتعالى الانسان على اثقال الارض متوجها نحو السمو والكمال ونحو رضوان الله تعالى ورضوان الامام المهدي (عج) فتصبح موازينه ومقاييسه غير قائمة على اساس مادي، ويكون الاقتصاد او تداول الثروة مرتبطاً بالخلق الاسلامي الرفيع وبقيم التسامح والايثار ونكران الذات والتضحية في سبيل سعادة الآخرين، ويكون الكرام والعطاء نتيجة طبيعية للالتزام بهذه القيم.
وحينما ترى البشرية ان القائد او الحاكم الاعلى يعيش زاهداً في الدنيا ويعيش اصحابه كذلك، فانها ستقتدي به وستتنافس في اعمال الخير وفي العطاء وبذل المال والكرام وما شابه ذلك.
واول المفاهيم ان المال ليس ملكاً لاحد وانما هو مال الله وكما جاء في القرآن الكريم: (لِلّهِ مُلْكُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ).
وقال الامام علي (ع): "...انما المال مال الله".
ومن الايمان بهذا المفهوم والاعتراف بان المال الذي في ايدي البشرية هو منت رزق الله، ينبثق البر والاحسان والتضامن بين عيال الخالق، والشعور بالاصرة الانسانية وبالاخوة، وبهذا المفهوم تتطر النفس من الشح والبخل والطمع، وتتركي بالبر والانفاق والبذل والاحسان.
والايمان بنعيم اليوم الآخر واستعاره في اعماق النفس الانسانية يدفعها للانفاق والبذل، وما يدفع النفس الشحيحة الى الانفاق الا دافع اقوى من شهوة المال وثقله الحرص، وهو العوض في اليوم الاخر.
قال الامام علي (ع): "انفقوا مما رزقكم الله عزوجل، فان المنفق بمنزلة المجاهد في سبيل الله، فمن ايقن بالخلف جاد وسخت نفسه بالنفقة".
وقال (ع): "من تيقن ان الله مخلف ما ينفقه لم يمسك عن الانفاق".
وعلى ضوء التثقيف المستمر والتربية المتواصلة ستعود البشرية الى الموازين الاسلامية في التقييم والتفاضل والتكريم، فلا يبقى للمال وللثروة اي مجال المتفاضل او الافتخار، بل يكون كذلك اذا اصبح متداولا بالانفقاق والعطاء والبذل.
ومن هذه الموازين ما جاء في اقوال الامام علي (ع):
"العلم خير من المال، العلم يحرسك وانت تحرس المال، العلم يزكو على العمل، والمال تنقصه النفقة، العلم حاكم والمال محكوم عليه، وصنيعة المال تزول بزواله".
"ليس الخير ان يكثر مالك وولدك، ولكن الخير ان يعظم حلمك ويكثر علمك".
"ان المحروم من حرم خير ماله، والمغبوط من ثقل بالصدقات والخيرات موازينه واحسن في الجنة بها مهاده وطيب على الصراط بها مسلكه".
"السخاء اشرف عادة".
"الصدقة افضل الحسنات".
"ازكي المال ما اشتري به الاخرة".
"فمن اتاه الله مالا فليصل القرابة، وليحسن منه الضيافة، ليفك به الأسير والعاني، وليعط منه الفقير والغارم، وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاءً لثوابه فان فوزاً بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الاخرة".
والى جانب هذا الانفاق التطوعي اوجب المنهج الاسلامي على المسلمين انفاق الفائض من اموالهم على الفقراء والمعوزين من اجل احلال التوازن الاقتصادي بين الطبقات.
قال سبحانه وتعالى: (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ).
والانفاق الواجب يصل احياناً الى حد الاجبار والاكراه في حال عدم الاتزام به او تنفيذه، كدفع الخمس والزكاة والخراج وبعض الضرائب الاضافية، لكي لا تتكدس الثروة عند البعض دون البعض الآخر.
والتوازن الاقتصادي القائم على تداول الثروة يحقق جملة من الامور من اهمها:
1. التكافل العام.
2. الضمان الدائم.
3.ازالة الفقر.
4. تهذيب النفس.
5. المنع من الأمراض النفسية والروحية كالحسد والحقد والطمع.
والظاهر ان الاجبار والاكراه ان وقع انما يقع في بداية عصر الظهور او في بداية عصر الظهور او في بداية تشكل الحكومة العالمية لوجود رواسب نفسية وسلوكية جاهلية عند البعض، والا فان الروايات تشير الى ان البعض لا يجد لصدقتة والزكاته احداً يدفعها اليه، وذلك حينما تستقر الحكومة تحقق بعض اهدافها عن طريق التثقيف والتربية تتجذر في النفوس والممارسات عقيدة الاستخلاف التي يقوم على اساسها المنهج الاقتصادي الاسلامي، والتي تتجسد بما يلي:
1. ان الملكية والمال لله وحده.
2. ان الله تعالى اعار هذه الملكية وهذا المال للانسان.
3. ان الله تعالى سخر الملكية والمال لخدمة الدين والانسان.
4. ان الانسان خليفة الله في الارض مع الرقابة عليه.
5. الملكية ليست مقياسا للتفاضل والتقييم.
6. محاربة المبدا الخاطي (المال غاية) واعتباره وسيلة.
وعلى ضوء هذه العقيدة سيتنافس الجميع في اعمال الخير والبر والاحسان والبذل والعطا، وسيتخلى الجميع عن الطمع والجشع والشح وتكديس وتجميد الثروة، ستكون في متناول الجميع.
وسيصل التكافل والتراحم الى اقصاه كما جاء في رواية عن الامام محمد الباقر (ع): قيل له: ان اصحابنا بالكوفة جماعة كثيرة، فلو امرتهم لاطاعوك واتبعوك، فقال: يجي احدهم الى كيس اخيه فياخذ حاجته لا يمنعه.
...............
انتهى/212