وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ قال رجل الدين البحريني «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (31/01/2014) بجامع "الإمام الصادق (ع)" في "الدراز" إنه "لك أن تضحك لو كان الهدف من الحكم المتخذ من السلطة في حق المجلس الإسلامي العلمائي هو مصادرة النشاط الديني وتعطيل حركة الدين على الأرض في البحرين توصلاً للقضاء عليه، فإن هذا ضربٌ من ضروب الخيال وتفكيرٌ من تفكير الأطفال أو المجانين".
وأضاف إن الدين "أسقط كل محاولات الجبابرة وسلطات الجور في الأرض من شرقٍ وغرب، دون أن تقضي عليه أو توقف عملية تبليغه والدعوة إليه. وأبى علماء الأمة الأمناء على الدين الحق أن يلينوا لشيء من هذه المحاولات اليائسة العابثة وأستخفوّا بأهلها ووقفوا لها بالمرصاد مواصلين عملهم الرسالي في أمانة واصرارٍ وقوة وإندفاع".
وأكد آية الله قاسم "لك أن تبكي للسياسة التي انطلق منها الحكم بإلغاء المجلس العلمائي لما هي عليه من واقع العبثية الصارخة في بلد الإسلام والإيمان والصلابة الإيمانية، عبثيةٌ طالت كل المقدسات ونالت بسخفها كل حرمة، طالت الأموال والدماء والأعراض والقرآن والمسجد والحسينية والموقع الرئيس لتبليغ دين الله سبحانه في هذا الوطن، ولم ترعَ حقاً ولم تعرض قيمة لأي مقدس".
وفيما يلي نص الخطبة الثانية لسماحته:
لك أن تضحك.. لك أن تبكي:
لك أن تضحك لو كان الهدف من الحكم المتخذ من السلطة في حق المجلس الإسلامي العلمائي هو مصادرة النشاط الديني وتعطيل حركة الدين على الأرض في البحرين توصلاً للقضاء عليه، فإن هذا ضربٌ من ضروب الخيال وتفكيرٌ من تفكير الأطفال أو المجانين. (1) هتاف جموع المصلين: الله أكبر.. النصر للإسلام.. معكم معكم يا علماء.
أسقط الدين كل محاولات الجبابرة وسلطات الجور في الأرض من شرقٍ وغرب، دون أن تقضي عليه أو توقف عملية تبليغه والدعوة إليه. وأبى علماء الأمة الأمناء على الدين الحق أن يلينوا لشيء من هذه المحاولات اليائسة العابثة وأستخفوّا بأهلها ووقفوا لها بالمرصاد مواصلين عملهم الرسالي في أمانة واصرارٍ وقوة وإندفاع.
ولك أن تبكي للسياسة التي انطلق منها الحكم بإلغاء المجلس العلمائي لما هي عليه من واقع العبثية الصارخة في بلد الإسلام والإيمان والصلابة الإيمانية، عبثيةٌ طالت كل المقدسات ونالت بسخفها كل حرمة، طالت الأموال والدماء والأعراض والقرآن والمسجد والحسينية والموقع الرئيس لتبليغ دين الله سبحانه في هذا الوطن، ولم ترعَ حقاً ولم تعرض قيمة لأي مقدس.
وأقول لكم، إن غلق المجلس العلمائي قرارٌ قديم، ومنذ أن فرض على الأرض ولادته على خلاف ارادة السلطة التي أيقنت من وعيه وإيمانه وصدقه وإخلاصه لإسلامه ووطنه أنه لا يوافق سياستها.
هذا القرار قديم، وقد اُختير لإعلانه هذا التوقيت الخاص محاولة لقطع الطريق على دعوة حوارٍ قد تفضي بمقتضى نوع الظروف القائمة إلى إصلاح مطلوبٍ لسلامة الوطن.
وطال التشبث في محاولة إيجاد مخرجٍ شكلي لحل المجلس بعدم شرعيته القانونية لعدم استناده لإجازة من الجهة الرسمية، ونحن لا نناقش هذا التشبث بما يقرره الدستور المعتمد من قبل السلطة نفسها من حق الحرية الدينية وشعائر الدين، لأننا سواءٌ قرر الدستور ذلك أو لم يقرره فلا تنازل منّا أبداً عن ديننا الحق –أفرض أن الدستور يمنع تبليغ الدين، هل سنمتثل؟ طبيعي لا..-، ولا توقف لنا عن الأخذ به على أذنه. لا ننتظر أذنه ولا نمتنع لمنعه.
ولا شأن لنا بتجويز دساتير الأرض كل الأرض ومنعها لدين الله بعد تلّقي الأمر الإلهي به وما يدفع إلى امتثاله من منطق العقل وهدى الفطرة، ومتى احتاج دين الله إلى أذن أو إجازة من سلطات الأرض حتى تحتاج ذلك شرعية مؤسسة من مؤسساته وعملية تبليغه والدعوة إليه والتبصير بمفاهيمه ورؤاه ومقتضياته والتربية للمجتمعات على أحكامه وأخلاقه والدفع في اتجاه التمسك به؟ كما أن الدين لا يحتاج إلى أذن فكل ما فيه خدمة الدين وكل ما يوجبه الدين لا يمكن أن يتوقف عند المسلم الحق على أذن أهل الأرض. (2) هتاف جموع المصلين: لن نركع إلا الله.
ومتى أعتمدت الشعائر والواجبات الدينية في هذا البلد على الضوء الأخضر من السلطة؟ وانتظرت اذنها؟ أو توقفت لمنعها؟.. منعت في يومٍ من الأيام كل مظاهر المذهب، وبقي المذهب واستمر برغم كل الظروف حتى فرضت هذه الشعائر نفسها.
ومتى اعتمدت الشعائر والواجبات الدينية في هذا البلد على الضوء الأخضر من السلطة وانتظرت إذنها أو توقفت لمنعها حتى تأتي المحاولة بعد المحاولة لفرض الهيمنة على الدين وتبعيته للقرار السياسي وهوى السياسة؟
وإنه للأمر الذي يأباه الوعي الديني لهذا الشعب وتمسكه بالعروة الوثقى لدينه.. ويكفينا دين الله حجة ومرجعاً ومستنداً ولن نحتاج للاحتجاج بقانونٍ ولا دستور وإن كان الدستور مع الحرية الدينية وحق التعبير عن الدين وممارسة شعائره.
فليس بعد دين الله من يُستفتى أو ما يستفتى فيما يجب أو يحرم، وما يجوز وما لا يجوز من كل أمور الحياة وشؤون الأفراد والمجتمعات، ودين الله مع المجلس العلمائي والمؤسسات المماثلة ومع وجوبها في الحالات التي لا يتم القيام بعملية التبليغ وبيان أحكام الشريعة وإيضاح العقيدة إلا بها.
وواضحٌ كل الوضوح أن قضية المجلس العلمائي قضية دينٍ وشعب، والنيل منه نيلٌ من حقهما وحرمتهما وأن الحكم المتخذ ضده حكمٌ سياسي طائفيٌ عدائيٌ بغيضٌ ترتكبه السلطة في سياق محاولات لا تنقطع لإحداث شرخٍ طائفي خطير في بناء هذا الشعب الكريم، ولإمتحان غيرة المؤمنين وإفساد أي محاولة فيها شمّة الاقتراب الأولي من قضية الإصلاح.
إنّ تغييب المجلس الإسلامي العلمائي الذي لن يغيب دوره، وستبقى عودته مطلباً ملّحاً ودائماً إلى نشاطه العلني بإسمه الصريح، ولن ينساه الشعب والعلماء، إنما هو جزئية من وضعٍ سياسي فاسدٍ محتاجٍ بالضرورة للإصلاح.
أما التعلّل في غلق المجلس الإسلامي العلمائي والحكم الصادر بهذا الشأن بأن المجلس يشجع على العنف والإرهاب فذلك لشيءٍ واحد: منطلق ذلك أن السلطة ترى أن المطالبة السلمية بالحقوق إرهابٌ وتعاقب عليه.
البحرين الأولى، البحرين الأخيرة:
تستطيع أن تقول بأن البحرين هي الأولى من بين ما أطلق عليه دول الربيع العربي، من حيث السبق الزمني حراكاً سياسياً، وذلك بلِحاظ أنه بعد الدستور الجديد غير المتوافق عليه والذي لم يؤخذ فيه رأي الشعب بدأت المطالبة بدستورٍ نابع من ارادة الشعب وموافقته ولم تعد حالة الهدوء الذي سبقته على حالها، وبدأ التحرك قبل العام الحادي عشر بعد الألفين بالتقويم الميلادي وهو عام الثورات العربية والحراك العربي.
وبينما يمكن عدّ البحرين هي الأولى حراكاً سياسياً ومطالبةً عملية من قبل الشعب بردّ الحقوق التي سلبتها السلطة فهي الأخيرة والتي لا زالت تمتنع من تقديم أي استجابة في الاصلاح من بين الدول الأخرى والتي أعطت السلطات فيها ما كان من تلك السلطات ما سقط وما جاء مكانه مباشرة وما زال على مكانه الأول لوناً وآخر من الاستجابة لعملية التغيير، إلا أن البعض وهي السلطات التي أقبرت قد تأخرت بإستجابتها التي تبقيها لو جاءت مبكراً في وقتها المناسب إلى ما بعد فوات الأوان.
حسني مبارك أعطى تنازلات لكن بعد فوات الأوان.. زين العابدين بن علي أعطى تنازلات ولكن بعد فوات الأوان.. قذافي ليبيا بدأ يعطي ليناً إلا أنه بعد فوات الأوان..
لو استعرضنا بشكل سريع دول الربيع العربي كما يعبر عنها، وتونس شهدت ما شهدت من تغييرات متدرجة، أضطر في آخرها الطرف الذي انتخبته الأكثرية برغم انتخاب الأكثرية له أن يعطي تنازلاً للطرف الآخر رضوخاً للغة الواقع.
ليبيا أسقطت نظام القذافي وصار شيئاً مما كان وانتهى، ولا زالت تعيش مخاضات صعبة إلى أن تنتهي إلى النتيجة التي تستقر عندها..
اليمن -ولن تستقر إلا بتوافق القوى الفاعلة القادرة كانت على حق أو على باطل- وصلت إلى صورة من التغيير الذي بعدُ لم يستقر بعدما سقط حكم علي صالح المستبد الذي ضاقت به أكثرية الشعب..
مصر سقط فيها حكم حسني مبارك، وجاء سقوط آخر بحكم مرسي، وبعدُ لم تستقر فيها الحال..
المغرب بادرت السلطة فيها بصورة سبقت تصاعد الأحداث إلى صورة من التفاهم والاصلاح الذي هدّأ من زوبعة جارفة خافت منها السلطة السقوط..
الأردن تستبدل حكومة بعد حكومة، محاولةً لتهدئة الأوضاع وتحاول أن تتحاشى استعمال القوة الباطشة في مواجهة الشعب حذراً من ثورةً عارمة جارفة..
البحرين وحدها هي التي لا زالت السلطة فيها تراهن على استعمال القوة لإسكات صوت الشعب، وتواصل الإفراط في استعمالها وتمتنع من الإصلاح، وتعتمد لغة القمع والشدة، وهل تمتاز السلطة في البحرين عن كل السلطات الأخرى وتمتلك ما لا يمتلكه غيرها مما يسمح لها أن تشذّ في مسارها عن الجميع وتتنكر لقضية الإصلاح والتغيير ما شاءت وزيّن لها المزيّنون.. لا يظن أحدٌ ذلك، وكل ما لدى السلطة هنا من وسائل القمع والتنكيل والتعذيب موجود عند السلطات الأخرى التي أجبرتها الأوضاع على ما أجبرتها وفرضت عليها ما لا تريد.
واذا سجلت آلة القمع فشلها الواضح أمام إرادة الجماهير وأسقط الإفراط في استعمالها عدداً من الأنظمة فيما سمي بالربيع العربي فهل سيثبت في البحرين -أي استعمال القوة القامعة- وحدها نجاحه؟ ويحول دون إصلاحٍ أو تعديل؟.. هذا لو كان فإما لخصوصية في السلطة وقوتها ولا خصوصية تمتاز في ذاتٍ ولا قوة، وإما لخصوصية نقصٍ في الشعب والشعبُ هنا من أوعى الشعوب وأصبر الشعوب على المقاومة ومن أسخاها بذلاً وتضحية في سبيل حقه وعزّه وحريته وكرامته. (3) هتاف جموع المصلين: هيهات منا الذلة.
واذا كان من تصوّرٍ لأحدٍ بأن استمرار أزمة الوطن ينفعه أو لا يضرّه اليوم ولا غدا، وأن ضررها إنما هو على غيره، وأن من مصلحته هو أن يعرقل أي محاولة لإصلاح فهو غارق في الوهم جداً، وكذلك من يتصوّر أنه يمكن له أي يُنهي الأزمة وقد بلغت هذا الحد بمعالجة سطحية مازحة وشبه اصلاحٍ كاذب، الواقع الذي لا شك فيه أن الكل متضررٌ من استمرار الأزمة، وكلٌ نصيبه منها أثر، ومن لم يرَ هذا اليوم لابد أن يراه مع استمرارها وتفاقمها، وأن السلطة مثل غيرها تعاني وتخسر وتفقد من مصلحتها الكثير كلما طال أمد الأزمة.
وداعاً أيها المظلومون:
ودعتك يا فاضل قلوبُ أبناء الشعب مفجوعةً بك، كما ودعت مفجوعةً قبلك الكثير من شباب هذا الوطن من شباب هذا الوطن وشيبه ورجاله ونسائه، في مغادرتكم لهذ