وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ قال آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة صلاة الجمعة اليوم (13/12/2013) بجامع "الإمام الصادق (ع)" بـ"الدراز" إن "أمن الخليج وكل الدول المطلة عليه مهم لأبناء هذه الدول، وهو جزء من أمن الأمة العربية والإسلامية الذي يهم أبناء الأمتين معاً وهو مؤثر على أمنهما وأمن العالم، والأمن المطلوب لكل أمة ولكل دولة وأبناء كل دولة أمن دمٍ ونفوس ومعيشةٍ واقتصاد، وعقيدةٍ وكرامة، وحريةٍ إنسانيةٍ وحقوق، وما انتقض أمنُ واحد من هذه الأمور إلا هزّ أرضية هذا الأمن كله أو كاد ينال من الأمن في عددٍ منها".
وأضاف "عندما تفكر شعوب الخليج في أمنها فهي على حدّ كل الشعوب في ذلك حيث يتوجه اهتمامها للأمن الشامل المستوعب بكل أبعاده لا لبعضٍ منها فحسب".
وفيما يلي نص خطبة الجمعة السياسية لسماحته:
أما بعد أيها الأخوة والأخوات الأحبة في الله فإلى هذا العنوان:
الأمن الخليجي:
أمنُ الخليج وكل الدول المطلّة عليه مهمٌ لأبناء هذه الدول، وهو جزء من أمن الأمة العربية والإسلامية الذي يهم أبناء الأمتين معاً وهو مؤثر على أمنهما وأمن العالم، والأمن المطلوب لكل أمة ولكل دولة وأبناء كل دولة أمنُ دمٍ ونفوس ومعيشةٍ واقتصاد، وعقيدةٍ وكرامة، وحريةٍ إنسانيةٍ وحقوق، وما انتقض أمنُ واحد من هذه الأمور إلا هزّ أرضية هذا الأمن كله أو كاد ينال من الأمن في عددٍ منها.
وعندما تفكر شعوب الخليج في أمنها فهي على حدّ كل الشعوب في ذلك حيث يتوجه اهتمامها للأمن الشامل المستوعب بكل أبعاده لا لبعضٍ منها فحسب.
ومما يتطلبه أمن الخليج ودوله وكل أبنائه اليوم أن تأمن الدول المطلّة على الخليج بعضها من بعض، أن تصلُح العلاقات بين كل هذه الدول وتقوم الثقة بينها مكان الشك، أن يأمن الخليج وكل هذه الدول من بطش الدول الأجنبية الكبرى، أن تتمتع كل واحدةٍ من هذه الدول بالأمن الداخلي، وما يضمن الأمن الداخلي لكل بلدٍ في العالم هو أن تقوم العلاقة بين السلطة والشعب فيها على الثقة والرضا، وهذا يتطلب أن تكون سياسة أي حكومةٍ من إرادة شعبها، وأن يُعترف عملياً بالدور الأساس للشعب في ادارة شأنه العام وبحقوقه الكاملة وأن يلمس فعلاً صدق حكومته وصدق إخلاصها في تمثيل إرادته ورعاية حقوقه وتقدير حرّيته، وإلا فكيف يرضى شعبٌ بسياسةٍ وحكومته تنتهج ما يخالف كل ذلك وكيف تنبني عنده الثقة بها.
وبشأن الوحدة فإن الدين جاء لتوحيد أبناء الانسانية جميعاً على أساسٍ من قاعدةٍ جامعة في الالتفاف بها احترام الجميع ورعاية الحقوق الكل، وتحكيم مقياس الكفاءة، وتوجه الجهود البشرية جمعاء لقضية البناء والاعمار الايجابي الشامل وهي قاعدة التوحيد -قاعدة التوحيد تعطي كل ذلك للاتحاد الذي يقوم عليها ولأهل هذا الاتحاد-.
ويحذر الدين من أي وحدة لتكريس الانقسام وتفتيت المجتمع البشري ولخلق العداوات والنيل من الآخر بغير حق، ولأي غرضٍ يتنافى مع ما يستهدفه الدين من ترسيخ قيم الحق والعدل وحب الخير للجميع.
الوحدة التي يدعو إليها الدين الحق ويحث عليها هي الوحدة التي يقوى بها الحق ويضعف الباطل وينتشر العدل ويضمُر الظلم وتكون الكلمة للاصلاح والصلاح لا للإفساد والفساد، فصلاح الأوضاع يسبق اتحادها وإلا كان من الاتحاد الضار لا النافع وكان مؤدياً لمضاعفة المشكلة.
وعن العدل والظلم والصلاح والفساد يقتصر الكلام هنا وبصورةٍ مختصرة على الوضع الوطني الخاص بالبحرين، وحسب شهادة المنظمات الحقوقية ومخرجات مؤتمراتٍ دوليةٍ كبرى، وتصريحات دولٍ صديقة للسلطة في البحرين، وما شُكل بإرادة النظام من لجنةٍ لتقصي الحقائق، وكل ما تقوله هذه المصادر عن الوضع السياسي والحقوقي المتردّي، أنه وضعٌ متردٍ والحاجة فيه ملّحة للإصلاح، وتقول بعدم وجود إرادة إصلاحية جادة عند النظام، وهذا الذي تقوله هو بعض ما تعجُّ به مأساة الواقع.
فبالنسبة ما عليه وضع وطننا في واقعه المؤلم من خللٍ سياسي واسع وانتهاك للحقوق واستباحة لأمن المواطن واستخفافٍ بقيمة الشعب فإن هذا الوضع يتطلّب الاصلاح الجاد الشامل ليعدّ نفسه لمسألة الوحدة التي يرضاها الدين وتنفع الشعب وكل المنطقة ولها عائدها الجميل على الأمة.
واذا كانت أكثر الحكومات في مجلس التعاون الخليجي ترى أن وقت الاتحاد الناجح لا يزال يحتاج إلى تفاهمٍ وإعداد أكثر ودرجةٍ عالية من التحضير النفسي والعملي على المستوى الرسمي بين أطرافه فإن الشعوب ترى أن أهم مقدمةٍ من مقدمات الإتحاد المقبول فضلاً عن الناجح والنافع والمؤمّل هو أن تصحح الأوضاع السياسية داخل كل دولها ويتوّحد الاتجاه في إعطاء الشعوب دورها المعترف به على مستوى العالم المرتبط بموقعها السياسي وكونها مركز الثقل في العملية السياسية المرتبطة بإدارة شأنها العام والمسار المؤثر على مصيرها وأن يُعترف لها دستورياً وعملياً بكامل حقوقها. وهذا أمرٌ لا يختلف عليه شعبٌ من شعوب المنطقة كلها.
وسنبقى نحن في البحرين نؤمن بوحدة الأمة وبقيمة السلام العالمي، وبأي تقاربٍ صادق النية، سليم الهدف، متجه لما يرضي الله سبحانه فيه خير منطقتنا وخير أمتنا ولا يعود على الانسانية إلا بما فيه خيرها.
وسنبقى نعتزّ بوطننا ونحرص على سلامته، ونتمسك بوحدة أبنائه بما فيه هداه وخيره ورضا ربه سبحانه، مشددين على أن يأخذ في اتجاهٍ جديد للعدل والانصاف والمساواة والاعتراف بالحق السياسي الأساس للشعب وسائر حقوقه المغيّبة وإنهاء حالة الغبن والاضطهاد.
وما من مسلمٍ حق إلا ويتمنى وحدة الأمة الاسلامية وعزّتها وكرامتها ونفاذ كلمتها، ويعرف من الاسلام أنه وحّد قلوب المؤمنين وعقولهم وصفوفهم وجمعهم على الهدى، وأشاد منهم أمة وسطاً تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله وتتميز بالعدل وتنتصر للمظلوم وتردّ عدوان الظالم وتثأر للحق وتناهض الباطل.
فكل وحدةٍ على هذا الطريق القويم ومن أجل هذه الأهداف العالية الكريمة لابد أن تلقى ترحيب المؤمن وتستحق بالذل منه في سبيلها، وليس لأي وحدةٍ من نوعٍ يخالف هذه الوحدة أن تتوقع من المجتمعات الإسلامية الواعية أن تلقى عندها شيئاً من القبول.
وبهذا يكون القبول إنما هو قبولٌ لوحدةٍ تكون على طريق الوحدة الكبرى الصالحة.
.................
انتهى/212