ابنا: اندلعت فجر اليوم الخميس العاشر من شهر محرم الحرام لعام 1435هـ في المدينة المنورة صيحات المعزيين والمواسيين لرسول الله محمد وأهل بيته بذكرى استشهاد الإمام الحسين ابن علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وكانت تلك الصيحات بعناوين وشعارات مختلفة أبرزها "لبيك يا حسين"، وذلك في الكثير من الأحياء المختلفة بالمدينة والتي يسكنها السعوديون الشيعة. وأقامت المجالس الحسينية المتعددة بالمدينة الذكرى السنوية ابتداءً من ليلة هلال شهر المحرم لعام 1435هـ، والتي ستستمر ثلاثة عشر ليلة متتالية، ومنذ ذلك الوقت أعلن المجتمع الشيعي الحداد بالمناسبة العظيمة والأليمة. وتأتي إقامة وإحياء الذكرى بشكل مستمر وعلى مدى 1374 سنة هجرية قمرية، تأسياً وامتثالاً لتعليمات الرسول محمد وأهل بيت النبوة المعصومين (ع) بضرورة إقامة المناسبة العظيمة تخليداً لذكره (عليه السلام) وللقيم والمبادئ الإنسانية التي ثار من أجلها. ويستمر المسلمون بإحياء الذكرى بعد إستشهاد الإمام الحسين (ع) على يد الحاكم الأموي يزيد بن معاوية في العاشر من المحرم سنة 61 هـ،وذلك بسبب أهمية النهضة الحسينية التي كانت للإصلاح في الأمة بعد أن عاثت بالفسق والفساد ،كما قال الإمام الحسين ﴿إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي﴾، وقال كذلك عليه السلام عن يزيد﴿شارب للخمر، فاسق وقاتل للنفس المحرمة﴾ وقال ﴿مثلي لا يبايع مثله﴾ وذلك بحسب ما نقلته كتب متعددة المصادر من المسلمين السنة والشيعة. ويُصر المسلمون الشيعة على التمسك بتلك العقيدة "إحياء ذكرى عاشوراء الإمام الحسين والارتباط بتربته الشريفة" وذلك من خلال نصوص متواترة وردت عن رسول الله محمد في كتب الفرق الإسلامية من السنة والشيعة، ومنها ما ورد عن الرسول حينما بكى على الإمام الحسين وهو طفل صغير، والرواية ﴿عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم سلمة قالت : كان رسول الله (ص) جالسا ذات يوم في بيتي فقال : لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين رضي الله عنه فسمعت نشيج رسول الله (ص) يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي (ص) يمسح جبينه وهو يبكي فقلت: والله ما علمت حين دخل فقال: ان جبريل (ع) كان معنا في البيت فقال: تحبه؟ قلت: أما من الدنيا فنعم، قال: ان أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها: كربلاء. فتناول جبريل (ع) من تربتها فأراها النبي (ص) . فلما أحيط بحسين حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء، قال: صدق الله ورسوله، أرض كرب وبلاء". ومنذ اليوم الاول من المحرم ،هتفت المجالس في المدينة بخطابات الإمام الحسين الإصلاحية التي كانت في النهضة المباركة،وذلك مثل ﴿أَلاَ وَإِنَّ الدعِيَّ ابنَ الدعِيِّ قَد رَكزَ بَينَ اثْنَتَيْنِ، بَينَ السلَّةِ وَالذلَّة، وهَيْهَات مِنَّا الذلة﴾ و ﴿ لاَ وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ﴾ و ﴿إِنِّي لا أرَى المَوتَ إلا سَعادةً ، وَالحَياةَ مَع الظالمين إِلاَّ بَرَماً﴾ و ﴿وإن لم يكن لكن دين ولا تخشون المعاد، كونوا أحراراً في دنياكم﴾ وغيرها من الشعارات الإنسانية الأصيلة الخالدة وذلك في أحياء متعددة مثل حي العوالي وقباء وقربان والخالدية والسيح وشوران والعزيات والعرماني والبشرية والحرة. ووفقاً لما تذكره كتب مهتمة بالحركة الحسينية، فأنه يزداد الإصرار على إقامة الذكرى في كل عام هجري قمري وذلك بسبب ما تحمله النهضة الحسينية من قيم ومبادئ إنسانية تجبر الإنسان على تجديد العهد بها في كل عام وفي كل يوم وذلك لإقامة العدالة والسير على الطريق الحق والفضيلة ومحاربة الظلم والجور والفسق والرذيلة في كل زمان ومكان. يشار أن مئات الملايين من المسلمين يحيون الذكرى الأليمة والعظيمة في هذه الليالي في أصقاع متعددة من دول العالم، وفي شرق المملكة العربية السعودية في كل من القطيف والاحساء والدمام والخبر وفي أماكن أخرى من البلاد.
.................
انتهى/212