ابنا: جرت في مساء يوم امس الإثنين وبعد صلاة العشاءين في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بمحافظة كربلاء مراسيم استبدال رايتي قبتي حرم أبي عبدالله الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) من اللون الأحمر إلى اللون الأسود، إيذاناً ببدء شهر محرم الحرام 1435هـ.
وجرت هذه المراسيم التي كان يملؤها الخشوع والإجلال، بحضور عشرات الآلاف من المؤمنين، والذين غصت بهم العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية، وساحة بين الحرمين وبمشاهدة ملايين المؤمنين في شتى أنحاء المعمورة، عبر البث الفضائي للعديد من القنوات العراقية والعربية والأجنبية.
وتجرى هذه العملية سنوياً وهي ترمز إلى بدء السنة العربية الهجرية، بشهر محرم الحرام، الذي استشهد فيه سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين(عليه السلام)، وأهل بيته وأصحابه في ملحمة الحق، ملحمة الطف العظيمة.
حيث انطلقت هذه المراسيم أولاً في العتبة الحسينية المقدسة بحضور السادة ممثلي المرجعيات الدينية في النجف الأشرف والسيد رئيس ديوان الوقف الشيعي «السيد صالح الحيدري»، وعدد من الشخصيات الدينية في البلاد، إضافة إلى جمع غفير من المؤمنين.
حيث كان للأمين العام للعتبة الحسينية «الشيخ عبد المهدي الكربلائي» كلمة في هذه المراسيم بين فيها "أيها المفجوعون بأبي عبدالله الحسين(ع).. أيتها المفجوعات بالسيدة زينب(ع) في هذه الليلة أذن الله تعالى لنا أن نبدأ موسماً من مواسم العبادة إيذانا بموسم البكاء المقدس فهو أقدس بكاء، ذلك البكاء الذي بكاه كل من في الوجود على مصاب سيد الشهداء(ع)، فهو وعد وعده رسول الله لأهل بيته (ع)".
مضيفاً "إن بكاءكم هو امتداد لبكاء الأنبياء والأولياء والصالحين، فالسماء والأرض والشمس والقمر بكوا على الحسين (ع)، وأن الملائكة كذلك بكت عليه(ع)، بل حتى الوحوش بكت وندبت الحسين(ع)، لا تتصوروا أيها المصابون وأيتها المصابات أنكم وحدكم تبكون في هذه اللحظة فالملائكة الحافون بقبره(ع) تبكي وتنوح أيضاً، فبكاؤكم هو حق لرسول الله(ص) علينا أن نرده ونؤديه اليه، وهذا ما وعد به الرسول(ص) فاطمة الزهراء (ص) وجزاؤكم منه هي الشفاعة لكم يوم القيامة، فكل عين باكية يوم القيامة إلّا عين بكت على الإمام الحسين(ع)، فاغتنموا هذا الفرصة بإقامة العزاء والإكثار من البكاء، وجعله موسم توبة وغفران، وأن نكون من المعزين والباكين بقلوبنا وليس بألسنتنا، وأن ننصر الإمام الحسين(ع) بالأخلاق الحسنة والابتعاد عن المعاصي وإعلان حالة التوبة والتوجه الى الله تعالى بالإمام الحسين(ع)".
ومن ثم كلمة رئيس ديوان الوقف الشيعي السيد صالح الحيدري أكد فيها "نستذكرك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبدالله ونحن نستذكر التضحيات العظام من أجل القضاء على الظلم والظالمين من أجل خير الناس جميعاً".
مضيفاً "تتفاعل الأمة في ذكرى الشهادة وذكرى الطف تفاعلاً تصاعدياً منقطع النظير.. لأنك نموذج للعزة والإباء.. نموذج للإيمان والكبرياء.. النموذج الفذ الذي إذا ما ذكر اسمه، طربت القلوب زهواً وخيلاءً وفخراً.. وهذا ما نلمسه عملياً، فالملايين تخرج صوب مرقد أبي الأحرار(ع) تسير بإصرار وعزيمة وحب وولاء، لتعلن له(ع) أننا نقتدي ونهتدي بمنهجك منهج الخير والعدالة والإصلاح للبلاد والعباد".
وأضاف السيد الحيدري "في كل محرم من كل عام تكون سيرة الإمام الحسين(ع) هي محور المتحدثين التي تحمل من قدسية المبادئ وسمو الأهداف، عظمة التضحية وأريج الشهادة، فهي تمثل سيرة المسلم الأفضل والإنسان الأمثل، والتي تركت بصمات تتوضح خطوطها يوماً بعد يوم، وجيلاً بعد جيل لذلك نحن نهتف بإيمان عالٍ ويقين لا يتزعزع (أبد والله يا زهراء مانسسى حسيناه)، نحن صادقون ومصممون في ذكرى إحياء استشهادك في سبيل الله، وتضحيتك من أجل الإمة جميعاً، نحن نتمسك بالحسين(ع) لنجسد روح العطايا والخير والوئام ونردد بأصوات تشق عنان السماء: (هيهات منا الذلة)".
كان بعدها بدء مراسيم إنزال الراية الحمراء ورفع الراية السوداء وسط هتافات تستذكر عظم هذه الفاجعة الأليمة على محمد وآل محمد(ص).
ثم توجهت مواكب المعزين يتقدمهم كردوس من حملة الأعلام صوب مرقد حامل لواء الطف أبي الفضل العباس(ع) لتتم هناك مراسيم إبدال الراية فما أن وصل الكردوس حتى بدأت المراسيم بتلاوة آي من الذكر الحكيم ثم كلمة الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة «السيد أحمد الصافي» والتي بين فيها "لازلنا أيها الأحبة في كل عام نحتار في قضية الإمام الحسين(ع).. واقعاً لا توجد كلمات إزاء ما نرى وما نشاهد، فالإمام الحسين(ع) لا زال قوياً، بحيث شدنا شداً يستحيل أن ننساه، ويستحيل وجود قوة تحاول أن تغير مسيرته(ع) وأصحابه(رضوان الله عليهم)، الإمام الحسين(ع) استشرف الغيب وذكر أن من لم يلحق بنا لن يبلغ الفتح وهذا فتح الدنيا..".
وأضافت "الإمام الحسين ملأ الخافقين وملأ الدنيا دوياً، وأصبحت كلمة (يا حسين) حبيبة لقلوب المؤمنين، ومزعجة للظالمين، قليل الحظ من يعادي الإمام الحسين(عليه السلام)، وقليل الحظ من لم يسر بركب الإمام الحسين(عليه السلام)..".
كما دعا السيد الصافي الجموع الغفيرة أن يعلموا أولادهم الشعائر الحسينية ويربوهم عليها، ويفهموهم معنى الثورة الحسينية، مؤكداً نريد أن يكون حضور الأطفال أكبر من الشباب وحضور الشباب أكبر من الشيوخ.
وبعدها استبدلت بها الراية الحمراء الرمزية التي كانت منصوبةً على سارية فوق منصة الحفل، وليقوم بعدها أحد السادة الخدم برفع الراية السوداء الجديدة على القبة الشريفة.
كما بين عريف الحفل الأستاذ «علي الصفار» أنه رفعت أكثر من 150 راية سوداء في مختلف محافظات ومدن العراق من الجنوب إلى الشمال تزامناً مع هذه المراسيم الضخمة.
كما بين الصفار أنه سيتم رفع رايات في عدد من الدول العربية والأجنبية بالإضافة إلى الهيئات والمواكب الحسينة في عموم محافظات العراق بالإضافة إلى الجوامع والحسينيات.
كما تم وفي نفس الوقت رفع الراية السوداء على قباب العتبات المقدسة في العراق وكذلك كل المزارات الشريفة.
.................
انتهی/212