وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الأحد

٢٠ أكتوبر ٢٠١٣

٨:٣٠:٠٠ م
474249

بمناسبة عید الغدیر الأغر

أعمال یوم الغدیر المبارك

ذکر العلماء في کتب الأدعیة وأعمال الأیام جملة من الأعمال والأقوال ورد الحثّ علیها في النصوص المختصة بیوم الغدیر. وقد أفتی کثیر من الفقهاء باستحبابها. ومن لم یثبت عنده استحبابها الشرعي، لم یمنع من الإتیان بها برجاء المطلوبیة، منها:

الأول: الغسل، ففي الخبر عن أبي عبدالله (ع) قال: صباح یوم غدیر خم یعدل صیام عمر الدّنیا (إلی أن قال): ومن صلّی فیه ركعتین یغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة... إلی أن قال): عدلت عند الله مائة ألف حجة. ومائة ألف عمرة(1).

وممّن أفتی باستحباب الغسل في هذا الیوم السیّد الیزدي صاحب العروة (رحمة الله علیه)، وبعض من علق علیها من الفقهاء كالإمام الخمیني (قدس سره)(2).

الثاني: الصلاة، وقد ورد فیها كیفیتان: الأولی: ما في الخبر المتقدم في الغسل من أن من « یقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة، وعشر مرات « قل هو اله أحد» وعشر مرات «آیة الكرسي»وعشر مرات «إنّا أنزلناه» عدلت عند الله عزوجل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة، وما سأل الله عزوجل حاجة من حوائج الدنیا والأخرة إلّا قضیت كائنا ما كانت الحاجة...»(3).

                                غدیر

الثانیة: ذكرها السید ابن طاووس في إقبال الأعمال في روایة عن مولانا الصادق (ع): .... ومن صلّی فیه ركعتین أي وقت شاء. وأفضل  ذلك قرب الزّوال.... (إلی أن قال): فمن صلّی ركعتین ثم سجد وشكر الله عزّوجل مائة مرة. ودعا بهذا الدّعاء بعد رفع رأسه من السجود (ثمّ ذكر الدّعاء)... ثم تسجد وتحمد الله مائة مرّة وتشكر الله مائة مرة وأنت ساجد، فإنه من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك الیوم وبایع رسول الله.... علی ذلك وكانت درجته مع درجة الصّابرین الذين صدقوا الله ورسوله في موالاة مولاهم ذلك الیوم. وكان كمن استشهد مع رسول الله (ص)وأمیر المؤمنین (ع) ومع الحسن والحسین(ع)، وكمن یكون تحت رایة القائم (عج) وفي فسطاط من النجباء والنقباء»(4).

الثالث: الصوم، وقد ورد في فضله الكثیر، ومما ورد:

أنه یعدل صیام عمر الدّنیا، كما في الخبر المتقدم في الغسل، یعدل صیام ستین شهراً، یعدل مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات. أنه كفارة ستین سنة. أنه أفضل من عمل ستین سنة. أن الله یكتب له صیام الدّهر(5).

الرابع: استحباب زیارة أمیر المؤمنین (ع) والحضور عنده في یوم الغدیر. ففي الخبر عن أبي الحسن الرضا (ع) مخاطباً أحمد بن محمد بن أّي نصیر:.... یا ابن أبي نصر، أینما كنت فاحضر یوم الغدیر عند أمیر المؤمنین(ع) فإن الله یغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستین سنة. ویعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان(6).

وقد ذكرت زیارته (ع) في هذا الیوم في كتب الزّیارات عموما، وأهمها ما في مصباح المتهجد للشیخ الطوسي(رحمة الله علیه) وإقبال الإعمال للسید ابن طاووس. وفي كتب المزار للشهید الثاني. وقد جمعت في كتاب مفاتیح الجنان للمحدّث القمي ( رضوان الله تعالی علیهم أجمعین).

الخامس: المؤاخاة بین المؤمنین. وتعرف بعقد الأخوة. فقد نقل المحدّث النوري في المستدرك عن كتاب زاد الفردوس أن من ضمن أعمال یوم الغدیر المؤاخاة بین المؤمنین، وكیفیتها:

« أن یضع یده الیمني علی یمنی أخیه المؤمن ویقول: واخیتك في الله، وصافیتك في الله وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وأنبیاءه والأئمة المعصومین (ع) علی أني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة وأذن لي بأن أدخل الجنة، لا أدخلها إلا وأنت معي، فیقول الأخ المؤمن: قبلت. فیقول: أسقطت عنك جمیع حقوق الأخوة ما خلا الشفاعة والدّعاء والزّیارة»(7).

وقد ذكر هذا العقد المولی الفیض الكاشاني في رسالته المترجمة بخلاصة الأذكار. وقال في الأخیر: «... ثم لیسقط منها جمیع حقوق الأخوة ما خلا الدّعاء والزیارة، خوفاً من عدم التحرج من الإتیان بها. (8)

وبالوقوف عند هذه المؤاخاة یمكن أن نفهم أموراً عدّة:

1.إن هذه المؤاخاة هي تجسید للمؤاخاة التي حصلت بین النبي الأكرم (ص) وأمیر المؤمنین (ع) لما آخی بین المهاجرین أنفسهم ثم بین المهاجرین والأنصار، تجسیدا لروح الأخوة الإسلامیة بینهم، بحیث یعامل أحد المتآخیین الآخر معاملة نفسه، بل یؤثره علی نفسه في كل ما یملك.

2ـ أن یعتبر المؤمنین أن یوم الغدیر الذي هو أفضل أعیاد الأمة وأعظم أیام الله تعالی هو الیوم الذي یرغب الله فیه بتآخي المؤمنین وتصافیهم في الله لا یبتغون إلا وجهه، ولایلتمسون إلا رضاه. فیضعون خلفهم الأحقاد والبغضاء الشخصیة والنفسیة والمادیّة. ویرقون بأرواحهم من خلال المؤاخاة إلی أن یكونوا أحباء علی سرر متقابلین وأخلاء لا یفرقهم شيء ولا یباعدهم أحد.

3ـ إن الله تعالی جعل المؤاخاة في هذا الیوم بالخصوص دون غیره من الأیام الكریمة والأوقات الخاصة، لأنه یوم جامع للمؤمنین علی عقیدة واحدة هي أهم ما أمر الله تعالی نبیه الأكرم (ص) بتبلیغه للناس. واعتبر أن عدم تبلیغ هذا الأمر یعني عدم تبلیغ الرسالة الإلهیة، كما في الآیة التي صدر بها الحدیث.

وفي هذا الیوم تنفتح قلوب المؤمنین للتتلاقي وتجتمع علی أمیر المؤمنین (ع) حباً وعشقاً وولایة والتزاماً. وهذا من أكثر الأمور جمعاً وسبباً للإجماع. بل هو أكثرها علی الإطلاق.

4ـ اللافت في عقد المؤاخاة المذكور. العهد الذي یقطعه المؤمن لله تعالی شأنه مع أخیه علی أن لا یدخل الجنة إلّا وهو معه إذا كان من أهل الجنة والشفاعة.

وهذا العهد یعطي لعقد المؤاخاة رفعة ومیزة خاصة، حیث ارتبط مصیر المؤمنین ببعضهم البعض في الدّنیا والآخرة. ففي الدّنیا أن لا یكون هناك تخاصم وتنازع، ولو حصل لزال بسرعة عندما یلتفت أحدهما أو كلاهما إلی العهد الذي قطعه لله تعالی علی نفسه اتجاه أخیه، فیؤثر فیه تسامحاً وحباً ومودة.

وفي الآخرة لا یمكن لله الكریم الذي أكرم المؤمنین بولایة علي (ع)، وشرفهم بالأخوة ببركته، لا یمكن أن لا یستجیب لمؤمن شفاعته في أخیه، مراعاة لعهده، وتصدیقاً للعقد بینهما، وكرامة لأمیر المؤمنین(ع).

5. لعل الحكمة من إسقاط ما خلا الشفاعة والدّعاء والزیارة من حقوق الأخوة هي عدم إیقاع المؤمن في الحرج لو أراد الإتیان بها كاملة، ذلك أن المؤمن إذا آخی عدداً كبیراً من المؤمنین. فمن الحرج علیه الوفاء بجمیع حقوق الأخوة لكل من آخاه.

أما الثلاثة الباقیة، فالشفاعة في الآخرة، وقد تعهد بها الله تعالی لعبده المؤمن.

والدّعاء أمره سهل، حیث یمكن جمع الآخوة بدعاء واحد مثلا. والزیارة یكفي فیها عدم الإنقطاع. خصوصا ما للتزاور بین المؤمنین من الأجر والثواب الذي أعده الله تعالی لذلك.

6. إنّ تثبیت الأخوة وتعمیقها في هذا الیوم یتحققان في وحدة الكلمة عند الالتقاء، حیث ورد في الخبر عن الصادق (ع):.... ولیكن من قولكم إذا التقیتم أن تقولوا: الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الیوم، وجعلنا من المؤمنین بعهده إلینا ومیثاقنا الذي واثقنا به من ولایة ولاة أمره والقوّام بقسطه، ولم یجعلنا من الجاحدین والمكذبین بیوم الدین»(9).

وقد ذكر المحدث القمي في مفاتیحه من أعمال یوم الغدیر أن یهنيء من لاقاه من إخوانه المؤمنین بقوله: « الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكین بولایة أمیر المؤمنین والأئمة (ع)(10).