وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ قال «آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (18/10/2013) بجامع الامام الصادق (ع)" في "الدراز" إن "الطائفية في عالمنا الاسلامي محرقة للأمة وقاضية على الدين ومقوّضة للأمن، وعاصفة بالاستقرار وآتية على حلم الوحدة، وتمتد الطائفية داخل هذه الأمة بأثرها السلبي على الأمن الاقتصادي العالمي لما للأرض الإسلامية من تغذية العالم بأكبر بسبب من أسباب الطاقة المتوفرة في الأرض والمنتجة فعلاً".
وأضاف إن "الفتنة الطائفية والتسبب فيها وإشعالها وتغذيتها، وبما لها من آثار تخريبية خطيرة مرّت صورة منها ظلم واضح للدين والأمة والإنسانية، فهي محرمة قطعاً، ولا مجال في الاسلام للقول بإباحتها والقائل بذلك مفترٍ كذّاب على الإسلام أولا فقه له به على الإطلاق.. والمذهب الجعفري موقفه واضح كل الوضوح من هذا الأمر وهو في وضوحه لا يقبل الشبهة أبداً، ومدرسة أهل البيت عليهم السلام شديدة الحرص والتأكيد على وحدة الأمة والحفاظ عليها عن التصدّع وقد عانى أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله أقسى أنواع الظلم الإقصاء والمطاردة ولم يضحوا يوماً من الأيام تحت هذا الضغط الهائل بوحدة الأمة، ولم يطلبوا الخلاص من كل ذلك بما فيه إنهدام وحدتها وإنمحاق وجودها والاضرار بالدين ومس شيء من أحكامه فضلاً عن أسسه وركائزه".
وفيما يلي نص الخطبة الثانية لسماحته:
الإرهاب هو الإرهاب:
الإرهاب هو الإرهاب جاء من شعب أو حكومة، وجاء من جماعة دينية أو غير دينية، الإرهاب الظالم واحد، هو طريق مظلم ومسلك هدّام ومناقض للدين ومقوّض للأمن العالمي والقيم الانسانية ويشل حركة الحياة وينشر الفوضى ويزعزع بنية المجتمعات وينحرف بجهود المجتمع البشري من فكرية وعملية إلى العدوان، ومجابهته والرد عليه بعدوان مثله بل يزيد عليه أضعافاً وأضعافا.
وما انتشر هذا التوجه -التوجه للإرهاب- المدمّر وتربى عليه جيل واحد إلا حطّم الحضارات والحياة، ولا يخرج الإرهاب الظالم عن هويته الساقطة وخسّته وبهيميته أن تتبناه حكومة من الحكومات وتحت أي ذريعة من الذرائع فضلاً عن أن يكون وسيلتها المفضلة أو التي ترى فيها ملجأها الأخير في الاستمرار في حكمها الغاشم وسلطتها المطلقة وأثرتها الطاغية وتماديها في الإستبداد.
ولا يغير من طبيعة هذا الارهاب ولا يخفف من لونه القاتم القبيح ووطأته الثقيلة على الحياة وتناقضه مع قيم الدين الحق وأحكامه السوية العادلة أن تدعمه التشريعات والقوانين الوضعية الكيفية المكففة والمتحدة معه روحاً وهدفاً ومنطلقاً والفاقدة لأي خلفية إلا ما تهدف إليه من تبرير الظلم والطغيان والتنكيل بالمطالبين بالحق والحرية، وهذا ما نجده من إستمرار في تدفق القوانين الجائرة في بلدنا دعماً للإرهاب الرسمي وعنفه المتصاعد. وواضح أن ليس في مقدور أي قانون أن يحوّل الظلم عدلاً بمجرد أن يشرّع للظلم والشر خيراً بمجرد الإعتبار، والإفساد اصلاحاً بمجرد دعواه ذلك.
ولماذا المزيد من التشدد والتصعيد؟ لأن المطالب بحق الشعب أن تكون له ارادة في حكمه ورأي محترم في تقرير مصيره وكلمة معتبرة في ادارة الشأن العام المتعلق به ظالم جائر متجاوز لحقه خارج عن حده، ألهذا يكون التصعيد؟ الإجابة بنعم على هذا السؤال لا تجري على لسان منصف عاقل يعي ما يقول ويقدّر ما يقول، أو لأن التشدد سيردع المطالبين بالحقوق ويخرسهم إلى الأخير أو لزمن غير قريب؟ تجربة الحراك التي أمتدت لسنتين وما زاد على ثمانية أشهر قد أثبتت بما فيه الكفاية استحالة أن يكون ذلك برغم شدة القمع ومر المعاناة وفظاعة الخسائر ونشر الرعب والأحكام القضائية القاسية التي طالت ألوف المواطنين وتوديع العدد الكبير من الشهداء في سبيل إقامة الحق واستقامة الأمور وتصحيح المسار الذي يعاني من انحراف هائل عن الصواب حسب موازين الحق والعدل وكرامة الإنسان وقيمة المواطن ومصلحة الوطن المسار الذي يصادم الدين و يعيش حالة انفلات عن أحكامه وقيمه.
أو هل لأن طول المدى وتعطيل الحل العادل لأكبر مدة ممكنة سيلقي باليأس في قلوب المواطنين ويجعلهم يتراجعون مختارين تحت تأثيره؟ احتمال ساقط، فهذا شعب مؤمن مؤمل في الله سبحانه مما ينقذه من حالة اليأس والإحباط ويمده بالطمأنينة لنتيجة جهاده في سبيل الحق.
أو هل ينطلق تشدد السلطة وتوجيه الضربات الموجعة للشعب المعارض من انتظار تغيّر في الظروف المحيطة والمعادلات السياسية المؤثرة بما يكون في صالح بقاء الأوضاع الظالمة على ما هي عليه من واقع بلا تغيير؟ الشعب هنا لا يربط مصير حراكه بأي نوع من الظروف والمعادلات السياسية في المنطقة أو في العالم، ايجابية كانت أو سلبية وهو آخذ على نفسه أن يستمر في حراكه العادل المسالم مهما يكن من أمر هذه الظروف والمعادلات. (1) هتاف جموع المصلين: "هيهات منا الذلة"..
واذا كان لهذا التشدد من أثر فهو مزيد من ايمان الشعب بضرورة الإصلاح، والاستقامة على طريق المطالبة به من غير توقف ولا هوادة، والكل يدرك أن المأزق الذي يعيشه الوطن ليس مأزق شعب دون حكومة، ولا فئة دون أخرى، وأن الحل ليس حاجة طرف واحد دون طرف وتعطيل الحل العادل ليبقى المشكل على ضراوته وليزداد اضراراً بالوطن كله وبكل مكوناته وبثروته وإنسانه وحاضره ومستقبله، ومن يعطل الحل يتحمل تبعة هذا كله ويضر بنفسه قبل أن يضر بغيره، وليس على أرض الواقع في هذا الصراع قوي على الإطلاق وضعيف على الإطلاق، فلكل طرف فيه نصيب من قوة ونصيب من ضعف، ولا مجال لإنكار ذلك وما إنكاره إلا مكابرة.
الطائفية محرقة:
الطائفية في عالمنا الاسلامي محرقة للأمة وقاضية على الدين ومقوّضة للأمن، وعاصفة بالاستقرار وآتية على حلم الوحدة، وتمتد الطائفية داخل هذه الأمة بأثرها السلبي على الأمن الاقتصادي العالمي لما للأرض الإسلامية من تغذية العالم بأكبر بسبب من أسباب الطاقة المتوفرة في الأرض والمنتجة فعلاً. وأثرها الضار في ذلك واسع ومفزع، وأمتنا لا تعيش عزلة عن العالم وعلاقاتها متشابكة مع بقية أجزاءه ودوله سياسياً وأمنياً، والاضطراب الهائل والفوضى العارمة في اطار هذه الأمة لا يقف عند حدودها ولابد أن يمتد بآثاره المحطمة إلى الشعوب والأمم الأخرى.
ومن ناحية دينية اسلامية عامة، فإن كل أنواع الظلم من المنكرات الكبرى التي يرفضها الدين الحق، ويشدد العقوبة عليها، وليس له أي تسامح بشأنها، والفتنة الطائفية والتسبب فيها وإشعالها وتغذيتها، وبما لها من آثار تخريبية خطيرة مرّت صورة منها ظلم واضح للدين والأمة والإنسانية، فهي محرمة قطعاً، ولا مجال في الاسلام للقول بإباحتها والقائل بذلك مفترٍ كذّاب على الإسلام أولا فقه له به على الإطلاق.. والمذهب الجعفري موقفه واضح كل الوضوح من هذا الأمر وهو في وضوحه لا يقبل الشبهة أبداً، ومدرسة أهل البيت عليهم السلام شديدة الحرص والتأكيد على وحدة الأمة والحفاظ عليها عن التصدّع وقد عانى أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله أقسى أنواع الظلم الإقصاء والمطاردة ولم يضحوا يوماً من الأيام تحت هذا الضغط الهائل بوحدة الأمة، ولم يطلبوا الخلاص من كل ذلك بما فيه إنهدام وحدتها وإنمحاق وجودها والاضرار بالدين ومس شيء من أحكامه فضلاً عن أسسه وركائزه.
ولغة السب والشتم والكلمات الساقطة البذيئة للرموز والمقدسات عند هذا الطرف أو ذلك الطرف من طوائف المسلمين من أقوى أسباب الفتنة وعوامل اشعالها ولغة أهل الإيمان لا تأتي بذيئة ولا فاحشة ولا مستهترة ولا متعدية ولا ساقطة ولا متهوّرة، ولا يأتي من مؤمن ما يدعو لتفجير الأوضاع بين المسلمين وإدخالهم في فتنة عمياء طاغية مهلكة. (2) هتاف جموع المصلين: "وحدة وحدة اسلامية".
ومن هذا كله تأتي الإدانة الصريحة والشجب القوي والإنكار الشديد على ما حدث في الأعظمية من بغداد من جماعة بإسم الشيعة مما يدخل في هذا الباب، والشيعة منه برئاء ومذهب أهل البيت عليهم السلام يستنكره أشد الإستنكار ويبرأ منه كل البراءة.
وما أقسى فتاوى التكفير التي ملأت الساحة الاسلامية على وجود الأمة ووحدتها وهداها وسلامة الدين وما أشد عداوتها له وأبعدها عن فكره ومصلحته، وهذه الفتاوى وراء كل فتنة عمياء في هذه الأمة، ووراء هذه الانفلاتات الخطيرة. وفتاوى التكفير هذه لا منطلق لها إلا الكيد الأسود بالاسلام أو الجهل الفاحش بمقوماته وأحكامه.
واذا ترك علماء الإسلام من كل المذاهب أو من مذهب واحد منها لهذه الفتاوى لأن تمتد وتتسع وتتسرب إلى عقول الأجيال وتحكم نفوسها فعلى الإسلام والأمة الإسلامية السلام، والعلماء شركاء كبار بصمتهم في هذه الجريمة لو سكتوا.
................
انتهی/212