وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الخميس

٢٦ سبتمبر ٢٠١٣

٨:٣٠:٠٠ م
467260

البحرين / «آية الله عيسی قاسم» في خطبة صلاة الجمعة:

هذا الشعب لا زال وسيبقى يرفض بعلمائه ورموزه ومؤسساته السياسية والدينية لغة العنف

أكد «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» أن "هذا الشعب لا زال وسيبقى يرفض بعلمائه ورموزه ومؤسساته السياسية والدينية لغة العنف ويأبى لهذا الوطن العزيز أن ينزلق في منزلق الفتنة العامة والعنف والارهاب المتبادل وأن يساجل الحكومة في عنفها".

ابنا: سئل «آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (27/09/2013) بجامع الإمام الصادق (ع) بـ "الدراز" إن "أي حراك في الانضباط والعقلانية والسلمية مثل السياسي في البحرين، الرموز السياسيون المحكومون بالسجن لمدد تستوعب العمر أو طائفة عظمى منه لا زالوا يدعون الشعب من سجونهم للسلمية، «خليل المرزوق» من داخل زنزانته يدعو شعبه للسلمية، العلماء يدعون للسلمية، الجمعيات السياسية المعارضة تدعو للسلمية، ذلك رغم ما واجهت به السلطة هذا الحراك وطيلة ما مكثه لحد الآن من عمره وقد تجاوز السنتين والنصف من عنف وشدة وقسوة وتنكيل وعقوبات جماعية جمعت بين ما هو الجسدي والنفسي والمالي، ونالت من الأعراض والعقيدة والمقدس مما على الأرض وفي النفوس".

وفيما يلي نص الخطبة السياسية لسماحته:

لا حق ثم لا كلمة:

طال عمر الحراك في البحرين، وموقف السلطة أن لا اعتراف بحق من حقوق الشعب المطالب بها، أما اليوم فقد تم الانتقال في موقف السلطة أنه لا مكان للكلمة المطالبة بحق من الحقوق، وكلمة دينية مؤثرة على لسان عالم دين ومؤسسة دينية إلا في بعض موارد الاضطرار التي تقدرها السلطة.

كلمة توقظ الوعي، تنبه العقل، تبعث الفهم الديني، تصحح هذا الفهم، فيها اظهار لفكر الدين، مربية على أساسه التربية الصالحة، معبرة عن الاسلام في مساحته الواسعة التعبير الأمين الدقيق، الحكم عليها بالحجر والمطاردة إن لم تكن العقوبة، فبلدنا عليه أن يخلو من الوعي السياسي والمطالبة بالحقوق، ومن الكلمة الدينية الواعية الهادفة التي تستحضر عند الشعب العقلية الاسلامية الصحيحة.

نعم لتبقى تلاوة الكتاب العزيز، ولتجود تلاوته، ولتفتح مراكز لتجويده، وليطبع بطبعة أو بأكثر من طبعة أنيقة مدققة بما يكفي أو غير مدققة كذلك، ولتكثر منه النسخ المنمقة في البيت الواحد، وليكن في الواجهة من المكتبات العامة، ولتدعم مراكز تعليم ألفاظه بسخاء، ولتعلّق منه تمائم وعودات على الصدور وفي الأعناق، وليتبرّك من يريد التبرك به، ولتشتغل اذاعات متخصصة وقنوات فضائية لبث أشرطة تلاوته كل آنات الليل وأثناء النهار، ولتكثر المسابقات القرآنية والجوائز الثمية للأحسن تلاوة وللأكثر حفظاً للقرآن، ولتقدّم الاذاعات والمحطات الفضائية لسامعيها ولمشاهديها التفاسير التي تلتقي وإرادة السياسة ومشتهاها أو تلك التي لا تمس السياسة القائمة بأقل سوء، ولا تنالها منه خدشة بسيطة. وليكثر استشهاد خطباء الموالاة بآيات الكريم مما فيه دعم السياسة القائمة بما يصادم فهم القرآن وفيما يحظ العامة من المسلمين -هذا ليس في بلد واحد وإنما كثير من بلاد المسلمين وأنا أتحدث على هذا المستوى- وفيما يخص العامة من المسلمين على الفقر وشظف العيش وإن كان بسبب أثرة أهل السلطان وأخطاء السياسة وسرقة المال العام من المتسلطين. ليكن كل ذلك وهذا الاسلام موافق عليه وحرية الكلمة أمامه مفتوحة، أما اسلام بفهم قرآني صحيح يتكفل معالجة مشكلات الحياة وغير مستعد لتبرير أي سياسة ظالمة أو خاطئة ولا يبارك أثرة الحاكمين وحرمان أبناء الأمة وشعوبها من خيرات بلدانهم، ولا يرضى إلا بأن يتجه الناس إلى عبادة الله سبحانه في كل مساحة الحياة ويحصر حق التشريع في الله عز وجل ويصر على قيادة الحياة فهو إسلام غير مقبول، ولا حرية له على الإطلاق، ولا مجال أمام كلمته.

تدفن منابعه، وتطمس معالمه، وتغيب أنواره، وتغلق أي مؤسسة تنادي به، تدعو إليه، توقض العقول به، يخرس كل لسان ينطق به، الخطوط الحمراء أمامه كثيرة وكثيرة لا واحد ولا اثنان ولا ثلاثة ولا أربعة، القوانين ضده متصاعدة، الاحتياطات دونه مكثفة، العقوبات للمؤسسات قاسية ومشددة.

يرحب بإسلام يتوّلى دور مخادعة الجماهير، وتدجينها التدجين الذي يخدم السياسة القائمة، ويأتمر بأمرها وينتهي بنهيها، ويحل ما تحل ويحرّم ما تحرم، ويدعو إلى ما تدعو إليه ويكون الطيّع بيدها.

ولا مكان لإسلام يقابل هذا الاسلام وينكر عليه، والسياسة الدنيوية المرتعدة من الدين بتوحيده وعدله وإيقاظه للأرواح والقلوب والعقول كلما استطاعت أن تحارب الاسلام الحق في أبعد أرض عن أرضها حاربته حتى لا يجد أي سبيلٍ لأن يعبر الحدود ويصل منه شيء إلى أرضها وينالها منه أي تأثير.

ولا يرى الرائي غلق المجلس الإسلامي العلمائي إلا من هذا الباب، وهي السياسة التي سادت كثيراً من البلاد الإسلامية، ولكن هل يظن ظان أن المئات من علماء الدين وطلابه في البحرين ستقبرهم بيوتهم؟ ويخلدون إلى غرف النوم؟ لينسوا واجبهم الديني في تعليم الدين وتبليغه ونشره والدعوة إليه وتبصير المجتمع بتعاليمه؟ هل سيقبلون أن يخسروا كل ما درسوا؟ أن يخسروا علاقتهم بالله؟ أن ينفضوا يدهم من يد ربهم سبحانه وتعالى؟ (1) "هتاف المصلين: لن نركع إلا لله..".

أن يتقدموا كل هذا التقدم؟ أن يكونوا أبطل البطالين من بين الفئات؟

أي حراك مثل هذا الحراك؟

أي حراك في الانضباط والعقلانية والسلمية مثل السياسي في البحرين، الرموز السياسيون المحكومون بالسجن لمدد تستوعب العمر أو طائفة عظمى منه لا زالوا يدعون الشعب من سجونهم للسلمية، خليل المرزوق من داخل زنزانته يدعو شعبه للسلمية، العلماء يدعون للسلمية، الجمعيات السياسية المعارضة تدعو للسلمية، ذلك رغم ما واجهت به السلطة هذا الحراك وطيلة ما مكثه لحد الآن من عمره وقد تجاوز السنتين والنصف من عنف وشدة وقسوة وتنكيل وعقوبات جماعية جمعت بين ما هو الجسدي والنفسي والمالي، ونالت من الأعراض والعقيدة والمقدس مما على الأرض وفي النفوس.

وهذا الشعب لا زال وسيبقى يرفض بعلمائه ورموزه ومؤسساته السياسية والدينية لغة العنف ويأبى لهذا الوطن العزيز أن ينزلق في منزلق الفتنة العامة والعنف والارهاب المتبادل وأن يساجل الحكومة في عنفها.

اذا كانت السلطة لا تقدّر للحراك السلمي القائم وعلى مستوى طابعه العام على الأقل أخذه بالاسلوب السلمي والتزامه هذا الاسلوب رغم طول المدة ومرّ المعاناة وظلم السلطة أفليس على دول العالم أن تقدر لهذا الشعب كل هذه العقلانية والاتزان والحضارية والالتزام بخيار السلمية؟.

نعرف أن كل من شارك ويشارك في هذا الحراك للسلطة عليه ذنب لا يغتفر وهو المطالبة بالحقوق وفي مقدمتها الحق السياسي، فهل هذا هو الذنب الحقيقي الذي يستحق به شعب البحرين أن لا ينصف بكلمة جادة صريحة لا تحتمل التأويل وغير محاطة بما يذهب قيمتها من هذا العالم؟.

وقد قلنا وتكرر دائماً أن هذا الشعب لا يتطلع إلى أي تدخلات خارجية تضر بأمن هذا الوطن، وأي من مكونات وجوده، ونرفض أن تكون البحرين ساحة من ساحات الحرب ونزيف الدم.

لا ظلم ولا عنف:

هذا الشعب ومن منطلق دينه القويم وضميره الحي وشعوره الانساني الغزير واعتزازه بكرامته وادراكه لحقوقه ولحضاريته يأبى أن يعيش مظلوماً، ويستسلم للظلم أو لا ينكره ولا يقاومه كما يرفض أن يمارس الارهاب والعنف والعدوان ويركن إليه ويختاره على السلم واسلوب الحوار الجاد المثمر مما يستهدف العدل والانصاف وفيه تقدير لكرامة الشعب وحقوقه الثابتة.

وكل ذوي الحكمة من أهل النصح والاخلاص والحرص على سلامة هذا الوطن وغيره من الوطن الاسلامي الكبير لا يتصور في أحد منهم إلا أن يكون مع خيار السلم محذراً من العنف والارهاب.

وللاسلوب السلمي في معارضته الظلم صور وممارسات من أهدئها وأوضحها سلمية وأقدرها عن التعبير عن الرأي بصورة جماعية مؤثرة هي المسيرات السلمية البعيدة عن كل أشكال العنف المتسمة بروح الانضباط العالية والشعارات التي تطرح القضايا المطلوبة في تعبير دقيق مؤثر وفي أخلاقية كريمة سامية على أن يتوحد الموقف الذي يراد التعبير عنه.

ومسيرة من ألف غير مسيرة من عشرة آلاف، ومسيرة من مئة ألف غير مسيرة من خمسمئة ألف، ومسيرة من شريحة واحدة غير مسيرة من شرائح اجتماعية متعددة، ومسيرة من أصحاب عمر الشباب غير مسيرة من الأعمار المختلفة، ومسيرة من رجال غير مسيرة من رجال ونساء.. هذا واضح.. وعين السلطة المعنية لأي مسيرة وبأي مسيرة وعيون الدول الأخرى وشعوب الأرض والمنظمات الحقوقية والانسانية كلّها مفتوحة على هذه المسيرة في حجم عددها ونوع المشاركين فيها وحقانية واعتدال شعاراتها ودرجة سلميتها وعلاقنيتها وتوّحد مطروحاتها ومدى انضباطها وما نوع المشاركين فيها وما يظهر من جديتها وتراخيها في مطالبها، فلكل من المتقابلات في هذه الأمور من عدد صغير وآخر كبير وتوحد في الشعار وإختلاف فيه وغير ذلك مما ذكر تقديره الذي يختلف عن تقدير ما يقابله في هذه العيون، المسيرة بألف لها وزن في عيون الدول وفي عين السلطة المعنية والمسيرة من مئتي ألف وثلاثمئة ألف وأربعمئة ألف وخمسمئة ألف لها وزنها الآخر ولها تقديرها الآخر.

كل مسيرة توزن بوزنها حتى عند السلطة المعنية بها مباشرة وإن تعمد اعلامها الانكار والتزوير والتشويش على ما جرى على الأرض في هذه المسيرة أو تلك وما حملته من دلالات وحقائق وسجلته من واقع وجدية أو إلتفاف حول المطالب العادلة المحددة.

الناس الذين يريدون أن يقولوا لكل الآخرين بأن المعارضة في بلدهم هامشية وهزيلة ولا يُأبه بها يتركون للمسيرة السلمية المعبرة عن المطالبة بالحقوق أن تكون ضعيفة هزيلة لا قيمة لها أمام العالم وهم بهذا الموقف السلبي إنما ينتصرون للظلم واستمراره واشتداده على أنفسهم وأهليهم وشعبهم ووطنهم، هذا خذلان للنفس، خذلان للوطن، خذلان للشعب، للدين..

ومن همه شأن نفسه وشأن دينه وشعبه ووطنه وأراد له ولكل المظلومين الخلاص من قسوة الظلم وإنقاذ وطنه لابد أن يدفعه ذلك لإعطاء مسيرة سلمية تأتي على طريق طلب الحد العادل الزخم الهائل المطلوب بمشاركته الشخصية كلما استطاع ودفع الآخرين للمشاركة (2) "هتاف المصلين: لبيك يا فقيه.. لبيك يا فقيه..".

................

انتهى/212

وأكد أن "هذا الشعب لا زال وسيبقى يرفض بعلمائه ورموزه ومؤسساته السياسية والدينية لغة العنف ويأبى لهذا الوطن العزيز أن ينزلق في منزلق الفتنة العامة والعنف والارهاب المتبادل وأن يساجل الحكومة في عنفها".