ابنا: قال «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمة اليوم (13/09/2013) بجامع "الإمام الصادق (ع)" في "الدراز" إن "صدر بيان من سبعٍ وأربعين دولة خلال جلسة المناقشة العامة في الدورة الرابعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنعقدة في جنيف من التاسع إلى السابع والعشرين من سبتمبر الحالي والمعبّر عن قلق هذه الدول البالغ من الوضع الحقوقي المتدهور في البحرين وذلك إثر عدم نجاح الحكومة هنا في تنفيذ توصيات المجلس السابقة وتوصيات لجنة تقصي الحقائق برئاسة السيد «بسيوني» وإستمرار انتهاك حقوق الإنسان وتصاعد التضييق على حرية الكلمة والتقليص من الهامش الضيّق لها أصلاً حتى لا يكاد يبقى شيء من حرية الكلمة لفرد ولا مؤسسة سياسية، حتى كدنا نرى أنه لم يبقى شيء من حرية الكلمة لفردٍ ولا مؤسسة سياسية".
وأضاف إن "صدور هذا البيان شهادة عالمية صارخة بتردي الملف الحقوقي في هذا البلد وأنه يعاني من هبوط حاد وأزمة كارثية تذيق المواطنين طعماً مرّاً لا يذاق وتجعل حياتهم من حياة الجحيم".
وأكد آية الله قاسم إن "العلاج لهذه الأزمة وخروج الشعب من المحنة الحقوقية فلن يتم في يومٍ من الأيام وإن طال الزمان في غياب الإصلاح السياسي الجدي الذي ينهي حالة الفساد ويسد منافذ التدهور في كل الوضع الوطني ويعيد للشعب حقه في حكم نفسه من خلال مرجعيته في اختيار السلطات".
وفيما يلي نص الخطبة السياسية لسماحته:
أسف يستدعي الأسف:
الحديث يدور حول أسفين، أسف وأسف يستدعي الأسف، صارت هذه الأمة اليوم بعد أن نشأت عزيزة قوية متماسكة، ومثلاً أعلى في الوحدة من بين الأمم تعيش مشاكل حادة ومصيرية بينية وعلى مستوى حكوماتها، وكذلك بين الحكومات والشعوب، والفزع عند الكثير من الحكومات فيما بينها من أزمات ومن حروب بالصديق، بين قوسين (العدو الأجنبي) وهو الحال نفسه عند عدد من الشعوب حيث استنجادها به في معاركها مع الحكومات التي تسيطر عليها وتختلف معها وقد تمارس الظلم الشديد في حقها.
ونحمد الله عز وجل أن شعب البحرين في مشكلته مع حكومته يحرص على تجنيب بلده التدخل من الأطراف الخارجية، ولا يتطلع إلا إلى الرأي المنصف والنصيحة الجادة للطرف الرسمي وعدم إقراره على الظلم الذي يشكو منه الشعب وعدم التعاون معه في هذا الظلم بمده بأدوات الفتك بالمواطنين والخبراء في هذا المجال ودعمه بالكلمات المشجعة للاستمرار في سياسة الإضطهاد والمواقف العملية في هذا الإتجاه.
يتطلّع هذا الشعب إلى أن هذا العالم اذا قال كلمة عن الظلم في البحرين أن يكون جاداً في هذه الكلمة، ولا يعطي إشارات أخرى تخفف من وقعها.
ويرفض هذا الشعب كل الرفض تدخل الآلة العسكرية الخارجية بإسم إنقاذ الشعب نفسه، أما الحكومة هنا فقد إتخذت إتجاهاً معاكساً لهذا الإتجاه واستجلبت الجيوش لضرب الشعب.
الواقع المنقسم الذي تعيشه الأمة ومشاكلها وحروبها البينية واستدعائها للقوى الأجنبية إنتصاراً لهذا الطرف أو ذاك مما ينتهي بها إلى حالة من الهيمنة والوصاية الأجنبية حقّ أن يوقع كل غيور من أبناء هذه الأمة في أسفٍ عميق مقيمٍ قاتل.
هذا هو مستوى الأمة الإسلامية التي كانت رائدة، وكانت هادية وكانت مثلاً أعلى في الوحدة والتماسك والإستقامة؟ هذا هو الأسف أمّا الأسف الذي يستدعي الأسف فأن يصاب من يصاب بلونٍ من خيبة الأمل ويأسف لأن بدى على الموقف الأمريكي والغربي تراجعٌ أوليٌ بدرجة ما عن تقديم الضربة العسكرية لبلدٍ مسلم يُخاف على أهله كلهم منها، وعلى عموم المنطقة على الحل السلمي الخاضع للتفاوض للأزمة المؤلمة والكارثة المدمرة التي وقع فيها هذا البلد.
هذا أسف في غير محلّه ولا ينسجم في شيء مع النظرة الثاقبة ورأي الدين ومصلحة الأمة ووحدتها وتجنيبها هيمنة الخارج، وتحكمّه في مصيرها، ولا مع شعور الإعتزاز بالهوية وصدق الإنتماء.
إنه أسفٌ يؤسف له ولا يليق بمستوىً كانت عليه هذه الأمة وتفرضه مقوّمات الوجود الكريم الفذ الذي تملكها، والأساس الحضاري المتين الأصيل الذي قام عليه وجودها.
شهادة العالم:
صدر بيان من سبعٍ وأربعين دولة خلال جلسة المناقشة العامة في الدورة الرابعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنعقدة في جنيف من التاسع إلى السابع والعشرين من سبتمبر الحالي والمعبّر عن قلق هذه الدول البالغ من الوضع الحقوقي المتدهور في البحرين وذلك إثر عدم نجاح الحكومة هنا في تنفيذ توصيات المجلس السابقة وتوصيات لجنة تقصي الحقائق برئاسة السيد «بسيوني» وإستمرار انتهاك حقوق الإنسان وتصاعد التضييق على حرية الكلمة والتقليص من الهامش الضيّق لها أصلاً حتى لا يكاد يبقى شيء من حرية الكلمة لفرد ولا مؤسسة سياسية، حتى كدنا نرى أنه لم يبقى شيء من حرية الكلمة لفردٍ ولا مؤسسة سياسية.
وصدور هذا البيان شهادة عالمية صارخة بتردي الملف الحقوقي في هذا البلد وأنه يعاني من هبوط حاد وأزمة كارثية تذيق المواطنين طعماً مرّاً لا يذاق وتجعل حياتهم من حياة الجحيم.
وتأتي هذه الشهادة بعد الجهود الحثيثة المضاعفة للتشكيلات الحقوقية الرسمية المناصرة للحكومة وشراء شركات العلاقات العامة الملمعة لصورة السلطة في الخارج والوفود الضخمة المدافعة عنها في الأوساط والمحافل الدولية والميزانيات المسرفة لغرض التلميع، وفشل كل هذه الجهود والوفود والخطط والميزانيات المبالغ فيها والكرم المفتوح على العطايا والمنح والجوائز والرشاوى والاغراءات في مهمة التلميع المطلوبة وعدم قدرتها على طمس الحقيقة والمعاناة التي يعيشها هذا الشعب من محنته الحقوقية يعكس بصورة قاطعة عمق الأزمة الحقوقية في البحرين وإستمرارها وتفاقمها وإصرار السلطة على التمادي في سياسة إنتهاك حقوق الإنسان وهو الواقع الذي يعيشه مأساته الشعب كل يوم.
أما العلاج لهذه الأزمة وخروج الشعب من المحنة الحقوقية فلن يتم في يومٍ من الأيام وإن طال الزمان في غياب الإصلاح السياسي الجدي الذي ينهي حالة الفساد ويسد منافذ التدهور في كل الوضع الوطني ويعيد للشعب حقه في حكم نفسه من خلال مرجعيته في اختيار السلطات.
جمعيات معارضة أو موالية؟
هناك قوانين وقرارات صادرة بشأن الجمعيات السياسية تُحكم تقييدها بألف قيدٍ وقيد في كل حركة تتحركها، وكل علاقة تقيمها وكل إتصالٍ بهيئة دبلوماسية أو حكومة من الحكومات أو منظمة سياسية لشرح وجهة نظرها مقابل ما تقوم به السلطة من دعاية مضادة لها وتشويه مستمر بسمعتها، والتخويف منها ورسم صورة إرهابية شيطانية في ذهن الآخرين.
في ظل هذه القوانين والقرارات التعسفية الخارجة عن كل المألوف والقاضية على الحرية تكون كل الجمعيات السياسية الخاضعة لهذه القوانين والقرارات جمعيات موالاة من دون جمعيات معارضة أخذت عنوان معارضة أو موالاة ومهما كان لها من إسمٍ طنّان رنّان.. سمّي جمعيتك ما سمّيتها، سمّها ثورية أو أي إسمٍ آخر إلا أنها في ظل هذه القوانين ستكون جمعيات موالاة لا معارضة.
جمعية لا تخطو خطوة ولا تُقدم على مشروع ولا تزور أحداً ولا يزورها أحد ولا يكون لها لقاء مع أي طرف إلا بإذن يحتاج إلى طلب وإلى مدة للنظر فيه من قبل السلطة وبشرط حضور طرفٍ شاهد من قبلها يحصي على الجمعية كل كلمة ويراقب كل إشارة ويدقق في لمحات العيون ليضمن أن يأتي كل شيء حسب رأي السلطة وذوقها وتقديرها وتوقيتها الذي تراه مناسباً ووفق هوى سياستها وما يرضيها.. ماذا تسميها؟ جمعية موالاة أو معارضة؟
هذه القوانين والقرارات السالبة للحرية المكبلة للجمعيات السياسية تقول بلغة عملية أبلغ من لغة القول، بأنه لا مكان لأي جمعية معارضة، وعلى الصوت المعارض أن يختفي تماماً، وأكثر من ذلك أن عليكم أن تكونوا كلّكم موالاة وإن نالكم من الظلم ما نالكم وسُلبتم كل حقوق المواطنة وأن تكونوا رغم كل شيء ذيولاً ومناصرين للسياسة القائمة (1).
—————
(1) هتاف المصلين: هيهات منا الذلة
................
انتهی/212