وفقاً لما أفادته وکالة أهل البیت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أقام المجمع العالمي لأهل البیت(ع) مساء يوم الإثنین مأدبة الافطار الرمضانية على شرف سفراء البلدان الإسلامیة في طهران.
وألقی «سماحة الشیخ محمدحسن أختري» الأمین العام للمجمع کلمة هامة بعدها مخاطباً السفراء والحضور في هذا الحفل، انتقد فیها ازدواجیة الغرب أمام الدیمقراطیة في "سوریا" و"مصر".
کما أشار إلی الدمار والفوضی في الدول الإسلامیة وقال: أمَا آنَ الأوَانُ لنتساءَلَ لِماذا وَكيفَ لَحَقَ كُلُ هذا الدَّمارُ بِهذهِ الدُّولِ التي تُعتَبَرُ قَلبُ العَالَم الإسلامِي وَمَصدَرُ خَيراتِهِ وَ ثَرواتِهِ؟! ... ألم يَحن الوَقتُ لِنُفَكِّرَ بأنَّ الَّذينَ يُسَلِّحونَ هذهِ الجَماعات هل هُم مِن مُؤيدِي الإسلامَ وَمُناصِري المُسلِمينَ، أَم إنَّهُم أعداءُ الإسلامِ وَالمسلمينَ؟
وفیما یلي نص هذه الکلمة الهامة:
بسم الله الرحمن الرحیم قالَ اللهُ العَظيمُ في كِتابِه الكَريمِ: "شَهرُ رَمَضَانَ الَّذي اُنزِلَ فِيهِ القُرآنَ هُدَىً لَلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَان."
أیُّها السَادةُ الحُضور!السلامُ عَلیکُم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُهيَطيبُ لي أن اُرَحِبَ بكُم ايُّها السادةُ والضيوفُ الأعِزاء، خاصَةً سُفَراءُ ومَندوبي الدولِ الاسلاميَّةِ في إيران. وأَشكُرُكُم على قَبولِ الدَّعوَةِ، كَما أشكُرُ العَليَّ القَديرَ الَّذي مَنَّ علَينا، وَوَفَّقنا لِنَشهَدَ هذا الشَهرَ الفَضيلَ وَالَّذي دُعِينا فيهِ إلى ضِيافَةِ الرَّحمَنِ، لِنَنهَلَ مِن نَبعِ رَحمَتِه وَنَحظى بِشَيئٍ مِن كَرَمِهِ الوَاسِع، كَما مَنَّ عَلينَا بذلِك في السَّنواتِ المَاضيةِ.
ايُّها الحضورُ الكِرام!
لَقد أكَدَ سُبحانَهُ وتَعالَى في كِتابِه العَزيزِ، عَظَمَةَ وأهميَّةَ هذا الشَهرِ الفَضيلِ، و أمر النبيّ الأعظم محمّد صلّياللهعليه وآله وسلّم بإغتنام الفرصة و القيام بالأعمال الصالحة و الفرائض و السنن، وَعلى رأسِها التَّضرُعُ إلى اللهِ سُبحانَهُ وَتعالى، وَطلَبُ الرّحمَةِ والغُفرانِ مِنهُ، والإستيناسِ بِتلاوةِ كِتابِهِ العَزيزِ، والعَملُ علَى تَهذيبِ النَّفسِ وجَلاءِ الرُّوحِ، والتَواصُلِ مَعَ بَني الإنسانِ وتَحكيمِ العَلاقاتِ الوُدّيّة و الأخويّة، ومُساعَدَةِ الضَعيفِ و معالجة مَشاكِلِ الآخَرينَ والعَوائلِ المُعوِزةِ والفَقيرةِ، مُسلمينَ كانوا أو غَيرَ مُسلمين. وَبِالتاَلي الإهتمام بإحياءُ السُّنةِ الحَسَنةِ، في الإكثارِ مِن مَوائدِ الإفطارِ وإطعامِ الطَعامِ، ونَسألُهُ جَلَّ وَعَلا أن يُوَفِقَنا جَميعاً لِنَكونَ مِن عِبادهِ الصَالِحينَ، وكَما أرادَ لنا أن نَكونَ، وأن لايَحرِمَنا هذهِ الكَرامَةَ بِفضلِ هذا الشَّهرِ الحافِلِ بالبَركةِ والفَضلِ، شهرُ نزُولِ القُرآنِ ولَيلةِ القَدرِ التي هي خَيرٌ مِن الفِ شَهرٍ، إنَّهُ سَميعٌ مجيبٌ... .أمَّا الموضوعُ الَّذي اُريدُ أن أتطَرقُ إليهِ في هذه الأنسية المباركة بصورة عابرة هُوَ الأوضاعُ التي تَسودُ عالمنا والبُلدانِ الإسلاميةِ جمعاء.
مَعَ بالغَ الأسَف، الإقتِتالُ والتَّناحُرُ المَقیت، والتَعصُباتِ الجَاهِلیةِ والأزَماتِ الإقلِيميَّةِ، الدَّمارُ والخَرابُ، القتلُ والإبادةُ، الفِتَنُ والنِزاعاتُ الطائِفيةُ والمذهَبيةُ، والتَحريضاتُ الأجنبيَّةُ المُستَمِرةُ، تَعصِفُ مجتمعنا، بِدَعم الأجانب ومِن خِلالِ صُدورِ فتاوَى غَيرمَعقولةٍ، لايَقبلُها الإنسانُ ولا الشَرعُ، حتَّى أدَّت إلى تَدخُلاتٍ عَسكريةٍ وأجنَبيَّةٍ، وضَاعَفت مِن خَطرِ تَقسيمِ المُجتمَعاتِ الإسلاميَّةِ، وأوصلَتها إلى حافَّةِ التَّجزِئةِ والإنهيارِ. وهَذا مَا كانَ يُخطِطٌ لهُ أعداءُ الإسلامِ مُنذُ أمدٍ بَعيدٍ، ويَتحيَّنوا الفُرَصَ لِتحقِيقهِ حتَّى يَومِنا هذا.وَما أكثرَ التحَذيراتُ التي أطلَقها العُظماءُ وَالمُصلِحونَ، مُحذِّرينَ الأُمَّةَ مِن الوُقوعِ في شِراكِ هذه الفِتَن التي لاتُحمدُ عُقبَاهَا... .
أنتُم تُشاهِدونَ ما يَجري يومياً في العِراقِ وأفغانِستانَ وسوريا وفَلسطينَ المُحتَلة، وأخيراً مِصر. فَما هي الصُورةُ في كُلِ هذهِ البُلدان؟ ولِماذا نَحنُ ومِنطَقَتِنا إبتـُلينا بهذه المأسَاة؟ ومَن هُو المُسَبِبُ الحَقيقيُ لَها؟ ومَن هُو الرابِحُ والخَاسِرُ في مثلِ هذهِ الحالةِ؟ وهَل بَاتَ أدنى شكٍّ في وُجودِ أصَابعِ الأعداءِ، وبالتَحديدِ أمرِيكا ورَبيبَها اللاشرعي، الكيانُ الصُهيُونيِّ في تأجيجِ كُلِ هذهِ الفِتَنِ، تَحتَ مِظلةِ إرسالِ المُساعَداتِ المَاليةِ والتَدريباتِ العَسكريةِ، والدعمِ اللوجِستي الخَفي، لإثارةِ كُلِ هذهِ الأحداثِ الدَّاميةِ؟ وَهانَحنُ وإيَّاكُم نُشاهِدُ يَومياً إثارةَ الفِتنِ الخطيرةِ والإباداتِ والإقتتالِ بَينَ الأخوةِ وبينَ أتباعِ الدِّيانةِ الواحِدةِ، بَل وحتَّى القومِيةِ الوَاحدةِ!!! .... .
فَهل فَكّرنا لِماذا كُلَ هذا القَتلُ والدَّمارُ؟ ومَن المَسؤولِ عن إراقَةِ كُلِ هذهِ الدِّماءِ البَريئةِ؟
إذاً لامَناصَ لَنا، إلاَّ أن نُفَكِّرَ بِحلولٍ ناجِعةً،... فَهل أصبَحنا عاجِزينَ عن حَلِ مثل هذهِ المَشاكلِ دونَ التَدخُلاتِ الأجنبيةِ وأعداءِ الإسلامِ؟
لَقد شاهَدتُم ما فَعلوا بِالعراقِ وأفغانستانَ بِذَريعةِ إسقاطِ نِظامَينِ دِيكتاتوِريَينِ، ومُحارَبةِ الإرهابِ، لكنَّهُم دَمَّروا كُلِ البُنى التَحتيةِ لهذَينِ البَلدَينِ المُسلِمَينِ. واستَمرَّ الدَّمارُ والقَتلُ الجَماعيُّ في أفغانستانَ وعلى يَدِ جَماعةِ طالبانَ المُتطَرِفةِ لأكثرَ مِن عَقدَينِ، وَمازالَ الشَعبُ الأفغانيُّ يَدفعُ دَمَهُ، ثمَناً للتَعصُّباتِ الجاهِليةِ التي تَتحلَى بِها هذهِ الجَماعةُ المُتطَرِفةُ، دونَ أن يَتطَرق المَسؤولُونَ الأفغان، إلى حُلولٍ جَذريَّةٍ، تُنهي النَزيفَ الدَّموِي، وتَضعُ حداً لِكُلِّ الأعمَالِ الإرهابيَّةِ التي تُرتَكبُ تَحتَ غِطاءٍ دينيٍّ وَبفَتاوَى مَعلومَةِ الحَال....وَلم تَكُن الجَارةُ باكِستانَ بِمَنأى عنِ جَرائمِ هذهِ الجَماعةِ المُتطَرِفةِ، بَل وَزادَت السَّاحةُ البَاكِستانيَّةُ مَأساةً اُخرَى هيَ مُهاجَمةُ الأبرِياءَ والعُزَّلَ بالطَّائراتِ الأمريكيَّةِ بِدونِ طَيَّارٍ، بَينَ الحينِ والآخَر، وَتحتَ غِطاءِ مُحارَبةِ الإرهابِ ومُلاحَقةِ الإرهابييِّنَ. وَظلَّ الشَعبُ البَاكِستانيُّ المُسلِمُ هوَ الآخَرُ، رَهِينةَ هذهِ الهجَماتِ الإرهابِيةَ حتَّى اليَومَ.
وقَد تَكررَ السِيناريُو نَفسُهُ في العِراقِ، وهَاهوَ اليَومَ وبَعدَ حَوالَي عَشرةَ اعوامٍ مِن تَشكيلِ حُكومةٍ وبَرلَمانٍ عَبرَ إنتِخابَاتٍ شَعبيَّةً شامِلَةً، نَجِدُ المَجمُوعاتِ التَكفيريَّةَ تَعيثُ فيهِ وفي شَعبهِ وَخَيراتِهِ فَساداً، وتَقتُلُ الحَرثَ والنَّسلَ عَبرَ إستِخدَامِ السَّياراتِ المُفَخَخَةَ المُهداةِ مِن قِبَلِ الجَماعاتِ التَكفيريَّةِ، وشُيوخَها المُتطَرفِينَ مِن هُنا وهُناكَ.
إنظُروا مَاذا فَعلوا بسوريا ـ جبهة المقاومة و الصمود ـ التي لَم يُوَقِّع أيّاً مِن زُعَمائِها أيَّ إتفاقِيةً مُذِلَّةٍ معَ الكيانِ الصُهيوني المُحتلِ للقُدسِ، ولَم يَستسلِموا لَهُ، و احتضنت المقاومة و رجالها و وقفت الي جانب المقاومة بكلّ شجاعة، أنظُروا كَيفَ عَبثوا فِيها؟!!! ...
بدايةً إتَّهمُوا النِّظامَ السوريَّ و زَعَموا أنهُ يَسحقُ إرادةَ شَعبهِ، وَلايُلبِّي طَلَباتِهِ وَيَجبُ إسقاطُهُ، و جمعوا كيدهم و احضروا جُناتهم، لكِن بَعد كُلِّ هذا التَّكالُب الإقليمي والغربيّ علَى سوريا، لَم يَتمكنُّوا مِن فَصلِ الشَعبِ عَن حكُومَتهِ، بَل وجَدوا الشَعبَ واقِفاً بِكلِّ صَلابَةٍ وصُمودٍ أمامَ الجَماعاتِ التَكفيريَّةِ ومَن يُمَوِّلُها مِنَ الخَارجِ عَسكريّاُ ومَاديَاً؟
ولَن تَختلفُ مِصرَ هذهِ الأيامِ عَن الأوضاعِ السُوريةِ الحاليةِ أيضاً، فالشَعبُ الَّذي قاومَ الظُلمَ والحِرمانَ والمَشاقَّ والدِّيكتاتوريَةَ لِأكثرِ مِن ثلاثينَ عاماً، مَا أن تَوَصَّلَ إلى صِيغةٍ شَرعيةٍ جَديدةٍ في السِياسةِ والحُكمِ، حتَّى عَبثوا في صفوفهِ ومَزَّقُوهُ إلى كُتَلٍ وتَياراتٍ خَطيرةٍ، لِتَسودَ هذا البَلدِ الثوري، فُوضَى وحروبٌ داخِليةٌ ويَستَمِرُ نَزفُ الدمُ، إثر الإقتتالِ الداخِلي، ويَبقى الكيانُ الصُهيونيُّ، يَهنأُ بالأمنِ والعَيشِ الرَّغيدِ.
فَلو افتَرضنَا صِحةَ مَزاعِمِهُم حَولَ الحُكومةِ السُوريةِ، فَما ذَنبُ الرَّئيسِ المصري مُحمَّد مُرسي؟ ألَم يَصِل إلى السُّلطةِ مِن خِلالِ إنتخابَاتٍ نَزِيهَةً، ومُشارَكةً شَعبيةً وَاسِعةً العامِ المَاضِي؟ فَلِماذا إستَخدَموا كُلَ انواعِ التَحريضِ وإثارَةِ الفِتَنِ في مِصرَ، وافتَعلوا فِيها المَشاكِلَ الداخليةً، سِياسيَّةً وإقتصاديةً ومَذهبيةً، حتَّى أطاحُوا بِنظامِها الشَرعيّ؟
والأَمرُ الذي يَحُزُّ في النَفسِ أكثرَ مِن كُلِ شيئٍ، هُو أنَّ بَعضَ الدولِ الإسلاميةِ وبَدلاً مِن دَعمِ الجَماعةِ أو التَّيارِ الإسلامي الذي وَصلَ إلى السُلطةِ بِشَكلٍ شَرعيٍّ، راحَت تَبعثُ بَرقياتِ تَهنِئَةٍ للمُنقلبِينَ عَلى الشَرعيةِ، ولَم تكتفِ بذلك، بَل زَادَت مِن دَعمِها المالِي والسِياسي لِلخارجِينَ علَى الشَرعيةِ. وعَليها اليَومَ أن تَقولَ مَا الذَنبُ الذي إرتَكبَهُ مُرسي حتَّى يَتعامَلوا مَعهُ بِهذهِ الطَّريقَةِ؟