وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الثلاثاء

٢١ مايو ٢٠١٣

٧:٣٠:٠٠ م
421886

دور أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في حياة الرسالة الإسلامية

لقد كان للأئمة (عليهم السلام) نشاط مستمر تجاه الحكم القائم والزعامات المنحرفة وقد تمثل في إيقاف الحاكم عن المزيد من الانحراف بالتوجيه الكلامي تارة أو بالثورة المسلحة ضده تارة اخری حينما كان يشكل انحرافه خطراً ماحقاً وإن كان يكلفهم ذلك حياتهم، أو عن طريق إيجاد المعارضة المستمرة ودعمها بشكل وآخر مرة ثالثة من أجل زعزعة القيادة المنحرفة بالرغم من دعمهم للدولة الإسلامية بشكل غير مباشر حينما كانت تواجه خطراً ماحقاً أمام الكيانات الكافرة.

لقد عرفنا الرسول (صلی الله عليه وآله) الموقع القيادي لعترته وأهل بيته الأطهار. وتجلی هذا الموقع بشكل واضح من خلال مسيرتهم المباركة بعد غياب الرسول عن مسرح القيادة، وانحراف الخلافة عن مسارها الصحيح.

وإذا أردنا أن نعرف المكاسب التي حققها الأئمة الراشدون للرسالة الإسلامية والأمة المسلمة بعد عصر الرسول (صلی الله عليه وآله) ودورهم الفاعل في تاريخ الحركة الرسالية فلابد لنا أن نتعرف أولاً علی مجموعة المسؤوليات والمهام التي أنيطت بهم ثم نتعرف علی مجموعة الظروف التي أحاطت بهم وبالأمة والرسالة، لنكتشف دورهم الحقيقي خلال ثلاثة قرون وعقدين تقريباً.

1-مهام أهل البيت (عليهم السلام) الرسالية

تتلخص مهام الأئمة الراشدين الذين اختار هم الله تعالی ونص عليهم الرسول (ص) فيما يلي:

1-صيانة الإسلام (نظرياً).

2- وتطبيقه الصحيح في الأمة (عملياً) من خلال قيادتهم المعصومة.

3- تربية الإنسانية علی أساس هذا الإسلام الخالد.

4- صيانة دولة الرسول الخاتم الفتية من الانهيار والتردي.

وحيث إن التجربة الإسلامية تشتمل علی ثلاثة عناصر – علی الأقل – باعتبارها عملية تربية تتكون من فاعل هو (المربي) ومن (تنظيم) يستمد من قبل الشريعة ومن حقل لهذا التنظيم وهو الأمة و(المجتمع)، فالانحراف الذي حصل بعد وفاة الرسول (صلی الله عليه وآله) والذي بدأ يغير هذه العناصر الثلاثة انطلق أولاً من افتقاد المربي الكفوء للأمة بوفاة رسول الله (صلی الله عليه وآله)، ومنع القيادة المعصومة المتمثلة في شخص علي بن أبي طالب من ممارسة دورها في الأمة.

وكان انهدام هذا العنصر المربي كفيلاً بهدم العنصرين الآخرين؛ إذا لم يكن من جاء بعد النبي (صلی الله عليه وآله) لقيادة التجربة كفوءاً كالنبي (صلی الله عليه وآله) – علماً وعصمة ونزاهة وقدرة وشجاعة وكمالاً – وإنما تزعمها من لم يكن معصوماً ولا منصهراً في حقائق الرسالة وقيمها ولم يكن حائزاً الضمانات اللازمة لصيانة الدولة والأمة من الانحراف عن الخط الذي رسمه رسول الله (صلی الله عليه وآله) لهذه الأمة، ذلك الانحراف الذي لم يتصور المسلمون مدی عمقه ومدی تأثيره السلبي علی الدولة والأمة والشريعة جميعاً علی طول الخط، ولعلهم كانوا قد اعتبروه تغيير شخص لا تغيير خط.

2- الطريق الی تحقيق المهام الرسالية

عمل الأئمة الراشدون في خطين أساسيين لتحقيق مجموعة المهام الملقاة علی عاتقهم:

الخط الأول: خط تحصين الأمة من الانهيار بعد سقوط التجربة، وإعطائها من المقومات القدر الكافي لكي تبقی واقفة بقدم راسخة وبروح مجاهدة وبإيمان ثابت.

الخط الثاني: خط محاولة تسلم زمام التجربة وزمام الدولة ومحو آثار الانحراف وإرجاع القيادة إلی موضعها الطبيعي لتكتمل عناصر التربية وتتلاحم الأمة والمجتمع مع الدولة والقيادة الرشيدة.

أما الخط الثاني فكان علی الأئمة الراشدين أن يقوموا له بإعداد طويل المدی من أجل تهيئة الظروف الموضوعية اللازمة التي تتناسب مع مجموعة القيم والأهداف والأحكام الأساسية التي جاءت بها الرسالة الإسلامية وأريد تحقيقها من خلال الحكم وممارسة الزعامة باسم الإسلام القيم وباسم الله الذي شرع للإنسان ما يقوده إلی كماله اللائق.

3- موقف الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من استلام زمام الحكم

لقد كان رأي الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في استلام زمام الحكم أن الانتصار المسلح الآني غير كاف لإقامة دعائم الحكم الإسلامي المستقر، بل يتوقف ذلك علی إعداد جيش عقائدي يؤمن بالإمام وبعصمته إيماناً مطلقاً ويعيش أهدافه الكبيرة ويدعم تخطيطه في مجال الحكم ويحرس ما يحققه للأمة من مصالح أرادها الله لها.

وأما الخط الأول فهو الخط الذي لا يتنافي مع كل الظروف القاهرة وكان يمارسه الأئمة حتی في حالة الشعور بعدم توفر الظروف الموضوعية المناسبة لخوض معركة يتسلم الإمام المعصوم من خلالها زمام الحكم من جديد.

إن هذا الخط هو خط تعميق الرسالة، فكرياً وروحياً وسياسياً، للأمة نفسها؛ بغية إيجاد تحصين كاف في صفوفها يمنعها من الانهيار بعد تردي التجربة وسقوطها، وذلك:

بإيجاد قواعد واعية في الأمة أولاً.

وإيجاد روح رسالية وعواطف صادقة تجاه هذه الرسالة في الأمة ثانياً.

وتوجيهها بشكل مباشر أو غير مباشر ثالثاً.

4- حماية الرسالة والامة والدولة

إن عمل الأئمة الأطهار (عليهم السلام) في هذين الخطين استلزم قيامهم بدور رسالي إيجابي وفعال علي طول الخط لحفظ الرسالة الإسلامية والامة الإسلامية والدولة الإسلامية وحماية كل من هذه العناصر الثلاثة باستمرار.

وكلما كان الانحراف يشتد كان الائمة (عليهم السلام) يتخذون التدابير اللازمة ضد ذلك.

وكلما وقعت محنة للعقيدة أو التجربة الإسلامية وعجزت الزعامات المنحرفة من علاجها – بحكم عدم كفاءتها – بادر الأئمة الهداة (عليهم السلام) إلی تقديم الحل ووقاية الأمة من الأخطار التي كانت تهددها.

فالأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يحافظون علی المقياس العقائدي في المجتمع الإسلامي إلی درجة لا تنتهي بالأمة إلی الخطر الماحق لها.

5- تعدد مجالات عمل الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)

لقد تنوعت أعمال الائمة الأطهار (عليهم السلام) في مجالات شتی باعتبار تعدد العلاقات، وتعدد الجوانب، وتعدد المهام التي كانت تهمهم كقيادة واعية رشيدة تريد تطبيق الإسلام وحفظه وضمان خلوده للإنسانية جمعاء.

فالأئمة المعصومون (عليهم السلام) مسؤولون عن صيانة تراث الرسول الأعظم (صلی الله عليه وآله) وثمار ثورته المباركة وجهوده الكريمة المتمثلة في:

1-الشريعة والرسالة التي جاء بها من عند الله والتي تجسدت في الكتاب المجيد والسنة الشريفة.

2- الأمة التي كونها ورباها بيديه الكريمتين.

3- المجتمع السياسي الإسلامي الذي أوجده والدولة التي أسسها وشيد أركانها.

4- القيادة النموذجية التي حققها وربی من يكون كفوءاً لتجسيدها من أهل بيته (عليهم السلام).

6- موقف الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من انحراف الحكام

لقد كان للأئمة (عليهم السلام) نشاط مستمر تجاه الحكم القائم والزعامات المنحرفة وقد تمثل في إيقاف الحاكم عن المزيد من الانحراف بالتوجيه الكلامي تارة أو بالثورة المسلحة ضده تارة اخری حينما كان يشكل انحرافه خطراً ماحقاً وإن كان يكلفهم ذلك حياتهم، أو عن طريق إيجاد المعارضة المستمرة ودعمها بشكل وآخر مرة ثالثة من أجل زعزعة القيادة المنحرفة بالرغم من دعمهم للدولة الإسلامية بشكل غير مباشر حينما كانت تواجه خطراً ماحقاً أمام الكيانات الكافرة.

7- الأئمة (عليهم السلام) الأطهار وتربية الأمة

كان للأئمة (عليهم السلام) نشاط مستمر في مجال تربية الأمة عقائدياً وأخلاقياً وسياسياً وذلك من خلال: تربية العلماء الصلحاء والكوادر العلمية والشخصيات النموذجية التي تقوم بمهمة نشر الوعي والفكر الإسلامي وتصحيح الأخطاء في فهم الرسالة والشريعة، ومواجهة التيارات الفكرية الحاقدة والمنحرفة أو التيارات السياسية الخاصة التي كان يستخدمها الحاكم المنحرف لدعم زعامته.

لقد قدم الأئمة الأطهار (عليهم السلام) للأمة المثل الأعلی للزعامة الصالحة والكفوءة بما يتناسب مع عظمة هذا الدين سمواً وخلوداً وعطاءً.

وقاموا بجهاد فكري وثقافي كبير من أجل تصعيد درجة وعي الأمة ودفعها للإيمان بزعامتهم وأحقيتهم بالخلافة وتصعيد درجة إيمانهم بامامتهم وقيادتهم.

ومن هنا نزل الأئمة الأبرار (عليهم السلام) إلی ساحة الحياة العامة وارتبطوا بالأمة عملياً بشكل مباشر وتعاطفوا مع قطاع واسع من المسلمين؛ فإن الزعامة الجماهيرية الواسعة النطاق التي كان يتمتع بها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) علی مدی عدة قرون لم يحصل عليها أهل البيت (عليهم السلام) صدفة أو لمجرد الانتماء لرسول الله (صلی الله عليه وآله)؛ وذلك لوجود كثير ممن كان ينتسب إلی رسول الله (صلی الله عليه وآله) ولم يكن يحظی بهذا الولاء.

8- سلامة النظرية وتشوية التطبيق

لقد أخرج الأئمة الأطهار (عليهم السلام) الإسلام علی مستوی النظرية سليماً من الانحراف وإن شوهت معالم التطبيق بيد الحكام المنحرفين، وحولوا الأمة إلی أمة عقائدية تقف بوجه الغزو الفكري السياسي المعادي مما جعلها قادرة علی أن تسترجع – ولو بعد قرون – قدرتها وروحها الرسالية كما لاحظناه في هذا القرن الذي نعيشه – عصر النهضة الإسلامية المباركة – بعد قرون من التردي والانهيار.

9- الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وبناء الجماعة الصالحة

لقد حقق الأئمة الأطهار (عليهم السلام) كل هذه الانتصارات بفضل اهتمامهم البليغ بتربية الجماعة الصالحة التي تؤمن بهم وبإمامتهم؛ إذ أشرفوا علی:

1-تنمية وعيها.

2- تنمية إيمانها.

3- التخطيط المناسب لسلوكها.

4- حمايتها باستمرار.

5- إسعافها بكل الأساليب التي كانت تساعد علی صمودها في خضم المحن.

6- ارتفاعها إلی مستوی جيش عقائدي رسالي يعيش هموم الرسالة ويعمل علی صيانة الرسالة ونشرها وتطبيقها ليل نهار.

10- مراحل حركة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)

وإذا رجعنا إلی تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) والظروف المحيطة بهم ولا حظنا كل سلوكهم ومجموع مواقفهم العامة والخاصة استطعنا أن نصنف ظروفهم مع مواقفهم إلی مراحل وأدوار ثلاثة – علی الأقل – يتميز بعضها عن بعض. وبالرغم من اشتراكهم في كثير من الظروف والمواقف ولكن هذه الأدوار الثلاثة إنما تتنوع باعتبار الظواه