وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : جهينة نيوز
الأربعاء

٢٧ مارس ٢٠١٣

٧:٣٠:٠٠ م
403710

أسرار تنظيم جبهة النصرة لأهل الشام.. جزء 2

في نهاية الجزء الأول تحدثنا عن أن التنظيمات المتفرعة عن القاعدة ظهرت فجأة بالتزامن مع احتلال العراق والعدوان على لبنان وما بعد مقتل الحريري، ولكن التنظيمات السابقة بما فيها "جبهة النصرة لأهل الشام" لها جذر واحد وبدأ العمل على تأسيسها في وقت واحد، وبحسب ما كتبت روزين بليك وما يجمع عليه حتى أعضاء سابقون في التنظيم أن التأسيس بدأ منذ العام 2002 حين ترك تنظيم القاعدة حركة طالبان وحيدة بمواجهة القوات الأمريكية، وانتقل أبو مصعب الزرقاوي إلى العراق قادماً من أفغانستان، وأرسل الزرقاوي بعض السوريين الذين كانوا معه في هيرات بأفغانستان إلى سورية للبدء بتأسيس التنظيم، ولكن في ذلك الوقت كان يتمّ نقل المقاتلين إلى العراق وتأسيس خلايا لهذه المنظمة التي كانت سخية جداً بدفع المال.

وقبل الانتقال إلى العراق تحالف تنظيم القاعدة مع الاستخبارات الأمريكية والموساد الصهيوني في تفجير برجي التجارة العالميين، وبسبب هذه العملية أصبح قانون مكافحة الإرهاب في واشنطن قانون أمن وطنياً، وبذات الحجة بدأت الحرب على أفغانستان بحجة مقاتلة تنظيم القاعدة الذي ترك حركة طالبان وحيدة في وجه الأمريكي، وتوجه إلى العراق ليبرر لاحقاً الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003، وليقوم بدور الفصل بين المذاهب والقوميات في العراق تمهيداً لتقسيمه إلى ثلاث دويلات، وبحسب المصادر فإن الملا عمر أدرك تماماً أن تنظيم القاعدة حاول وضعه في أمر محرج كانت طالبان بغنى عنه، ومع ذلك رفض أي حديث عن تسليم قيادات القاعدة التي انتقلت إلى باكستان وتركوا طالبان تقاتل وحيدة في أفغانستان.

ومن الجدير ذكره أن بدء تأسيس التنظيمات المتشددة تزامن مع الحديث عمّا سمّي يهودية دولة إسرائيل، حيث تطابقت المصالح الصهيونية مع مصالح تنظيم القاعدة الذي يريد دويلات طائفية متشددة تتبع للفكر الوهابي، وتبرر للكيان الصهيوني قيام دولة يهودية وترحيل ما تبقى من عرب في فلسطين المحتلة، وتطابقت مصالح القاعدة والكيان الصهيوني مع المصالح الأمريكية في تجزئة العالم إلى دويلات مذهبية متصارعة يسهل إدارتها وتمنع قيام تحالفات في وجهها.

وفي الكيان الصهيوني أدرك الساسة الصهاينة أن فرض الإرادة الصهيونية بالقتال العسكري أمر شبه مستحيل، فما إن تمّ ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان حتى ظهرت المقاومة اللبنانية، وما إن ضعفت المقاومة اللبنانية حتى ظهر حزب الله، وبالتالي الحل الوحيد للكيان الصهيوني هو التقسيم الديني والمذهبي والعرقي بحيث يتمكن من بسط نفوذه وإشغال الدويلات بصراعات دينية ومذهبية فيما بينها، وتشجيع التشدد قام به الصهاينة حتى في صفوف أعدائهم، ومثال ذلك هو مشروع صهيوني لإضعاف حركات المقاومة التي تلاقي دعماً عالمياً من خلال عدم الاعتراف بعمليات الفصائل الفلسطينية المنفتحة، بل ونسب عملياتها لفصائل ذات توجه ديني كحركة حماس والجهاد الإسلامي، وهذا انعكس على القضية الفلسطينية، ويرى الصهاينة أن فائدة تقوية الحركات الدينية على حساب باقي فصائل المقاومة سيصب في مصلحتها رغم أن كل الفصائل تعتبرهم أعداءها، حيث إنه في أسوأ الأحوال سيقلل من التعاطف العالمي وهذا ما حدث فعلياً، فشهداء فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ليسوا فقط فلسطينيين بل سوريين ولبنانيين وتونسيين وجزائريين وأجانب، في حين مجاهدو الفصائل الفلسطينية الدينية والتي مازالت خارج منظمة التحرير كحماس والجهاد هم فلسطينيون فقط، وبالتالي انتهج العدو سياسة "إذا كان لا بد من وجود العدو فالأفضل أن يكون عدواً يخدم مصالحي ولا يحظى بدعم خارجي"، ومن يراجع عمليات الفصائل الفلسطينية وبشكل خاص ما بعد انتفاضة الأقصى، يجد أن أهم وأكبر وأكثر العمليات قامت بها كتائب شهداء الأقصى في حين أن الإعلام الصهيوني حين يتكلم عن الفصائل الفلسطينية يتكلم عن حركة حماس فقط، لأن احتواء حماس للشباب الفلسطيني أقل خطراً من دخولهم في منظمات تحظى بدعم خارجي ويمكن مواجهة أي شعبية مفترضة لحماس في الغرب عبر شن حملات تحريضية ضد الإسلام بشكل كامل.

و"جبهة النصرة" لم تكن خارج سياق التضخيم الإعلامي لأن العدو يدرك أن فرصته الوحيدة لفرض هيمنته على المنطقة هي التقسيم المذهبي، ولهذا السبب كان الداعم لكل فكر متطرف أو ذو خلفية دينية أياً كان، فمهما كان خطر المتشددين في دويلات صغيرة لن يكون كخطر دولة كبيرة.

والتضخيم الإعلامي كذلك قامت به الإدارة الأمريكية بحرفية عالية، حيث تم تصوير تنظيم القاعدة على أنه قطب عالمي يهدد الولايات المتحدة القادرة على تدمير الأرض سبع مرات على الأقل، وشنت الحرب على أفغانستان بحجة محاربة تنظيم القاعدة وليس طالبان رغم أن تنظيم القاعدة خرج من أفغانستان قبل بدء الحرب، حيث خرج القسم الأول من تنظيم القاعدة (الأفغان العرب) إلى يوغسلافيا السابقة وآخرون إلى الشيشان، ومن تبقى منهم ذهب إلى العراق قبل احتلال الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان، وكانوا حجة احتلال العراق لاحقاً، ومن العراق بدأ تأسيس العديد من التنظيمات بذات الفكر وذات المرجعية ولكن لا يتم تضخيم هذه التنظيمات إلا عند الحاجة لها.

وجديد الأسرار أن معتقل غوانتانامو والسجون السرية لم تكن فقط مستودعاً للتنظيم بل أكثر من ذلك كان معسكراً للتدريب الفكري، حيث تشير مصادر إلى أن الأمريكيين حين دخلوا أفغانستان، كانوا يشترون العربي بـ عشر دولارات أمريكية من الأهالي، وبعض السعوديين قبض عليهم رغم أنه لا علاقة لهم لا بالقاعدة ولا بأي منظمة بل كانوا بصدد البحث عن أيدي عاملة، فقبض عليهم الأهالي وسلّموهم للأمريكيين مقابل عشرة دولارات عن كل شخص ونقلوا إلى سجون سرية، وبعضهم حين خرج أصبح من مؤسسي هذه التنظيمات التي كانت "جبهة النصرة لأهل الشام" واحدة من هذه التنظيمات المنبثقة.

في الجزء القادم يبدأ كشف الأسرار: من هو حصان طروادة السري الذي حوّل تنظيم القاعدة إلى عدة منظمات في خدمة الأمريكيين، وبينها "جبهة النصرة"؟؟.

..................

انتهي / 232