ابنا: اعتبر زميل باحث في الدراسات الإسلامية وقضايا الشرق الأوسط في جامعة كامبريدج «توبي ماتيسن» الحركة الإحتجاجية في المملكة السعودية أنها أكبر وأطول موجة إحتجاج شهدتها في تاريخها الحديث.
وجاء ذلك ضمن دراسة نشرتها مجلة الشرق الأوسط في الجزء الـ 66 من العدد 4 في خريف 2012م.
ويقول الباحث ان الحركة الإحتجاجية في المنطقة الشرقية (ذات الغالبية الشيعية) أثرت على الديناميكيات السياسية والإجتماعية داخل المجتمع السعودي الشيعي مضيفاً أن رد الحكومة بالقمع والخطاب الطائفي ضد الشيعة جاء للحرص على أن لا يتمدد الربيع السعودي إلى باقي أنحاء البلاد.
ويشير إلى أن الربيع العربي أشعل جميع الباحثين بما فيهم باحثي الشرق الأوسط لمدة طويلة ودرسوا القوة الواضحة لبلدان الشرق الأوسط في جيوشهم وأجهزتهم الأمنية بينما ذهبيت الحكومات والشركات الغربية لدعم تلك الدول الإستبدادية عبر بيعها الطائرات والمدرعات وأجهزة المراقبة حسب ما ذكر.
ويوضح ماتيسن أنه كان للسعودية ردة فعل للربيع العربي والإحتجاجات واعتبرتها مادة جيدة للدراسة لتبيان وشرح متى تحدث الإحتجاجات ومتى لا تحدث وكيف نشرت الأنظمة في المنطقة التكتيكات المضادة للثورة و "لعبة سياسة الوجاهة" لبقاء السلطة.
ويبين أن الدراسة تحاول أن تعطي تصور دقيق لحركة احتجاج السعوديين الشيعة الغير مغطاة قدر الإمكان ويستند التقرير إلى مقابلات مع ناشطين سعوديين سياسيين شيعة و آخرين من الخليج الفارسي تمت في السعودية، البحرين، الكويت، لبنان والمملكة المتحدة منذ 2011م.
ويسلط الباحث الضوء على الحراك الشيعي التاريخي منذ بداية الخمسينات ويقول أنه عادة ما تبدأ الإحتجاجات في المناطق ذات الكثافة السكانية المحرومة والمهمشة كما عرج على الحراك في السبعينات والثامنينات والذي وصف الحركة فيهما بالسرية حتى العام 1993م عندما حقق الشيعة الإعتراف الهامشي من قبل النظام السعودي في عهد ولي العهد «عبدالله بن عبدالعزيز».
وأضاف ماتيسن إن النظام السعودي استخدم الإحتجاجات الشيعية في الخطاب الطائفي المعادي للثورة لإخافة السنة من المشاركة في أنشطة مناهضة للحكومة كما أنه ربطها بالمؤامرة الخارجية حيث أرسل قواته المسلحة للبحرين للحفاظ على العرش الملكي.
وقال "بينما كان تأثير المظاهرات الشيعية على الصعيد الوطني العام محدودا، وأدى إلى حملة إعلامية مضادة للشيعة وقاسية من خط الحكومة، التأثير على الوضع الاجتماعي السياسي في المنطقة الشرقية من الصعب المبالغة فيه" حسب قوله.
وحول ثورة اللؤلؤة (14 فبراير) في البحرين أشار الباحث إلى أن الدول الخلجية كانت حذرة في نشر أخبار المسيرات إلا بعض القنوات كـ"العالم" و"المنار" و"العراقية" وقناة "أهل البيت (ع)".
بعد ذلك تطرق ماتيسن إلى بداية إنطلاق الحراك في 17 فبراير 2011م الذي تزامن مع إنطلاق الثورة البحرينية وأن الشيعة في الشرقية رأو ثورة البحرين منطلقاً لمطالبهم الإصلاحية بعد خرجوا في مظاهرة صامتة في العوامية للمطالبة بثلاثة معتقلين على خلفية مسيرات البقيع في 2009م الأمر الذي جعل السلطات تطلق سراحهم على وجه السرعة وذلك لإحتواء إنطلاقة الحراك وخوفاً من توسعه.
من جانب آخر عرّج الباحث على الربيع السعودي الفاشل حسب تعبيره والذي دعت قوى في البلاد ليوم غضب في المملكة على مواقع التواصل يصادف يوم 11 مارس 2011م فيما عادت الحركة الشبابية الشيعية لمسيرات سلمية في 3 مارس 2011م وذلك في خطوة أخرى لمواصلة الحراك الشعبي من خلال المطالبة بإطلاق سراح السجناء وعلى رأسهم المنسيين.
ويسترسل "توبي" بالحديث في دراسته عن الإعتقالات وسياسة وجهاء القطيف في تضعيف حركة الإحتجاج نهاية مارس 2011م حتى سبتمبر 2011م. فيما تطرق إلى الطائفية والقمع الذي قادا إلى تصاعد المظاهرات وذلك بعد أن أقدمت السلطات على إعتقال والدي ناشطين شبان على خلفية المسيرات لكي تجبرهما على تسليم أنفسهما.
وعندما انتشر خبر إعتقال المسنين «حسن آل زايد» و«سعيد عبدالعال» في 2 اكتوبر 2011م في أنحاء العوامية بدأ العواميون بالتجمع أمام مقر الشرطة وتوتر الوضع بشكل متزايد خصوصاً وأن آل زايد إنهار داخل مركز الشرطة وحدث بعدها المواجهات.
ويستمر الباحث في عرض أحداث المنطقة والعوامية ويبدأ بتقييم بعض الثغرات في المسيرات الشبابية وعن تصريحات المعارضين في الخارج كالدكتور «حمزة الحسن» إلى أن يصل إلى يوليو 2012م وتجدد المظاهرات بعد إعتقال «آية الله الشيخ نمر باقر آل نمر».
ويقول ماتيسن إن المنطقة كانت هادئة نسبياً لعدة أشهر حتى أثار إعتقال الشيخ نمر النمر في 8 يوليو مظاهرات جديدة تطالب بإطلاق سراحه مضيفاً أنه أصبح رمزاً لحركة الإحتجاجات وبسبب الطريقة التي اعتقل بها حيث أطلق عليه النار في فخذه وبعد انتشار صورته وهو مضرج بدماءه هيج ذلك المشاعر وخصوصاً في العوامية وعلى اثر ذلك خرجت مسيرة في القطيف واستشهد اثنين وهما «السيد أكبر الشاخوري» و«السيد محمد الفلفل».
ويختم ماتيسن دراسته بقوله بالرغم أن العائلة السعودية نجت من الربيع العربي في 2011 و 2012م إلى أن التظاهرات الضخمة التي شهدتها المملكة تعتبر الأكبر والاكثر استمراراً في تاريخها بعد البحرين مع التاريخ الطويل من التعبئة السياسية والتمييز الطائفي.
...............
انتهی/212