ابنا: وقد تميز السيد جمال الدين بمنهج فكري خاص به، ولعل نظرة متأنية في حياته الحافلة بألوان الإصلاح والتنوير، وإحياء الفكر الإسلامي تقدم لنا الكثير من سمات منهجه العلمي ونضاله السياسي وفكره الإسلامي الخلاّق.
وأنا هنا لا أريد استعراض مراحل حياة رجل عرفته الأجيال المعاصرة بصفته رجل الثورة والإصلاح الديني ورائد الصحوة واليقظة الإسلامية، لاسيما وقد سمعنا في هذا المؤتمر المبارك الكثير عن ترجمة هذا الثائر المجدد الذي تصدى للاستعمار وحطّم قيود الجمود والاستبداد ودعا الى الوحدة الإسلامية الشاملة ووقف صامدا أمام فلاسفة الغرب وتوجهاتهم العلمانية، وسوف أعرض عن الجدل والخلط الذي يكتنف أصله وجنسيته، ايماناً مني بأن السيد جمال الدين سواء كان إيرانيا أو أفغانيا أوعلى رأي بعض الباحثين عربيا ـ وهو رأي خاطئ فاقد للصواب ـ فهو من خيرة أبطال الإسلام ومن طلائع المجددين للفكر الإسلامي في العصر الحديث، وكفى بالإسلام هوية وانتماءً.
فجمال الدين عاش وجاهد مصلحاً في عصر اقتحمت فيه المادية العلمانية حصوننا، وكثر المنبهرون فيه بأنوار المادية الغربية، واشتد التصدي خلاله للفكر الاسلامي في ديار الإسلام.
وفي هذه المقالة المقتضبة سأقتصر على فهرسة بعض أفكار السيد جمال الدين وأبعاده المتعددة الجوانب، والتي ينبغي أن يدرس كل جانب منها دراسة مستقلة وافية، وسأركّز باقتضاب على أهم الأفكار التي أوقف حياته الفكرية عليها، وهي مسألة الوحدة الإسلامية ووجوب اتحاد المسلمين.
إن أهم معالم فكر السيد جمال الدين هي:
1ـ التمسك بمبادئ الاسلام والحرص على تحقيق الوحدة الإسلامية.
2- الكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية.
3- التأكيد على الدعوة والتبليغ تحقيقاً لليقظة الإسلامية.
4- محاربة الالحاد وأعداء الإسلام.
5- الاهتمام بشؤون الأمة الإسلامية.
6- التركيز على الجهاد كفريضة إسلامية.
7- تقويم المفاهيم الإسلامية والاشادة بجوهر الإسلام.
8- إعادة الثقة بالثقافة الإسلامية وأهدافها المقدسة.
9- دعوة الشباب الى الالتزام بقيمهم الدينية.
10- تحذير المسلمين من الغزو الفكري الذي يتسرب الى العالم الإسلامي جراء غفلة المسلمين.
11- إماطة اللثام عن مقاصد المستعمرين وكشف أعداء الإسلام.
12- تعبئة المسلمين وإعدادهم روحياً وإثارة عواطفهم الدينية ضد المستعمر.
13- الدعوة الى تظافر الجهود لإحياء العالم الاسلامي وتثبيت أركانه ونبذ عوامل الفرقة والشتات.
14- حث العلماء والمفكرين على الوقوف بوجه الاستعمار وهجماته الشرسة.
15- ضرورة طرح الإسلام فكراً يتصدى في ميادين السياسة والادارة.
16- توعية المسلمين بأمور دينيهم ودعوتهم الى التمسك بمبادئه القومية واتباع تعاليمه الحكيمة.
17- مقارعة المادية العلمانية والمادية الغربية.
أما عن الوحدة الإسلامية وضرورة اتحاد المسلمين
فلعل أبرز مايمكن الإشارة إليه في فكر السيد بلورته مسألة الوحدة الإسلامية ووجوب اتحاد المسلمين، حيث كانت من أهم الأفكار التي أوقف السيد حياته الفكرية عليها، وكان يعتقد بأن أخوّة المسلمين واتحادهم هما الوسيلة الناجحة والوحيدة للوقوف بوجه الاستعمار والانتصار على مؤامرات أعداء الإسلام والمسلمين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم. وقد دعا السيد في أحاديثه وكتاباته ومحاضراته الى الوحدة الإسلامية أينما حلّ وارتحل وحينما تنقل من إيران الى افغانستان الى الهند الى مصر الى الآستانة الى الحجاز الى العراق الى روسيا وباريس ولندن.
فالاتحاد والوحدة الإسلامية محور تفكير السيد وهو الحل الأوحد لمشاكل المسلمين ومعاناتهم اجتماعية كانت أم سياسية، أو اقتصادية أو ثقافية، وعلى هذا المحور الاتحادي كتب وتكلم في كثير من الأوساط العلمية والصحف منذ حاول تبصير المسلمين بأمور دينهم الحق ودعوتهم الىالتمسك بمبادئه القومية واتباع تعاليمه الحكيمة. وكان يؤكد على أن هذا التمسك ضروري لحياة الانسان ، لازم لسعادته في الدنيا والآخرة، كما كان يربط بين التاريخ والفقه الإسلامي ويأخذ من الفقه مايقوم دليلاً على التاريخ، ويناقش قضايا مازلنا نعتقد بضرورتها حتى اليوم كالاتحاد الإسلامي.
وفي مجال الجهاد والكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية
لم يكن السيد يخشى خلال جهاده في سبيل الله لومة لائم، بل كان يواصل جهاده ونضا