وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الخميس

٢٨ فبراير ٢٠١٣

٨:٣٠:٠٠ م
395721

«آية الله الشيخ عيسی قاسم» في خطبة صلاة الجمعة:

تتميز البحرين بسجن الأحياء..وبدأنا دخول مرحلة سجن الشهداء

أشار «آية الله عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة إلى قضية عدم دفن الشهيد «محمود عيسی الجزيري» منذ أكثر من ثمانية أيام، قائلاً: "تتميز هذا البلد بسجن الأحياء... وبدأنا دخول مرحلة سجن الشهداء الأحرار".

وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء _ ابنا _ قال «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (01/03/2013) إن "في البحرين شعب، لا تمثله بأجمعه الجميعات والشخصيات في الحوار"، مؤكداً أن الكل يعرف أن المشكلة القائمة الحادة طرفاها الأصليان الشعب والسلطة، وأن الكل يعلم أن ليس لأحد أن يتحدث باسم السلطة، وإن كان من أعضاءها يمثلها، وليس لأحد من أبناء الشعب أن يمثل الشعب بغير تفويض صريح".

وبين قاسم أن "أي حوار ونتائجه يكون أحد طرفيه لايمتلك تفويضاً من الطرفين الأصليين فهو لا يمثله، وهو لا يمكن ان يمضي بعدل إلا بالإمضاء الصريح".

وأكد آية الله عيسى قاسم أن الاستفتاء على نتائج الحوار من إجل إلزام الشعب والتزامه به، ولمن أراد انتهاء الاحتجاجات فهو أمر لابد منه.

وتطرق آية الله عيسى قاسم إلى قضية عدم دفن الشهيد «محمود عيسی الجزيري» منذ أكثر من ثمانية أيام، قائلاً: "تتميز هذا البلد بسجن الأحياء... وبدأنا دخول مرحلة سجن الشهداء الأحرار".

وأضاف: "نحن بلدٌ له أن يفتخر بين البلدان بعدد السجناء الأحياء وسجن النساء وسجن الشهداء إلى جانب مفاخر كثر من هذا النوع وأبشع، وهي مفاخر يتبرأ منها الشعب".

وفي ما يلي نص الخطبة الثانية لسماحة آية الله عيسی قاسم:

أوَّلاً: ممنوعٌ قانوناً أو بقرار

الاعتصام في المنطقة الفلانيَّة وإنْ لم يعطِّل المصالح العامَّة ممنوعٌ قانوناً أو بقرار، تسيير مسيرةٍ سلميَّةٍ في العاصمة ممنوع، كلام السياسة في بعض المساجد ممنوع، الاجتماع للصلاة في أوقاتٍ مُخْتارةٍ ممنوع، تشييع شهيدٍ في المنطقة الفلانيَّة ممنوع، دفن شهيدٍ لكم لا بُدَّ أنْ يكون في المكان الفلاني وغيره ممنوع.

وهكذا يمتدُّ المنع ويتوسَّع حتَّى يغطِّيَ جُلَّ مساحة الحياة، ويسدَّ المنافذ ويسلب الهامش الضئيل من الحريَّة، ويضيِّق الأنفاس ويشتدَّ الضغط من غير حساب ؛ لكون الصبر ينفذ حسب الطبيعة البشريَّة عند سدِّ كلِّ المنافذ، وأنَّ النِّاس يحاولون المستحيل للقفز على الحواجز لو أُغْلِقَت عليهم كلُّ الممرَّات حتَّى لو توقَّعوا أنَّهم بذلك يخسرون الحياة حيث إنَّ في ذلك فيما يرون المحاولة الأخيرة للاحتفاظ بالحياة ؛ لكون الأمر كذلك فإنَّ أخطر ما هو خطر أنْ تسدَّ على النَّاس كلَّ المنافذ.

إنَّ كثرة المنع تهدم المنع، وشدَّة التضييق تدفع لكسر الطوق والتمرُّد على الواقع، من العقل جدَّاً ألَّا تسدَّ كلَّ المنافذ وألَّا تضيِّق كلَّ السبل إلى الحدِّ الذي لا يُطاق [1] .

هناك واقعٌ فوق الطاقة وواقعٌ لا يمتنع على الطاقة ولكنَّه يمثِّل حالةً حرجيَّةً تضيق منها الصدور، وقد راعى الدين الحقُّ ألَّا تكون تكاليفه فوق الطاقة البشريَّة، وألَّا تتسِّمَ أحكامه بالحرجِ رحمةً بالعباد، وتقديراً حكيماً لواقع الإنسان، وأنَّ حرج الأوضاع لا تصبر عليه النَّفس البشريَة، وأنَّه يفتح الباب على مصراعيه لحالات التمرُّد والانهيار.

فمن أراد لقوانينه وقراراته وسياساته أنْ يصبر عليها صابر فعليه ألَّا يتجاوز بها حدَّ الطاقة عند النَّاس، وألَّا تزداد طغياناً وتحوِّل حياتهم إلى جحيم، وألَّا تكون حياتهم بها حرجيَّة.

ثانياً: العنف

صارت إدانة العنف شعاراً حكوميَّاً كَثُرَ ترديده من الحكومة ومن أتباعها في مطالبةٍ مستمرَّةٍ للمؤسَّسات السياسيَّة المعارضة وللشعب بتكراره [2] والحماس له والمداومة عليه، والمعنيّ بالتحديد هو إدانة هذه الجمعيَّات وكلِّ رموز المعارضة والشعب للعنف الذي تنسبه السُّلطة للجمعيَّات والرموز والشعب [3].

ولم يكفِ السُّلطة رفض العنف من أيِّ طرفٍ وشجبه المتكرِّر من القوى السياسيَّة المعارضة والرموز والعلماء؛ ذلك لأنَّ السُّلطة تريدأنْ تبرِّء نفسها تماماً من العنف والإرهاب مع الصورة المكشوفة للقتل تحت التعذيب والقتل في المسيرات والمظاهرات وفي الحالات الأخرى، والذي يُمَارسُ على يد أجهزتها وميليشياتها، بما سبَّب سقوط عشرات الضحايا من أبناء الشعب حتَّى وهم داخل البيوت في مثل حالات الاختناق بالغازات السامَّة.

ولم تكتفِ السُّلطة بالإدانة عن طريق التصريحات والبيانات المختلفة ومنها الوثيقة المُوَقَّعَة من الجمعيَّات السياسيَّة المعارضة في إدانة العنف، فجاءت المطالبة للجمعيَّات والرموز والعلماء بموقفٍ عمليٍّ صارمٍ حاسمٍ من العنف الذي يُرَادُ إلصاقه بالشعب وجمعيَّاته السياسيَّة ورموزه وعلمائه [4]، وكأنَّ المطلوب من الشعب أنْ يكوِّن من بين أبنائه لمواجهة حراكه الشعبيّ في مسيراته ومظاهراته واعتصاماته [5].

وانتشرت تصريحاتٌ من الحكومة وأتباعها في الرأي أنَّه لم يعد أسلوب الإدانة والشجب منكم لعنفكم [6] كافيا؛ فلا بُدَّ أنْ تقيموا حرباً بينيَّة في صفوف الشَّارع المعارض باسم القضاء على العنف. وانتقل الأمر إلى أنْ تتحوَّل القضيَّة على يد المحاور عن السُّلطة إلى قضيَّة شرطٍ من شروط الحوار الذي يتحمَّلُ مسؤوليَّة إيقاف العنف الذي تمارسه أجهزة السُّلطة، ويأتي هذا الشرط داخل الحوار لتوازيه أكثر من محاولةٍ للقتل العمد لأبرياء من أبناء الشعب، وهي محاولاتٌ لا ينقصها التوثيق ولا التعرُّف على هويَّة الجاني، وتتجاهلها الجهات الرسميَّة المختصَّة لما فيها من إدانةٍ للسُّلطة [7].

الشرط المُتبنَّى داخل الحوار والإرهاب المُشارُ إليه والمُمَارس في الخارج يتناصران من أجل هدم الحوار، ونسف الحوار، وتقويض الحوار.

ثالثاً: الاستفتاء

الكلُّ يعرف أنَّ على أرض البحرين شعباً وسلطة، وليس شعباً فقط، ولا سلطةً فقط، ولا سلطةً في مقابلها جمعيَّاتٌ سياسيَّةٌ وبعض الشخصيَّات المستقلَّة فحسب. والكلُّ يعرف [8] أنَّ المشكلة القائمة الحادَّة طرفاها الأصليَّان الشعب والسُّلطة، والكلَّ يعرف كذلك [9] أنْ ليس من أحدٍ لو تكلَّم باسم السُّلطة من غير تفويضٍ صريحٍ منها وإنْ كان من بين أعضائها فإنَّه يمثِّل النظام والسُّلطة [10] ، وكذلك أنْ ليس من أحدٍ لو تكلَّم باسم الشعب وإنْ كان واحداً من أبنائه أو عضواً في جمعيَّةٍ من جمعيَّاته من غير تفويضٍ صريحٍ فهو يمثِّله [11] .

هذه قضايا ثلاث، لا يُمارى فيها، وليس على شيءٍ منها غبار، وفي ضوء هذه القضايا الواضحة أيُّ حوارٍ يكون كُلَا طرفيه أو أحدهما لا يمتلك تفويضاَ صريحاً مِمَّن ينسب نفسه إليه من النظام أو الشعب فهو ليس حواراً بين الطرفين الأصليَّيْن، وأنَّ نتائج الحوار في حكم العقد الفضوليّ، ولا يمكن أنْ يمضي في العدل والقانون إلَّا بإمضاء الطرف الأصيل الذي لم يُمَثَّل في العقد بإرداته الصريحة.

هذا على مستوى لغة الشرع والمنطق والقانون والعرف، ومن ناحيةٍ عمليَّة تعالوا نفترض سقفين لنتائج الحوار وما ينهي إليه من إصلاح: سقفاً يرتفع مستوى إصلاحه إلى عشر درجات، وسقفاً آخر يبلغ مستوى الإصلاح الذي يحقِّقه عشرين درجة. والسقف المرتفع نال الموافقة من كلا طرفَيْ الحوار لكنَّه لم ينل موافقة الشعب لهذا السبب أو ذاك، فهل سيعطي التهدئة المطلوبة؟ ويقارب المسافة بين الشعب والحكم؟ وهل سيوقف احتجاجات الشعب ومسيراته ومظاهراته واعتصاماته؟ الجواب بنعم، لا يأتي إلَّا عناداً ومكابرة.

ولو نال السقف الإصلاحيُّ الأقلُّ مستوى رضا الشَّارع ومواففقة الشعب لسببٍ وآخر بأنْ اُسْتُفْتِيَ بشأنه وأعطى له موافقته فهل ستهدِّىء هذه الموافقة الوضع وتنهي حالة التوتُّر والفوران وتضع الوطن على طريقٍ جديدٍ بعيدٍ عن الزلزال؟ نعم وبكلِّ تأكيد، فهذا ما تقوله طبيعة الأمور إذا جاء الاستفتاء صادقاً أميناً بلا التفافٍ ولا مراوغاتٍ ولا مغالطات.

إنَّ الاستفتاء على نتائج الحوار من أجل إلزام الشعب والتزامه، وفي لغة الشرع والقانون والعقلاء ولغة الواقع ولمن أراد هدوء الأوضاع وانتهاء الاحتجاجات بكلِّ مظاهرها وفعاليَّاتها أمرٌ لا بُدَّ منه [12] ، وبدونه لا يخرج الشعب من صورة القهر [13].

رابعاً: من يعطِّلُ الحوار؟

يوم الإصلاح الجدِّيّ يومٌ ينتظره الشعب وتنتظره المعارضة على أحرَّ من الجمر، وإذا كان من حوارٍ يمكن أنْ يوصل إلى ذلك اليوم الذي هو مُبْتَغَى الشعب ومُبْتَغَى المعارضة فالجانب الشعبيُّ حريصٌ عليه وعلى استكماله وإنجاحه أشدَّ الحرص.

فإذا كانت السُّلطة لا ترى وجود مشكلٍ يتطلَّبُ الحلّ فإنَّ الشعب محترقٌ بنار المشكل فلا يسعه أنْ يوافق على إنكاره، وإذا كانت السُّلطة تؤمن بوجود المشكل وتعاني من ضغطه ولكنَّها لا تشعر بالحاجة الملحَّة لحلِّه وليس مستعجلةً في التخلُّص منه أو لا تريد أنْ تعطي ثمنَ تعافي الوطن منه و خروجها هي من تبعاته فإنَّ الشعب يشعر بالحاجة إلى الحلِّ المتمثِّل بالإصلاح الحقيقيّ ومستعجلٌ في ذلك ولكن لا على حساب كفاية الحلِّ وجديَّة الإصلاح والتعافي الحقيقيّ من المشكل، وهو مستعدٌّ كلَّ الاستعداد للتعامل الإيجابيّ مع إصلاحٍ غير هازلٍ ولا مهزوزٍ ولا منقوصٍ ولا منقوضٍ أو مُتًحَايلٍ عليه.

وفي ضوء هذا كلِّه لا يُتَصَوَّر في جانب المعارضة أنْ تستهدف عرقلة الحوار ووضع العصا في عجلته والعمل على تبطئة سيره فضلاَ عن إفضاله. استهداف المعارضة الداخلة في الحوار لشيءٍ من هذا يمثِّل سيراً في الاتِّجاه المعاكس تماماً لمرادها، فلا يمكن أنْ ترتكب -وهي العاقلة الحكيمة- هذه الحماقة.

فإذا كان هناك من يعمل على عرقلة الحوار وتعطيله وتبطئته وإفشاله فلا بُدَّ أنْ يكون في غير طرف المعارضة، والشاهد العمليُّ في السَّاحة الخارجيَّة من محاولات قتلٍ عمديٍّ عن طريق الرصاص الحيّ والتصفية الجسديَّة بالسيَّارات خيرُ شاهدٍ ودليلٍ حيٍّ على ذلك.

خامساً: مستجدٌّ إنسانيٌّ روعة

ما هو هذا المستجدّ؟ ما هو هذا المستجدُّ الذي امتازت به ساحة هذا الوطن ؟ ذلك هو سجن الأموات المقتولين عمداً ظلماً ليجتمع في حقِّهم ظلم القتل عمداً وظلم المنع من الدفن.

عرفت الدنيا وتميَّز هذا البلد من بين ما تميَّز من بلدان الدنيا في سجن الأحياء، وبدأ بلدنا مرحلةً جديدةً متطوِّرةً في مجال السجن بأنْ دخلنا مرحلة السجن للشُّهداء الأ