عاشت السيدة فاطمة المعصومة مع أخيها الإمام الرضا عليه السلام و في كنف رعايته مدة من الزمن تمكنها من تلقي التربية والتعليم اللائقين بمقامها على يد أخ شقيق لم يكن في علمه ومقامه كسائر الناس، فهو الإمام المعصوم وهو المربي والمعلم والكفيل.
وهذه المدة وإن لم تخل من مضايقات عانى منها الإمام الرضا عليه السلام الشدائد والمحن إلا أن من اليقين أن الإمام قام بدوره مربيا ومعلما وراعيا وكفيلا، وفي طليعة من رباهم الإمام عليه السلام وعلمهم شقيقته السيدة فاطمة المعصومة، فأخذت عنه العلم والمعرفة والفضائل والمناقب، حتى غدت ذات شأن عند الله تعالى.
ورو ي أن جمعا من الشيعة قصدوا بيت الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام للتشرف بلقائه والسلام عليه، فأخبروا أن الإمام عليه السلام خرج في سفر وكانت لديهم عدة مسائل فكتبوها، وأعطوها للسيدة فاطمة المعصومة عليها السلام ثم انصرفوا.
وفي اليوم التالي - وكانوا قد عزموا على الرحيل إلى وطنهم - مروا ببيت الإمام عليه السلام، ورأوا أن الإمام عليه السلام لم يعد من سفره بعد، ونظرا إلى أنه لا بد لهم أن يسافروا طلبوا مسائلهم على أن يقدموها للإمام عليه السلام في سفر آخر لهم للمدينة، فسلمت السيدة فاطمة عليها السلام المسائل إليهم بعد أن كتبت أجوبتها، ولما رأوا ذلك فرحوا وخرجوا من المدينة قاصدين ديارهم.
وفي أثناء الطريق التقوا بالإمام الكاظم عليه السلام وهو في طريقه إلى المدينة، فحكوا له ما جرى لهم فطلب إليهم أن يروه تلك المسائل، فلما نظر في المسائل وأجوبتها، قال ثلاثا: فداها أبوها1. وهذا يدل على المقام العلمي الرفيع الذي بلغته السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.2ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1- كريمة أهل البيت عليهم السلام ص 62 - 64.2- فاطمة المعصومة / محمد علي المعلم ص73.
..................
انتهی/232