آية الله د. عميد زنجاني
ينظر إلى الجامعة في كل بلد على أنها عامل إبداع وخلاقية وحركة، أما في العهد الشاهنشاهي فلم تكن الجامعة إلا كجسر لربط المجمع بالثقافة والقيم الغربية، وأداة لتوطيد أركان النظام.
في مثل تلك الظروف والأوضاع التي كانت تعيشها الجامعة، كان سيل الثورة الإسلامية الجارف ينطلق بسرعة على يد جماهير الشعب المحرومة والمظلومة التي لبت نداء مرجع تقليدها، ويطغى على الأحزاب والتنظيمات السياسية المنعزلة عن الشعب، وبدا حينذاك وكأن الجامعة تعيش بمعزل عن أحداث الثورة.
بيد أن شريحة من أبناء هذا الشعب ـ من الجامعيين ـ ممن احتفظت بهويتها الإسلامية أحدثت في الجامعة تياراً موال للثورة، عمقته ونمته شخصيات كالشهيد "مطهري" عبر حضوره في الجامعة. كما كان لوجود الاتخاذات الطلابية الإسلامية دور أيضاً في إيجاد وتعميق التيار الإسلامي في الجامعات، وأسهمت في هذه الصلات وديمومتها.
النقطة ذات الأهمية في توطيد أواصر العلاقة بين الجامعة والثورة الإسلامية، هي أن الحركات الطلابية في الخارج بدأت مواجهة واسعة في أوربا وأمريكا ضد النظام واستغلت كل فرصة في سبيل توجيه ضربة لأركان النظام المتهرئ، ومع تنامي حركة الإمام انضمت إلى الثورة الإسلامية. ورغم التقاطع الحاد والتفاوت الملحوظ في توجهات ومعتقدات الفئات التي تتألف منها تلك التيارات، إلا أن السمة التي كانت غالبة عليها هي التعاطف مع الثورة الإسلامية وزعامتها.
كانت الصلات القريبة لهذه التيارات مع قيادة الثورة الإسلامية، إضافة إلى الحرية المتاحة في الخارج للعمل السياسي، قد وفر لتلك النشاطات السياسية فرصة التأثير المباشر على الجامعات في الداخل مما جعل الكفة تميل يوماً بعد آخر لصالح التيار الثوري في الجامعة.
في ظل تلك الظروف أدت العلاقة بين الجامعة والحوزة العلمية، وتبادل الرسائل بين هذين المركزين العلميين إلى تعجيل مسار الثورة، واصطف رجال الدين والطلبة إلى جانب بعضهما، واضطلع كل منهما بإكمال دور الآخر، وتمخض عن هذا التعاون اتساع نطاق الثورة على صعيد الجامعة والمجتمع، وتحولت الجامعة إلى واحد من ميادين المواجهة الرائعة وإلى معقل حصين للثورة، ووقفت الجامعة أسوة بالحوزة وقفة صلبة وشجاعة رغم ما تعرضت له من حملات قمع متكررة على يد جلاوزة النظام. وكان صمود الجامعة مبعث أمل وارتياح في أوساط الشعب الإيراني والمجاهد، مما دفعه إلى الاعراب عن تشجيعه ودعمه لها. وبهذا المنوال أضحت الجامعة واحدة من أهم مراكز إشاعة الوعي، ومن معاقل الثورة الإسلامية.
ومن المثير هنا أن اعتصام علماء الدين احتجاجاً على منع حكومة بختيار دخول قائد الثورة الإسلامية إلى البلد، كان قد جرى في مسجد الجامعة. بمعنى أن الجامعة والحوزة والمسجد قد أدغمت في موقف واحد، وتحولت الأنهر الثلاثة المؤلفة من علماء الدين والجامعيين وعموم الشعب، إلى بحر هادر أطاح بقصر الجور الشاهنشاهي.
...................
انتهی/232