السيّد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الطاهر الزكي العالم الثائر الشهيد صلوات الله عليه يقال انه ولد سنه 75 أو 78 أو غير ذلك من الهجرة النبوية.
أمّه فهي الفاضلة الزكية من سيدات نساء المسلمين في عفتها وطهارتها وسمو ذاتها وهي أمة اشتراها القائد – مسرّ قلوب ال محمد صلوات الله عليهم- المختار الثقفي عليه الرحمة بعد ما تبين طهارتها وعفتها فاهداها إلي الإمام زين العابدين (ع) وقبل الإمام (ع) هذه الهدية وتزوج بها ورزقه الله تعالی منها خيرة السادة أدباً وفضلاً وقد روی ان الإمام زين العابدين (ع) رای جده رسول الله (ص) في منامه فأخذ بيده وأدخله الجنة وزوجه بحوراء فعلقت منه فأمر النبي (ص) ان يسمّي المولود بزيد، ولما ولد زيد أخرجه لأصحابه وهو يقول (هَذَا تَأوِيلُ مِن قَبلُ قَد جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً) (يوسف100) احتل السيد زيد (ع) المكانه الرفيعة عند الائمّة الطاهرين فقد قال الإمام الباقر (ع) لأخيه زيد "لقد انجبت أم ولدتك يا زيد اللهم أشدد أزري بزيد"(الأغاني 96:24) وروي سدير الصير في قال كنت عند أبي جعفر الباقر (ع) فدخل زيد (ع) فضرب أبو جعفر (ع) علی كتفه وقال هذا سيد بني هاشم إذا دعاكم فأجيبوه وإذا إستنصركم فأنصره (غاية الأختصار،ص30) وكان الإمام الصادق (ع) أيضاً يجل عمّه الشهيد إذ قال لفضيل الرسّان (يا فضيل قتل عمي زيد بن علي؟ فقال له: نعم جعلت فداك فأبدي الإمام تأثره البالغ وقال مأبناً رحمهُ الله: إما إنه كان مؤمناً وكان عالماً وكان صدوقاً إما إنه ولو ظفر لوفي إما إنّه لو ملك لعرف كيف يضعُها(البحار، ج47، ص325) ولما بلّغ الإمام الصادق (ع) شهادة عمه زيد (ع) وما جری عليه من المصائب حزن حزناً شديد وقال بألم وأسي إنا لله وأنا إليه راجعون عند الله احتسب عمي إنه كان نعم العمّ...
... إن عمي كان رجلاً لدنيانا واخرتنا مضی والله شهيداً كشهداءٍ إستشهدوا مع رسول الله (ص) وعلي والحسن والحسين مضی والله شهيداً.(البحار 175:46، وعيون الأخبار 228:2) وفي حديث جری بين الإمام الرضا (ع) وبين المأمون في زيد إبن موسی بن جعفر (ع) لما خرج علی المأمون بالبصرة وأحرق دور بني العباس فوهبه المأمون للإمام (ع) وعفا عنه لأجل الإمام الرضا (ع) وقال له لولا مكانك مني لقتلته وقد خرج زيد بن علي فقتل فقال الرضا لا تقس أخي زيداً بزيد فإنّه من علماء آل محمد (ص) غضب لله عزّوجل مجاهد الأعداء حتی قتل في سبيله وقد حدّثني أبي موسی أنّه سمع أباه جعفر يقول رحم الله عمي زيداً إنه دعا إلي الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفی بما دعا إليه وقد إستشاره في خروجه فقال إن رضيت ان تكون المقتول بالكناسة فنشأنك فلما انصرف قال جعفر ويلٌ لمن سمع واعيته فلم يجبه. كان زيد والله ممن خوطب بهذه الآية "وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم"(موسوعة سير أهل البيت جزء زين الشهيد 39 الشيخ باقر القرشي).
قال المتوكل البلخي ليحيی بن زيد بن علي (ع) يابن رسول الله ما الذي أخرجه قال فقال هذا الطاغي وقد علم من أهل الكوفة ما علم؟ فقال يحيی نعم لقد سألته عن ذلك فقال سمعت أبي يحدّث عن أبيه الحسين بن علي قال وضع رسول الله (ص) يده علی كتفي وقال يا حسين يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يقتل شهيداً فإذا خرج كان يوم القيامة يتخطّی هو وأصحابه وقال؟ ويدخل الجنة فأحببت أن أكون كما وصفني رسول الله (ص)، ثم قال يحيی رحم الله أبي كان أحد المتعبدين قائماً ليله صائماً نهاره جاهد في سبيل الله حق جهاده. قال المتوكل البلخي يابن رسول الله إن أباك قد أدعی الإمامة لنفسه... فرد عليه يحيی (ع) يا عبدالله إن أبي أعقل من ان يدعي لما ليس له بحق إنّما قال أدعوكم إلي الرضا من آل محمد عني بذلك ابن عمي جعفر (ع)(الموسوعة للقرشي ج39، ص28) وأما سبب قيامه وكيفية شهادته: روی عن عبدالله بن سيادية. فأتي رسول بسام الصبري إلي الإمام الصادق (ع) بكتاب فيه "أما بعد فان زيد بن علي (ع) قد خرج يوم الأربعاء غرّة صفر فمكث الأربعاء والخميس وقتل الجمعة وقتل معه فلان وفلان".
قال المسعودي في مروج الذهب دخل زيد بن علي (ع) علی هشام فلما مثل بين يديه لم ير موضعاً يجلس فيه فجلس حيث إنتهی به مجلسه وقال ليس أحد يكبر عن تقوی الله ويصغر دون تقوی الله (أنا أوصيك بتقوی الله فاتقه). فقال هشام: أسكت لا أم لك أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة وأنت إبن أمة، قال (ع) إن لك جواباً إن أحببت أجبتك به وإن أحببت أمسكت عنه، فقال بل أجب قال: ان الأمهات لايقعدن بالرجال عن الغايات وقال كانت أم إسماعيل أمة لأم إسحاق صلّی الله عليهما السلام فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبياً وجعله للعرب أبا فأخرج من صلبه خير البشر محمداً (ص) فتقول لي هذا وأنا أبن فاطمة وعلي. فأمر الطاغية بضربه ثمانين سوطاً وخرج قائلا ولا أكون بحيث نكره، ماكره قوم ضربه السيوف إلا ذلوا. قال الشيخ المفيد (قدس سرّه) فقال هشام فأخرجوه فأخرج زيد (ع) والشخص إلی المدينة ومعه نفر يسير حتی طردوه عن حدود الشام فلما فارقوه عدل إلی العراق ودخل الكوفة فبايعه أكثر أهلها. وقال المسعودي فمضی إلي الكوفة وخرج معه القراء والاشراف فحاربه يوسف بن عمر الثقفي فلما قامت الحرب إنهزم أصحاب زيد وبقي جماعة يسيره فقاتلهم أشد قتال.
ومال المساء بين الفريقين فراح زيد (ع) مثخناً بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته. روی الشيخ الصدوق عن حمزة بن حمران قال: دخلت علی الصادق جعفر بن محمد (ع) فقال لي يا حمزة من أين أقبلت؟ قلت له من الكوفة قال: فبكی (ع) حتی بلّت دموعه لحيته فقلت له: يابن رسول الله (ص) مالك أكثرت البكاء؟ فقال ذكرت عمي زيد وما صنع به فبكيت فقلت له ما الذي ذكرت منه؟ فقال: ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاءه إبنه يحيی فإنكبّ عليه وقال له أبشر يا أبتاه فإنّك ترد علي رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم قال أجل يا بني ثم دعا بطبيب فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه فجيء به إلی ساقية تجري عند بستان زائدة فحفر له فيها ودفن وأجري عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم فذهب إلی يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم أياه فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ثم أمر به فأحرق بالنار وذرّي في الرياح فلعن الله قاتله وخاذله وإلی الله جل اسمه اشكو مانزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته وبه نستعين علي عدوّنا وهو خير مستعان.
(صلوات الله عليه يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حياً)
...............
انتهی/212