ابنا : وقال تقرير راديو " أوستن " نقلا عن مصادر غربية في بروكسل في برنامج أضواء على الشرق الأوسط بث يوم الأثنين، إن الشيعة في العراق يواجهون تحديات خطيرة تهدد نفوذهم في الحكومة وربما يمتد ليؤثر على دورهم كأغلبية في العراق .
وجاء في التقرير " إن أغلب الدبلوماسيين الأوربيين في الإتحاد الأوروبي في بروكسل المهتمين بتطورات الأحداث في الشرق الأوسط، يتفقون على أن إختلاف قادة الشيعة السياسيين ، وفر فرصة كبيرة للعرب السنة والأكراد على تقديم مطالب لم يكن يجرأون على طرحها في السنوات الماضية ، إذ وجد القادة في القائمة العراقية وجميعهم من السنة إلا بضعة أعضاء من الشيعة ممن لا شعبية لهم وسط الشيعة ، أن الفرصة متاحة لتحريك الشارع السني في العراق لتقديم مطالب تعيد لهم دورهم في رسم الخارطة الأمنية والعسكرية والسياسية في العراق بما يسترد لهم جزءا من أمجاد سطوتهم في عهد نظام صدام وهيمنتهم على السلطة بالعراق في ظل سياسة قمع دموية للأغلبية الشيعية قل نظيرها ".
وأضاف التقرير " إن نجاح قادة العراقية ومنهم رافع العيساوي بالتنسيق مع الحزب الاسلامي وطارق الهاشمي الهارب إلى تركيا ، كان العامل المؤثر فيه هو قيام عدد غير قليل من رجال الدين السنة بالتحشيد للتظاهرة ودعوة السنة للمشاركة في الإعتصامات في المدن ذات الأغلبية السنية كالأنبار و الموصل و تكريت ، ومن دون مشاركة ودعوة رجال الدين السنة ، لم يكن ممكنا تحشيد الشارع السني حتى بلغ عدد المشاركين في صلاة الجمعة أكثر من 1500 خمسة عشر ألف شخص ، في صلاة الجمعة الماضية في الأنبار تحت شعار " جمعة لانخادع " وكان يصعب فيما مضى على السياسيين في القائمة العراقية ، تحشيد هذا العدد من رجال الدين السنة وهذا العدد من المشاركين في الإعتصام ، لولا أن الخطاب الديني السني في منصة الإعتصامات، إمتاز بطائفية طاغية ، ووصف المتحدثون ، الشيعة بالصفويين والمجوس في إشارة الى الحكم الصفوي الشيعي في إيران قبل ثمانية قرون وإلى الديانة لبلاد فارس قبل دخول الإسلام ، وهي مصطلحات كانت جزءا من إعلام نظام الراحل صدام ضد إيران أبان حرب الثمانية سنوات بين العراق وإيران ".
وأضاف تقرير راديو " أوستن " : " المصادر الغربية تتفق على إن هذا التحشيد للعرب السنة في العراق لم يكن ممكنا بدون مشاركة سعودية و قطرية و تركية ، حيث شاركت في إستنفار حلفائها من الأحزاب و السياسيين و رجال الدين من العرب السنة ، إذ إستثمرت هذه الدول كل هذا الرصيد من العلاقات بهدف إسقاط حكومة المالكي الذي يواجه بنفس الوقت كراهية من حلفائه في " التحالف الوطني " وفي مقدمتهمم التيار الصدري والمجلس الأعلى ، إلا أنه بتصديه ورفضه لمطالب وصفها بأنها تصب في خدمة المنتمين لحزب البعث ، من خلال الدعوة إلى إلغاء مواد من الدستور العراقي مثل إلغاء قانون المساءلة و العدالة ، نجح المالكي في توسيع مساحات الدعم الشعبي له في أوساط الأغلبية الشيعية في ظل صمت منافسيه في التحالف الوطني الذين ذهب بعضهم إلى إرسال وفود إلى المعتصامين في الأنبار و سامراء متعاطفين معهم ".
وشدد تقرير راديو" أوستن " على إن " ما يجري في العراق من حراك طائفي لتحشيد العرب السنة ضد حكومة شيعية ، ليس بعيدا عن مشروع دول الإقليم السني التي تضم السعودية و تركيا و قطر و الامارات الموجه ضد إيران ، حيث أقدم المشاركون في إعتصام الأنبار على حرق علم إيران وعلم حزب الله ، كما أطلقت هتافات وألقيت خطب ضد إيران ، وهو ما ذكر العراقيين بخطب صدام وقادة حزب البعث ضد الإيرانيين أنذاك ".
وحذر التقرير : " من أيام عصيبة قادمة في العراق ، بفعل التحشيد الإعلام والديني المتشنج لسنة العراق ، الذي سيوفر تأمين متطوعين من شباب السنة على إستعداد للإنخراط بأية ميليشيات أو مجموعات مسلحة وهذا يعني المضي نحو التحضير لعمليات عسكرية ذات بعد طائفي ، مما يسارع لإشعال حرب طائفية أو يسارع على إعلان تشكيل الإقليم السني الذي سيجد أمامه حليفا قويا وهم الأكراد الذي يديرون إقليمهم بشكل بعيد عن سيطرة وسطوة الحكومة الإتحادية بما يشبه عمل أي دولة مستقلة ، بخلاف الدعم المالي و العسكري و الإعلامي و السياسي الذي سيقدم للعرب السنة من قطر و السعودية و تركيا و الامارات ".
و أكد تقرير راديو " أوستن " وجود تورط كبير للإمارات في دعم إحتجاجات الأنبار و الموصل و الفلوجة و تكريت ، خاصة و إن أعداد كبيرة من قادة وضباط الحرس الجمهوري المنحل تستضيفهم الإمارات و تقدم لهم كل أشكال الدعم ، و هؤلاء باتوا على تواصل مع أللجان المشرفة على الإعتصامات ، و كانوا ممن شارك في صياغة المطالب الـ 13 للمعتصمين ، و ألتي قدمها رئيس البرلمان " أسامة النجيفي " إلى البرلمانيين وإلى رئيس الحكومة المالكي ، وشددت على " تبييض السجون " إي إطلاق جميع السجناء و بينهم المئات ممن حكم عليهم بالإعدام ، بعد إدانتهم بتنفبذ عمليات تفجير و إغتيال ، وتدعو المطالب أيضا إلى الغاء قانون إجتثت البعث المعروف بإسم قانون المساءلة و العدالة ، و إلغاء " أذان " الأغلبية الشيعية الذي يدعو إلى الصلاة و هو ما أثار الشرائح الشعبية الشيعية بشكل كبير ، إذ أعتبرت هذا المطلب بأنها نذر حرب طائفية ضد الشيعة بقيادة دول الإقليم السني ".
وقال راديو " أوستن إن الجهد الذي بذلته دول الإقليم المتورطة في سوريا للخلاص من نظام الرئيس الأسد ،تساهم في خلق مناخات طائفية خطيرة في العراق ،وصولا إلى تقسيم العراق ، وهو ما تعتبره السعودية هدفا إستراتيجيا لها ، إذ تخشى من وجود دولة ذات أغلبية شيعية إلى جوارها في ظل تدهور علاقاتها الثنائية معها ، وخشيتها من أن يكون العراق أحد مفاصل الدول التي تعتبرها إيران دول المقاومة لاسرائيل و التي تضم إيران و سوريا و حزب الله في لبنان و حركتي حماس و الجهاد الاسلامي في قطاع غزة ".
وحذر راديو " أوستن " في تقريره ونقلا عن مصادر غربية في بروكسل ، من أن إستهداف الشيعة في العراق بمشروع سياسي طائفي صريح ، من شأنه أن يعطي المبرر للأغابية الشيعية للتخلي عن قياداتها المعتدلة ومرجعياتها الدينية ، التي إتسم خطابها بالإعتدال رغم قسوة الخطابات والهتافات التي شهدتها الأنبار و نينوى التي كانت ذا بعد طائفي صريح ، خاصة وإن التفجيرات اليومية مازالت تستهدف الأحياء و المدن الشيعية ، التي بات شيعة العراق مقتنعون بأن وراءها السعودية أكثر من غيرها من دول المنطقة بسبب إطلاق فتاوى تكفر الشيعة من علماء المذهب الوهابي الحلفاء للأسرة الحاكمة في السعودية ، وهذا الإعتقاد لدى شيعة العراق مع إنطلاق مشروع سياسي طائفي تمثل في خطابات وهنافات إعتصام الأنبار و الموصل و تكريت و الفلوجة و سامراء ، سيدفع بهم إلى البحث عن قيادات " ثورية " تحمي الشيعة من خطر داهم في ظل إنضمام زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مطالب المعتصمين في هذه المدن مما تسبب في صدمة لدى كثير من أتباعه وهم من المحرومين و من الفقراء و من أشد المتحمسين للدفاع عن المذهب الشيعي ولهم تجارب في القتال سواء أثناء فترة وجود القوات الأمريكية في العراق ، وهنا مكمن الخطر كما تعتقد الدوائر الغربية ، لأن ذلك سيتيح لمن يرفع شعارات حماية الشيعة و مواجهة مشروع الإقليم السني ، فرص للفوز بالإنتخابات المحلية والتشريعية ، وهذا يعني إن السعودية ودول المنطقة ستجد بعد سنة ونصف ، رجالا في الحكومة المقبلة تعتبر نفسها أمام مسؤولية حماية شيعة العراق والتصدي بشكل مباشر وعلني للسعودية مما يعني فتح جبهة أمام السعودية ستكون أشد خطرا من جبهة الحوثيين مع حدودها ،وستكون مثل هذه الجبهة على حساب سعي أسرة ال سعود لتأمين الإستقرار الداخلي لنظامهم في ظل التظاهرات اليومية التي تشهدها المدن السعودية " .
وعلى صعيد متصل ذكر تقرير أميركي نشرته (نيويورك فايلز) يوم الثلاثاء : إن الشيعة في العراق وبعد عشر سنوات من القوة في الحكم ، يتجهون بسرعة نحو خسارة ما حصلوا عليه بفضل ألآليات الديمقراطية.
وجاء في التقرير: "كل الدلائل تضع العين على نقطة واحدة، أن قادة الشيعة السياسيين يضعون مستقبلهم السياسي على متن قارب مثقوب ، فالأزمة التي طالت في البلاد تقوض قوتهم ، و خصومهم الداخليين و الإقليميين أصبحوا أمام طيف واسع من الخيارات الناجحة التي يقدمها لهم قادة الشيعة بشكل مستمر".
و تحدث التقرير عن نشاط تنافسي بين قطر و السعودية لتوجيه الأحداث في العراق ، بعد أن أدرك مسئولوا الحكومتين أن إمكانية التحكم بالمستقبل العراقي أصبحت متاحة و نموذجية لتقويض حكم الشيعة.
التقرير أشار الى أن تحرك كل من قطر و السعودية يبدو ظاهرياً بأنه متعارض ، حيث تعمل قطر على تأجيج الأوضاع على طريقة الربيع العربي ، أما السعودية فإنها لا تزال تميل الى تنسيقات شخصية في نطاق سري ، لكن في المحصلة فإن جهود الحكومتين تلتقيان في نهاية واحدة هي تقويض القوة الشيعية في العراق ، وإحياء فكرة حكم السنة الذي أطاحت به الولايات المتحدة في أبريل 2003.
ولفت التقرير الى إمتعاض متزايد في عدد من عواصم القرار الغربي من الحالة العراقية ، حيث وضعت الولايات المتحدة تحت تصرف الزعماء العراقيين ، دولة يمكن أن تتحول الى أرقى نموذج للديمقراطية و البناء و الرخاء في المنطقة ، لكنهم حولوها الى واحدة من أكثر الدول فشلاً في العالم.
وفي جانب آخر من التقرير، قال إن ما يحدث الآن في العراق "يجعلنا نتوقع ربيعاً أشد عنفاً مما حصل في ليبيا و ما يحصل في سوريا حاليا".
.................................
انتهى / 214