وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الاثنين

١٩ نوفمبر ٢٠١٢

٨:٣٠:٠٠ م
366327

بمناسبة ذکری استشهاد أبي عبدالله الحسین(ع)

عاشوراء في خطابات القادة

الامام الخمیني(قدس سره): « لولم تکن عاشوراء، ولم تکن تضحیات آل الرّسول لتمکّن طواغیت ذلک العصر من تضییع ثمار بعثة النّبيّ الأکرم (ص) وجهودة الشّاقة. ولو لاعاشوراء لسیطر المنطلق الجاهلي لأمثال أبي سفیان الذین أرادوا القضاء علی الوصي والکتاب،

« إن کلّ ما لدینا ه من عاشوراء»....

هکذا وبرؤیة لا ضبابیّة فیها، وبوضوح تامّ، وبنظرةٍ واقعیّة یری الامام الخمیني قدس سره أنّ الذي صان الاسلام، وأبقاه حیاً حتی وصل إلینا هو ثورة الامام الحسین (ع) في عاشوراء. ولکي تبقی هذه الإنجازات التي وصلت إلینا عبر تضحیات ثلّة مؤمنة قلیلة مستمرة متواصلة علینا أن نفهم المعاني و العبر الحیّة من هذا النّهوض الحسیني المحمدي الأصیل.

فإن ما حفظ هذه الأمة وصانها هو إقامة هذه المآتم والمحافظة علیها مشتعلة متّقدة، وجمیع الإنجازات والانتصارات ما هي إلّا من برکة هذه المجالس و المآتم، وحرقة ذلک البکاء هو الذي ساهم ویساهم في صیانة نهضة الامام الحسین (ع)، کما عبر عن ذلک الإمام الخمیني قدس سره.

ولکي لا تنحرف الاستفادة من هذه النهضة في حیاتنا المتجددة، کان لابدّ و بشکل دائم ـ أن نطّلع علی تعالیم العلماء والقادة؛ لأنّها تعالیم مستلّة من سیرة تلک الثورة المبارکة من جهة، و من تعالیم أهل البیت من جهة أخری. خصوصاً إذا کان المتکلّم بهذه التعلیم، بنفسه صاحب ثورة انطلقت من الفهم الصّحیح لثورة جدّه المولی أبي عبدالله الحسین (ع).

عاشوراء في فکر الإمام الخمیني (قدس سره)

1.         عاشوراء والأهداف العظمی:

یری الإمام الخمیني قدس سره وظیفتین أساسیّتین للقادة الإلهیین: نشر عقیدة التّوحید والعدل، وقیام النّاس بالقسط.

یقول قدس سره في هذا الصدد: « إن جمیع الأنبیاء منذ بدایة البشر والبشریّة، و منذ  بدایة البشر والبشریّة، ومنذ مجيء آدم (ع)، وحتی خاتم الأنبیاء (ص) إنّما استهدفوا إصلاح المجتمع، وجعلوا الفرد فداءً للمجتمع، إنّنا لا نملک شخصاً أسمی من الأنبیاء، أو من هو أسمی من الأئمة (ع)، فهؤلاء ضحّوا بأنفسهم في سبیل المجتمع، ویقول الباري جلّ وعلا: { لقد أرسلنا رسلنا بالبینت وأنزلنا معهم الکتب والمیزان لیقوم الناس بالقسط} 1؛ فالباري عزوجل بعث الأنبیاء، وأعطاهم البینات والآیات والمیزان؛ لیقوم النّاس بالقسط، فالغایة قیام النّاس بالقسط، وأن تتحقّق العدالة الاجتماعیة بین النّاس، یزول الظلم، ویحلّ الاهتمام بالضّعفاء2.

حقیقة عاشوراء بحسب ما ورد من أقوال الإمام الخمیني قدس سره، أنّها حدثٌ یتخطی حدود الزّمان والمکان؛ حیث إنّ تأثیر شهادة الإمام الحسین (ع) وأهل بیته وأصحابه وتضحیاتهم لازالت تفعل فعلها بکلّ أرض وکلّ زمن مهما اختلفت الألسن والألوان والأعراق وحتی الأدیان. لذا فإنّ النّهضة الحسینیة في عاشوراء إلهیّة بکلّ تفاصیلها، وإنسانیّة بمحض شمول مفاعیلها وتأثیراتها لکلّ حرّ. وعن ذلک یقول قدس سره: «ینبغي لنا أن ندرک أبعاد هذه الشّهادة، ونعي عمقها وتأثیرها في العالم ونلفت إلی أن تأثیرها ما زال مشهوداً الیوم ایضاً 3.

وبحسب قوله قدس سره: فإنه بالإضافة إلی کون النّهضة الحسینیّة قیاماً لله، وأداء للتّکلیف الإلهي، لکنّها ـ أیضاً ـ حرکة سیاسیة کبری بکلّ تفاصیلها، و من أوّل خطوة فیها حتی الشّهادة. و عن ذلک یتحدّث قدس سره فیقول: « إنّ مجيء سیّد الشهداء (ع) إلی مکة وخروجه منها بتلک الحال یعدّ حرکة سیاسیة کبیرة؛ ففي الوقت الذي کان فیه الحجیج یدخلون مکة کان الحسین (ع) یغادرها، وهذه حرکة سیاسیة، فکلّ سلوکیات الحسین (ع) وأعماله کانت سیاسیة إسلامیة، وهي التي قضت علی بني أمیة، ولو لا تلک الدّماء لکان الإسلام قد سحق وانتهی» 4.

ویمکن تلخیص أسباب النّهضة الحسینیة بحسب الوارد في کلمات الإمام قدس سره وخطاباته بما یلي:

1ـ عداء الحکّام للإسلام:

یقول قدس سره عن بعض الحکّام الذین عاثوا في الأرض فساداً: « ..... فهم لم یؤمنوا بالاسلام منذ البدایة، وکانوا یضمرون الحسد والحقد لأولیاء الإسلام»5.

2ـ التّأمر علی الإسلام:

یقول قدس سره بهذا الصدد: « وأنقذ الاسلام من تآمر العناصر الفاسدة، وحکم بني أمیّة الذین أوصلوا الإسلام إلی حافة الهاویة» 6.

3ـ العمل علی محو الإسلام وإضاعة جهود النّبي (ص).

«لقد أوشکت حکومة یزید و جلاوزته الجائرة أن تمحو الإسلام، وتضیّع جهود النّبيّ (ص) المضنیة، وجهود مسلمي صدر الإسلام، ودماء الشّهداء، وتلقی بها في زاویة النّسیان، وتعمل ما من شأنه أن یضیّع کلّ ذلک سدی»7

« لقد هدف بنو أمیة إلی القضاء علی الإسلام».

«لقد رأی سید الشهداء (ع) أنّ معاویة وابنه یعملان علی هدم الدّین، وتقویض أرکانه، وتشویه الإسلام، وطمس معالمه»8.

4ـ تشویه الإسلام و قلب حقیقته:

« لقد أوشک حکم بني أمیّة المنحط أن یظهر الإسلام بمظهر الدّین المعتمد علی الطّغیان والجور، ویشوّه سمعة النبي الأکرم (ص)، وقد فعل معاویة وابنه الظالم الأفاعیل ضدّ الإسلام، وارتکبا ما لم یرتکبه جنکیز خان، فقد بدّلا أساس عقیدة الوحي ومعالمها إلی نظام شیطاني»9.

5ـ تحویل الحکم الإسلامي إلی ملکیة:

« إنّ الخطر الذي کان یمثله معاویة ویزید ضدّ الاسلام لم ینحصر في کونها غاصبین للخلافة؛ فهو أهون من الخطر الأکبر الآخر، وهو أنّهما حاولا جعل الإسلام عبارة عن سلطنة وملکیّة» 10.

6ـ الإساءة إلی سمعة الإسلام ونظام الحکم فیه:

«عندما رأی سید الشهداء (ع) أنّ هؤلاء یسیؤون بأعمالهم إلی سمعة الإسلام، ویشوّهون صورته باسم خلافة الرّسول، ویرتکبون المعاصي، ویحکمون بالظلم والجو