وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : صحيفة صوت الكاظمين _ العدد161
الأحد

١١ نوفمبر ٢٠١٢

٨:٣٠:٠٠ م
364071

عقيدة السنة في المهدي (عج)

بعض ما ذكره علماء السنّة في عقيدة المهدي المنتظر (عج): "إن المهدي (عج) الذي ولي من بني العباس (ع) وقد انتهی زمانه واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده "إذا رأيتم السود قد أقبلت من خراسان فآتوها ولو حبواً علی الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي (عج)". "أنه رجل من أهل بيت النبي (ص) من ولد الحسين بن علي يخرج في آخر الزمان وقد إمتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً وأكثر الأحاديث علی‌ هذا تدل".

لم تكن يوم من الأيام عقيدة المهدي المنتظر (عجل الله تعالی‌ فرجه الشريف) هي عقيدة خاصة بالشيعة الإماميّة أو بمحبي آل بيت (عليه السلام) بل هي عند السنّة راسخة وأصيلة كأصالتها لدی الشيعة وإن الفرق فيما بيننا وبينهم نحن الشيعة الإماميّة نعتقد بأنه الإمام الثاني العشر (عج) المولود سنة 255 هـ وإن الله تبارك وتعالی مد وأطال في عمره كما مد في عمر الخضر (عليه السلام) فالإمام المهدي (عج) حي غائب حتی يأذن الله تبارك وتعالی‌ له بالظهور فيما يری غالبية علماء السنّة أنه لم يثبت أنه مولود وغائب بل أنه سيولد ويحقّق ما بشّر به النبي (صلی‌ الله عليه وآله).

وخير دليل علی عقيدة المهدي (عج) عند السنّة هو كثرة أحاديثهم في مصادرهم وأصولهم الحديثية والعقائدية.

أری من المناسب أن أتطرق إلی بعض ما ذكره علماء السنّة في عقيدة المهدي المنتظر (عج). فهذا «ابن قيم الجوزية» قال في كتابة "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" وذلك بعد أن ذكر عدداً من أحاديث المهدي المنتظر (عج) وقد قسمها إلی أربعة أقسام منها "صحاح" و"حسان" و"غرائب" و"موضوعة" وقد اختلت الناس في المهدي (عج) علی أقوال هي أحداها أنه المسيح بن مريم (ع) وهو المهدي (عج) علی الحقيقة  وقد احتج أصحاب هذا بحديث «محمد بن خالد الجندي» "لا مهدي إلّا عيسی" وإن هذا الحديث لا يصح ولو صح لم يكن فيه حجة لأن عيسی (ع) ليس أعظم  مهدي (عج) بين يدي رسول الله (ص) وبين الساعة....

والثاني:  "إن المهدي (عج) الذي ولي من بني العباس (ع) وقد انتهی زمانه واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده "إذا رأيتم السود قد أقبلت من خراسان فآتوها ولو حبواً علی الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي (عج)".

الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي (ص) من ولد الحسين بن علي يخرج في آخر الزمان وقد إمتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً وأكثر الأحاديث علی‌ هذا تدل. أما ما ذكره «ابن أبي الحديد المعتزلي» فقد قال في شرح قول أمير المؤمنين (ع) "وبنا يختم لا بكم" إشارة إلی المهدي (عج) الذي يظهر في آخر الزمان وأكثر المحدّثين علی أنه من ولد فاطمة (ع) وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه وقد صرحوا بذكره في كتبهم واعترف به شيوخهم إلّا أنه عندنا لم يخلق بعد وسيخلق وإلی هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضاً.

كما قال في شرح قوله (ع): لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس علی ولدها وتلا عقب ذلك "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَی الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثينَ" حيث قال والإمامية تزعم أن ذلك وعد منه بالإمام الغائب يملك الأرض في آخر الزمان وأصحابنا يقولون انه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي علی المماليك ولا يلزم من ذلك أنه لابدّ أن يكون موجود، كما قال في شرح مقاله (ع) "إن ستره من الناس" هذا الكلام يدل علی استتار هذا الإنسان  المشار إليه وليس ذلك بنافع للإمامية في مذهبم وذلك لأنه من الجائز أن يكون هذا الإمام  يخلقه الله في آخر الزمان ويكون مستتراً مدّة وله دعاة يدعون إليه ويُقّرون أمره ثم يظهر بعد ذلك الاستتار ويملك المماليك ويقهر الدول ويمهد الأرض.

أما ما ذكره «محي الدين بن عربي» في الفتوحات المكية فقد ذكر "أعلم أيدنا الله إن لله خليفة يخرج وقد إمتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً. ولو لم يبق من الدين إلّا يوم واحد طوّل الله ذلك اليوم حتی يلي ذلك الخليفة من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة (ع) يواطي إسمه إسم رسول الله (ص) يشهد الملحمة العظمی‌ مأدبه الله بمرج عك يبيد الظلم وأصله يقيم الدين فينفخ الروح في الإسلام، يعز الإسلام، به بعد ذله، ويحيي بعد موته، يضع الجزية ويدعو إلی الله بالسيف، فمن أبی قتل ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه ما لو كان رسول الله (ص) لحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقی‌ إلا الدين الخالص. اعداؤه مقلدة الفقهاء أهل الإجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما حكمت به أئمتهم فيدخلون كرهاً تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيها لديه. يفرح به عامة‌ المسلمين أكثر من خواصهم ويبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف الهي، له رجال الهيون يقيمون دولته وينصرونه، هم الوزراء يحملون اثقال المملكة ويعينونه علی‌ ما قلده الله. فشهداؤه خير الشهداء وأمناؤه أفضل الأمناء، وان الله يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه، أطلعهم كشفاً وشهوداً علي الحقائق وما هو آمر الله عليه في عباده فبمشاورتهم يفصل ما يفصل وهم العارفون الذين عرفوا ماهم. وأما هو نفسه فصاحب سيف _ أي صاحب قدرة وسلطة_ حق وسياسة مدنية يعرف من الله قد ما تحتاج إليه مرتبتة ومنزله لأنه خليفة مسدد يفهم منطق الحيوان يسري عدله في الإنس والجان من أسرار علم وزرائه الذين استوزرهم الله لقوله "وَكَانَ حقّاً عَليْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ" وهم علی‌أقدام رجال في الصحابة صدقوا ما عاهدوا الله عليه هم من الأعاجم ما فيهم عربي، لكن لا يتكلمون إلا بالعربية، لهم حافظ ليس من جنسهم،‌ ما عصی الله قط هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء".

...............

انتهی/212