وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الاثنين

١٥ أكتوبر ٢٠١٢

٨:٣٠:٠٠ م
357029

الاساءة إلی النبي (ص) دوافعها وعلاجاتها

...لا شك أن اللوبي الصهيوني هو الذي يقف وراء كل هذه الإساءات (الاساءة التي شنت علی دين الاسلام ومقدساته) التي لا تصدر عادة الا من مفسدين في الأرض، وليس هناك مفسدون في الأرض أشد عداوة للاسلام والمسلمين من الصهيونية العالمية، هذا من منظور القرآن الكريم، تعالی: (إن أشد عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) وتجربتنا نحن العرب مع الكيان الغاصب للقدس وفلسطين، هي خير دليل علی ما أظهره.

 وفقاً لما أفادته وکالة أهل البیت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ کتب «محمد الرصافي المقداد» مقالاً وإستنكر فيه  الإساءة‌ التي شنت علی دين الإسلام ونبيه الأكرم (ص) وأكد إن اللوبي الصهيوني هو الذي يقف وراء هذه الإساءات.

وفيما يلي نص هذا المقال:

سياسة الاعتداء علی مقدسات المسلمين نسجت خيوط مؤامرتها قديما، كلما انقطع منها خيط، بالكشف عنه وتفنيد دعاويه، ظهر خيط آخر ألقت به أيدي السوء، من أعداء رسالات الله وأنبيائه عليهم السلام، وجميع تلك الخيوط الواهية تهدف إلی إضعاف عقيدة المسلمين، وتحويل اهتمامهم المبدئي بها، إلی اهتمام ثانوي، في مسعی لنزع روح قداستها من قلوبهم، وبالتالي محو آثارها البناءة من حياتهم.

حملات الاساءة التي شنت علی ديننا الاسلامي ومقدساته، بدأت في الظهور علی عهد النبي (ص)، حيث عمل المنافقون علی صناعة حالة من الشك والريبة، في ما يصدر عن صاحب الوحي (ص)، إضعافا لدوره، وتصغيرا لشأنه الرفيع عند الله بين أتباعه، فظهرت دعاياتهم الباطلة التي بادر الوحي إلی كشفها تفنيدها ونزل في ذلك قوله تعالی: (يقولون هو أذن قل أذن خير لكم) (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، وقد تركت محاولاتهم آثارا سيئة، أحدثت إرباكا في علاقة عموم المسلمين بالنبي (ص).

ثم جاء الوافدون الجدد من أهل الكتاب، ليمرروا عقائدهم الفاسدة في الانبياء إلی المسلمين، من خلال مرويات نسبوها إلی الوحي والنبي (ص)، تطعن في نزاهتهم وعفتهم وعصمتهم، وكان أشدهم وطأة اليهود، الذين عملوا علی الحط من مقام إمام المرسلين (ص)، بنسبة ما لا يليق به كانسان كامل لا يشوبه ما ينقص من شخصه الرفيع الذي يعتبر انموذجا فريدا، ومثلا واجب الاتباع، لا يزال يعتقدها إلی اليوم، قسم كبير من المسلمين، أنتج قولهم بحصر عصمته في التبليغ فقط، كأنما قسمت حياته قسمين، قسم تبليغ وقسم خارج ذلك الاطار.

‌أما في عصرنا الحديث، فان الاساءة إلی إسلامنا ومقدساته قائمة علی قدم وساق، حيث لم تفتر حركتها يوما، ففي دول أوروبا الغربية وأمريكا زعماء الديمقراطية الرأسمالية، إنصب همّ دعاة المدنية الزائفة، في زعزعة عقيدة المسلمين في النبي (ص)، وخصصوا لذلك كتابا وخطباء، خبروا مصادرنا المعتمدة، فأخرجوا منها ما دسه أسلافهم من يهود ونصاری، دخلوا بين أوساط أسلافنا، ليفرغوا سموم عقائدهم المحرفة.

وقد رصدت تلك الدوائر المعادية للدين الامكانات الضخمة، وعملت علی ضمان أمن كل الذين تجرؤوا وتطاولوا عليه من مرتدين، كـ«سلمان رشدي» الذي أصدر كتاب "آيات شيطانية" سنة 1988، فكان «الامام الخميني (ره)» الفقيه المعاصر الوحيد الذي أفتی بإهدار دمه، فقام الانكليز بحمايته، وهو يعيش الان متخفيا خوفا من كشف شخصه.

وسنة 2004 أخرج الهولندي «تيو فان جوخ» فلما مسيئا فكان جزاءه القتل.

وفي سنة 2005 قامت صحيفة دانماركية بنشر صور مسيئة للنبي (ص) علی اثر مسابقة أعلنت عنها.وفي سابقة تعد الأخطر سنة 2010، أقدم القس الامريكي «تيري جونز» علی احراق نسخ من القرآن الكريم، بعد محاكمته وادانته من وجهة نظره.

ولم تتخلف فرنسا عن قافلة الاساءة إلی مقدساتنا، فها هي احدی صحفها تنشر صورة كاريكاتورية مسيئة للنبي (ص)،‌ قد كانت نفس الصحيفة قد نشرت قبلها ما حرك المسلمين المقيمين في فرنسا للتعبير عن غضبهم وسخطهم من استخفاف بمشاعر المسلمين بفرنسا.

وسوف لن يتوقف نزف الاساءة إلی مقدساتنا، طالما أن هنالك مسيئون وهم كثر، ونحن في مواجهة تلك الاعتداءات، بعقيدة مهتزة الأركان، ورثنا بناءها، دون تفطن إلی الثغرات التي تخللتها.

ثغرات الاساءة إلی نبينا الأكرم (ص)، حملتها بطون أمهات المصادر الإسلامية، ففي "البخاري" و"مسلم" وبقية كتب الحديث نجد أن الرواة صوروا لنا النبي (ص) كأهون ما يكون الانسان، يتبول قائما وهو من الناهين عنه، ويطوف علی نسائه التسع في ليلة واحدة وبغسل واحد، وهو المأمور بأن يقوم الليل الا قليلا، وهو الذي عبس وتولی مع أن الله عظم خلقه..

وقد خاصم نصراني مسلما بقوله: إن نبينا عيسی أفضل من نبيكم، فقد كان عيسی يبرئ الأعمی والأكمه والأبرص ويحي الموتی، أما نبيكم فيعبس ويتولی لمجرد مجيئ أعمی، فلم يجر المسلم جوابا، ولو أنه كان من اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام لأجابه بان آية عبس وتولی لم تنزل في النبي (ص) وانما نزلت في رجل من بني أمية، حيث لم يؤلف من خطاب الله سبحانه وتعالی نبيه أن استعمل معه صيغة الغائب أبدا، من امثال: يا ايها النبي.. يا ايها الرسول.. انما انت مذكر... فاصدع بما تؤمر.. والصاق العبوس والتولي بالنبي (ص) يتناقض مع خلقه الذي عظمه الله، ويتعارض مع ما أمر به من خفظ الجناح للمؤمنين المبصرين، فضلا عن ذوي العاهات، ممن يتأكد الاهتمام بهم والرفق بحالهم.

من يقف وراء حملات الاساءة؟

ولا شك أن اللوبي الصهيوني هو الذي يقف وراء كل هذه الأعمال الوضيعة، التي لا تصدر عادة الا من مفسدين في الأرض، وليس هناك مفسدون في الأرض أشد عداوة للاسلام والمسلمين من الصهيونية العالمية، هذا من منظور القرآن الكريم، تعالی: (إن أشد عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) وتجربتنا نحن العرب مع الكيان الغاصب للقدس وفلسطين، هي خير دليل علی ما أظهره، فمنذ وعد بلفور المشؤوم، تعرض اخوتنا الفلسطينيون إ‌لی ابشع أنواع الارهاب والتصفية والقتل، بدافع الحقد علی الاسلام ورموزه والمسلمين، وقد فضح الله تعالی سرائرهم تجاهنا، وكشف عن مدی حقدهم علينا.

ومع ذلك فان الذين حكموا شعوبنا باسم الاسلام، انخرطوا في عمالة للغرب أدت إلی تسويات مهينة، اعقبتها اقامة علاقات سرية مع الكيان الصهيوني، ثم تدرجت مع الزمن إلی الظهور علنا مع دفع للقبول بالامر الواقع والتطبيع النهائي مع ذلك الكيان المجرم.

الأسباب الكامنة وراء حملات الاساءة؟

لقد شهد العالم الاسلامي في هذا العصر صحوة إسلامية، تمثلت في هذه العودة القوية للمسلمين إلی الاتزام بدينهم، ونجحوا في انجاز مشاريع مثلت الدين في أبهی مظاهره، بدأ بالانتصار الذي حققه الشعب الايراني المسلم علی أكبر عملاء أمريكا والغرب في المنطقة بقيادة الامام الخميني رحمه الله، مرورا بارتفاع روح الجهاد في انفس الافغان، فشكلوا منظمات اسلامية جهادية لمقاومة الغزو الشيوعي لبلادهم، وخلوصا إلی الحركات الاسلامية المقاومة للعدو الصهيوني في فلسطين (حماس، الجهاد) وفي لبنان (أمل، التوحيد الاسلامي، حزب الله) أربك مساعي أعداء الاسلام في اخضاع شعوب تلك المنطقة إلی إرادتهم، ودفعهم إلی الاستهانة بالمقدسات الاسلامية.

وما شهدته وتشهده أمم العالم، سواء في أوروبا أو أمريكا نفسها من اهتمام اعداد من افرادها بالاسلام عقيدة وشريعة، جعل الدارسين للدين الخاتم يقتنعون بمضامينه الصادقة، وقدرته علی حل جميع مشاكل البشرية المضطهدة، الأمر الذي يهدد بانتشار الاسلام، وظهور كلمته، وفرض منطقة علی بقية الديانات.

وخطر الصحوة الاسلامية علی تلك القوی المستكبرة الخارجة علی جميع الديانات، تاكد من خلال تنامی حركة الجماهير الاسلامية نحو الالتزام القوي والكامل بالدين الاسلامي، وهو ما سيشكل عقبة صعبة الاجتياز بالنسبة إلی هؤلاء في امتهانها واستغلالها، فاتجهوا نحو اضعاف العقيدة الاسلامية في نفوس المسلمين بطريقة الجراة علی المقدسات، وفي نفس الوقت تسجيل ابشع الصور عن الاسلام في عقول الغربيين.

العلاج الممكن

ليس هنالك من حل للتخلص من مظاهر الاساءة للدين الاسلامي، سوی بالتزامنا الجاد بما جاء به خاتم الانبياء (ص) وإرساء ثقافة اسلامية أصيلة، وتوطينها في عقولنا وأفئدتنا، بها نتمكن من كسب آليات التفوق في مختلف المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، لأننا نعيش اليوم منطق الغلبة للاقوی، ولا بد من المضي في هذه المجالات، لكسب التفوق الذي يقطع دابر المستهزئين والمسيئين، ومن يقف وراءهم.

اعترافنا اليوم بالضعف ليس عيبا، لكن العيب أن نلقي باللائمة علی العدو فيما اقترفه بحق مقدساتنا، ونقيم نحن علی ربوة العجز، وننام علی حلم بتغير الحال، فيكون حالنا أسوا من هؤلاء الذين يمتهنوننا دفاعا عن مصالحهم، ولا فرق بين من هجر قرانه ودينه واتخذه ظهريا، وبين من عمل علی اهانته وحرقه، لأن الجميع مدانون، هذا بتقصيره وتواكله وأمانيه، والآخر بعدائه ومحاربته، فمتی نستفيق نحن المسلمون، ونعمل علی الامساك الفعلي بالدين، الذي جاء ليخرجنا من الظلمات إلی النور؟ ومتی يكون النبي (ص) بالنسبة الينا القدوة الاسوة التي تنطبق علی جميع تفاصيل حياتنا؟

حملات التشويه للدين الاسلامي ورموزه لن تتوقف،‌ طالما ان الجبهة الاسلامية لا تزال مفككة، ورائحة التبعية للغرب تفوح منها، وما علی المسلمين اليوم شعوبا وحكومات منتخبة، إلا أن تحزم أمرها في بناء منظومة اسلامية فاعلة، تتوحد فيها الطاقات وتتكاتف الجهود من أجل بناء صرح اسلامي عتيد، يقينا سرابيل بأس الأعداء واعتداءاتهم، ويعمل بجد علی حماية مقدساتنا، لأن المسلم الذي فقد العزة، لا يستطيع أن يقدم صالحا لنفسه ولدينه.

...............

انتهی/212