وكالة أهل البيت (ع) للأنباء _ ابنا _
الطائفة السنيّة الكريمة؛ فقهاؤها وعلماؤها وحسب التسلسل التاريخي يبدؤون من «الإمام ابي حنيفة النعمان» (80 ـــ150هـ)، و«مالك»، و«الشافعي»، و«أحمد بن حنبل» المتوفى 241 هـ.
فالإمام الشافعي في مصر، ومالك في المدينة المنورة، وابو حنيفة وابن حنبل في العراق رحمهم الله جميعاً. فكيف يأتي بعد ألف سنة من هذا التاريخ والتطور المعرفي الإسلامي، مذهب مصطنع تأسس على كل انواع البدع وفتاوى التكفير ليلغي هذا التاريخ!؟ سؤال محيّر! انه «محمد بن عبد الوهاب» (مؤسس الحركة الوهابية) الذي قال عنه مفتي مكة المكرمة أواخر العصر العثماني «الشيخ أحمد زيني دحلان»... إن اركان الإسلام عنده ستة، والسادس هو...
كيف تمكنت الظاهرة الوهابية في جانبها الديني، وبزمن قياسي، من مصادرة الارث الفقهي والفكري للمذاهب والمدارس الأربع والعبث بمضامينها وتشويه اسسها؟ كان ذلك بسلطة المال والجهل والدعم السياسي الذي توفر لها من خلال الدرعيّة مقر آل سعود، ومن خلال الدعم الخارجي البريطاني عن طريق «همنفر» حيث قدم لها «محمد بن سعود» الملاذ الآمن والدعم وكان الاتفاق والتعاقد على نشر الدعوة لمن يقبلها، والمال لمن يبشر بها، والسيف لمن يرفضها، وتم استكمال هذه الحلقة بالاتفاق الثلاثي بين مستر همنفر وآل سعود ومحمد بن عبد الوهاب، وقد انكشف هذا الأمر في وثائق الحكومة البريطانية.
ونأخذ هذه الشهادة من مذكرات همنفر، إذ يقول: "بعودتي الى بريطانيا رسمنا خطة من خمسين صفحة ترمي الى تحطيم الإسلام والمسلمين خلال قرن واحد... وقد ربطتنا مع محمد بن عبد الوهاب صلة قوية من أجل تحقيق أهدافنا، وتم إغراؤه... وكان اول المبادئ في خطتنا تكفير كل المسلمين، وإباحة قتلهم، وكان من تجليات هذه الخطة هدم العتبات والاضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة والعراق ـــ هدم قبر الإمام الحسين (ع) ــ باسم انها وثنية وشرك بالله".
ما أشبه اليوم بالأمس، فثالوث الفتوى ومال النفط وسياسة القتل متحالف يعبث في بلاد المسلمين من العراق الى اليمن وليبيا وسوريا وقبلاَ أفغانستان وباكستان وباقي البلدان، وأصبحت القاعدة، وهي الوليد الشرعي لهذا الفكر، تتبنى الفتوى وتمولها دول النفط وتتمتع بغطاء سياسي من أحزاب ودول كبرى بهدف تدمير الإسلام السني والشيعي على حد سواء. سهام ترمى على الأزهر الشريف، الذي كان دائماً المرجعية التي تمثل الاعتدال والتقارب، وتعطيل أدوار الجوامع والمساجد والمراكز الإسلامية، وحرفها عن مسارها الإيماني وزرعها بهذا الفكر الهدام.
لكن الخطورة الكبيرة تمثلت في شكل جديد اسمه "الوهابية السياسية" مدعومة بامبراطورية إعلامية فاحشة الثراء، من خلال الوهابية الجديدة "قطر"، وقد بدأت تنخر الجسم والكيان في كثير من الدول والمنظمات والقوى والأحزاب.
في تركيا العثمانية، أمر «محمد علي باشا» وابنه «ابراهيم»، بالقضاء على الوهابية وآل سعود، وحاربهم عام 1811، واليوم يأتي «أردوغان» ليحمل أهداف ومشروع الوهابية في الوطن العربي والإسلامي.
وهناك من الشيعة والسنة والمسيحيين من هو جزء من الوهابية السياسية، بل أكثر من ذلك؛ فهناك ترويج للفكر الوهابي يتبناه بعض المثقفين العرب، فهذا الشاعر أدونيس يعتبر الفكر الوهابي أحد تيارات النهضة العربية!.
في المقابل، فإن الساحة العربية الإسلامية ولاسيما أبناء وعلماء وفقهاء الطائفة السنيّة الكريمة، يعلمون تماماً أن مبادئ الوهابية والقاعدة مخالفة بتمامها لعقائدهم وتاريخهم الفكري والعقائدي، وأن مدارسهم الفقهية الأربع لها من العمق النفسي والروحي والإيماني، ما يمكن أن يقف حاجزاً في وجه من يروم مصادرة قرارهم الديني أو السياسي، وإن التصادم واقع لا محالة بين من يستمد شرعيته من الكتاب والسنة النبوية الطاهرة، من أبناء الصحوة الإسلامية المباركة، وبين من يسعى الى ضرب الإسلام ووحدة أبنائه وإشعال الفتن لأغراض سياسية وسلطوية ومشاريع صهيونية واستعمارية، وإعادة القرار الى أهله أمر محتوم.
...............
انتهی/212